ردًا على روايته لاحتجاجات البنزين.. حكومة رئيسي تطالب روحاني بالصدق مع الناس

تحدث الرئيس الإيراني السابق حسن روحاني عن كواليس رفع أسعار البنزين والاحتجاجات التي تلته في إيران عام 2019. الأمر الذي قاد لرد من مسؤول إعلامي في حكومة الرئيس الحالي ابراهيم رئيسي، وبذلك فُتح الباب لشد وجذب إعلامي بين المقربين من الحكومتين.

وفي مقابلة له مع موقع “جماران”، قال روحاني: “لقد علمت حقًا من شريط أخبار القناة الإخبارية بأنّ ثمن البنزين قد ارتفع الليلة الماضية! وكان الرئيس ابراهيم رئيسي (كان أنذاك رئيسا للسلطة القضائية) أول من غرّد واعترض على ذلك، بينما رئيسي هو من وقّع قرار رؤساء السلطات الثلاث بخط يده”! 

وروى روحاني قصة “صباح الجمعة” على النحو التالي: “قمنا بزيادة سعر البنزين مرّات عدة. بعد أشهر قليلة من تشكيل الحكومة عام 2013، قررتُ رفع سعر البنزين. في الحكومة التي اقترحتها كان معظم الوزراء ضد هذا القرار؛ قالوا إن هذا ليس الوقت المناسب لذلك، فلن يتسامح الناس مع ذلك ولا يجب أن يكون البنزين باهظ الثمن. وقال خبراء اقتصاديون إن ذلك سيزيد التضخّم. وتحدث السيد أحمد توكلي في البرلمان وقال إنّ ما يريد روحاني فعله سيزيد التضخم بنسبة 40%، وكتب لي أيضًا وقال نفس الشيء. وحتى في الحكومة كان هناك اقتصاديون قالوا إن التضخّم سيرتفع بنسبة 25%. ناقشنا سعر البنزين في نحو 20 جلسة. على أية حال، اتخذنا قراراً، وفي عام 2013، ارتفع سعر كل لتر من البنزين من 400 تومان إلى 700 تومان، كما ارتفع السعر غير المدعوم إلى 1000 تومان، ولم يرتفع التضخم حتى نقطة مئوية واحدة، ولم يصدق أي خبير اقتصادي ذلك”. 

وتابع الرئيس الإيراني السابق: “وفي العام التالي، حددنا سعر البنزين بألف تومان، وقال الفريق الاقتصادي للحكومة إنّ التضخم سيرتفع هذه المرة، بينما لم يرتفع التضخم، أي أننا قمنا بزيادة سعر البنزين مرّتين، لكن التضخم لم يتحرّك على الإطلاق. وفي عام 2015، أردت زيادة سعر البنزين للمرة الثالثة، وقد عارضت الحكومة بالإجماع، وأقنعت الحكومة بأننا سوف نتشاور مع البرلمان، وإذا قبل البرلمان بمشروع القرار فعلى الحكومة أن تقبل أيضًا. وتشاورنا مع البرلمان، ولكن البرلمان لم يقتنع بمشروع القرار وتخلّينا عن هذه المسألة. وفي عام 2016، تمّت مناقشة هذا الأمر مرة أخرى في الحكومة، وقال الوزراء إنّ زيادة سعر البنزين يجب أن تتم بالتعاون مع البرلمان. وشكلنا لجنة مشتركة، وكان قرار اللجنة تأجيل هذه القضية، خاصة بعد انتخاب ترامب، لكنه لم يكن قد انسحب بعد من خطة العمل الشاملة المشتركة وكانت الأوضاع الاقتصادية في البلاد في مأزق، وكان الجميع يعارض زيادة أسعار البنزين”. 

وأكمل روحاني: “في العام التالي، طرحنا موضوع البنزين في اجتماع رؤساء الدول الثلاث، وفي أيار/ مايو 2019، تمّت الموافقة على زيادة سعر البنزين. وأعلنت وكالة فارس للأنباء في يوم الثلاثاء إنّ سعر البنزين سيرتفع اعتبارًا من يوم الجمعة في نفس الأسبوع. وتشكلت طوابير طويلة على جميع محطات الوقود! وكنت أنا في جولة في المحافظات واتصل وزير النفط السيد زنغنه، وقال لا نستطيع السيطرة على الوضع إطلاقاً ولا نستطيع توصيل البنزين إلى محطات الوقود، لأنّ جميع الطرق مغلقة، ولهذا السبب ألغينا زيادة سعر البنزين في ذلك الوقت”. 

وأردف روحاني: “بعد الصيف، قررنا مرتين أو ثلاثاً زيادة سعر البنزين، حتى أننا حددنا اليوم، لكنّ مجلس الأمن الداخلي عارض ذلك، وكان هذا المجلس مسؤولاً عن التخطيط. كنّا في كل جمعة نقدّم اقتراحًا ويقوم المجلس بدراسته ويخبرنا وزير الداخلية السيد رحماني فضلي أن المجلس ضد ذلك الاقتراح. وسألته عن رأي المجلس وماذا يقولون؟ كانوا يقولون إنّ ذكرى الأربعين قريبة، فهذا ليس وقتًا مناسبًا، أو يقولون إنّ شهر صفر يقترب من النهاية وإنّ الناس يريدون الذهاب إلى مشهد، وهذا غير مناسب. في كل مرة كانوا يقولون شيئًا. وذات يوم قلت للسيد رحماني فضلي إننا وافقنا على زيادة أسعار البنزين، ووقّع عليها رؤساء السلطات الثلاث أيضًا، ويبقى اختيار الوقت المناسب لذلك في عهدتك، ويمكنك القيام بذلك في ليلة الجمعة. ولكن يجب أن يتم هذا الأمر خلال ثلاث أو أربع أسابيع، ولا حاجة للعودة إليّ لتنفيذ القرار”.

وعن أحداث تشرين الثاني/ نوفمبر 2019، قال روحاني: “كان يوم 15 تشرين الثاني/ نوفمبر 2019 هو أول ليلة جمعة بعد تلك المحادثة، ولم أعتقد بأنهم يريدون تنفيذ القرار في ذلك الأسبوع. قلت إنهم إذا أرادوا تنفيذه، فسوف يتّصلون بي على الأقل ويخبروني بذلك. ولم يخبرني أحد عبر الهاتف، وطبعًا السيد رحماني فضلي يقول إننا اتصلنا بالسيد واعظي لكنه لم يكن موجودًا، بينما يقول السيد واعظي إنه لم يتصل به أحد. 

استيقظت الساعة 1 أو 1:30 صباحًا يوم الجمعة، شاهدت التلفزيون ورأيت شخصين يتحدثان في القناة الإخبارية، ونظرت أيضًا إلى الشريط الإخباري ورأيت أنه لا يوجد أخبار. قلت إنه لن يتم تنفيذ القرار هذا الأسبوع، ومن المحتمل أن يحدث ذلك الأسبوع المقبل.

وعندما استيقظت في الصباح لأصلّي صلاة الصبح، رأيت أن سعر البنزين قد ارتفع الليلة الماضية، ولم يكن الأمر غريبًا بالنسبة لي، لأنني كنت قد فوّضت مجلس الأمن الداخلي. كان غريبًا بالنسبة لي عدم إخباري في الليل، لذلك عندما أقول إنني اكتشفت ذلك في الصباح، فهذا صحيح ودقيق. 

والحقيقة هي أنني أُبلغت صباح يوم الجمعة. القرار الأصلي كان بموافقة رؤساء السلطات الثلاث ونحن اتخذنا القرار. ومع ذلك، كان الأمر متروكًا لمجلس الأمن القومي، سواء كان في ليلة الجمعة أو ليلة الجمعة التالية. كان بإمكانهم تأجيل الأمر إلى الأسبوع التالي لأنني أعطيتهم الخيار. في الساعة الخامسة صباحًا اكتشفت أنّ سعر البنزين قد ارتفع. لقد تحدثت مع السيد رحماني فضلي عبر الهاتف وسألته إذا كان هناك أي أخبار. قال لا، ليس هناك أخبار. لم تكن هناك أخبار في فترة ما بعد الظهر والمساء. أي أنه لو كان ارتفاع سعر البنزين سيعطّل الأوضاع في البلاد، كان ينبغي أن يتعطّل صباح الجمعة أو ظهرها أو مساء الجمعة. لماذا بدأت التحرّكات ليلة الجمعة؟! تم وضع كل الخطط لجلب الناس إلى الشوارع طيلة يوم الجمعة. وزارة الاستخبارات أعطتني بلاغاً رسمياً، والمحافظون أعطوني بلاغاً في اجتماع حضره وزير الداخلية، والأشخاص الذين اعتُقلا قدّموا اعترافات عن الذي جرّهم إلى الشوارع. 

وكانت ليلة الجمعة مضطربة وأشعلت الحرائق ووقعت اشتباكات خارجة عن سيطرة الحكومة. أطلق بعض الأشخاص النار عندما أرادوا الاستيلاء على مستودع أسلحة تابع للحرس الثوري الإيراني. بدأت التحركات ليل الجمعة، واشتدّت عصر السبت وليلة السبت حتى صباح الأحد 17 تشرين الثاني/ نوفمبر 2019، حين قال القائد الأعلى للثورة في كلمته على هامش المحاضرة، إنّ زيادة سعر البنزين كانت بقرار من السلطات الثلاث وأنه يؤيد هذا القرار. بعد ظهر يوم الأحد كانت البلاد هادئة وانتهى كل شيء ليلة الاثنين. 

في عام 2019، عندما ارتفع سعر البنزين، كان أوّل من غرّد واعترض هو السيد رئيسي، رئيس السلطة القضائية، الذي وقّع على كتاب رؤساء السلطات الثلاث بخط يده! ودعا تاج غردون، عضو البرلمان الذي كان عضوًا في الاجتماع الاقتصادي للسلطات الثلاث، الناس إلى مسيرة ليلة الجمعة. كما تساءل بعض الناس من قم ليلة الجمعة عن سبب هدوء الشعب؟ بعض النواب أعلنوا أنهم سيطرحون خطة ثلاثية عاجلة لإعادة سعر البنزين! حسنًا، لقد وقّع رئيس مجلس النواب، ووقّع رئيس السلطة القضائية أيضًا. وقد وافقت القيادة على هذا القرار. لم تكن لدينا أية مظاهرات في إيران ليلة الأحد. ومساء الأحد كنت على اتصال منتظم مع السيد رحماني فضلي، وقال إنه لا توجد أخبار في البلاد. القصة الكاملة لمظاهرات 2019 هي ليلة الجمعة والسبت والأحد بعد الظهر، أي أنها كانت لمدة 48 ساعة في المجمل. وبالطبع كانت هناك حوادث في ماهشهر، حيث جاء بعض الأشخاص مسلّحين، وأحصوا القتلى في تلك الحادثة ضمن الاحتجاجات المتعلّقة بالبنزين”. 

وأضاف روحاني: “لقد وزّعنا كل عائدات زيادة أسعار البنزين بين الناس. أي أن الدعم الثاني الذي دفعناه كان أكثر من الدعم الأول؛ الأوّل كان 45 ألف تومان، والثاني 55 ألف تومان. بالإضافة إلى ذلك، عندما نفّذنا زيادة أسعار البنزين في عام 2019، قمنا في الأشهر الأولى بتصدير 40 مليون لتر من البنزين يوميًا. 

بالطبع كانت أحداث تشرين الثاني/ نوفمبر 2019 مريرة للغاية، وقُتل فيها بعض الأبرياء. وكانت جذور أحداث تشرين الثاني/ نوفمبر 2019 قضية أخرى ينبغي شرحها للشعب في الوقت المناسب، ولكنها لم تكن مسألة البنزين، بل كانت قضية أخرى. لقد ارتفعت أسعار البنزين في 2014، لماذا لم يكن هناك أحداث حينها؟ في 2015 ارتفع سعر البنزين أيضاً، لماذا لم يحدث أي شيء؟ لماذا لم تكن هناك أخبار صباح الجمعة أو بعد ظهر الجمعة؟ الإجابة على هذه الأسئلة سوف توضح العديد من القضايا. 

ردود الأفعال على تصريحات روحاني بين مؤيد ومعارض 

ردًّا على على هذه الرواية المقدمة من روحاني، قال رئيس مجلس الإعلام الحكومي سبهر خلجي إنّ الرئيس السابق لم يكن صادقًا مع الناس. 

وأضاف خلجي: “خلال ثماني سنوات لم يكن روحاني صادقاً مع الشعب، وكانت النتيجة انخفاض شعبية الحكومة إلى 7% في نهاية الولاية الرئاسية”. 

وأكد خلجي أن روحاني كان يعلم بالضبط الموعد الدقيق لتنفيذ قرار رفع سعر البنزين حسب ما أعلن وزير الداخلية آنذاك ونائبه مراراً، مضيفًا أنّ أكاذيب روحاني هي التي تسبّبت بفقدان أهليّته في الانتخابات التالية.

ورداً على انتقادات خلجي لروحاني، خرج معاون روحاني السابق حسام الدين اشنا في تغريدة على منصة “إكس” جاء فيها: “بدلًا من التهجم، عليك أن تراجع السجلّات وتنظر هل كان سبب اتخاذ القرار من قبل السلطات الثلاث هو تقليل الاستهلاك وتصدير فائض الإنتاج لتعويض فقدان الدخل من النقد الأجنبي وتوفير الريال لمساعدة الفئات ذات الدخل المنخفض أم لا؟ وهل عبّر السيد رئيسي علناً عن معارضته لهذا القرار بنشر تغريدة أم لا”؟ 

كما انضم للردود على رئيس مجلس الإعلام الحكومي صهر الرئيس الإيراني السابق كامبيز مهدي زاده الذي قال: “يا سيد خلجي لقد كذبت وتفاخرت كثيرًا خلال هذه السنوات الثلاث، لدرجة أنه إذا قال شخص ما الحقيقة، فستعتقد بأنه كاذب مثلك. إذهب  إلى رئيسك، وسيقول لك الحقيقة”.