الجادّة: طريقٌ في اتجاهين
قراءة طويلة1 يناير 2024 10:34
للمشاركة:

إيران 2023.. عام الانفتاح والاتفاقیات والتحالفات الاقتصادية؟

شهد عام 2023 انضمام إيران إلى عدد من المنظّمات والتكتّلات الدولية والإقليمية، وخاصة التحالفات الاقتصادية. وربّما كانت أوّل هذه التحرّكات هي المصالحة الإيرانية – السعودية، بمبادرة من الشريك التجاري الأكبر لإيران، الصين، في شهر آذار/ مارس 2023، وهو وفق ما تتنبأ المؤشرات الاقتصادية سيكون له تأثير طويل الأمد على واقع اقتصاد البلاد.

إيران 2023.. عام الانفتاح والاتفاقیات والتحالفات الاقتصادية؟ 1

كما شهد شهر تموز/ يوليو 2023 انضمام إيران إلى منظّمة “شنغهاي” للتعاون، والتي تتمتّع بأهمية جغرافية واقتصادية، لأنّ الدول الأعضاء فيها تمثل نحو 30% من الناتج المحلّي الإجمالي العالمي، كما تضم نحو 40% من سكان العالم، حيث تجمع الهند، كازاخستان، الصين، قرغيزستان، روسيا، باكستان، طاجيكستان وأوزبكستان كأعضاء كاملي العضوية. وقبلت هذه المجموعة إيران عضوًا تاسعًا فيها. وفي شهر آب/ أغسطس 2023، انضمّت إيران إلى مجموعة “بريكس”، التي تجمع البرازيل، روسيا، الصين، الهند وأفريقيا الجنوبية، وهو ما سيحمل نتائج جيّدة بالنسبة للاقتصاد الإيراني والتبادلات التجارية فيه.

وفي شهر أيلول/ سبتمبر 2023، أعلنت كوريا الجنوبية الإفراج عن أصول إيرانية بقيمة ستة مليارات دولار، وذلك بعد صفقة أميركية – إيرانية بوساطة قطرية لتبادل السجناء. وكانت هذه الأموال قد جُمِّدت في كوريا الجنوبية، التي تُعَدُّ واحدة من أكبر عملاء النفط الإيراني، بسبب العقوبات الأميركية. وبموجب الصفقة، تقرّر أن تودِعَ المليارات الستة في بنوك قطرية، على أن تستخدمها طهران في تمويل السلع غير الخاضعة للعقوبات الأميركية، مثل الغذاء والدواء، وكان لهذا الخبر تأثير كبير على الوضع الاقتصادي داخل إيران.

واختتمت إيران عام 2023 بالتوقيع على اتفاقية التجارة الحرة مع دول أوراسيا، التي تضم روسيا، بيلاروسيا، كازاخستان، قيرغيزستان وأرمينيا. وبتوقيع هذه الاتفاقية، سيمرّ نحو 87% من صادرات السلع الإيرانية من دون رسوم جمركية في الدولة المذكورة، وفي المقابل، ستمرّ صادرات هذه الدول إلى إيران بنفس الطريقة. كما وقّعت إيران العديد من اتفاقيات التبادل التجاري مع كل من تركمنستان، الهند، سوريا، أوزبكستان، طاجیکستان والعراق.

التجارة البينية

أما من ناحية الأرقام، لعلّ التجارة بين إيران والولايات المتحدة كانت أبرز ما يمكن الإشارة إليه، فرغم العقوبات التي تفرض على الاقتصاد الإيراني، أورد مكتب الإحصاء الأميركي أنّ تجارة البلاد مع إيران بلغت 44.4 مليون دولار خلال الأشهر العشرة من عام 2023. وخلال هذه الفترة، واجهت التبادلات التجارية بين البلدين انخفاضًا بنسبة 4%، مقارنة بالفترة نفسها من العام السابق. حيث جرى خلال الأشهر العشرة من عام 2022 تبادل بضائع بقيمة 46.5 مليون دولار بين البلدين. ووفقًا لهذا التقرير، زادت الصادرات الأميركية إلى إيران في الأشهر من كانون الثاني/ يناير إلى تشرين الأوّل/ أكتوبر من هذا العام، لكن واردات البلاد من إيران انخفضت.

وخلال هذه الفترة، صدَّرت الولايات المتحدة بضائع بقيمة 42.8 مليون دولار إلى إيران، وهو ما يمثل زيادة بنسبة 20% مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي. وكانت الولايات المتحدة قد صدَّرت بضائع إلى إيران بقيمة 35.6 مليون دولار في الأشهر من كانون الثاني/ يناير إلى تشرين الأوّل/ أكتوبر 2022، لكنّ واردات الولايات المتحدة من إيران تراجعت بنسبة 85% خلال الأشهر العشرة من العام الجاري ووصلت إلى 1.6 مليون دولار. وفي الفترة نفسها من العام الماضي، بلغت قيمة الواردات الأميركية من إيران 10.9 ملايين دولار.

وفي الشهر العاشر من عام 2023، بلغت قيمة الصادرات الأميركية إلى إيران 3.9 ملايين دولار، فيما بلغت وارداتها من إيران 0.1 مليون دولار فقط. وصدَّرت الولايات المتحدة بضائع بقيمة 4.3 ملايين دولار إلى إيران في تشرين الأوّل/ أكتوبر من العام الماضي، ولم تستورد أي بضائع من إيران. واحتلّت إيران المرتبة 177 بين وجهات التصدير الأميركية، كما احتلّت المرتبة 206 من حيث توريد السلع التي تحتاج إليها الولايات المتحدة.

الإحصاءات الرسمية

وكان البنك الدولي قد توقع تسجيل الاقتصاد الايراني نموًّا بنسبة 4.1% في سنة 2023. جاء ذلك في تقرير للبنك عن الوضع الاقتصادي لمنطقة غرب آسيا وشمال أفريقيا، وكان تقرير البنك الدولي في العام الماضي قدّر نموّ الاقتصاد الإيراني بنسبة 3.8% في سنة 2022. وفي السياق، أورد التقرير أنّ “البنك المركزي الإيراني توقّع تسجيل معدّل التضخم بنسبة 42.6% في سنة 2023، هبوطًا من 46.5% في 2022، مع توقّعه بلوغ نسبة 35.8% في عام 2024”.

أما البنك المركزي الإيراني فقد أعلن في تقريره الأخير عن النمو الاقتصادي في النصف الأول من عام 2023، أي بارتفاع النمو الاقتصادي في الأشهر الستة الأولى من العام الجاري مقارنة بنفس الفترة من العام الماضي. وبحسب هذا التقرير، فإنّ أعلى معدل نمو لمكوّنات تكلفة الناتج المحلي الإجمالي في النصف الأول من العام الحالي كان مرتبطا بـ “صادرات السلع والخدمات”، وأقلها يتعلق بـ “واردات السلع والخدمات”.

ووفق أحدث إحصاءات الناتج المحلي الإجمالي (بأسعار السوق مع سنة الأساس 2016) التي نشرها البنك المركزي الإيراني، فقد بلغ النمو الاقتصادي في النصف الأول من العام الجاري 5.1%، أي بزيادة قدرها 2.4% مقارنة بنفس الفترة في العام الماضي. بمعنى آخر، يمكن القول إنّ الناتج المحلي الإجمالي للبلاد شهد زيادة بنسبة 5.1% في النصف الأول من هذا العام مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي. وبالمرور على الناتج المحلي الإجمالي وفق طريقة التكلفة خلال الفترة المذكورة أعلاه، يتبيّن أنّ الاستهلاك النهائي للقطاع الخاص في النصف الأول من عام 2023 ظل من دون تغيير مقارنة بالنصف الأول من عام 2022. ويعادل نمو استهلاك القطاع الخاص في هذه الإحصاءات 5.9%.

والقسم الآخر الذي تم ذكره في تحليل الإنتاج بطريقة التكلفة هو الإنفاق الاستهلاكي النهائي في القطاع العام. وكانت هذه الإحصائية سالبة بنسبة 7.9% في النصف الأول من العام الماضي، ثم أصبحت إيجابية 0.9% في النصف الأول من العام الحالي بعد العديد من التغييرات. واستنادًا إلى هذه الإحصاءات، فإنّ نمو إجمال تكوين رأس المال الثابت في إيران صاحبه أيضا ارتفاع جزئي. ويُظهر تقرير البنك المركزي الإيراني أنّ نمو إجمال تكوين رأس المال الثابت في البلاد وصل إلى 4.5% في نفس الفترة من العام الحالي، مقارنة بـ 3% في الأشهر الستة الأولى من العام الماضي. واختتمت دراسة نمو مكوّنات تكلفة الإنتاج الإجمالي في النهاية بصافي التبادل التجاري الإيراني مع الدول الأجنبية. وفي هذه الإحصائية، يعود أعلى معدل نمو بين مكوّنات تكلفة الإنتاج إلى “صادرات السلع والخدمات”، وأدنى معدل نمو إلى “واردات السلع والخدمات”.

وبناء على ذلك، بلغ نموّ “صادرات السلع والخدمات” في النصف الأول من العام الماضي 6.8%، وارتفع إلى 23% في النصف الأول من العام الجاري، ليستقر في أعلى مستوى نمو في التكلفة. وعلى الجانب الآخر، هناك “واردات السلع والخدمات” التي حققت نموًّا بنسبة 14.1% في النصف الأول من العام الماضي، إلا أنّ هذا النمو انخفض إلى 0.6% في النصف الأول من العام الحالي.

أما على مستوي التضخم، فقد أدى ارتفاع أسعار المواد الغذائية وتكاليف بناء المساكن إلى ارتفاع معدل التضخم إلى 46.7% في الأشهر الثمانية الأولى من عام 2023، لكنّ انخفاض التوقعات التضخمية واستقرار سعر الصرف ساعدا على خفض التضخم الشهري، ورافق ذلك حصول إيران على احتياطيّاتها من العملات الأجنبية في الخارج، مما خفّف الضغط على سعر الصرف، كما ساعدت الزيادة الأخيرة في صادرات النفط على خفض عجز الموازنة وتحسين رصيد الحساب الجاري. وكان البنك المركزي الإيراني قد توقّع تسجيل معدّل تضخم بنسبة 42.6% في سنة 2023، هبوطًا من 46.5% في 2022، وسط توقعه بلوغ 35.8% في عام 2024.

وفي النصف الأول من عام 2023، كانت إيرادات النفط أقل من الرقم المتوقع في الموازنة. وقامت الحكومة بتحديد أولويات نفقاتها استجابة لذلك. ومع بداية الربع الثالث من العام 2023، وصلت صادرات النفط إلى أعلى مستوى لها منذ إعادة فرض العقوبات الأميركية في 2018. وأظهرت بيانات كبلر، وهي شركة مزوِّدة لبيانات تدفّق شحنات النفط، أنّ صادرات النفط الخام الإيرانية تجاوزت 1.5 مليون برميل يوميًا في أيار/ مايو، وهو أعلى مستوى شهري منذ 2018، حيث كانت الصادرات 2.5 مليون برميل يوميًا في 2018 قبل انسحاب الولايات المتحدة من الاتفاق النووي.

إلى ذلك، رجًح البنك المركزي الإيراني تسجيل معدّل نمو في قطاع النفط بنسبة 15% في السنة المالية الجارية التي تنتهي وفق التقويم الإيراني في 20 آذار/ مارس 2024.

وفي ما يخصّ سعر صرف الريال الإيراني مقابل الدولار، شهد العام 2023 انخفاض قيمة الريال الإيراني بمقدار 25%، حيث كان سعر الصرف مطلع العام ما يقارب 402000 ريال مقابل كل دولار، بينما وصل هذا السعر إلى ما يقارب 501000 ريال في هذه الأيام، في حين كان انخفاض قيمة الريال الإيراني مقابل الدولار 45% في العام 2022.

من ملف: عام 2023.. زلازل وطوفان

جاده ايران تلغرام
للمشاركة: