الجادّة: طريقٌ في اتجاهين
قراءة طويلة8 سبتمبر 2023 10:19
للمشاركة:

إيران و “يوم التحول”.. فرصة للخروج من الضغط الدولي؟

مجموعة أسئلة يطرحها موقع "مؤسسة الدفاع عن الديمقراطيات" الأميركية على الخبير في القضايا الأمنية والسياسية الإيرانية بنهام بنطالب لو، تطرقت فيها للعقوبات الأممية التي من مقرر أن تنتهي عن إيران بعد أيام. في المقابلة يشرح بن طالبو ما جاء في خطة العمل المشاكلة المشتركة من بنود يمكن أن تستدخدمها طهران لتؤكّد أنً برنامجها النووي لا يعرّض السلام الدولي للخطر.

في ما يلي ترجمة من “جاده إيران” لأبرز هذه الأسئلة.

ما كل هذه الضجة عن انقضاء القيود الدولية على إيران في تشرين الأوّل/ أكتوبر المقبل؟

بموجب الاتفاق النووي الإيراني لعام 2015، والمعروف باسم خطة العمل الشاملة المشتركة (JCPOA)، وقرار مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة رقم 2231 الذي تضمن الاتفاق النووي، من المقرر أن تنتهي مجموعتان مختلفتان من العقوبات على إيران في تشرين الأوّل/ أكتوبر.

وترتبط هذه القيود إلى حد كبير، ولكن ليس حصريًا، بأسلحة طهران النووية وجهود نشر الصواريخ الباليستية. لقد حذّر المتشككون في خطة العمل الشاملة المشتركة منذ فترة طويلة من هذه الأمور وغيرها باعتبارها عيوبًا قاتلة في خطة العمل الشاملة المشتركة. وسيكون لانتهاء هذه القيود آثار دائمة على الأمن القومي الأميركي، وعلى المهتمّين بكبح برامج إيران الصاروخية والعسكرية والنووية.

مع تزايد حجم ونطاق انتهاكات إيران النووية، واختبار الصواريخ الباليستية، وانتشار الأسلحة منذ عام 2021 – بما في ذلك تزويد إيران بطائرات من دون طيار لروسيا لاستخدامها ضد أوكرانيا – تزايدت أيضًا أهمية منع انقضاء هذه القيود، بما في ذلك بالنسبة للأطراف التي لا تزال مستمرّة في خطة العمل الشاملة المشتركة، مثل مجموعة الدول الأوروبية الثلاث (فرنسا، ألمانيا والمملكة المتحدة). ولهذا الغرض، في وقت سابق من هذا الصيف، أفادت التقارير بأنّ دبلوماسيين أوروبيين أشاروا إلى هذا السياق الدولي المتغيّر وأبلغوا إيران إنهم لن يخففوا بعض العقوبات المرتبطة بخطة العمل الشاملة المشتركة هذا الخريف.

لماذا كان من المقرّر أن تنتهي هذه القيود في تشرين الأوّل/ أكتوبر 2023؟

كجزء من المفاوضات الدولية 2013-2015 مع طهران، والتي أدّت إلى خطة العمل الشاملة المشتركة، أصبحت القيود المحددة المفروضة على إيران في قرارات عقوبات مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة بين عامي 2006 و20107 خاضعة لمعيار الإنهاء القائم على التقويم، نتيجة لانتصارات فريق التفاوض الإيراني. على سبيل المثال، أصبح الحظر الدائم سابقًا على نقل الأسلحة التقليدية من وإلى إيران، مع ظهور قرار مجلس الأمن رقم 2231، خاضعًا لنافذة مدّتها خمس سنوات، وانتهى في 18 تشرين الأوّل/ أكتوبر 2020، على الرغم من المحاولات الأميركية الأحادية الجانب لتمديده.

وبالمثل، تمّت مراجعة حظر الاختبار ونقل الصواريخ الباليستية الدائم سابقًا في قرار مجلس الأمن رقم 2231، وجعله خاضعًا لفترة ثماني سنوات تنتهي في 18 تشرين الأول/ أكتوبر 2023.

وفقًا للجدول الزمني لتنفيذ خطة العمل الشاملة المشتركة الموضح في الملحق الخامس، يُعرف يوم 18 تشرين الأوّل/ أكتوبر باسم “اليوم الانتقالي”، وهي واحدة من مراحل عدّة من الاتفاق الإيراني.

ويأتي اليوم الانتقالي بعد ثماني سنوات بالضبط من “يوم التبنّي”، أي 18 تشرين الأوّل/ أكتوبر 2015، والذي كان بحدّ ذاته بعد 90 يومًا من “يوم وضع الصيغة النهائية”، أو اليوم الذي وافق فيه مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة بالإجماع على قرار مجلس الأمن رقم 2231 في 20 تمّوز/ يوليو 2015.

ما هي القيود المحددة التي انقضت، وما هي البلدان التي ستتأثر؟

يمثل يوم 18 تشرين الأول/ أكتوبر 2023، المعروف في خطة العمل الشاملة المشتركة باسم “يوم التحوّل”، حدثين مختلفين يحتاج صنّاع السياسات إلى فهمهما بشكل أفضل.

الأوّل هو المجموعة الرئيسية الثانية من انتهاء القيود التي فرضها مجلس الأمن على إيران، بما في ذلك إنهاء حظر الصواريخ الباليستية. والثاني هو سلسلة من الخطوات التي كان من المفترض أن تتخذها أطراف خطة العمل الشاملة المشتركة نفسها بموجب الاتفاق السياسي. وبموجب خطة العمل الشاملة المشتركة، كانت هذه الخطوات واجبة على إيران والولايات المتحدة وأوروبا (الاتحاد الأوروبي والمملكة المتحدة).

انتهاء القيود المفروضة على قرارات مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، والتي تنطبق على جميع الدول الأعضاء في الأمم المتحدة:

إنهاء تجميد الأصول: وفقًا للفقرة 6، القسم الفرعي ج من الملحق ب لقرار مجلس الأمن رقم 2231، تحتفظ الأمم المتحدة بقائمة من الأشخاص والكيانات الإيرانية المحدّدة المرتبطة ببرامج إيران النووية والعسكرية الموروثة من قرار أقدم (قرار مجلس الأمن رقم 1737) الذين يخضعون لتجميد الأصول، الذي سينقضي تلقائيًا في اليوم الانتقالي.

ولا ينبغي الخلط بين هذه القائمة التي تضم 23 شخصًا و61 كيانًا وقائمة أقصر تضم 36 شخصًا وكيانًا، 11 تم شطبهم من القائمة في اليوم الذي دخلت فيه خطة العمل الشاملة المشتركة حيّز التنفيذ (يوم التنفيذ – 16 كانون الثاني/ يناير 2016).

ومن أمثلة الكيانات المقرّر شطبها من القائمة على مستوى الأمم المتحدة، مقرّ خاتم الأنبياء للإنشاءات، وهي شركة مقاولات يديرها الحرس الثوري الإيراني، وجامعة مالك عشتار، وهي جامعة إيرانية تدعم وزارة دفاع النظام من خلال البحث والتطوير.

وفي حين تحتفظ الولايات المتحدة بعقوبات على العديد من الكيانات المقرّر رفعها من القائمة، فإن تعليق بند تجميد الأصول من شأنه أن يوفر لإيران القدرة على تقديم الحجة بشكل أكثر فعالية بأنّ برنامجها النووي لا يشكل تهديدًا للسلم والأمن الدوليين. ويمكن أن يؤدي أيضًا إلى تحديات أمام السلطات القضائية التي تقوم حاليًا بتجميد أصول الكيانات المدرجة في القائمة وفقًا لما تطلبه الأمم المتحدة، إذا سعت إيران إلى إعادتها إلى وطنها.

رفع الحظر عن أنشطة الصواريخ الباليستية الإيرانية: وفقًا للفقرة 3 من الملحق ب لقرار مجلس الأمن رقم 2231، “إيران مدعوّة إلى عدم القيام بأي نشاط يتعلّق بالصواريخ الباليستية المصمّمة لتكون قادرة على إيصال أسلحة نووية، بما في ذلك عمليات الإطلاق باستخدام تكنولوجيا الصواريخ الباليستية هذه” حتى اليوم الانتقالي.

والجدير بالذكر أنّ قرار مجلس الأمن رقم 2231 قام بتعديل وتخفيف الحظر الأكثر صرامة على الصواريخ الباليستية الموجود في قرار قديم (قرار مجلس الأمن رقم 1929)، وقدّم لغة غامضة عن العلاقة بين نيّة الصاروخ وتصميمه، مما أعاق الإجماع عمّا إذا كان من الممكن إجراء اختبارات صاروخية إيرانية محددة يمكن اعتبارها انتهاكات للملحق ب.

علاوةً على ذلك، أدّى غياب فريق خبراء لقرار مجلس الأمن رقم 2231، لتقييم التقارير عن الانتهاكات المزعومة، والبنود التقييدية الأخرى في الملحق ب، إلى تضاؤل ​​فرص توليد الضغط الدولي.

ومع ذلك، منذ عام 2016، تعاملت الولايات المتحدة وE3 مع اختبارات الصواريخ الباليستية الإيرانية والتدريبات والعمليات والاستعراضات والكشف عن معظم صواريخ أرض-أرض (SSMs) ذات المسار الباليستي، بالإضافة إلى مركبات الإطلاق الفضائية (SLVs)، باعتبارها أنشطة من شأنها أن تشكّل انتهاكًا للملحق ب. ولن يكون هذا هو الحال بعد يوم الانتقال.

رفع الحظر على عمليّات النقل ذات الصلة بالصواريخ الباليستية: وفقًا للفقرة 4 من الملحق ب من قرار مجلس الأمن رقم 2231، تم إنشاء استثناءات لكي ينظر مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، على “أساس كل حالة على حدة”، في إمكانية عمليات النقل من وإلى إيران لتقنيّات خاضعة لرقابة ذات صلة بالصواريخ الباليستية والطائرات من دون طيار على النحو المبيّن في ملحق نظام مراقبة تكنولوجيا الصواريخ.

هذا الحظر المفروض على الدول الأعضاء في الأمم المتحدة التي تزوّد إيران بمكوّنات وتكنولوجيا الصواريخ، إلى جانب القيود في ما يتعلّق بصادرات الصواريخ الإيرانية، يطلق عليه شعبياً “حظر الصواريخ”، وسينتهي أيضاً في اليوم الانتقالي.

الالتزامات المتعلقة بخطة العمل الشاملة المشتركة:

إيران: وفقًا للفقرة 22.1، القسم د من الملحق الخامس لخطة العمل الشاملة المشتركة، يتعيّن على إيران التصديق على البروتوكول الإضافي بحلول 18 تشرين الأوّل/ أكتوبر.

البروتوكول الإضافي عبارة عن ترتيب سياسي تكميلي، وفقًا للوكالة الدولية للطاقة الذرية (IAEA). “يزيد من قدرة الوكالة الدولية للطاقة الذرية على التحقق من الاستخدام السّلمي لجميع المواد النووية في الدول التي لديها اتفاقيات ضمانات شاملة”.

من خلال خطة العمل الشاملة المشتركة، توافق إيران على تنفيذ البروتوكول الإضافي حتى اليوم الانتقالي، وهو البروتوكول الذي يجب أن يحصل على التصديق الكامل من قبل البرلمان الإيراني.

ولكن بالنظر إلى تقييد إيران المتعمّد لمراقبة الوكالة الدولية للطاقة الذرية منذ شباط/ فيراير2021، فمن غير المرجّح أن تستأنف طهران تنفيذها الطوعي الكامل للبروتوكول الإضافي، ناهيك عن العمل على التصديق عليه. وهذا يجعل إيران، باعتبارها الدولة التي انتهكت بشكل علني التزاماتها بموجب خطة العمل الشاملة المشتركة منذ أيار/ مايو 2019، من غير المرجح بشكل استثنائي أن تفي بالتزاماتها في اليوم الانتقالي.

الولايات المتحدة: وفقًا للفقرات 21.1 إلى 21.3، القسم د من الملحق الخامس من خطة العمل الشاملة المشتركة، تسعى واشنطن إلى اتخاذ تدابير تشريعية “لإنهاء أو تعديل لتفعيل إنهاء” عقوبات قانونية مختارة ضد القطاع المالي والمصرفي الإيراني وكيانات التأمين، وقطاع الطاقة والبتروكيماويات والشحن وبناء السفن وسلطات الموانئ والذهب والمعادن الثمينة والبرمجيات والمعادن والسيارات، وغيرها من المجالات للسّماح بالمعاملات المالية، بينها وبين أشخاص غير أميركيين.

بالإضافة إلى ذلك، من المفترض أن تقوم واشنطن بإزالة 43 إسمًا موجودًا في الملحق الثاني – المرفق 4 من خطة العمل الشاملة المشتركة من قائمة المواطنين المعيّنين (SDN) التي تديرها وزارة الخزانة الأميركية.

في حين أن واشنطن لم تكن طرفًا في الصفقة منذ مايو 2018، وبالتالي فهي ليست ملزمة بهذه الالتزامات، فقد أعربت إدارة بايدن عن اهتمامها بإحياء خطة العمل الشاملة المشتركة، أو اتفاق نووي أقل مع طهران.

هذا، إلى جانب صمت البيت الأبيض على أنّ مسألة تخفيف العقوبات في يوم الانتقال حتى الآن، تثير القلق من أنّ الإجراءات الأحادية الجانب التي تتخذها السلطة التنفيذية (مثل الشطب من القائمة)، على النقيض من تلك التي تتطلّب منها العمل مع الكونغرس، مثل السعي إلى إنهاء العقوبات القانونية، لا يزال مطروحاً على الطاولة باعتباره وسيلة سياسية محتملة لتهدئة طهران.

الاتحاد الأوروبي والمملكة المتحدة: بالنظر إلى انسحاب الولايات المتحدة من خطة العمل الشاملة المشتركة والانتهاكات الإيرانية الكبيرة للاتفاق الذي أعقب ذلك، من بين الجهات الفاعلة الأربعة التي لديها متطلّبات اليوم الانتقالي، الاتحاد الأوروبي والمملكة المتحدة (الأخيرة تستخدم سلطات سياسية وقانونية واقتصادية سيادية بعد خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي) هما الطرفان الوحيدان اللذان لا يزال بوسعهما تنفيذ هذه القرارات من الناحية الواقعية.
وفقًا للفقرتين 20.1 و20.4 من القسم د من الملحق الخامس من خطة العمل الشاملة المشتركة، تشمل قيود الانقضاء هذه إنهاء أو تعليق القيود القديمة التي فرضها الاتحاد الأوروبي على إيران، اعتبارًا من عامي 2010 و2012، على خدمات الرسائل المالية، وقطاع النقل، وتكنولوجيا الصواريخ الباليستية المختارة، والمعادن، والبرمجيات.

بالإضافة إلى ذلك، وفقًا للفقرتين 20.2 و20.3 من القسم د من الملحق الخامس من خطة العمل الشاملة المشتركة، هناك نحو 300 شخص وكيان مرتبطين ببرامج إيران الصاروخية والعسكرية والنووية على القوائم الموجودة في المرفق 2 – الأجزاء الأول والثاني من الملحق الثاني من خطة العمل الشاملة المشتركة، حيث من المقرر أن يتم تجميد أصولها وإلغاء حظر التأشيرات.

ومع ذلك، فإنّ حقيقة عدم سقوط أي من عقوبات الاتحاد الأوروبي والمملكة المتحدة تلقائيًا قد خلقت مساحة سياسية للنقاش حول فائدة الالتزام بفترات الانقضاء هذه عندما لا تفي إيران بالتزاماتها بموجب الاتفاق.

جاده ايران تلغرام
للمشاركة: