ما حقيقة زيارة خليفة سليماني إلى سوريا؟
ماذا عن مستقبل الوجود الإيراني في سوريا؟
أفادت وكالة “تسنيم” المقربة من الحرس الثوري الإيراني أن قائد فيلق القدس إسماعيل قاآني زار مدينة البوكمال في ريف دير الزور السورية قبل أيام، ونقلت عنه قوله إن ” مؤامرات أميركا وإسرائيل لم تنته بعد”، وبحسب “تسنيم”، فقد ارتكز قاآني في تقديره على أن “الولايات المتحدة والكيان الصهيوني هم من يقفون وراء داعش”، وأكد أنهم “سيكملون مسيرة الشهداء”، ذاكرًا في هذا السياق سلفه قاسم سليماني الذي اغتالته أميركا بالقرب من مطار بغداد مطلع العام الحالي.
اللافت أن الوكالة الإيرانية برغم نشرها صورًا لقائد فيلق القدس في دير الزور، عادت لتحذف الخبر.
تجدر الإشارة، إلى أن الزيارة المذكور تزامنت مع قصف صاروخي وجوي طال وسط وجنوب سوريا، قالت وسائل الإعلام الإسرائيلية إنه ناجم عن استهداف سلاح الجو الإسرائيلي لمواقع إيرانية هناك، وهو الأمر الذي توقع رئيس معهد الأمن القومي الإسرائيلي عاموس يدلين أن يعقبه رد إيراني، مشيرًا خلال عدة تغريدات إلكترونية إلى أن الإيرانيين وحلفاؤهم يبحثون عن طرق جديدة للرد وردع إسرائيل. بعد أن فشلوا سابقًا في الرد على إطلاق الصواريخ، وبناءً عليه، دعا يدلين لأن تكون إسرائيل مستعدة لمجموعة كاملة من خيارات “الرد الشيعية”، التي قد يتدخل فيها نصر الله أيضاً كعامل رئيسي، وفق قوله.
لم يكتف يدلين الذي ترأس في وقت سابق جهاز الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية “أمان”، بهذه التغريدات، حيث نشر بعد ذلك مقالًا نشرته القناة الإسرائيلية الثانية، وصف خلاله “الاعتقاد الذي ساد بين الإسرائيليين لفترة من الزمن، بأن الإيرانيين يتخلون عن سوريا” هو عبارة عن “تمنّيات”. وخلص يدلين إلى أنّ “التهديد الاستراتيجي الأول لأمن إسرائيل اليوم هو التهديد الإيراني، في ظلّ مواصلة الإيرانيّين التقدّم في البرنامج النووي، والبناء في سوريا، والدفع بمشروع الصواريخ الدقيقة”، داعياً القيادة إلى “الاستفادة من الأشهر التي تسبق الانتخابات الأميركية للتنسيق مع الإدارة الحاليّة بشأن تقدم البرنامج النووي في إيران، لأنّ هذه القضية أكثر أهمية من خطة الضم التي تخلق مواجهة سياسية إسرائيلية مع أصدقائها حول العالم، مع أن هذه الصداقات ضرورية لها لمحاربة التهديد الإيراني”. من جانب أخر، لا يتوقع الصحفي الإسرائيلي بن كاسبيت خلال مقاله في موقع “المونيتور” الأميركي، أن “تحدث أي تغييرات في الحرب التي شنها الجانبان ضد بعضهما البعض قبل الانتخابات الأميركية”، مستندًا في ترجيحه إلى تقييم مصدر أمني إسرائيلي قال لـ “المونيتور” إن الإيرانيين يفقدون جمهورهم ويعرفون ذلك، ويدركون أنهم لن يتمكنوا من الاستمرار لفترة طويلة، بالنظر للوضع الراهن، ويعلّقون آمالهم على استبدال إدارة ترامب بإدارة يمكن أن تبرم صفقة معهم”. في هذا السياق، أظهر رئيس الموساد السابق شفتاي شفت يأسه من إمكانية منع إيران من أن تصبح دولة نووية، قائلًا إنها “تمضي في مشروعها النووي، وستغدو الأمور معها مثل كوريا الشمالية”
على المقلب الأخر، لم تترك إيران تزايد الحديث الإسرائيلي عن وجودها في سوريا دون أن تدلي بدلوها، حيث قال مصدر يعمل مع مستشاري الحرس الثوري الإيراني في سوريا لـ “المونيتور” أيضًا إن “إيران موجودة لتبقى في سوريا”، مؤكدًا أن”محور المقاومة هو فقط من يقرر البقاء أو المغادرة”، لأن هذا المحور وفق قوله “قدم أفضل ما لديه من المقاتلين والقادة في سوريا بغية عدم جر المنطقة إلى كارثة ودمار شامل لا يمكن إصلاحهما”، ولفت المصدر أن “سوريا ليست مغامرة غير محسوبة، كما يحلل الكثير من منتقدي إيران”، موضحًا “أنها كانت مخاطرة محسوبة، وعلى هذا الأساس منذ اليوم الأول لم توجد خطة ب في سوريا”.
مصدر الحرس الثوري كشف لـ “المونيتور” عن “محاولات روسية خلال الأشهر القليلة الماضية لإحداث تغييرات في دور القوات الإيرانية في سوريا”، لكن هذه المحاولات تم رفضها وترك للسوريين أن يقرروا ما يجب أن يحدث.
الجدير ذكره، أن مدير دائرة الشرق الأوسط ومساعد وزير الخارجية الإيراني حميد رضا دهقاني بوده، أكد اليوم أن الغارات التي تُشن داخل سوريا، لا تستهدف القوات الإيرانية. وأرجع دهقاني خلال مقابلته مع صحيفة “اعتماد” الإصلاحية، السبب في طرح هذه الادعاءات إلى مساعي إسرائيل للحرب النفسية في اتجاهين؛ الأول داخل إيران بحيث تثير غضب الشعب الإيراني ضد سياسات النظام في سوريا، أو إظهار إيران بمظهر العاجز في سوريا، والثاني سعى إسرائيل إلى تصوير نفسها أمام الرأي العام الإسرائيلي أنها قوية في التصدي لإيران وبإمكانها مواجهتها.