الجادّة: طريقٌ في اتجاهين
قراءة طويلة14 نوفمبر 2023 12:50
للمشاركة:

حرب غزة.. هل انتهى زمن إدارة الأزمة مع إيران وحلفاءها؟

"تستخدم روسيا طائرات إيرانية من دون طيار ضد أوكرانيا منذ أكثر من عام، مما يضع الدفاعات الجوية الأوكرانية والبنية التحتية المدنية تحت الضغط. وتساعد طهران أيضًا موسكو بنشاط في بناء القدرة المحلية على إنتاج الطائرات المسيّرة، مما يحتمل أن يمكّن روسيا من صنع أكثر من 6000 طائرة مسيّرة هجومية جديدة بحلول صيف عام 2025. ولا تشكل هذه الطائرات تهديدًا لأوكرانيا فحسب، بل لكل دول الناتو المتاخمة لروسيا". هذا ما يحذّر منه الكاتب هنريك راسموسن، الذي يضيف في مقال له على موقع "بوليتيكو" أنّ إسرائيل بات لديها توجه أن تواجه حركة "حماس" للأبد بعد أن اتبعت سياسة إدارة الأزمة معها وليس التوصل إلى حل، على حد تعبيره.

في ما يلي الترجمة الكاملة للمقال:

كشفت الهجمات التي شنّتها “حماس” ضد إسرائيل في السابع من تشرين الأول/ أكتوبر عن حقيقة غير مريحة بالنسبة للغرب: ألا وهي أنّ التهديد الذي يفرضه التطرّف الإسلامي لا يزال حقيقياً كما كان دائماً.

لقد أثبتت الجهود الطويلة التي بذلتها الولايات المتحدة وأوروبا وإسرائيل “لإدارة” المشاكل الأمنية في المنطقة بدلاً من حلّها فشلاً ذريعاً. ويُعَدُّ النهج الذي تتبعه إسرائيل في “قص العشب” من حين لآخر مع شنّ غارات محدودة ضد الإرهابيين في غزة المثال الأكثر إلحاحًا لسياسة لم تعد قابلة للتطبيق.

وبالتالي، يتعيّن على إسرائيل، لكي تتمكّن من حماية مواطنيها، أن تتعامل الآن مع “حماس” إلى الأبد. ويتعيّن على الولايات المتحدة وأوروبا، أن تمنحا إسرائيل كل الدعم الذي تحتاجه للقيام بذلك، وهذا يشمل ممارسة الضغوط الدبلوماسية لحرمان “حماس” من الملاذ في أماكن مثل تركيا وقطر.

وعن دور إيران، يقول راسموسن:

“خلف حماس، يكمن تهديد وجودي أكبر بكثير لإسرائيل، وهو أيضًا تهديد مباشر لأمن الغرب بشكل عام – ألا وهو إيران.

فالنظام الإيراني، الذي يدعم “حماس” ولا يبدو أنه يفوّت أيّ فرصة للدعوة إلى “الموت لإسرائيل” أو “الموت لأميركا”، يواصل طريقه نحو الأسلحة النووية. وبينما قد تكون الهتافات المنذرة بالخطر في طهران أكثر تركيزًا على الولايات المتحدة، فإنّ أوروبا أكثر عرضة نسبيًا لصواريخ إيران وطائراتها المسيّرة وحلفائها وتهديداتها لإمدادات النفط والغاز.

وقد أثرت الإجراءات العدائية التي اتخذتها البلاد بشكل مباشر على أوروبا بالفعل. تنشر روسيا طائرات إيرانية من دون طيار ضد أوكرانيا منذ أكثر من عام، مما يضع الدفاعات الجوية الأوكرانية والبنية التحتية المدنية تحت الضغط. وتساعد طهران أيضًا موسكو بنشاط في بناء القدرة المحلية على إنتاج الطائرات المسيّرة، مما يحتمل أن يمكّن روسيا من صنع أكثر من 6000 طائرة مسيّرة هجومية جديدة بحلول صيف عام 2025. ولا تشكل هذه الطائرات تهديدًا لأوكرانيا فحسب، بل لكل دول الناتو المتاخمة لروسيا”.

ويتابع: “علاوةً على ذلك، هناك الخطر الاقتصادي الشديد الذي يشكله موقف إيران التهديدي ودعمها لجماعات في جميع أنحاء الشرق الأوسط ضد أوروبا.

أدت هجمات 7 تشرين الأول/ أكتوبر إلى قيام إسرائيل بإغلاق الإنتاج في حقل تمار للغاز في البحر الأبيض المتوسط، لأنه يقع ضمن نطاق الهجمات الصاروخية من غزة، مما أدى بدوره إلى ارتفاع فوري في الأسعار في أوروبا. تتضاءل أهمية هذا الارتفاع في الأسعار مقارنة بالآثار الاقتصادية المحتملة للتصعيد من قبل وكلاء إيران الآخرين – مثل حزب الله في لبنان أو الحوثيين في اليمن – ناهيك عن أي محاولة من جانب إيران نفسها لإغلاق مضيق هرمز، حيث يمرّ أكثر من خُمس إمدادات النفط العالمية.

ولا تستطيع أوروبا أن تتجاهل العداء الأيديولوجي الشديد الذي يبديه النظام الإيراني ضد القيم الغربية الأساسية، مثل حرية التعبير والتسامح الديني وحقوق المرأة. من خلال الهتاف العلني للهجوم الذي وقع العام الماضي على المؤلّف سلمان رشدي ــ وتنفيذ عمليات اختطاف واغتيال معارضين في أوروبا والولايات المتحدة، فإنّ استهداف النظام الإيراني لأفراد محددين سوف يكون له تأثير مروّع على ثقافة حرية التعبير لدينا إذا سُمح لها بالاستمرار”.

وعن وضع إيران النووي، يضيف راسموسن:

“وأخيرا، فإنّ حيازة سلاح نووي مقترن بتكنولوجيا الصواريخ المتقدّمة لإيصاله إلى الهدف من شأنه أن يمكّن النظام الإيراني ويشجّعه على رفع حدة التوتر، مما يشهر تهديدًا نوويًا ليس فقط ضد إسرائيل، بل ضد أوروبا أيضاً.

وأصبحت إيران الآن أقرب من أي وقت مضى إلى بناء سلاح نووي. وتشير تقديرات ديفيد أولبرايت، زميلي في معهد العلوم والأمن الدولي، إلى أنّ إيران قادرة على بناء سلاح نووي خام في ستة أشهر فقط، في حين أنّ الوقت المقدر الذي تحتاجه لبناء البنية الأساسية للأسلحة النووية الصاروخية المنتجة بكميات كبيرة هو عامان.

كان الاتفاق النووي لعام 2015 مع إيران ــ خطة العمل الشاملة المشتركة ــ بمثابة محاولة الغرب “لإدارة” هذا التهديد النووي وتجنّب حدوث أزمة كبرى. لكن الصفقة كانت مبنية على افتراض مفاده بأنّ النظام الإيراني كان لاعبًا عقلانيًا، وعرضة لمزيج مناسب من الجزرة والعصا. وقد دحض دعم إيران لهجمات “حماس” على إسرائيل هذا الافتراض.

إنّ الحوافز الاقتصادية لن تتغلّب على التعصب الأيديولوجي الذي يحرّك علماء الدين في طهران، وهذا يترك إسرائيل وأوروبا والولايات المتحدة أمام خيار واحد فقط: نهج “العصا فقط” الذي يزيد من الضغط العسكري والاقتصادي والدبلوماسي على إيران”.

ويشجّع الكاتب أوروبا على زيادة مواجهتها مع إيران، حيث يقول:

“وفي حين أنّ الولايات المتحدة وإسرائيل في وضع أفضل من أوروبا للتعامل مع إيران عسكرياً، فإنّ الأخيرة الأوروبية تمتلك قوة كبيرة للضغط على إيران اقتصادياً ودبلوماسياً.

باعتبارها طرفًا في خطة العمل الشاملة المشتركة، تتمتّع فرنسا وألمانيا والمملكة المتحدة بالقدرة على تفعيل “العودة السريعة”، واستعادة نظام عقوبات الأمم المتحدة قبل خطة العمل الشاملة المشتركة ضد إيران.

والأهم من ذلك، إنّ مثل هذه العودة من شأنها أن تعيد فرض الحظر الصاروخي المفروض على البلاد والذي انتهى في تشرين الأول/ أكتوبر، مما يمنع روسيا وغيرها من مساعدة إيران بشكل قانوني في تطوير الصواريخ المتقدمة. كما أنه سيعرّض للخطر دعم إيران لبرنامج الطائرات من دون طيّار الروسي.

علاوة على ذلك، فإنّ إعادة فرض العقوبات من شأنها أن تمهّد الطريق لفرض عقوبات أوروبية معوّقة على قطاعات الشحن والبنوك والطاقة في إيران، والتي كان الكثير منها قائمًا قبل خطة العمل الشاملة المشتركة.

ويمكن بعد ذلك الجمع بين مثل هذه العقوبات مع قرار تصنيف الحرس الثوري الإسلامي والقيادة السياسية لحزب الله اللبناني، وهو ما من شأنه أن يؤدي بعد ذلك إلى مواءمة السياسة الأوروبية والأميركية.

من جانبهم، قدّم المشرّعون الأميركيون مؤخّرًا ما وُصف بأنه “أشد حزمة عقوبات على إيران اقترحها الكونغرس على الإطلاق”. ومن شأن اتخاذ تدابير أوروبية مماثلة أن تساعد في التصدي للتهديد الذي تفرضه إيران، كما أنها تشكّل أيضاً إشارة إيجابية إلى الوحدة عبر الأطلسي والتضامن مع إسرائيل، في وقت يبذل فيه خصومنا قصارى جهدهم لكسر الغرب”.

جاده ايران تلغرام
للمشاركة: