الجادّة: طريقٌ في اتجاهين
قراءة طويلة9 أبريل 2023 15:59
للمشاركة:

مجالات التعاون بين السعودية وإيران

رأى الخبير الإيراني في الشؤون الدولية عباس أصلاني أنّ مجالات التعاون والاتفاقيات المتوقفة بين إيران والسعودية يمكن أن تشكل خطوة أولى نحو تعزيز أكبر للعلاقات بين البلدين، وعلى جميع المستويات. وفي مقال له في موقع "المجلس الاستراتيجي للعلاقات الخارجية"، أضاف أصلاني أنّ التعاون بين الطرفين يمكن أن يعزز الاستقرار العالمي وليس فقط الإقليمي.

جاده إيران تقدم ترجمة كاملة للمقال

أدى تطبيع العلاقات بين طهران والرياض، على الرغم من التوترات الموجودة منذ عقود في العلاقات الإيرانية السعودية، إلى ظهور تكهّنات جديدة بشأن آفاق العلاقات بين البلدين.

ومع وجود العديد من القضايا الخلافية، تبقى هناك مخاوف وآمال كثيرة بشأن نتائج استئناف العلاقات بين طهران والرياض وآثارها وتداعياتها الإقليمية، ولكن في الظروف الحالية، يبدو أن الدوافع المؤثرة في تحسين أجواء التعاون بين الطرفين، وحل القضايا الإقليمية، أقوى من التحديات والشكوك في هذا الصدد.

إيران والسعودية قوّتان إقليميتان يمكن لتوجههما الدولي أن يلعب دورًا مهمًا في الجغرافيا السياسية للشرق الأوسط والسلام والاستقرار الإقليميين، ونتيجة لذلك، ومن خلال التغييرات الإقليمية، يمكن أن يؤثر أيضًا على الجغرافيا السياسية العالمية.

المستقبل

بالنظر إلى التقلّبات العديدة في تاريخ العلاقات الإيرانية – السعودية، يجب التعامل بحذر بشأن التنبؤ بمستقبل العلاقات. على وجه الخصوص، على الرغم من الإرادة التي تشكّلت في طهران والرياض لتطبيع العلاقات، إلا أنه من غير المستبعد احتمال تدخل جهات فاعلة وعوامل سلبية أخرى.

في العقود الماضية، استفادت الولايات المتحدة وإسرائيل إلى أقصى حد من تدهور الأجواء أو تدمير العلاقات بين إيران والسعودية. وفي الوقت نفسه، فإنّ أحد السيناريوهات المقبلة في المنطقة يتمثّل بالتطورات غير المتوقعة الناجمة عن تأثير السياسات الجديدة للولايات المتحدة تجاه الشرق الأوسط للحفاظ على مكانتها التقليدية في المنطقة، وكذلك السياسات الإقليمية الجديدة لإسرائيل، باعتبارها عنصرًا هدّامًا في المنطقة.

ومع ذلك، من النظرة المحافِظة، فإنّ السيناريو الأكثر احتمالًا للعلاقات بين إيران والسعودية في المستقبل هو فتح فصل جديد في العلاقات بين البلدين، مما يمكن أن يؤدي على الأقل إلى تخفيف جزئي للتوترات في المنطقة، وفق نهج عملي.

مجالات تحسين العلاقات

من مبادئ العلاقات الدولية والتواصل، أنّ إنشاء التقارب الرمزي يؤدي إلى تكوين الدوافع والفهم المشترك، وبالتالي، تطوّر أشكال التعاون والعلاقات الديناميكية.

حتى لو بدا هذا التقارب مستحيلاً في المرحلة الأولى، يمكن اختبار هذا المبدأ في العلاقات بين إيران والسعودية. على وجه الخصوص، هناك عامل باسم الصين، والذي يظهر في تحرّكاته الأخيرة أن لديه دافعًا جادًا لتحسين العلاقات بين إيران والسعودية، كشريكين إقليميين له.

تحسين العلاقات بين إيران والسعودية يخضع لخطوات تدريجية. الخطوة الأولى والأكثر أهمية هي عدم التدخل في الشؤون الداخلية، وتقليل المؤشرات العدائية في المواقف والتعاملات. هذا الموضوع هو أحد محتويات البيان الموقع بين طهران والرياض.

إيران والسعودية قوّتان إقليميّتان مهمّتان لهما مجال واسع من النفوذ، وحلفاء لا ينفصلون عنهما في المنطقة. لم تؤدِ عقود عدة من التوتر في العلاقات بين طهران والرياض إلى القضاء على ترسيم مناطق نفوذ البلدين. قبول هذه الحقيقة هو الخطوة الأولى في التفاهم لتجنّب المزيد من المواجهة، والانتباه إلى نقاط ومجالات التعاون.

في الوقت نفسه، يمكن أن يؤدي المزيد من التركيز على القيم الإسلامية والسلام والاستقرار الإقليميين، ومعارضة المشاريع الانفصالية في المنطقة، إلى إعادة بناء الثقة بين إيران والسعودية.

أبعاد التعاون الممكن

في جو المنافسة بين الدول، هناك دائما نقاط للاتفاق والتعاون. العلاقة بين إيران والسعودية ليست استثناء من هذه القاعدة. في صدوع الصراع، هناك نقاط لإيران والسعودية لتحديد التعاون والمصالح المشتركة.

على المستوى الإقليمي، تسببت سياسة محورية الذات في منطقة الشرق الأوسط بالضرر لكلا البلدين. من أهم مجالات التعاون وأكثرها استعجالًا استخدام الثقل السياسي للبلدين لحل النزاعات القائمة. إنّ تمهيد أسس مفاوضات السلام في اليمن، وتخفيف التوترات السياسية في العراق ولبنان، وتمهيد الطريق لعودة سوريا إلى الدول العربية، وتقليل التوتر العسكري في الخليج، من بين الصراعات التي يمكن حلّها من خلال تحسين الحوار وبناء الثقة بين إيران والسعودية.

على المستوى الثنائي، يمكن لإيران والسعودية أيضًا التخطيط المشترك للتعاون الثنائي. يمكن أن يساعد تشكيل اللّجان أو مجالس التعاون على مختلف المستويات ومجموعات الصداقة والغرف التجارية المشتركة في بدء التعاون. يمكن أن يكون تسهيل التعاون العلمي والأكاديمي والسياحة، وتقديم الخدمات الفنية والهندسية، وتسهيل العلاقات التجارية بين القطاعات الخاصة والمشاريع المشتركة العامة والخاصة من بين الأشكال الأساسية للتعاون.

التعاون في جميع الأنشطة الاقتصادية، بما في ذلك الصناعات، المناجم، النفط، البنروكيماويات، الزراعة، الثروة الحيوانية، الصحة، النقل، الاتصالات، الإسكان، التنمية الحضرية والخدمات الفنية والهندسية، في الاتفاقية العامة الاقتصادية والتجارية والاستثمارية والفنية والعلمية والتعاون الثقافي والرياضي للعام 1999، تم الاتفاق عليه من الجانبين. وقد تم التأكيد على هذه الاتفاقيات في وثيقة إعادة بناء العلاقات بين طهران والرياض في آذار/ مارس 2023.

إن تطوير التعاون الأمني من خلال توفير سياق تنفيذ الاتفاقية الأمنية الاستراتيجية بين إيران والسعودية للعام 2001، هو أيضًا إحدى الخطوات الأخرى للانتقال من نموذج المواجهة إلى نموذج التفاعل بين البلدين.

وتناولت هذه الاتفاقية قضايا التعاون بين البلدين في مجالات تبادل المعلومات الأمنية، ومكافحة الجريمة المنظمة، والإرهاب الدولي، ومكافحة الجرائم الاقتصادية من خلال مكافحة غسل الأموال.

كما يشمل هذا التعاون محاربة تهريب الأسلحة والبضائع وتهريب التراث التاريخي والثقافي وتزوير الوثائق الحكومية، ومكافحة تهريب المخدرات، وتسهيل تنقّلات مواطني البلدين، والاستفادة من الخبرات الأمنية وتدريب وكلاء الأمن.

التعاون متعدد الأطراف؛ بِعدٌ آخر للتعاون بين إيران والسعودية يمكن أن يكون في إطار الاتفاقيات متعددة الأطراف والمنظمات المشتركة.

يمكن أن يكون التعاون بين الدولتين في مجال النقل أحد الأشكال الجديدة لممر الشمال والجنوب، والسوق المستهدف له هو جنوب آسيا، وكذلك السوق الكبير في القارة الأفريقية.

يبدو أن الصين تولي اهتمامًا خاصًا للثقل الجيوسياسي لإيران والسعودية، لدفع خططها الإقليمية والاقتصادية إلى الأمام. يمكن للعضوية المتزامنة لإيران والسعودية في منظمة شنغهاي للتعاون، ومبادرة الحزام والطريق الصينية، أن تعزز أيضًا إمكانات التعاون في مجال النقل في العلاقات الإيرانية – السعودية.

إن المعلومات والآراء المذكورة في هذه المقالة المترجمة لا تعبّر بالضرورة عن رأي جاده إيران وإنما تعبّر عن رأي كاتبها أو المؤسسة حيث جرى نشرها أولًا

جاده ايران تلغرام
للمشاركة: