الجادّة: طريقٌ في اتجاهين
قراءة طويلة22 مارس 2024 08:33
للمشاركة:

هكذا تعامل حزب الله مع الحرب حتى الآن

سجّلت السنوات القليلة الماضية معارك عسكرية عديدة دارت بين إسرائيل والفصائل الفلسطينية في غزّة، كان موقف حزب الله منها يقتصر على المساندة السياسية والإعلامية، لكنّ الحرب الشعواء التي انطلقت مع عمليّة طوفان الأقصى في 7 تشرين الأوّل/ أكتوبر 2023، دفعت الحزب إلى استراتيجية أكثر هجومًا، ليكون مبادرًا في فتح جبهة شمالية على إسرائيل، ويعلن أمام الجميع إنّ هذه الجبهة لن تهدأ قبل أن تهدأ غزّة أوّلًا، مؤكدًا أنه يرضى بما ترضى به الفصائل الفلسطينية هناك.

التهديد بالعمل الوقائي

بعد نحو عشرة أيام على بدء الحرب، تحدّث وزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبد اللهيان عن احتمال قيام محور المقاومة بتحرّك وقائي خلال ساعات، في ظلّ التصعيد الإسرائيلي في ضد غزة.

اشتُمَّ من هذا التهديد قيام حزب الله بتصعيد كبير على الجبهة اللبنانية، من دون تحديد مدى هذا التصعيد، وما إذا كان يمكن أن يشمل هجومًا بريًا لقوّة الرضوان على سبيل المثال للسيطرة على مساحات من الأراضي الفلسطينية المحتلّة، وقد ترك عبد اللهيان ما يكفي من الغموض في هذا الشأن عندما أكد أنّ ساعة الصفر تبقى بيد المقاومة وحدها.

لم يحصل شيء من هذا التصعيد كما كان يُنتظر. ربما كان لإرسال حاملة طائرات أميركية إلى شواطئ المنطقة دور في ذلك وربما لم يكن، وحده التاريخ سيحدد ذلك.

حافظ حزب الله على قواعد اشتباك، التي وإن تغيّرت وتبدّلت عن زمن السلم، بقيت تحت سقف الحرب الشاملة. هكذا أبقى الحزب الضرر الأكبر بعيدًا عن المدنيين، وإن سجّلت بعض عمليّات القصف الإسرائيلية سقوط عدد منهم.

كشف بعض الأوراق

كشف حزب الله في جولة المواجهة الجديدة مع إسرائيل شيئًا من أوراقه العسكرية، فلجأ إلى أسلحة لم يكن قد استخدمها من قبل، منها:

  • صاروخ بركان، الذي يتميّز بقدرة تدميرية كبيرة، حيث يحمل رأسه الحربي مواد يتراوح وزنها ما بين 300 إلى 500 كلغ.
  • صاروخ فلق، ويتميّر بدقة إصابته، مجهّز بكاميرة على رأس الصاروخ تصوّر الهدف قبل استهدافه.
  • المسيّرات الانتحارية

نجح الحزب إلى حد كبير بإشعال الجيش الإسرائيلي، وإجباره على حشد جزء من قواته في الشمال، كما نجح بصناعة الضغط على المستوطنين ومن خلفهم على الحكومة الإسرائيلية، حيث بات عدد من المستوطنات الشمالية خالية من السكان. لا يزال عدد من رؤساء بلديات هذه المستوطنات (كريات شمونة، المطلّة، مرغليوت، على سبيل المثال) يشكو يوميًا للإعلام العبري إهمال حكومته ويؤكدون أنّ جزءًا من المستوطنين لن يعود إليها أبدًا.

في المقابل، خسر الحزب في هذه الحرب عددًا لا بأس به من كوادره ومقاتليه، كوسام الطويل، عباس رعد، حسين يزبك، علي برجي، محمد دياب وعلي حدرج.

في الداخل اللبناني

تلقّى الحزب انتقادات كثيرة من جهات سياسية لبنانية، بعضها ليس خصمًا للحزب، بسبب ربط جنوب لبنان بالحرب الدائرة في غزّة.

طالب البعض بالتزام الحزب بالقرار 1701، وأبدى الحزب شيئًا من التجاوب عندما صرّح مسؤولوه عن عدم تجاهل المصلحة الوطنية اللبنانية رغم فتح الجبهة مع إسرائيل.

حجة منتقدي الحزب أنّ لبنان يعيش وضعًا اقتصاديًا لا يجعله قادرًا على تحمًل تبعات أي حرب، وأنه بالإمكان إبقاء شعبه بعيدًا عن الدمار والموت وفصله كليًا عما يجري في غزّة.

يردّ حزب الله على هذه المطالبات بالتذكير بالنوايا الإسرائيلية تجاه لبنان، حيث يؤكًد أنّ تحقيق إسرائيل، وتحديدًا رئيس وزرائها بنيامين نتنياهو، انتصارًا في غزّة سيرتدّ سلبًا على لبنان، مما يجعل من مبدأ وحدة الساحات أمرًا لا مفرّ منه لمنع توسّع السلوك الإسرائيلي – الذي تمخّض عنه آلاف الضحايا من الأطفال والنساء والمدنيين في غزة – إلى دول مجاورة.

حتى الآن، يوازن حزب الله بدقة عالية بين ما يريده هو وما يريده بعض الداخل اللبناني وما تضغط لأجله الدول المعنيّة بالصراع. يلجم الحزب كلّ من يصرّ على إسكات النيران جنوبًا من دون أن يمنحه ما يريد، مبقيًا صواريخه ومسيًراته ورقة حاضرة بقوة في حسابات الحرب الإسرائيلية على غزّة، حيث يضع لنفسه وللجميع خطًّا أحمر لا يجوز بالنسبة إليه تخطّيه: أن لا تنتصر إسرائيل في نهاية الحرب.

جاده ايران تلغرام
للمشاركة: