الجادّة: طريقٌ في اتجاهين
قراءة طويلة8 أكتوبر 2023 23:32
للمشاركة:

الأتلانتيك: الهجوم على إسرائيل كان رسالةً من إيران

"سوف تظلّ حماس وإيران تلوّحان إلى الأبد بصور أعمال العنف التي وقعت بالأمس، باعتبارها رموزاً للقوة المكتشفة حديثاً: حيث يتم سحب القادة الإسرائيليين من ثكناتهم وهم يرتدون سراويل داخلية قصيرة، وحيث تقوم الجرّافات الفلسطينية بهدم معبر إيريز، ومسلحو حماس يستعرضون الدبابات الإسرائيلية". 

هذا ما قالته الكاتبة كيم غطّاس عن الهجوم الفلسطيني الأخير على إسرائيل، مؤكدًة في مقال لها على موقع “أتلانتيك” أنّ هذا الهجوم ما كان ليتم لولا الدعم من إيران وحزب الله، غير مستبعدًا في الوقت ذاته أن يوقف مسيرة التطبيع بين السعودية وإسرائيل. في ما يلي ترجمة ما جاء في المقال.

ترجمة رأفت حرب

اعتبرت غطاس أنّ “هجوم حماس ضد إسرائيل لا يشكّل فشلاً استخباراتياً وعسكرياً إسرائيلياً هائلاً (فضلاً عن فشل استخبارات الولايات المتحدة) فحسب، بل إنه يشكل أيضاً نجاحاً درامياً لمحور المقاومة الإيراني من اليمن إلى غزة”. موضحًا أنّ “العملية المتقنة والمتعددة الجوانب والتي استغرقت يومًا كاملاً، والتوغّل في إسرائيل نفسها، والتي تضمنت استخدام المظلّات والطائرات المسيّرة وأخذ الرهائن، تطلّبت أشهرًا من التخطيط والتدريب بوسع إيران وحزب الله فقط توفيرهما”.

وتنقل الكاتبة: “في وقت متأخر من أمس، قال متحدث باسم حماس في حديث ما “بي بي سي” إن الدعم الإيراني للهجوم كان مصدر فخر”.

وفي طهران، أمس، هتف أعضاء البرلمان “الموت لإسرائيل”. وألقى زعيم حماس، إسماعيل هنية، خطاباً متلفزاً حذّر فيه الدول العربية من أنّ إسرائيل لا تستطيع حمايتها – وهذا برأي غطاس تهديد واضح ضد الدول التي وقّعت على اتفاقيات إبراهيم، مثل الإمارات العربية المتحدة والمملكة العربية السعودية، التي تدرس تطبيع العلاقات مع إسرائيل.

وقال قائد الجناح المسلح لحركة حماس محمد الضيف إن تحرك جماعته سيضع أخيرًا حدًا للغارات الجوية الإسرائيلية ضد أصول إيران وحزب الله في سوريا.

وتابعت غطّاس: “سوف تظلّ حماس وإيران تلوّحان إلى الأبد بصور أعمال العنف التي وقعت بالأمس، باعتبارها رموزاً للقوة المكتشفة حديثاً: حيث يتم سحب القادة الإسرائيليين من ثكناتهم وهم يرتدون سراويل داخلية قصيرة، وحيث تقوم الجرّافات بهدم معبر إيريز، ومسلحو حماس يستعرضون الدبابات الإسرائيلية”.

وأضافن الكاتبة: “بالنسبة للمدنيين الفلسطينيين الذين يعيشون تحت الحصار في غزة، أو الذين يعانون من الاحتلال في الضفة الغربية، فإن التغلّب على الجيش الإسرائيلي الجبار قد يجلب بعض الارتياح. وسوف يتذكرون كيف تم سحب الفلسطينيين، بما في ذلك الصبية القاصرين، من منازلهم في منتصف الليل من قبل الجنود الإسرائيليين. لكنهم سيشاهدون أيضًا لقطات لمدنيين إسرائيليين يُقتلون بالرصاص في محطات الحافلات، وأمهات يتوسلن من أجل حياة أطفالهن. وقد تعتقد حماس بأنها قامت بالانتقام، إلا أن انتصارها سيكون مكلفاً وقصير الأمد. ولا يمكن للجماعة أن تحافظ لفترة طويلة على ما بدأته اليوم”.

وعن حجم الهجوم الفلسطيني، قال غطّاس: “حجم الهجوم وطبيعته واستمراريته حتى اليوم إلى أنّ حماس لم تحسن قدراتها بشكل كبير فحسب، بل أعادت كتابة قواعد اللعبة أيضاً. من المؤكد أنّ إسرائيل سوف ترد بغضب مدمر، ولكن ردها الانتقامي سوف يكون معقّدًا بسبب وجود رهائن إسرائيليين داخل قطاع غزة. إن حرباً صغيرة من النوع الذي شهدته المنطقة من قبل من غير المرجح أن ترضي الحكومة الإسرائيلية أو الجمهور. وستكون المفاوضات من أجل إطلاق سراح السجناء الإسرائيليين معقّدة وطويلة. من المرجح أن يكون هناك توغل برّي إسرائيلي في غزة. قد يكون توجيه ضربة محدودة أو عمل تخريبي ضد إيران على قائمة أمنيات رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو”.

وعن علاقة حزب الله اللبناني في الأمر، أوردت الكاتب في مقاله: “في لبنان، أصدر حزب الله – الجماعة السياسية والمتشددة الشيعية النشطة في لبنان وسوريا والعراق واليمن – بياناً لدعم حماس، قائلاً إنه كان على اتصال مباشر مع قيادة المقاومة الفلسطينية. وجاء الهجوم رداً على استمرار الاحتلال الإسرائيلي، ورسالة إلى الساعين للتطبيع مع إسرائيل”.

واستطردت غطاس “منذ الربيع، أدلى زعماء حزب الله وحماس بتصريحات علنية عن “توحيد الجبهات”، حيث يهدد الخصوم المدعومون من إيران في غزة وجنوب لبنان ومرتفعات الجولان إسرائيل من كافة الجوانب. وقد التقى قادة حماس مرات عدة هذا العام مع الأمين العام لحزب الله حسن نصر الله في بيروت. لكن توحيد الجبهات قد لا يعني هجوماً متعدد الجبهات”.

وعن احتمال دخول الحزب على خط المواجهة، جاء في مقال غطّاس: “هذا الصباح، وفي خطوة رمزية في معظمها، أطلق حزب الله بضعة صواريخ على مزارع شبعا التي تحتلّها إسرائيل، وهي الأراضي المتنازع عليها على الحدود بين إسرائيل ولبنان وسوريا، “تضامناً” مع الفلسطينيين. وردّت إسرائيل بنيران مدفعية محدودة. لكن في الوقت الحالي، يبدو من غير المرجح أن يشارك حزب الله بشكل أكبر. لديه الكثير لتخسره. ويدرك الحزب أن انتقام إسرائيل من لبنان سيكون أكثر تدميرًا من حرب عام 2006. فمنذ عام 2019، تم سحق لبنان بسبب أزمة اقتصادية وسياسية مدمرة، ولا تستطيع قاعدة أنصار حزب الله تحمل مشقة أكبر. إذا شعر حزب الله بالحاجة إلى تفسير سبب عدم مد يد العون لحماس لجعل حياة إسرائيل أكثر صعوبة، فيمكنه الإشارة إلى الإجراءات المذهلة التي تمت بالأمس كدليل على أن حماس لا تحتاج إلى مساعدة مباشرة – في الوقت الحالي”.

ورجحت غطّاس أن الظروف الحالية ستعلق الحديث عن التطبيع بين إسرائيل والمملكة العربية السعودية. وتابع: “أصدرت المملكة بياناً موحّدًا يدعو إلى ضبط النفس، مع التأكيد على أنها حذرت من أن استمرار الاحتلال يمثل وضعاً خطيراً ومتفجّراً. وفي اتصال لاحق مع وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن، أضاف وزير الخارجية السعودي فيصل بن فرحان أنّ المملكة ترفض استهداف المدنيين بأي شكل من الأشكال. ربما ستستخدم المملكة العربية السعودية هذه الأزمة للتأكيد أكثر على أن التطبيع مع إسرائيل غير ممكن من دون تنازلات إسرائيلية للفلسطينيين. أم أن إيران وحماس نجحتا في إغلاق هذا الحوار”؟

وأضافت غطّاس: “قبل عامين، في المرة الأخيرة التي اندلعت فيها حرب صغيرة بين إسرائيل وحماس، غرد وزير الخارجية الإيراني آنذاك، جواد ظريف، لدعم الفلسطينيين. وأصدر السعوديون بيانا يدعو جميع الأطراف إلى ضبط النفس. وكانت الديناميكية الأكبر واضحة: بالتأكيد، زوّدت طهران حماس بالأسلحة والمال، وحاول السعوديون دفع السلام بمبادرات مختلفة، ولكن في النهاية، كان الفلسطينيون في الغالب بمفردهم. وآنذاك، كما هو الحال الآن، استخدمت إيران القضية الفلسطينية لتعزيز مصالحها الخاصة في المنطقة، ولم يحقق دعمها الكلامي للقضية على مدى 40 عاماً للمسلحين أي تحسن في حياة الفلسطينيين تحت الاحتلال. من المؤكد أن حماس ليست بمفردها الآن: فمن المرجح أن إيران شاركت في قرار شن الهجوم المفاجئ ضد إسرائيل. ولكن المدنيين الفلسطينيين سوف يظلون مضطرين إلى الدفاع عن أنفسهم تحت وطأة الانتقام الإسرائيلي، وسيدفعون الثمن بينما تمارس إيران وحماس وحزب الله لعبة إقليمية”.

جاده ايران تلغرام
للمشاركة: