الجادّة: طريقٌ في اتجاهين
قراءة طويلة24 فبراير 2024 11:47
للمشاركة:

متخصّصون في علمَيْ الاجتماع والنفس يحذّرون من الأوضاع في إيران

أشار المؤتمر الـ 13 للصحة النفسية والإعلام برئاسة وزير الصحة الأسبق مصطفى معين، إلى وصول معدل انعدام الثقة على المستوى العام في المجتمع الإيراني إلى 81%. كما تطرق المؤتمر الذي عقد الثلاثاء 20 شباط/ فبراير 2024 إلى الفجوات العميقة بين الأجيال وسبل تجسير تلك الفجوات. "جادة إيران" ترجمت تقرير صحيفة "هم ميهن" الإصلاحية الذي لخص أبرز ما ورد وتحدث به القائمين والمشاركين.

مجتمع مليء بالتحديات والأزمات والمرض، وتحذير من تزايد الأمراض النفسية وانتحار الفئات المختلفة، كما أنّ المعاناة من الاضطرابات النفسية آخذة في الارتفاع. وفي مدينة مثل طهران، تكون الإحصائيات أعلى من ذلك. إن انتحار الفئات الاجتماعية المحرومة، والشباب، والطلّاب، والمساعدين الطبّيين الأعلى صوتًا على الإطلاق، أمر مثير للقلق.

فالبلاد تعيش أزمة انعدام ثقة وضعف رأس المال الاجتماعي، ووردت بعض الاستطلاعات في هذا السياق. على سبيل المثال، أظهر استطلاع قيّم اتجاهات الإيرانيين – الذي نشر في كانون الثاني/ ديسمبر 2023 – نسبة عدم الثقة على المستوى العام بلغت 81%. وكان الفقر وعدم المساواة واليأس الاجتماعي من بين المواضيع التي أُثيرت في المؤتمر السنوي للصحة النفسية والإعلام، إلى جانب الحالة النفسية للمجتمع.

وفي هذا الإطار، أشارت سارا سبزي الصحافية سارة سبزي المتخصصة بشؤون المجتمع إلى أنّ وزير العلوم في حكومة خاتمي، مصطفى معين، عالم الاجتماع والأستاذ الجامعي مقصود فراستخواه وأخصّائي علم الأوبئة السريرية علي رضا خوشدل تحدّثوا في المؤتمر المذكور وشرحوا الظروف الحالية للصحة العقلية في المجتمع الإيراني.

وقال معين: “إنّ متوسّط معدّل انتشار هذه الأمراض على مستوى العالم هو نحو 12.5%، وفي المجتمعات المتضرّرة تزيد عن 22%. إن انتشار هذه الاضطرابات في المجتمع الإيراني آخذ في الازدياد وهو أعلى من المعدل العالمي، خاصة في مدينة مثل طهران”.

وأعلن معين إنّ عدد الأشخاص الذين يعانون من أحد الاضطرابات النفسية في العالم، بحسب تقرير منظمة الصحة العالمية، هو نحو 970 مليون شخص، وأضاف: “تُقدّرُ الخسارة السنوية لهذه الاضطرابات بنحو ثمانية ملايين شخص، وفي البلدان التي تعاني من الركود الاقتصادي والثقافي والفقر يتراوح بين هذا العدد بين زائد نصف الضعف إلى ثلاثة أضعاف. وبلغت الإعاقة الناجمة عن الأمراض النفسية للمتضرّرين عام 2000 نحو 16 مليون و900 ألف شخص، وارتفعت إلى 20 مليون و600 ألف شخص عام 2019”.

زيادة خطر الانتحار

وحذّر معين من الاتجاه المتزايد للانتحار في إيران: “على الرغم من أنّ معدّل الانتحار في إيران لا يزال أقلّ من المتوسّط العالمي، إلا أنّ هناك اتجاهًا متزايدًا اشتدّ في السنوات الأخيرة، وهناك أمثلة على ذلك. وتركّز التقارير في هذا الإطار على الفئات الاجتماعية المحرومة والشباب والطلاب، وخاصة المساعدين الطبيين. في العالم، يتزايد الانتحار بسبب الاكتئاب والقلق والاضطرابات النفسية الأخرى، كما يُعتبر الانتحار السبب الثاني للوفاة في الفئة العمرية من 15 إلى 24 سنة”.

وبحسب بيانات رسمية يمكن أن يُعزى سبب حدوث وزيادة انتشار الاضطرابات النفسية إلى عوامل فردية ووراثية، وتغيّرات في بنية الأسرة، وعوامل اجتماعية واقتصادية، مثل الفقر، عدم المساواة، الفجوات الاجتماعية، التمييز، نمط الحياة، الإدمان على الفضاء الافتراضي في مجتمع شبكي، العوامل البيئية مثل تغيّر المناخ وعواقبه والهجرة والطبيعية، فضلًا عن جائحة كورونا التي تسبّبت وحدها في زيادة بنسبة 25% في انتشار الاكتئاب والقلق على مستوى العالم.

كما اعتبر معين أنّ تفاقم الاضطرابات العقلية أمر خطير بسبب نمط الحياة غير الصحي، الأزمات الاجتماعية والسياسية، عدم الاستقرار الاقتصادي، الفقر، البؤس وعدم المساواة. وقيّم معين الوضع الحالي للمجتمع الإيراني بأنه صعب وحرج، وتابع: “ما لا يقل عن ثمانية من أكبر عشر تحدّيّات اجتماعية في إيران التي أبلغ عنها مركز البحوث الاستراتيجية الرئاسية في عام 2016 ترتبط ارتباطًا مباشرًا بمسألة الصحة العقلية في المجتمع”، مشيرًا إلى أنّ هذه التحدّيات تتمثّل في البطالة، اليأس من المستقبل، انخفاض رأس المال الاجتماعي، انعدام ثقافة الجمهور، اللامبالاة الاجتماعية، ضعف الأخلاق العامة والأمن النفسي والاجتماعي وانتهاك الحقوق الأساسية وحقوق المواطنة.

أزمة انعدام الثقة وضعف رأس المال الاجتماعي

ووفق معين، فإنّ سلوك وثقافة الفرد، الشكوك العامة وعدم الثقة، الفجوات العميقة بين الأجيال وبين الأجناس وضعف رأس المال الاجتماعي، هي أسباب لظهور الأضرار الاجتماعية ونقص التنمية في البلاد، وأردف: “بعض نتائج المسح من القيم والمواقف الإيرانية، التي نُشرت الموجة الرابعة منها في كانون الثاني/ ديسمبر 2023، تناولوا مسألة الثقة ورأس المال الاجتماعي. وبحسب هذا الاستطلاع، تصل نسبة عدم الثقة العامة إلى 81%. ومن ناحية أخرى، تبلغ نسبة عدم الثقة تجاه المؤسسات الحكومية نحو 50-60%، وتجاه وسائل الإعلام، بما في ذلك الإذاعة والتلفزيون، الصحف، المواقع الالكترونية الشبكات الافتراضية المحلّية والأجنبية وقنوات الأقمار الاصطناعية بين 60-70%.

من حيث مستوى الثقة لدى النقابات العمّالية، فإنّ الأطباء والأساتذة والمدرّسين في القمة، والسياسيين في أدنى مستوى من ثقة الجمهور. وأكمل معين: “الواقع اليوم في إيران هو أنّ المجتمع غارق في أزمات الفقر وعدم المساواة المنتشرة، واليأس الاجتماعي، خاصة بين الشباب، والشعور بالتمييز وانعدام الأمن، وانعدام حقوق المواطنة، وانتهاك حقوق الإنسان والعيش غير الآمن، والمدارس من حيث البيئة الأمنية وتآكل المباني وسوء نوعية التعليم، مما يفاقم الاضطرابات العقلية في هذه الحالة”.

واعتبر معين أنّ دور المنظّمات غير الحكومية في الدعم النفسي والاجتماعي لدعم الضعفاء والمصابين هو دور فعّال، وقال في هذا الشأن: “تعمل هذه المنظّمات على إنشاء شبكات اجتماعية، وتساعد في تقديم خدمات الصحة النفسية من خلال تقديم الاستشارة والتدريب والرعاية والوقاية من الأزمات للمتخصصين. يمكن للمتطوّعين المحليين أن يكونوا فعّالين. بالإضافة إلى ذلك، فإنّ زيادة الوعي العام والتعليم في مجال إزالة الوصمة، وتعزيز محو الأمية الصحية، والتثقيف في مجال الرعاية الذاتية والقدرة على الصمود هي عوامل يمكن أن تكون أيضًا جزءًا آخر من دعمهم. يتم تقديم الدعم في مجال إصلاح القانون، ودمج برامج خدمات الصحة العقلية في نظام الرعاية الأولية، والمساعدة في تعزيز حقوق المواطنة والأمن العقلي، مع الأخذ في الاعتبار دور المحدّدات الاجتماعية للصحة العقلية، مثل الفقر، عدم المساواة، التمييز والعنف”.

مجتمع مريض

بدوره تناول الطبيب النفسي أحمد علي نوربالا مسألة التدريب على المهارات في مدارس الدول المتقدّمة في حلقة “الصحة النفسية في المدرسة والجامعة”.

وعلى حد قوله، في كثير من الدول المتقدمة، إلى جانب الوعي والمعرفة، يتم تعليم مهارات لمن تتراوح أعمارهم بين 9 و24 سنة؛ كارتداء الملابس المناسبة، السير بشكل صحيح، الدراسة، إدارة الوقت، إدارة الغضب والنقد.

وأضاف نوربالا: “لا يتم تدريس العديد من هذه المهارات في المدارس. في حين يجب أن يتواجد فريق للصحة النفسية في كل منطقة تعليمية لتعليم هذه المهارات أيضًا للإداريين والمعلمين”، مؤكدًا أنّ المدارس حاليًا تسيطر عليها سلوكيات ممزوجة بالإثارة والغضب والحزن والكراهية.

من جهته، تحدث أستاذ القانون في جامعة الشهيد بهشتي رحيم نوبهار عن أهمية ضمان حقوق المواطنة في الأمن النفسي. وقال: “في خلفية عقولنا الإيرانية، يتم إهمال المجتمع وكرامته. إن المجتمع الذي يفتقر إلى المجال العام سوف يعاني بشدة. ومن الخطأ الكبير أن يعتقد الحكام بأنه بصرف النظر عن الأزمات، وحتى في ظل الظروف العادية، يمكن للحكومة أن تحل قائمة طويلة من المشاكل”.

وتابع: “إن مفهوم المواطنة الوسيطة يؤكد أيضًا على نفي الصراعات الطبقية أو السيطرة عليها. إنّ أي حكومة تدمّر الخصوصية والساحة العامة للشراكات تواجه مجموعة من المشاكل. وإذا أدرجنا قائمة طويلة من الحقوق المدنية، فإنّ كلّ واحدة منها تضمن جوانب من الصحة العقلية. وهذا المفهوم في حد ذاته يعزز الشعور بالانتماء والشعور بالهوية والتضامن. إنّ احترام العديد من هذه الحقوق وإعطاء سياق للمشاركة السياسية من شأنه أن يقلّل من الشعور بالانفصال عن المجتمع. إنّ ما يُعرف بالحق في الرفاهية في مجال حقوق المواطنة يخفّض الضغط النفسي ويحسّن نوعيّة الحياة. وإذا كان هناك حق في محاكمة عادلة، فإنّ ذلك يجلب أيضًا الأمن النفسي. فإذا عرف الناس أنّ التُّهم الموجهة إليهم سيتم التحقيق فيها في محكمة محايدة وعادلة، فإن ذلك يخلق شعوراً بالأمان. وحتى الحق في الوصول إلى المحكمة يجلب الشعور بالأمن والسلام والثقة بالنفس”.

وبحسب رأي نوبهار، النواة المركزية لحقوق المواطنين يعني الاعتراف بالحق في الأرض التي ولدوا فيها، وفي حين يتحدث الناس أحياناً بمنطق ديني، لكنهم يتجاهلون هذا الحق. وأردف: “إذا خلق الله إنساناً في أرض، أليس له الحق في هذه الأرض؟ وإذا كان يعتقد غير ذلك فهل نقول له إذهب؟ إلى أين يذهب؟ ألا يكفي أن يكون اسمنا على رأس قائمة الدول التي تُرسل المهاجرين؟ هذه الأرض هي ملكية مشتركة لأولئك الذين وُلدوا هنا. إنّ ضمان هذه الحقوق يخلق جانبًا من جوانب الصحة العقلية وانتهاكها يخلق مجموعة متنوعة من مشاكل الصحة العقلية. إن تهيئة الظروف بحيث لا يتمكن بعض المواطنين من العيش في مسقط رأسهم سوف يسبب العديد من المشاكل بما يتعلّق بالصحة العقلية. حرية الرأي والتعبير والتحرّر من الخوف والتحرّر من الفقر مدرجة في الإعلان العالمي لحقوق الإنسان. لا حرية مع الخوف. الحكومات تستطيع هزيمة المواطنين بسلاح الخوف”.

الشعور بعدم الأمان النفسي

عالم الاجتماع مقصود فراستخواه كان أحد المتحدثين في هذا المؤتمر. وفي ندوة “الأمن النفسي المدرسة والجامعة” أوضح جذور الشعور بعدم الأمان في المدرسة والجامعة، حيث قال: “الخطاب السائد والرسمي في تعليمنا يتمحور حول السلطة، مما يخلق نوعاً من السيطرة، لكنها ليست ذات معنى للمجتمع. وهذا الخطاب الرسمي يخلق شعورًا بعدم الأمان لدى جيل المستقبل. إنهم يواجهون ثلاثة أشكال من السيطرة والسلطة في النظام التعليمي؛ السوق والنظام الحكومي والبرنامج التعليمي”.

وعن أداء السوق في مجال التعليم، تابع فراستخواه: “يبلغ متوسط العمر في إيران 30 عامًا، ونتيجة لذلك، لا تزال لدينا مجموعات مهمة من الطلاب الذين يشعرون بعدم الأمان أمام السوق في هذه الأرض. السوق يطردهم ويقول إنه إذا لم تكن لديك القوة الشرائية، فلن تتمكّن من الوصول إلى مدرسة جيّدة والتعليم العالي الجيد والمقاعد الجامعية.. وصل مؤشر فجوة الفقر إلى أعلى مستوى له في عامي 2020 و 2021. وبحسب مؤشرات البنك الدولي وتقارير مركز أبحاث المجلس، خلال السنوات العشر الماضية، انخفضت حصة التعليم من إجمالي نفقات الأسرة إلى حدود 60%. الاستعداد لدفع تكاليف التعليم في إيران وفي الدراسات الاستقصائية، عادة ما يظهر أعلى مستوى من الثقة في المعلمين والأكاديميين. أدت هذه العملية إلى زيادة الفقر بين الأجيال. وهذا يعني أن فقري ينتقل إلى أطفالي ولا أستطيع تحسينهم من حيث رأس المال البشري. يجب أن يكون التعليم متساويًا، لكنّ التعليم في إيران ينتج عدم المساواة. ومن لا يملك القدرة على الشراء من السوق التعليمي عليه أن يتوجّه إلى سوق الجمعة التعليمي”.

النهج الأيديولوجي للتعليم

وتكلّم فراستخواه أيضًا عن تأثير الحكومة على نظام التعليم، حيث أضاف: “المدرسة جزء من نظام الحكومة. المدرسة جزء من الإدارة ولها منهج أيديولوجي من حيث الإدارة وطريقة الاختيار واختيار المعلّمين والسيطرة الموجودة على البيئة المدرسية وحياة الأطفال. في الخطاب الرسمي للتعليم في إيران، لا يتعلّم الطلاب السلام، بينما السلام يخلق الأمن. وبحسب تحليل محتوى وثائق سياسة التعليم، فإن أكثر ما يتكرّر في محتوى التعليم والجامعة هو التأثير والمؤامرة، والميدان يعني الحملة والقائد وتحييد المؤامرة والعدو. وفي تحليل النصوص الجامعية تظهر الهوية والعدو والقوة والدمار والفشل، وفي الواقع تظهر الخيالات السياسية؛ التخيّلات التي يتم تدريسها للطلاب في شكل أيديولوجي. وفي هذه الحالة فإنّ التفكير الحر الذي نشأ بسبب تقدمهم في العمر يجعلهم عدوانيين ويدعوهم إلى الصدام مع النظام التعليمي، فيصبحون متشائمين بشأن المستقبل والوطن”.

وأردف: “تعليمنا ينفّر ويخلق الاختلاف عن الآخر. فهو منذ بداية فترة التعليم الرسمي يحدد الآخرين للطلاب. الطقوس في التعليم تخلق انعدام الأمن النفسي للطلاب. وفي المدارس لا توجد علاقات دافئة وعاطفية، في حين أنها تصل إلى الوحدة عندما تصل المشاعر السامية فيها إلى تماسك قوي”.

حظر الوعي الجنسي

ووفقًا للمتحدث نفسه، فإن المدرسة التي يجب أن تزرع الخيال والمشاعر الإنسانية والسلام لدى الطلاب، تعلم نكران الآخر والقتال. هنا يقول: “الحياء له خطاب ذكوري في مجتمعنا؛ وهذا يعني أنّ المرأة يجب أن تتّسم بصفة الحياء تجاه الرجل. لقد تحوّلت هذه القضية إلى ضبط جنسي وخلقت حالة غير متوازنة في المجتمع.. في إيران، قاطعنا الوثائق الدولية التي تم تجميعها عن الجسد والوعي الجنسي. ما هو حجم الجهد الذي ينبغي بذله لإعادة التوازن لهذا المجتمع المهان والغضب المكبوت للأجيال المقبلة؟ لقد دمّرنا مستقبل هذه الأرض. لقد خلقنا الصدمة والشعور بالضحية، مما جعل هذا الجيل يشعر بالهزيمة ويفتقر إلى الأمن العقلي”.

واعتبر فراستخواه خطة النظام التعليمي في البلاد تبعث الإحساس بعدم الأمان لدى الطلّاب، وتابع: “الأسرة والطلاب في المدرسة يكرّرون النصوص والدروس ونوعًا من التعليم تحت سيطرة المعلّمين، والأساتذة ويشعرون بذلك. إنّ دخولهم إلى المتاحف أصبح تعليميًا، مع وجود تقنيات جديدة ومحدثة. في الخطوة الأولى، يأخذ التعليم الإبداع والتفكير ومتعة الاكتشاف من الطالب. يتعلّم الطلاب الحفظ الذي لا يؤدي إلى مهارات مزدهرة ومتقدّمة. بشكل عام، تدريبنا ليس مثيرًا”.

ولفت فراستخواه أيضًا إلى آخر إحصائيات مؤشر المعرفة العالمي: “تحتل إيران المرتبة 104 من أصل 154 دولة، وهي ليست فقط خلف المتوسّط العالمي، ولكن أيضًا خلف نظيراتها من الدول”.

وأردف: “لقد حققنا المرتبة 98 في مؤشر التعليم، والمرتبة 137 في مؤشر التعليم العالي. إلى أي مدى تمكّنّا من توفير بيئة تمكينية للأجيال المقبلة؟ وفي هذا المؤشر حصلنا على المرتبة 147، مما يعني أنّ المستقبل غير آمن لعيون أطفالنا”.

43% من سكان طهران مكتئبون

أما خبير علم الأوبئة السريرية علي رضا خوشدل، فقد ركّز على انتشار الاضطرابات النفسية في العالم وفي إيران، حيث قال: “وفقًا لإحصائيات عامي 2019 و2020 عن الانتشار العالمي لهذه الاضطرابات، فإنّ وضعنا من حيث الاكتئاب واضطرابات القلق ليس جيدًا، وواجهنا الكمّ الأكبر لهذه الأعراض بين الدول”.

وأشار خوشدل إلى ما يتم نشره من تقارير عن هذه الاضطرابات، وخاصة حالات الانتحار الآتية من إيران، وأضاف: “لا أعتقد بأنّ أحدًا يصدق هذا الموقف. أين مصادر بياناتنا عن الانتحار؟ منظمة الطب الشرعي؟ السقوط من ارتفاع لا يسمى انتحارًا في الطب الشرعي، لذا علينا تصحيح هذه المصادر”.

وبحسب الإحصائيات العالمية التي ذكرها خوشدل، فإنّ الأعمار من 18 إلى نحو 40 عامًا هم الأكثر عرضة لهذه الأمراض، وعالميًا تُعتبر حصة النساء من هذه الاضطرابات هي الأعلى، والمرض الأكثر انتشارًا هو الاكتئاب، يليه اضطرابات القلق. وأردف: “في البلدان ذات الدخل المختلف، يظلُّ العديد من المرضى من دون علاج. على سبيل المثال، 87% في البلدان المنخفضة الدخل و64% في البلدان الغنية”.

وأكد خوشدل أنّ هناك علاقة بين الفقر وقلّة الدخل وهذه الاضطرابات، وعلّق: “إذا فحصنا جميع الدول من حيث الناتج المحلّي الإجمالي وتواتر اضطرابات الصحة العقلية على الرسم البياني وتغيّراتها بين عامَيْ 1990 و2019، فإنّ هذه التغييرات تظهر اتجاهًا متزايدًا. في الدول الغنية، يتم اكتشاف هذه الاضطرابات بشكل أكبر، لكن وضع بلدنا أعلى بكثير مقارنة بجميع هذه المجموعات وأقرانها من حيث الناتج المحلي الإجمالي، حيث يشهد نموًّا كبيرًا من حيث التكرار وعبء المرض والنمو مع مرور الوقت. نحن من الدول التي لديها سياسة للصحة النفسية، لكن أين ننفّذها؟ ومن يدري وإلى أي مدى تمكّنّا من تخفيف عبء هذه الأمراض”؟

وبحسب خوشدل، فإنّ عدد الأطبّاء النفسيين العاملين في إيران في عام 2011 كان يتراوح بين واحد وأربعة أطباء نفسيين لكل 100 ألف شخص، وهو ما قد يكون أسوأ قليلاً بالنظر إلى إحصائيات هجرة الأطبّاء النفسيين وعلماء النفس الذين غادروا أو ليسوا متاحين للشعب.

إحصائيات عالية للاضطراب النفسي لدى طلاب الطب

ولفت خوشدل إلى دراسة الاضطرابات في الجامعات الإيرانية، وقال: “لا توجد دراسات مناسبة عن حالة الصحة النفسية في الجامعات الإيرانية، ولكن تم إجراء العديد من الدراسات، وبحسب إحداها، فإنّ نسبة الاضطرابات في مجتمع الدراسة بلغت 19.5%، ومن مميزاتها العلاقة العكسية مع دخل الأسرة. وكلما ارتفع دخل الأسرة، قلت مشاكل الصحة العقلية لدى الطلاب. وفي همدان، أجريت دراسة أخرى على 175 طالباً، حيث بلغت نسبة هذه الاضطرابات في مجتمع الدراسة 19.4%، وكانت أكثرها لدى النساء. من ناحية أخرى، بلغت هذه الإحصائية 77% بين الطلاب الذين تم قبولهم في جامعتَيْ شاهد وإيسارغر. وكان الطلاب الذين لم يكن لدى آبائهم وظيفة أكثر عرضة للإصابة بالاضطرابات العقلية بنسبة 3.5 مرات. وفي دراسة أخرى أجريت في جامعة آزاد على الطلّاب الذين التحقوا بالجامعة في عام 2022، كان 37% منهم من المجموعة الطبيعية، والباقي لديهم درجة معيّنة من الاضطرابات، وكان طلاب الطب أيضًا أكثر عرضة للاضطرابات العقلية”.

جاده ايران تلغرام
للمشاركة: