الجادّة: طريقٌ في اتجاهين
قراءة طويلة15 يونيو 2024 13:32
للمشاركة:

دور إنتاج النفط والغاز في منافسات انتخابات الرئاسة الإيرانية

مقدمة

تلعب صناعة النفط والغاز دورًا محوريًا في الاقتصاد الإيراني. مع اقتراب الانتخابات الرئاسية في إيران، يُنظر إلى كيفية إدارة هذا القطاع الحيوي على أنه واحد من العوامل الحاسمة التي ستؤثر على حظوظ المرشحين، وعلى نجاحهم في العمل لاحقا. في ظل العقوبات الدولية التي أضعفت الاقتصاد، تتزايد التوقعات من الحكومة الإيرانية القادمة لتعظيم الفوائد الاقتصادية من مواردها الطبيعية. سيتناول هذا التقرير الإمكانيات الحالية لقطاع النفط والغاز في إيران، والتحديات التي يواجهها، وكيف يمكن للرئيس القادم الاستفادة منها لتحقيق الاستقرار والنمو الاقتصادي.

1. إنتاج النفط في إيران

  • الاحتياطيات والإنتاج الحالي:

أ- احتياطيات النفط: يُقدر احتياطي إيران من النفط بحوالي 157 مليار برميل، مما يجعلها الرابعة عالميًا من حيث الاحتياطيات.

ب- الإنتاج الحالي: في منتصف 2024، وصل إنتاج إيران إلى حوالي 3.3 مليون برميل يوميًا، مع خطط لزيادة الإنتاج إلى 4 مليون برميل يوميًا في الأشهر القادمة. هذا يتماشى مع أهداف إيران لتعزيز إنتاجها واستعادة حصتها في السوق العالمي.

ج- الأهداف المستقبلية: تسعى إيران لزيادة إنتاج النفط عبر تطوير حقول جديدة واستخدام تقنيات متقدمة لتحسين كفاءة الاستخراج.

د- الحقول النفطية الرئيسية:

1\ د- حقول نفط بارزة: تشمل غاشساران، آغاجاري، وأهواز، وهي مناطق غنية بالنفط تساهم بشكل كبير في الإنتاج الوطني.

2\د- مشاريع التطوير: تشمل مشاريع كبرى مثل تطوير حقول آزاديغان الشمالي والجنوبي، التي تعتبر أساسية لخطط إيران في زيادة إنتاجها النفطي.

2. إنتاج الغاز الطبيعي

  • الاحتياطيات والإنتاج الحالي:

أ- احتياطيات الغاز: تحتل إيران المرتبة الثانية عالميًا باحتياطيات تقدر بـ 1,193 تريليون قدم مكعب.

ب- الإنتاج السنوي: في 2023، بلغ إنتاج إيران من الغاز الطبيعي حوالي 250 مليار متر مكعب.

ج- الاستهلاك الداخلي: يبلغ الاستهلاك المحلي حوالي 225 مليار متر مكعب سنويًا، مما يوضح الاعتماد الكبير على الغاز لتوليد الطاقة ودعم الصناعات الثقيلة.

  • المشاريع الكبرى:

أ- حقل بارس الجنوبي: أكبر حقل غاز في العالم، يساهم بحوالي 40% من إجمالي إنتاج إيران من الغاز.

ب- حقل بارس الشمالي: يشهد تطورات سريعة لتعزيز قدرات الإنتاج لتلبية الطلب الداخلي والدولي.

3. الاستهلاك الداخلي والصادرات

  • الاستهلاك الداخلي:

أ- النفط: تستخدم إيران حوالي 1.8 مليون برميل يوميًا محليًا، لتلبية الطلب على الطاقة والنقل.

ب- الغاز: يستخدم الغاز الطبيعي بشكل واسع في توليد الكهرباء والتدفئة والصناعات، حيث يغطي جزءًا كبيرًا من استهلاك الطاقة المحلي.

  • الصادرات:

أ- النفط: رغم العقوبات، ارتفعت صادرات النفط إلى حوالي 1.5 مليون برميل يوميًا، مدفوعة بالطلب المتزايد من الصين والهند.

ب- الغاز: تصدر إيران الغاز إلى دول الجوار مثل تركيا والعراق، عبر شبكات أنابيب الغاز، لكن حجم الصادرات في هذا المجال ما زال محدودًا مقارنة بصادرات النفط.

4. الإيرادات المالية

  • من النفط:

أ- الإيرادات: قبل فرض العقوبات، كانت إيرادات صادرات النفط تتجاوز 50 مليار دولار سنويًا. حاليًا، مع تحسن الأوضاع وزيادة الإنتاج، تتوقع إيران أن تصل الإيرادات إلى مستويات بين 30-40 مليار دولار سنويًا.

ب- التأثير الاقتصادي: تلعب إيرادات النفط دورًا حيويًا في تمويل الميزانية الإيرانية ودعم الاقتصاد المحلي، خاصة في ظل التحديات الاقتصادية التي تفرضها العقوبات.

  • من الغاز:

أ- الإيرادات: تقدر إيرادات تصدير الغاز بحوالي 3-5 مليار دولار سنويًا، وهو مبلغ أقل بكثير مقارنة بالنفط، لكنه يمثل مصدرًا مهمًا للإيرادات على المدى الطويل.

ب- الاستخدام المحلي: الغاز الطبيعي يسهم بشكل كبير في تلبية احتياجات الطاقة المحلية ويعزز من استدامة النمو الصناعي.

5. تأثير النفط والغاز على الميزانية الإيرانية

المساهمة في الميزانية: تاريخيًا، كان النفط والغاز يشكلان حوالي 40% من الميزانية الإيرانية. لكن بسبب العقوبات، تراجعت هذه النسبة إلى حوالي 15-20%. ومع تحسين الصادرات وزيادة الإنتاج، من المتوقع أن ترتفع مساهمتهما مجددًا، مما يساهم في تقليل العجز المالي وتعزيز الاقتصاد.

6. إمكانيات التطوير

  • البنية التحتية:

أ- التحديث المطلوب: تحتاج البنية التحتية الحالية إلى تحديثات كبيرة لزيادة الكفاءة الإنتاجية والحد من التكاليف.

ب- الاستثمارات الدولية: تسعى إيران إلى جذب استثمارات أجنبية من خلال شراكات مع شركات دولية، خاصة من روسيا والصين، لتعزيز قدراتها الإنتاجية.

  • التكنولوجيا:

أ- التقنيات المتقدمة: تحتاج إيران إلى تقنيات حديثة لزيادة كفاءة استخراج النفط والغاز. حيث من الممكن أن يساهم التعاون مع روسيا والصين في وصول إيران إلى بعض هذه التقنيات.

ب- تطوير محلي: هناك جهود محلية لتطوير التكنولوجيا وزيادة الاعتماد على الذات في مجال النفط والغاز، مما يقلل من تأثير العقوبات على المدى الطويل.

7. العقوبات وتأثيرها

  • العقوبات الأمريكية: فرضت الولايات المتحدة عقوبات شديدة على إيران منذ 2018، مما أدى إلى تقليص كبير في قدرة إيران على تصدير النفط والوصول إلى الأسواق المالية العالمية.
  • التأثير الاقتصادي: انخفضت صادرات النفط بشكل حاد، مما أدى إلى تقليل الإيرادات وزيادة الضغوط الاقتصادية.
  • التكيف مع العقوبات:

أ- أساليب الالتفاف: اعتمدت إيران على طرق غير رسمية لبيع النفط، مثل مقايضة النفط بسلع أخرى وبيع النفط بأسعار مخفضة إلى دول مثل الصين.

ب- زيادة الإنتاج: رغم العقوبات، تمكنت إيران من زيادة إنتاجها تدريجيًا، مما ساعد في تلبية الطلب المتزايد في الأسواق الآسيوية.

8. العلاقات الدولية والتجمعات الاقتصادية

  • العلاقات مع روسيا:

أ- التعاون الاقتصادي والسياسي: تتعزز العلاقات بين إيران وروسيا في مجالات الطاقة والدفاع. هذا التعاون يساعد إيران على تحسين بنيتها التحتية في قطاع الطاقة وزيادة قدرتها الإنتاجية.

ب- أوبك+: التنسيق في إطار “أوبك+” مع روسيا يساهم في ضبط إنتاج النفط والتحكم في الأسعار العالمية.

  • العلاقات مع الصين:

أ- الشريك الاستراتيجي: الصين هي أكبر مستورد للنفط الإيراني، مما يوفر لإيران منفذًا رئيسيًا لصادراتها النفطية رغم العقوبات.

ب- الاتفاقيات طويلة الأجل: الاتفاقية الاستراتيجية لمدة 25 عامًا مع الصين تشمل استثمارات كبيرة في قطاع الطاقة، مما يعزز من القدرات الاقتصادية لإيران.

  • العلاقات مع دول المشرق العربي:

أ- تحسين العلاقات: تسعى إيران إلى تعزيز علاقاتها مع دول الخليج والمشرق العربي في إطار تخفيف التوترات الإقليمية.

ب- التعاون الاقتصادي: العلاقات المحسنة قد تؤدي إلى زيادة التعاون الاقتصادي والاستثمارات المتبادلة، مما يدعم قطاع الطاقة الإيراني.

  • التجمعات الدولية:

أ- بريكس: تسعى إيران من خلال حضورها في مجموعة “بريكس” لتعزيز تعاونها الاقتصادي مع الدول الأعضاء، مما يساعدها في مواجهة العقوبات.

ب- منظمة شانغهاي للتعاون: عضوية إيران في هذه المنظمة تعزز من علاقاتها الاقتصادية والسياسية مع روسيا والصين ودول آسيا الوسطى.

9. تأثير قطاع النفط والغاز على الانتخابات الرئاسية

  • التوقعات من الحكومة القادمة:

أ- إدارة الموارد: برنامج المرشحين لرئاسة الجمهورية في ما يتعلق بكيفية إدارة قطاع النفط والغاز سيكون عاملًا حاسمًا في جلبهم لأصوات الشارع الإيراني، حيث يتأثر الناخبون بالمرشح الذي يستطيع تقديم خطة فعالة لتحسين الإنتاج وزيادة الإيرادات.

ب- الاستثمارات والتكنولوجيا: الرئيس القادم سيحتاج إلى استراتيجية لجذب الاستثمارات الأجنبية والتعاون مع الشركات الدولية لتحديث هذا القطاع.

  • فرص النمو الاقتصادي:

أ- تعظيم الفوائد: إدارة ناجحة لقطاع النفط والغاز يمكن أن تعزز من الاقتصاد الإيراني، كما أنها توفر فرص عمل جديدة، وتزيد من الإيرادات الحكومية.

ب- تخفيف تأثير العقوبات: تطوير علاقات مع دول مثل الصين وروسيا والانضمام إلى تجمعات دولية يمكن أن يخفف من تأثير العقوبات ويساعد في فتح أسواق جديدة للنفط الإيراني.

  • الاستقرار السياسي والاجتماعي:

أ- تحسين الاقتصاد: استقرار الاقتصاد من خلال قطاع نفطي قوي يمكن أن يساعد في تعزيز الاستقرار السياسي والاجتماعي، وهو أمر حيوي لأي رئيس قادم.

ب- الرفاهية الاجتماعية: زيادة الإيرادات من قطاع النفط والغاز يمكن أن تُستخدم لتحسين الخدمات العامة والرفاهية الاجتماعية، مما يزيد من الدعم الشعبي للحكومة.

10-الخاتمة

يظل قطاع النفط والغاز في إيران واحدًا من الركائز الأساسية للاقتصاد الوطني، مع إمكانات هائلة للتطوير والنمو. في ظل العقوبات الدولية المتواصلة، فإن كيفية إدارة هذا القطاع ستكون ذات أهمية قصوى بالنسبة للحكومة الإيرانية المقبلة.

  • تأثير الانتخابات الرئاسية:

أ- الأهمية الاقتصادية: مع اقتراب الانتخابات الرئاسية، يصبح واضحًا أن المرشح القادر على تقديم خطط واضحة لتعظيم الاستفادة من قطاع النفط والغاز سيكون له ميزة كبيرة. هذه الخطط تشمل تحسين الإنتاج، جذب الاستثمارات، واستخدام التكنولوجيا المتقدمة لتحسين كفاءة الاستخراج.

ب- التحديات والفرص: الرئيس القادم سيواجه تحديات كبيرة، مثل استمرار العقوبات ونقص الاستثمار الدولي. ومع ذلك، فإن هناك فرصًا حقيقية لتعزيز العلاقات الاقتصادية مع القوى الإقليمية والدولية مثل الصين وروسيا، والتي يمكن أن تساعد في تخفيف حدة العقوبات وفتح أسواق جديدة للطاقة الإيرانية.

  • إدارة الاستثمارات والتكنولوجيا:

أ- التحديث والتطوير: تتطلب البنية التحتية لقطاع النفط والغاز تحديثات كبيرة. حيث ستكون الاستفادة من الشراكات الدولية والتكنولوجيا الحديثة أمرًا ضروريًا لزيادة الإنتاج وتحقيق النمو الاقتصادي المستدام.

ب- التركيز على الاستدامة: بالإضافة إلى زيادة الإنتاج، يتعين على الحكومة الجديدة التركيز على استدامة استخدام الموارد وتعزيز الكفاءة في إدارة الطاقة.

  • الاستقرار السياسي والاجتماعي:

أ- دعم الاقتصاد الكلي: إدارة فعالة لقطاع النفط والغاز يمكن أن تعزز من الاقتصاد الإيراني بشكل كبير، مما يساهم في استقرار الوضع السياسي والاجتماعي في البلاد.

ب- تحسين الرفاهية الاجتماعية: زيادة الإيرادات من القطاع يمكن أن تُستثمر في تحسين الخدمات العامة والرفاهية الاجتماعية، مما يعزز الدعم الشعبي ويعزز الاستقرار الداخلي.

  • التوجهات الدولية:

أ- العلاقات الخارجية: تعزيز التعاون مع التجمعات الدولية مثل “بريكس” ومنظمة شانغهاي للتعاون يمكن أن يفتح آفاقًا جديدة للتعاون الاقتصادي والسياسي، ويساعد في مواجهة تأثير العقوبات الغربية.

ب- الانفتاح الإقليمي: تحسين العلاقات مع دول الخليج والمشرق العربي يمكن أن يسهم في تعزيز التعاون الاقتصادي وزيادة الفرص الاستثمارية.

في الختام، يمثل قطاع النفط والغاز في إيران فرصة كبيرة لإحداث تغيير اقتصادي إيجابي. حيث أن كيفية إدارة هذا القطاع في السنوات المقبلة ستسهم بتأثير عميق في مستقبل إيران، ليس فقط اقتصاديًا، بل سياسيًا واجتماعيًا. لذلك، فإن الرئيس القادم أمامه فرصة لتعظيم الاستفادة من هذا القطاع الحيوي من خلال سياسات ذكية وإدارة فعالة، وهذا بدوره سيعزز قدرة إيران وتقدمها إذا استمرت في مواجهة تحديات دولية ومحلية.

لمتابعة تغطية “جاده إيران” للانتخابات الرئاسية الإيرانية تحت عنوان “إيران.. الصندوق بعد المروحية” إضغط هنا

جاده ايران تلغرام
للمشاركة: