الجادّة: طريقٌ في اتجاهين
قراءة طويلة26 فبراير 2024 14:26
للمشاركة:

ما هي أبرز البحوث التي تناولها مؤتمر إيران السادس للبحوث الاجتماعية والثقافية؟

تطرّقت الصحافية المختصّة في المجال الاجتماعي سارا سبزي في تقرير لها إلى التوزّع الجغرافي لاحتجاجات خريف العام الماضي في إيران، والتي كشف عنها "المؤتمر الوطني السادس للبحوث الاجتماعية والثقافية في المجتمع الإيراني".

وفي التقرير الذي نشرته في صحيفة “هم ميهن” الإصلاحية بتاريخ 24 شباط/ فبراير 2023، أشارت سبزي إلى أنه جاء في الدراسة أنّ أكثر الاحتجاجات كثافة وشدّة شهدتها محافظتا طهران وكردستان، فيما جاءت محافظات أخرى مثل أردبيل، قم، يزد، همدان، بندر عباس، ايلام ولرستان في آخر الترتيب.

وأضاف التقرير أنّ الاحتجاجات كانت أبعد من كونها احتجاجات نسائية، وفق البحث الذي قدمه محمد رهبري طالب علم الاجتماع السياسي في المؤتمر، الذي أوضح بدوره إنّ البحث تم إجراؤه من خلال تحليل البيانات عبر الانترنت منذ لحظة نشر خبر وفاة مهسا أميني.

ووفق هذا البحث، فإنّ أكثر الكلمات استخدامًا عبر الفضاء الافتراضي سواءً على تطبيق (X) أو إنستغرام أو تلغرام، كانت كلمة “ايران”، مما اعتبره تأكيدًا على مكانة البلاد لدى المستخدمين، تليها كلمات “الحياة”، “الابنة”، “الحرية”، “الأب”، “الجامعة”، “العالم” و”الأم”.

واستنتج البحث أنّ هؤلاء المستخدمين أرادوا حياة حرّة في إيران لأنفسهم ولآبائهم.

التطوّرات البيولوجية في إيران

وفي الموضوع الجنسي، لفت التقرير نفسه إلى دراسة أُجريت بطلب رسمي من وزارة الداخلية للتحقيق في اتجاهات الحياة الجنسية في إيران على مدار 20 عامًا، والتي جاءت بعنوان: “تحقيق اتجاه التغيّرات البيولوجية والجنسية في إيران من عام 1997 إلى 2018”.

وقال الباحث في العلوم الاجتماعية محمد علي محمدي الذي شارك في البحث إنه تمّت دراسة سبعة أبعاد أساسية للحياة الجنسية، وتم تقسيمها إلى قسمين، فردي وغير فردي.

ونوه محمدي إلى أنه تم استخلاص 1140 مفهومًا و93 فئة و35 قضية رئيسة، مثل زيادة العلاقات الجنسية غير المشروعة بين غير المتزوّجين والمتزوّجين، زيادة إساءة معاملة الأطفال والعنف الجنسي، انتشار المعاشرة، زيادة العلاقات المثلية، ضعف الالتزام والتماسك في الأسرة وزيادة الخيانة.

ورأى محمدي أنّ سن البلوغ لدى الأولاد في إيران يأتي أبكر من متوسّط سن البلوغ في العالم، محذّرًا من أنه في هذه الحالة لا يتم إعطاء عواطف ومشاعر المراهقين الإستجابة الصحيحة، كما أنّ الفضاء الافتراضي يجعل من البلوغ أكثر إيلامًا وقلقًا بالنسبة للشباب والأهل.

وفيما يتعلّق بالفتيات، أوضح محمدي إنه في بعض الأحيان قد تكون بداية البلوغ لدى الفتيات مصحوبة بالقلق والخوف، لأنهنّ لا تربطهنّ علاقة وثيقة مع الأسرة والأم.

وأشار في هذا الإطار إلى دراسة أُجريت مؤخرًا عن الاضطرابات الجنسية في إيران، والتي أظهرت أنّ البلاد تحتلّ مرتبة مثيرة للقلق في هذا المجال، مضيفًا أنّ دراسة أخرى أجريت على 528 عازبًا كان له تجربة جنسية سابقة كشفت أنّ 90% منهم مارسوا الجنس لأول مرة قبل سن 23 عاماً، في حين أنّ 25% مارسوا الجنس في سنّ 15 عاماً، و50% في سن 18 عاماً، و75% بعمر 20 عامًا.

وعبّر محمّدي عن اعتقاده بأنّ جزء من أسباب الإسراع في العلاقة الجنسية يعود إلى الانغلاق في مجال قضاء الحاجات الجنسية وعدم الادارة الجيدة في هذا الشأن.

وأشار محمدي خلال المؤتمر إلى أحد أسباب بدء ممارسة الجنس في سن مبكرة، وهو أن المراهقين يحاولون العثور على هويتهم، حيث أنّ الإنسان عندما لا يجد حلاً مشروعاً، يفكر في حلول خارجة عن شرعية الحكم السياسي.

وبحسب استطلاع رأي لعدد من الخبراء، فإن زيادة تجنّب الزواج، وزيادة عدم الرضا بين الأزواج، وانخفاض معدلات الإنجاب، وتطوّر الأعمال المتعلّقة بالجنس وسوق المنتجات الجنسية، كلها أمور يمكن أن تتزايد في السنوات المقبلة، بسبب عدم فهم الرغبات الجنسية لدى المراهقين.

العمالة لدى النساء

تناولت الباحثة الاجتماعية فهيمة نظري خلال دراستها التي حملت عنوان “نسبة التغيرات في الدور الاقتصادي للمرأة في الأسرة الإيرانية” قضيّة عمل المرأة والدور النسائي في الاقتصاد.

وبرأي نظري فإنه بعد انتصار الثورة، واجهت البلاد فترة كانت مختلفة جذرياً عن الفترات السابقة، حيث كان النهج الأول هو ضرورة جلوس المرأة في المنزل، وقد أطلقت هذه القضية تحديات خطيرة للمرأة في مجال الاقتصاد. ورأت الباحثة أن سبب التأكيد على عمل المرأة هو أنّ المجتمع لن يتطوّر إلا إذا تم حل هذه المسألة.

وأشارت الباحثة إلى إحصاءات العمالة لدى النساء قبل الثورة وبعدها؛ وأوضحت إنه في عام 1956 بلغت إحصاءات العمالة النسائية في إيران نحو 9%، وارتفعت إلى 11% عام 1966، لكنها انخفضت قليلاً في سنة انتصار الثورة، كما انخفضت عام 1986، والآن في خلال عامَيْ 2023 و2024، تقدّرُ نسبة العمالة لدى النساء بـ 13%.

وذكّرت نظري بأنه في العقد الأول بعد الثورة، كانت المقاربات في هذا المجال تقليدية وإسلامية بالكامل، مما خلق قيودًا هيكلية على المرأة منعتها من دخول مجال العمل؛ لا سيما النساء اللواتي عملن في المحاكم أو في القوات المسلّحة والشرطة.

وأضافت الباحثة أنه خلال حكومة إعادة الإعمار التي ترأّسها هاشمي رفسنجاني، شهد مجال عمل المرأة انفتاحًا كاملًا وتغيّرًا في الأساليب، وتم تحسين الهياكل والأنظمة قليلاً من أجل حضور المرأة، وبسبب الاقتصاد الحر والاستثمارات التي تمّت، أصبح دور المرأة أكثر وضوحًا، حيث تمكّنت من الوصول إلى المناصب العليا.

ولفتت نظري إلى أنه خلال رئاسة حسن روحاني، كانت الظروف مختلفة قليلاً، حيث خلقت العقوبات بعض القيود، ولكن تم اتخاذ تدابير لتوظيف المرأة، وارتفعت إحصاءات العمالة النسائية إلى 19.7%.

لكنَ نظري لم يفتها التذكير بأنّ متوسّط معدل العمالة لدى النساء لا يزال اليوم يبلغ 11.6%، مما دفعها للتساؤل: “كيف يمكن أن نتوقّع تطوّر هذا المجتمع”.

جاده ايران تلغرام
للمشاركة: