الجادّة: طريقٌ في اتجاهين
قراءة طويلة21 أغسطس 2023 21:25
للمشاركة:

تحرّكات عسكرية أميركية في العراق.. عملية مرتقبة؟

يتداول مستخدمون لمواقع التواصل الاجتماعي في العراق منذ أيام مقاطع مصوّرة تُظهر أرتالًا للقوات الأميركية تسير في مناطق متعددة، مما أثار أسئلة وتوقّعات يذهب بعضها إلى الكلام عن عمل أميركي ما.

وبدأ تداول هذه المقاطع المصوّرة بالتزامن مع زيارة وفد عسكري عراقي رفيع برئاسة وزير الدفاع ثابت العباسي إلى واشنطن منتصف الشهر الجاري، لإجراء مباحثات مع المسؤولين الأميركيين عن مستقبل تواجد القوات الأميركية في العراق، بحسب ما تم إعلانه رسميًا.

وبالتزامن مع انتشار تلك المقاطع، أظهرت صور على مواقع التواصل نشر الجيش العراقي أسلحة مضادة للطائرات على أسطح بعض المباني في بغداد، مما عزّز الجدل، قبل أن تعمد القوات العراقية لسحب تلك الأسلحة.

تحرّكات عسكرية أميركية في العراق.. عملية مرتقبة؟ 1

وحتى الأحد 20 آب/ أغسطس، لا تزال منصات إلكترونية ووسائل إعلام محلية تنشر أخبار التحرّكات العسكرية الأميركية على الأراضي العراقية.

ويتحدّث معارضون عراقيون عن “عملية وشيكة ستستهدف الفصائل الشيعية المسلّحة الحليفة لإيران، خاصة مواقع هذه الفصائل بين سوريا والعراق”، فيما تنتشر منشورات على مواقع التواصل تنصح العراقيين بتخزين الغذاء وتهيئة أماكن للاحتماء داخل المنازل.

كلُّ هذا رغم نفي متحدث باسم وزارة الدفاع الأميركية قبل أيام وجود أي تحرّك لقوات بلاده كالذي يُحكى عنها في العراق، مضيفًا أنّ المقاطع المصوّرة المتداولة “لا تمت بأي صلة للجيش الأميركي”.

وقال الناطق باسم قيادة العمليات المشتركة العراقية اللواء تحسين الخفاجي السبت الماضي إنّ نصب منظومة الدفاع الجوي في بغداد هو إجراء روتيني.

ويوم الخميس الماضي، صرّح الناطق العسكري باسم رئيس الحكومة العراقية اللواء يحيى رسول إنّ “بعض القنوات تحاول إثارة شيء من اللاشيء”. وتابع: “أتمنّى على الشعب العراقي عدم الانجرار خلف هذه الإثارة.. إنني أتجوّل (في بغداد) ولم أشاهد أي شيء”.

وعن المقاطع المصوّرة المتداولة، لفت رسول إلى أنّ بعضها قديم، داعياً إلى متابعة المواقع الرسمية العراقية للحصول على المعلومات والأخبار.

وبينما كان اللواء يحيى رسول يُدلي بتصريحاته، أجرت قوات التحالف الدولي بقيادة واشنطن تدريبات عسكرية في مناطق تحيط بأربيل والموصل شمال العراق. وكذلك أفادت وسائل إعلام عراقية بإرسال القوات الأميركية تعزيزات من قواعدها في العراق إلى سوريا بالتزامن مع وصول قوات سورية إلى منطقة الميادين على الحدود بين البلدين في الأيام الماضية.

هذه الأخبار، إضافة إلى عمليات نقل معدات عسكرية لقوات التحالف من الكويت باتجاه القواعد الأميركية في العراق، منها قاعد “عين الأسد” في الأنبار، يمكن عدّها طبيعية في العراق، بعكس ما يُنظر إليه اليوم بين الأوساط الشعبية والسياسية العراقية.

شائعات لإثارة الرعب

يوافق الخبير الأمني سرمد البياتي على اعتبار رسول كل ما يِحكى عنه مجرّد “شائعات إعلامية”.

وفي حديث لـ”جادة العراق”، أكد البياني أنّ “الموضوع لا يعدو كونه شائعات بسيطة تحوّلت إلى شائعات كبيرة وحديث عن عمليات عسكرية”، وأضاف: “الولايات المتحدة لا تفكر بالدخول بأي حرب برية”.

وأكمل: “ما رأيناه في المقاطع المصوّرة ليست معدات معركة، فلا مدافع ولا دبابات ولا ناقلات مدرّعة، والكثير منها قد يكون قديمًا”، مذكّرًا بالاتفاقية الاستراتيجية بين بغداد وواشنطن و”عدم قدرة الولايات المتحدة على القيام بأي عمل من دون تنسيق مع الحكومة العراقية”.

ومما قاله البياتي: “للأسف، الإعلام هوّل بهذه الأمور بشكل كبير جداً.. زيارة الوفد العسكري العراقي لواشنطن مع نشر منظومة مضادة للطائرات في بغداد، ربما أعطيا رسائل خاطئة كبيرة في هذا الموضوع”.

ويعتقد البياتي بأنّ “هناك هجمة من خارج العراق هدفها إثارة الرعب داخل الشارع العراقي، بينما الحقيقية هي أنّ العلاقات بين العراق والولايات المتحدة تمرّ بفترة ذهبية”.

مستعدون للمواجهة

من جانبها تشكّك القوى الشيعية الحليفة لإيران والمناهضة للولايات المتحدة بالتحرّكات العسكرية الأميركية، وتفسّرها بأنها محاولة لإرباك الحكومة العراقية والوضع الأمني، من أجل استمرار وجودها في العراق، على حد قولها.

وشددت بعض هذه القوى على استعدادها للمواجهة العسكرية في حال وقوعها فعلاً.

في هذا الإطار، يقول المتحدث باسم حركة “حقوق” المنضوية تحت الإطار التنسيقي المشكِّل للحكومة العراقية، علي فضل: “سياسة الجانب الأميركي في العراق أصبحت واضحة، فهو لا يريد نظامًا سياسيًا مستقرًا، ولا حكومة قوية، فاستقرار النظام السياسي يتبعه رضا الجماهير عن الطبقة السياسية، وبالتالي مغادرة القوات الأميركية”.

وفي حديث لـ”جادة العراق”، أضاف فضل: “قوة الحكومة تعني نجاحها في تأدية مهامها، مما يحقق مصالحة كبيرة بين الطبقة السياسية والشعب، لذلك الجانب الأميركي يعمل دائماً على صناعة أزمات من أجل البقاء في العراق، كإثارة قضية الدولار فور تشكّل حكومة محمد شياع السوداني”.

وبرأي فضل، فإنّ “نجاح الحكومة العراقية بتجاوز أزمات عدة، كان آخرها حرق المصحف أمام سفارة العراق في السويد، دفع الولايات المتحدة إلى الإصرار على إرباك هذه الحكومة، فجاءت بورقة التهديدات الأمنية وإنزال قوات عسكرية على أطراف الحدود مع سوريا”.

ولفت فضل إلى أنّ “المخطط الأميركي الحالي يتضمّن حملة إعلامية كبيرة جداً لخلخلة الثقة بين الحكومة وبين الشعب، من خلال إشاعة إجواء عن قيام الجيش الأميركي بحملة عسكرية ودخوله من مختلف الجهات الحدودية العراقية”.

وتابع: “هذا كله كذب هدفه خلق حالة عدم رضى شعبي إزاء الحكومة، وتهيئة الرأي العام لأي تظاهرات أو أي عمل لإرباك الوضع”.

جاده ايران تلغرام
للمشاركة: