لقَبته إسرائيل “رأس الأفعى”.. من هو قائد عملية “طوفان الأقصى”؟
شكّلت عملية "طوفان الأقصى" مفاجأة كبيرة للعالم بحجم ما حملته من تعقيدات وتطوّرات عسكرية واستخباراتية لفتت أنظار الجميع، خاصة مع إعلان قائد كتائب عز الدين القسام محمد الضيف أن هجوم عناصر المقاومة باتجاه مستوطنات غلاف غزة تزامن إمطار المدن الإسرائيلية بآلاف الصواريخ، بهدف الدفاع عن المسجد الأقصى بعد عمليات الاستهداف التي يتعرض لها.
تسمّيه إسرائيل بـ”رأس الأفعى”، و”ابن الموت”، وتتّهمه بالوقوف وراء عمليات عسكرية كثيرة، وتحاول ليلًا نهارًا الوصول إليه. يبرز اسمه اليوم كقائد عمليّة “طوفان الأقصى”.
إنه محمد الضيف الذي اغتالت إسرائيل زوجته وطفله خلال معركة “العصف المأكول” عام 2014، يقود اليوم كتائب عز الدين القسّام – الجناح العسكري لحركة “حماس”، في أوّل هجوم عسكري بري فلسطيني نحو إسرائيل بعد حرب فلسطين 1948، فمن هو هذا القائد؟
هو محمد دياب إبراهيم المصري، الملقّب بأبو خالد، والمعروف بمحمد الضيف، من مواليد غزة عام 1965. نشأ في خان يونس وارتاد المساجد، ثم انخرط في النشاطات الإسلامية وانضم في شبابه إلى حركة “الإخوان المسلمين” التي شكّلت نواة حركة حماس لاحقًا.
يُعتبر الضيف من أهم المطلوب تصفيتهم لدى إسرائيل، ويطبق الغموض والسرية على تنقلاته وظهوره، فهو لا يظهر في الإعلام إطلاقًا، ويكتفي بإصدار بعض البيانات في حالات الحرب، كما لا توجد أي صورة حديثة له، والمتداول عنه صور قديمة في عمر الشباب، لذلك تبقى شخصيّته محاطة بالغموض والسرية التامة.
ولُقِّبَ الرجل بالضيف لأنه حلّ ضيفاً على الضفة الغربية، فساهم في بناء كتائب القسّام هناك، ولأنه لا يستقر في أي مكان، فكثيراً ما يكون ضيفاً على أحد.
التعليم والفكر
حصل الضيف على شهادة البكالوريوس في علوم الأحياء من الجامعة الإسلامية في غزة، ونشط خلال دراسته في الكتلة الإسلامية الإطار الطلابي لحركة حماس في الجامعة، وأصبح من أبرز قادتها، وقد تشبّع بالفكر الإسلامي، وأصبح من الدعاة المعروفين.
أسس فرقة فنية موسيقية على الطريقة الإسلامية سماها “العائدون”، وقام بنشاطات فنية وأدبية معروفة.
وسرعان ما انضمّ الضيف إلى حركة حماس عام 1987، وأصبح من أبرز قادتها الميدانيين.
الاعتقالات ومحاولات الاغتيال
اعتقلته إسرائيل عام 1989 خلال الضربة الأولى التي تعرّضت لها حركة حماس، وقضى 16 شهراً في السجن موقوفاً من دون محاكمة بتهمة العمل في الجهاز العسكري للحركة.
في أيار/مايو 2000، اعتقلته السلطة الفلسطينية ضمن صفقة بينها وبين إسرائيل تنص على قيام الأولى باعتقاله، مقابل أن تمنحها الثانية سيطرة أمنية على ثلاث قرى في القدس، لكنه تمكن من الإفلات من السجن في بداية انتفاضة الأقصى، واختفت آثاره منذ ذلك اليوم.
نظرًا لأهمّيّة موقعه، حاولت المخابرات الإسرائيلية تصفيته مراراً بأكثر من خمس محاولات اغتيال في الأعوام 2002،2001، 2003، 2006، كان آخرها في العام 2014، لكنها فشلت كلّها، وقد عجزت صواريخ طائرات الأباتشي عن قتله عام 2002 رغم أنها أصابت السيارة التي كان داخلها، وأدى الحادث إلى استشهاد اثنين من مرافقيه.
تشير تقارير إعلامية إلى أنّ الضيف أصبح مشلولًا بسبب محاولات الاغتيال، بينما يرد في بعض التقارير أنه فقد إحدى عينيه، في حين تدعي المخابرات الإسرائيلية إنّ الضيف وبسبب محاولات الاغتيال خسر قدميه وإحدى يديه، بينما يتحدث آخرون عن أنه لا يزال سليمًا بالكامل.
قيادة القسّام
أسس الضيف فرع “كتائب القسام” في الضفة الغربية مع مجموعة من قادة حماس، وتسلّم قيادته بعد استشهاد القائد عماد عقل عام 1993، ثم عاد لاحقًا إلى قطاع غزة وتسلّم قيادة الكتائب بالكامل بعد استشهاد قائدها السابق صلاح شحادة عام 2002.
بعدها عمل الضيف على إعداد خطط لتدريب مقاتلين غير استشهاديين، وخطط لنقل المعركة لتكون داخل إسرائيل، وأشرف على عمليات عدّة، من بينها أسر الجندي الإسرائيلي نخشون فاكسمان.
وبعد اغتيال يحيى عياش، أحد أهم رموز المقاومة عام 1996، خطط لسلسلة عمليات فدائية انتقامًا للعيّاش، أوقعت أكثر من 50 قتيلًا إسرائيليًا، وقد أدرجت واشنطن اسمه عام 2015 على لوائح الإرهاب.