الجادّة: طريقٌ في اتجاهين
قراءة طويلة14 يوليو 2019 11:36
للمشاركة:

“غاندو” رواية أمنية أم استهدافٌ لحكومة روحاني؟

أثار مسلسل “غاندو” أخيرًا ضجةً كبيرة في مختلف الأوساط الإيرانية، وتسبب بأزمة داخل أروقة حكومة الرئيس حسن روحاني، بالإضافة إلى موجات من الجدل على وسائل التواصل الاجتماعي.
مسلسل “غاندو” الذي تعرضه القناة الثالثة الإيرانية منذ حزيران/ يونيو الماضي، يعالج ملفاً أمنياً حساساً، هو عملية تبادل الصحفي الإيراني _الأميركي جيسون رضائيان المتهم بالتجسس لصالح أميركا.

تسلسل الأحداث… تعريةٌ لملابساتٍ أمنيةٍ حساسة!
تتمحور فكرة المسلسل المكوّن من 30 حلقة حول التنافس بين قوات الحرس الثوري وحكومة حسن روحاني، وتنطلق أحداث “غاندو” من مشهد إرسال قوات الحرس الثوري طائرتين مقاتلتين، للحيلولة دون مغادرة طائرة ركاب أجنبية المجال الجوي الإيراني، في محاولة لإلقاء القبض على نجل أحد المسؤولين في حكومة روحاني بسبب تهم بالاحتيال والتجسس، كان يحاول الهرب بملايين الدولارات وكميات من الذهب.
واستعرض “غاندو” قصة الجاسوس مايكل هاشميان، المستوحاة من قضية الصحافي الإيراني – الأميركي في صحيفة “الواشنطن بوست” جيسون رضائيان، الذي اعتقلته السلطات الإيرانية عام 2014 لـ 18 شهراً، قبل أن يتم إطلاق سراحه لاحقاً ضمن صفقة تبادل معتقلين. كما كشف المسلسل أيضاً عن تفاصيل أمنية حول علاقة رضائيان ببعض مسؤولي الحكومة الإيرانية، وعن ملابسات إطلاق إيران سراحه مقابل إفراج أميركا عن أموال إيرانية مجمدة لديها، وقدرها مليار وسبعمئة مليوندولار.
في الثاني عشر من تشرين الثاني/ نوفمبر عام 2011، دوّى صوت انفجارٍ عنيف أثار هلع سكان شرق طهران. كان الصوت عائداً لتفجير وقع في قاعدة الغدير الصاروخية، راح ضحيته 15 موظفاً رسمياً في الحرس الثوري الإيراني. نفى حينها المسؤولون الإيرانيون أن يكون سبب الانفجار عمليات تخريبية أميركية، وأعلنوا أن ما جرى “ناتجٌ عن حادث فني خلال عملية نقلٍ للعتاد في المعسكر”. لكنّ المسلسل يقدم رواية أخرى، وينقل اعترافات بوقوف أجهزة الاستخبارات الأميركية والإسرائيلية، بالتعاون مع المعارضة الإيرانية في الخارج، خلف الانفجار، ما أثار جدلاً واسعاً.

“غاندو” والجوانب الأخلاقية
أثارت إحدى حلقات المسلسل ردود فعلٍ متباينة حول تصوير مشهد، يحاكي اعتراض طائرة كانت تُقل زعيم الجماعة الإيرانية المتمردة “جند الله” عبد الملك ريغي، وإنزالها على الأراضي الإيرانية عام 2010.
ويظهر في المشهد بعض النساء في الطائرة سافرات الشعر (غير محجبات). هذا المشهد الذي يكاد يكون منقطع النظير في التلفزيون الإيراني، استفز فئة كبيرة من المتابعين، ألقت اللوم على هيئة الإذاعة والتلفزيون لسماحها ببث مشاهد لا تتماشى مع ثقافة الجمهورية الإسلامية.
من جهته أوضح منتج المسلسل مجتبى اميني الأمر بقوله: “إن الراكبات في الرحلات الجوية الأجنبية، بعضهن يحملن جنسية إيرانية ويلتزمن بالحجاب، وبعضهن يحملن جنسية أجنبية لا تلزمهن به. وما تم عرضه في المشهد هو حجاب عُرفي وغطاءٌ محتشم، حتى نتمكن من تصوير مشاهد واقعية تماماً”.
الباحث في السينما الدينية نبيه أحمد اعتبر أن “غاندو” راعى الجوانب الأخلاقية بمهنية واحترافٍ عالٍ، وأشار إلى بعض المشاهد التي عكست احترام المبادئ والأخلاق الإسلامية، من قِبل القائمين على العمل الدرامي، طارحاً أمثلةً أبرزها طريقة تعامل الطاقم الأمني غير العشوائية لدى تفتيشه بيوت المتهمين، إضافةً إلى تعامله الإنساني معهم. أما المرأة في “غاندو” فقد حظيت بمعاملة إسلامية خالصة، من التفتيش والمراقبة إلى الاعتقال وحتى التعامل الإداري، إضافةً إلى جانب إنساني احتواه “غاندو” تمثل في تكفل الأمن رعاية ابنة الخادمة التي تم تجنيدها في بيوت أحد العملاء.
وأضاف أحمد في مقابلة مع “جاده إيران” أنه رغم بروز بعض الهفوات الفنية في المسلسل، إلا أنه “يُعتبر نقلةً نوعيةً في مستوى إنتاج الدراما الإيرانية، ويضاهي مستوى الأعمال الأجنبية”، لافتاً إلى أن العمل يقدم حبكةً ممتازةً وتسلسلاً مشوّقاً في الأحداث، إلى جانب الرسائل السياسية، والعبر الأخلاقية والإنسانية التي يقدمها للمشاهد.  

سجالٌ على تويتر
كان موقع تويتر المساحة الأكبر لتبادل الاتهامات والانتقادات بين جمهور “غاندو” ورافضيه، على المستويين الرسمي والسينمائي، إذ شهد الموقع سجالاً بين عددٍ من مسؤولي الحكومة الإيرانية، وعدد من مؤيدي المسلسل على رأسهم مخرجه جواد أفشاري.
مدير مكتب الرئيس الإيراني محمود واعظي انتقد العمل، حيث رأى أنه يقدم صورة مشوهةً عن وزارة الخارجية الإيرانية “التي تتصدر حالياً الحرب ضد العدو، مثلما تفعل وزارة الاستخبارات”، حسب تعبيره. وغرّد واعظي: “إن محاولة خلق تكتلات بين الحكومة والمجتمع شيء خاطئ للغاية، ويعارض أوامر المرشد الأعلى للثورة الإسلامية”، وقد توعّد القائمين على المسلسل بعقابٍ حكومي لقاء الكذب والتشهير.

مستشار رئيس الجمهورية للشؤون الإعلامية حسام الدين آشنا ساند واعظي في موقفه، وشكك بمقاصد المسلسل ومصادر تمويله، وقال في تغريدة: “لا تمتلك الحكومة المال لصناعة مسلسل يروّج لها، ولكن يبدو أنّ هناك مكاناً آخر به أموال كثيرة لتقويض مؤسسات الدولة”. 

في المقابل، رفض المنتج مجتبى أميني كل المخاوف التي أعرب عنها آشنا حول تمويل المسلسل، وتساءل عن علاقة رجل استخبارات سابق بالثقافة والفنون. وغرّد منتج الأفلام السياسية سيد محمود رضوي معبّراً عن اعتقاده بأن المسلسل “ضروري لجعل الناس والمسؤولين يدركون أنهم يجب ألا يخطئوا، وألا يمارسوا الفساد في البلاد”، كما قال مخرج المسلسل جواد أفشاري لبعض وسائل الإعلام المحلية: “أعتقد أن العمل الجيد هو الذي يتحدث الجميع عنه، واليوم يشاهد (غاندو)من قبل مؤيديه وكارهيه”.

جاده ايران تلغرام
للمشاركة: