الجادّة: طريقٌ في اتجاهين
قراءة طويلة25 أكتوبر 2023 07:08
للمشاركة:

رغم عدم إحياءه.. إيران تقطف ثمرة أخرى للاتفاق النووي

في 18 تشرين الأوّل/ أكتوبر الجاري، حلَّ موعد بند غروب آخر خاص بالاتفاق النووي، وبموجبه تُلغى العقوبات الأممية المفروضة على إيران في مجال التسليح الصاروخي.

وطبقًا للاتفاق النووي، سُمِّيَ هذا اليوم يوم الانتقال، إذ من المقرر أن تلغي الأمم المتحدة القيود المفروضة على البحث والتطوير وإنتاج الصواريخ الباليستية الإيرانية، وتصدير واستيراد التكنولوجيات الخاصة بالصواريخ والطائرات المسيرة، وإيران في مقابل ذلك، من المقرر أن تعرض على برلمانها – تمهيدًا للتصديق عليه – البروتوكول الإضافي الذي يسمح للوكالة الدولية للطاقة الذرية القيام بعمليات تفتيش ورقابة أكثر على البرامج النووية الإيرانية.

وعلى هذا الأساس، كان يتعيّن أن ينشر المدير العام للوكالة الدولية تقريره الثاني الخاص قبل 18 تشرين الأوّل/ أكتوبر، أي اليوم الذي تُرفع فيه العقوبات الخاصة بالتسليح الصاروخي لإيران طبقًا لمضمون الاتفاق النووي. ووفقًا للاتفاق، سيتبع نشر هذا التقريرَ التزامٌ من إيران، وهو تصديق البرلمان الإيراني رسميًا على تنفيذ البروتوكول الإضافي.

تاريخ العقوبات

يعود فرض قيود وعقوبات تسليحية على إيران في مجلس الأمن الدولي إلى العام 2008، عندما اشتدّت أزمة الملف النووي الإيراني. في هذه الفترة، ربطت الولايات المتحدة والدول الأوروبية الأنشطة العسكرية والصاروخية لإيران بالملف النووي الإيراني.

بعد ذلك، أقرّت هذه الدول سلسلة من عقوبات مجلس الأمن في الأبعاد المختلفة الاقتصادية والعسكرية والبنكية على طهران. وكان من أهم القرارات الأممية التي كانت تشمل قيودًا عسكرية وتسليحية، بالإضافة إلى العقوبات الاقتصادية والتقنية: القرار رقم 1803 (3 آذار/ مارس 2008)، القرار رقم 1835 لمجلس الأمن (27 أيلول/ سبتمبر 2008) والقرار الأممي رقم 1887 لمجلس الأمن (24 أيلول/ سبتمبر 2009).

ارتبطت هذه العقوبات بدايةً بحظر شراء وبيع الأسلحة التقليدية من وإلى إيران، لكنها انسحبت تدريجيًا نحو القدرات الصاروخية، إلى أن بلغت ذروتها من خلال القرار الأممي 1929 في أيار/ مايو 2010.  إذ بموجب الفقرة 8 من هذا القرار، ألزم مجلس الأمن كافة الدول بمنع شراء أو بيع أو نقل – سواء مباشرة أو غير مباشرة – دبّابات قتالية، مركبات مدرّعة قتالية، مدافع من العيار الثقيل، طائرات مقاتلة، مروحيّات هجومية خاصة، سفن حربية، صواريخ، منظومات صواريخ أو المواد المتعلّقة بهذه الأسلحة، بما في ذلك قطع الغير. هذه العقوبات، بجانب جميع العقوبات أحادية الجانب من الولايات المتحدة وأوروبا، ألقت بضغوط مضاعفة على إيران حتى وصلت المفاوضات الموسّعة النووية مع دول 5+1 إلى نتيجة إيجابية.

أبرز نقاط رفع العقوبات الأممية

ونلفت هنا إلى عدد من النقاط بخصوص إلغاء عقوبات التسليح على إيران. أوّلًا، تم إلغاء أهم جزء من العقوبات المتعلّق ببرنامج الصواريخ الباليستية.

النقطة الثانية، وهي أنه أثيرت في البند غير الملزم لإيران بالامتناع عن العمل على الصواريخ القادرة على حمل رؤوس نووية، قيود بشأن تصنيع وإنتاج الصواريخ ذات القدرة على حمل رأس حربي. ولن يكون أمام إيران أي قيود بموجب إلغاء العقوبات بشأن هذا النوع من الصواريخ.

ثالثًا، لن يكون أي طرف دولي مجبرًا على الحصول على تصريح من مجلس الأمن قبل شراء أو نقل صواريخ أو مسيّرات أو تقنيّات عسكرية إيرانية إليه، على عكس ما كان عليه الأمر سابقًا.

رابعًا، جميع هذه القيود ألغيت تلقائيًا بعد 18 تشرين الأوّل/ أكتوبر، كما أنّ العقوبات ستُحذف من موقع الأمم المتحدة مالم يعارض ذلك مجلس الأمن.

إبقاء العقوبات الأوروبية وفرض عقوبات جديدة

جاء انتهاء عقوبات التسليح الدولية ضد إيران في ظروف اتّخذت فيها الدول الأوروبية موقفًا واحدًا برفض قبول إلغاء العقوبات الأممية، حيث أعلن المجلس الأوروبي الثلاثاء 17 تشرين الأوّل/ أكتوبر عن إبقائه العقوبات الصاروخية والتسليحية للأمم المتحدة ضد إيران.

وجاء في خبر سابق لوكالة “روتيرز”، بتاريخ 29 حزيران/ يونيو، نقلًا عن أربعة مصادر استخباراتية، أنّ دبلوماسيين أوروبيين أبلغوا إيران إنهم ينوون الإبقاء على عقوبات الصواريخ الباليستية للاتحاد الأوروبي، والتي من المقرر أن تنقضي بموجب الاتفاق النووي في تشرين الأوّل/ أكتوبر، مبررين ذلك باستخدام روسيا لمسيّرتت إيرانية ضد أوكرانيا، واحتمالية نقل الصواريخ الباليستية الإيرانية إلى روسيا، وحرمان إيران من مزايا الاتفاق النووي في ظلّ انتهاك طهران له.

وعلى الرغم من أنه من غير المعروف ماذا سيكون رد فعل إيران على هذه الخطوة، لكنّ الأمر يذكّر مجدّدًا تعتبر بوفاة الاتفاق النووي.

وفي ظلّ إلغاء إيران لتصاريح ثمانية مفتشين تابعين للوكالة الدولية للطاقة الذرية، في أعقاب بيان منسّق السياسة الخارجية للاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل في 14 أيلول/ سبتمبر، وذلك في إطار الرد على مزاعم ألمانيا وفرنسا وبريطانيا، فإن هناك احتمالية أيضًا لأن يكون إلغاء أنشطة مفتشي الوكالة في إيران بداية لسلسلة من ردود الأفعال الإيرانية تجاه عدم إلغاء العقوبات.

كما أعلنت أستراليا عن فرضها عقوبات على 19 شخصًا و57 كيانًا إيرانيًا لدورهم في البرنامجين الصاروخي والنووي الإيرانيين.

كذلك أعلنت الولايات المتحدة عن فرضها عقوبات على 11 شخصًا وثماني شركات وسفينة واحدة بتهمة توفير المساعدة لبرامج إيران للصواريخ الباليستية والطائرات المسيّرة.

نهاية صورية أم انجاز كبير لإيران

على الرغم من رفع جميع عقوبات التسليح الأممية المفروضة على إيران تلقائيًا بموجب الاتفاق النووي، إلا أنّ الولايات المتحدة وأوروبا غير مستعدّتين لقبول هذا الأمر، خاصة بما يتعلّق بالبرنامج الصاروخي.

مع ذلك، فإنّ العقوبات التي تفرضها أوروبا والولايات المتحدة تتميّز بأحاديّتها بعد رفع العقوبات الأممية، وهو ما أكدته وزارة الخارجية الروسية في بيان أصدرته الثلاثاء 17 تشرين الأوّل/ أكتوبر قالت فيه إنّ الإمدادات من وإلى إيران بالمنتجات الخاضعة لنظام مراقبة تكنولوجيا الصواريخ لم تعد تتطلّب موافقة مسبقة من مجلس الأمن الدولي.

وحضَّت موسكو الاتحاد الأوروبي على إسقاط عقوباته التي رأت فيها محاولة لتسوية حسابات سياسية مع طهران، مشيرةً إلى أنه ليس لها آثار على الدول الأخرى التي تتعامل وفقًا للقانوني الدولي والتزاماتها بالاحترام الواجب.

جاده ايران تلغرام
للمشاركة: