الجادّة: طريقٌ في اتجاهين
قراءة طويلة22 ديسمبر 2020 08:07
للمشاركة:

صحيفة “رسالت” الأصولية – التلوث لم يسمح لطهران بالتنفس في هذا العام سوى 15 يومًا

تناولت صحيفة "رسالت" الأصولية في تقرير لها، موضوع تلوّث الهواء في العاصمة الإيرانية طهران، ناشرة بعض الأرقام التي توضح حالة التلوث في المدينة ومقارنتها بالسنة الماضية. كما أجرت الصحيفة مقابلتين مع اختصاصيين في هذا المجال، حيث أوضحا أنه لا يمكن تحديد عامل واحد للتلوث، بل ما يحصل هو نتيجة اجتماع عدة عوامل.

إنّ تلوّث الهواء ليس بالمشكلة الجديدة حيث أننا دائماً ما نكافح لمواجهتها. في كل عام يتم الصمود في وجه هذا التلوث من خلال إغلاق المراكز التعليمية والإدارية في طهران لبضعة أيام والاعتماد على الرياح والأمطار التي تجعل هواء المدينة قابلاً للاستنشاق إلى حد ما. ولكن هذا العام وعلى الرغم من إغلاق المدارس والجامعات والعمل عن بُعد وفرض القيود بسبب كورونا إلى جانب هطول الأمطار فإن تدفق الملوثات أمر مثير للدهشة والتأمل. وفي هذا الصدد، ورغم العطلات الطويلة فإن العاصمة لم تحظى سوى بـ15 يوماً للتنفس منذ بداية هذا العام وحتى 20 كانون الأول/ ديسمبر.

أظهرت الإحصائيات العام الماضي وضعاً أفضل، حيث تم الإعلان عن 25 يوماً من الهواء النظيف، و 194 يوماً من الهواء المقبول و 52 يوماً من المواد غير الصحية للذين يعانون حساسية، وأربعة أيام غير صحية بالنسبة للجميع. أما جودة الهواء هذا العام الشمسي (بدأ في 21 آذار/مارس) فهي 185 يوماً من الهواء المقبول و 74 يوماً غير صحي للمجموعات الحساسة ويومين غير صحيين لجميع الناس. ولكن بصرف النظر عن الحسابات الصارمة والتغيير في معايير حساب الجودة، ففي حالة تلوث هواء العاصمة يجب توجيه أصابع الاتهام إلى عوامل كثيرة، بما في ذلك السيارات أو جودة البنزين المُقدم، على الرغم من أن “نيره بيروزبخت”، رئيسة هيئة المعايير الوطنية، لم تشر إلى ذلك. ففي السابق أكّدت على جودة البنزين المنتج في الدولة وقالت إنه “لا يمكن للبنزين أن يكون سبباً لتلوث الهواء، لكن معظم السيارات التي تتنقل حالياً في البلاد هي سيارات قديمة، وفي حال حصلوا على بنزين عالي الجودة، فسيستمرون في التلوث”.

ومع ذلك تُشير أحدث البيانات من قائمة انبعاثات الملوثات في طهران إلى أن المصادر المتنقلة (كالسيارات) لديها الحصة الأكبر في إنتاج الجسيمات وهي أهم ملوث للهواء في الخريف والشتاء. وعليه، فإن حصة الموارد المتنقلة أي السيارات الخاصة وسيارات الأجرة والدراجات النارية والحافلات والشاحنات تساهم في إنتاج الجسيمات تبلغ 60%. كما تلعب المصادر الثابتة أيضاً دوراً مهماً في تلوث الهواء وإنتاج المواد الجسيمية وعلى سبيل المثال فإن حصة الصناعات ومحطات الطاقة في طهران وحولها في إنتاج الجسيمات هي حوالي 30 بالمائة، والمصافي حوالي 4.4% ومحطات المترو حوالي 2.3%.

قالت سمية رفيعي رئيسة اللجنة البيئية في البرلمان على صفحتها على تويتر، إن “نسبة كبيرة من تلوث الهواء في طهران إما هي بسبب مصانع الإسمنت ومحطات الطاقة حول طهران أو بسبب قِدَم أسطول النقل ولكن بصرف النظر عن العوامل المذكورة فقد تم فتح ملف المازوت كمتهم بالدرجة الأولى في قضية تلوث الهواء”.

من جهته أوضح داريوش غل علي زاده، نائب مدير المركز الوطني للهواء وتغيير المناخ التابع لمؤسسة حماية البيئة، أن “محطات الطاقة حول طهران لم تستخدم وقود الديزل (المازوت) على الإطلاق هذا العام، وكما أن كافة الصناعات في محافظة طهران تساهم بحوالي 17% في انبعاث الجسيمات العالقة”.

وفي حديث مع “رسالت”، أوضح بهزاد أشجعي عضو مجموعة العمل الوطنية للحد من تلوث الهواء أسباب زيادة الأيام الملوّثة هذا العام مقارنة بالعام السابق ومساهمة المصادر في انبعاث الملوثات. ولفت أشجعي إلى أنه “لا يجب أن نربط قضية تلوث الهواء بعامل واحد وذلك لأن العديد من القضايا تلعب دوراً في انتشار الملوثات ووفقاً لدراسات قائمة الانبعاث، فقد تم تحديد حصة المصادر المختلفة في هذه العملية وبناءً على ذلك يمكننا تحديد نصيب كل مصدر. وفيما يتعلق بوقود الديزل المذكور فإن إجمالي الصناعة في محافظة طهران تساهم بحوالي 17% في انبعاث الجسيمات العالقة، لذلك لا يمكن اعتبار الصناعات هي عامل التلوث في طهران فقط، بل يجب اعتبار سيارات الديزل أيضاً، والتي تصل حصتها من التلوث إلى أكثر من 30 إل في انبعاثات الجسيمات”، مضيفاً “إذا اعتبرنا الصناعات هي العامل الرئيسي، فماذا عن محركات الديزل والتي لها ضعف الحصة؟ لذلك هناك عوامل مختلفة متورطة، وخاصة في حالة وقود الديزل، ووضعنا في طهران هو أفضل بكثير من مدن أخرى”، مشيراً إلى ان “بعض المناطق ستعاني من نقص في الغاز وستضطر إلى استخدام وقود الديزل لمحطات توليد الكهرباء والصناعات الكبيرة”.

وحول طرق تقليل الملوثات، أشار أشجعي إلى أنه “في السنوات السابقة تم إغلاق المدارس والجامعات في مثل هذه الظروف، والآن بسبب كورونا والقيود المفروضة، يحدث هذا أيضاً ولكن الإغلاق ليس حلاً ويمكنه حماية الناس في حالات الطوارئ حتى لا تتعرض صحتهم للخطر”، مضيفاً “الحل النهائي هو تنفيذ قانون وأنظمة الهواء النظيف، ولكن نسبة كبيرة من هذا القانون لم يتم تنفيذها وتتم إثارة عوامل مختلفة، مثل تحديث وتطوير أسطول النقل العام، والفحص الفني وإلغاء المركبات البالية وتوحيد معايير الوقود وإزالة التلوث الصناعي فهي شاملة تماماً وإذا طبقنا القانون فقط فلن نواجه بالتأكيد مشكلة تلوث إضافية”.

من جهته، حلّل عضو هيئة التدريس بجامعة شهيد بهشتي يوسف رشيدي، في حديث مع “رسالت”، حالة تلوث الهواء واعتبرها متأثرة بعاملين، أحدهما إنتاج الملوثات والآخر هو انتشارها، مضيفاً “في ما يتعلق بالإنتاج، فإن تقديراتنا في هذا المجال بحاجة إلى تحديث، وذلك لأننا لا نعلم مقدار الوقود النظيف ووقود الديزل الذي تستخدمه الصناعات ومحطات الطاقة والإجابة على ذلك يجب أن تكون مُقدّمة من قبل مؤسسة البيئة، وليس لدينا إمكانية الوصول إلى المعلومات المتعلقة بهذه القضية ويجب علينا تحليلها بعناية”.

وأوضح أن “دور مؤسسة البيئة هنا مهم، وذلك لأن المعلومات ليست شفافة ولا يوجد جهاز استشعار مثبت على مدخنة محطات الطاقة حتى يتمكن الناس من رؤية ما هو ناتجها. وفيما يخص انتشار التلوث، تشارك الصناعات ومحطات الطاقة أيضاً، وعندما نتوقع هواء نظيفاً ونقياً، فيجب أن نتخذ الإجراءات اللازمة في المقابل، حيث أننا لم نُخرج السيارات والدراجات النارية البالية من الخدمة، وبسبب ظروف كورونا، تم تقليص استخدام أسطول النقل العام وجميع الأشخاص يستخدمون المركبات الخاصة بهم، ومسألة إزالة السيارات البالية تم وضعها جانباً منذ 4 سنوات بحجة حظر استيراد السيارات، أو على سبيل المثال، لم يتم اتخاذ أي إجراء في مسألة وسائل النقل العام، مما يعني أن حافلاتنا ليست حديثة ولا عدد الأساطيل مناسب، وتأثيرات التقاعس هذه تؤثر على جودة الهواء وتعرض حياة المواطنين للخطر”.

وفي إشارة إلى سبل الحد من تلوث الهواء، اعتبر رشيدي أن “كتابة القانون يختلف عن تنفيذه، ويقال إن قانون الهواء النظيف لا يُطبّق، وذلك لأنه يتطلب موارد مالية، ولكن الأمر لا يتعلق بالائتمان فقط، ومن الضروري خلق ثقافة والقيام ببعض الأعمال عن بُعد حتى يتم إجبار الناس على عدم التنقل كثيراً في المدينة”.

إن المعلومات والآراء المذكورة في هذه المقالة المترجمة لا تعبّر بالضرورة عن رأي جاده إيران وإنما تعبّر عن رأي كاتبها أو المؤسسة حيث جرى نشرها أولًا

المصدر/ صحيفة “رسالت” الأصولية

جاده ايران تلغرام
للمشاركة: