الجادّة: طريقٌ في اتجاهين
قراءة طويلة17 أغسطس 2023 11:47
للمشاركة:

قانون انتخابي جديد.. هل سيتقلص التنافس على مقاعد البرلمان الإيراني؟

معركة انتخابية جادة تشهدها الساحة السياسية الإيرانية قبل الانتخابات البرلمانية المقبلة في الأول من آذار/ مارس 2024، حيث ستجري هذه الانتخابات في ظل قانون انتخابي جديد جزئيًا، بعد التعديل الجديد، الذي أعلنه الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي على إثر رسالة وجهها له رئيس البرلمان محمد باقر قاليباف نصفت على تعديل بعض المواد في قانون الانتخابات البرلمانية.

وأوضح المتحدث باسم لجنة الشؤون الداخلية والمجالس المحلية في البرلمان علي حدادي أنّ خطة تعديل قانون انتخابات البرلمان تستند إلى سياسات الانتخابات العامة التي أعلنها القائد الأعلى الإيراني آية الله علي خامنئي  عام 2016.

ومن أبرز التعديلات التي أثارت الجدل في إيران وألقت بشبهات عن مدى تنافسية الانتخابات مع هذا التعديل تلك التي تتعلّق بمرحلة “التسجيل المسبق في الانتخابات”. في هذه المرحلة، يُطلب من الراغبين في الترشح لانتخابات البرلمان تقديم مستنداتهم عبر موقع الكتروني صُمِّمَ لهذا الغرض. وإذا صادقت وزارة الداخلية مع الجهات الأمنية والقضائية على صحة المستندات المرفقة، بإمكان المترشح التسجيل في المرحلة الرئيسية لتسجيل الأسماء، والتي سيبحث فيها آنذاك مجلس صيانة الدستور أهلية المترشحين.

وقال المتحدث باسم مجلس صيانة الدستور هادي طحنان نظيف، في هذا الشأن: “ستُبحثُ في هذه المرحلة فحسب الشروط الشكلية والعينية للراغبين في الترشح، ومن سيصادَقُ على وثائقه، بإمكانه تسجيل اسمه للترشح في الانتخابات خلال الشهرين المقبلين، حيث سيناقش في هذه المرحلة مجلس صيانة الدستور الأهليات وشروط الترشح”.

الاعتراض على هذا الأمر برز في بيان جبهة الإصلاحات، حيث اعتبر أنّ التعديل الأخير لقانون الانتخابات كثّف من بعض الإجراءات، مثل تعزيز وتوسيع نطاق صلاحيات مجلس صيانة الدستور، وزيادة دور المؤسسات الأمنية، وتقليص الوضع القانوني لوزارة الداخلية وتوسيع نطاق الانتهاكات والتزوير.

انتقادات القانون الجديد

اختلفت المواقف بشأن القانون الجديد وإمكانية التغيير في النتائج من خلال تنفيذ هذا القانون. حيث أصدرت جبهة الإصلاح بيانًا اعتبرت فيه قانون الانتخابات الجديد مثالاً واضحًا على المعاقبة الذاتية والتخريب الذاتي، ورأت أنّ للانتخابات متطلبات وشروطًا، إذا تم الوفاء بها يصبح مفهوم الانتخابات والرجوع إلى أصوات الناس مجديًا، من أبرزها أن تكون حرة وتنافسية، وأضافت: “بعد صدور بيان الخطوة الثانية للثورة والتفسيرات التي خرجت منها، نشهد مقاربات وأفعالًا أدت إلى توحيد السيادة واحتكار غير مسبوق لها، دفعت الناس إلى الهامش في تقرير مصيرهم. الإرادة التي تعززت منذ هذه النقطة في مجموعة السلطات الحاكمة، لا تولي اهتمامًا لآراء الناس وأصواتهم، وفي أفضل الأحوال، تعتقد بأنها تفهم مصلحة الناس أفضل منهم”. وتابعت: “التراجع الحاد في المشاركة في الانتخابات الرئاسية والنيابية الأخيرة هو نتيجة هذه العملية المؤسفة التي لا تعني سوى خسارة رأس المال الاجتماعي وعدم ثقة المجتمع بالحكومة”.

كذلك، قال المتحدث باسم جبهة الإصلاح جواد إمام إنّ التعديل الجديد لقانون الانتخابات “لم يترك أي مجال للشك بأنه لن يُفتح المجال لمشاركة جميع التيارات والمجموعات في الانتخابات”. وأردف: “لا يسعى قانون الانتخاب الجديد أساسًا إلى زيادة مشاركة الناس في الانتخابات، بل يسعى إلى تنقيتها. مع هذا الوضع، خلقوا الظروف للإصلاحيين لعدم المشاركة في الانتخابات”.

وفي مقابلة مع موقع “فرارو”، اعتبر إمام أنّ القانون الجديد “أعطى شكلاً قانونيًا للممارسات الخاطئة والمقيّدة في الماضي التي انتهكت حقوق الناس، وجعلت من المستحيل تواجد مختلف الأذواق السياسية، ويبدو أنه بسبب هذه القيود، لن يكون لدينا انتخابات كبيرة وتشاركية وتنافسية، لأنّ الانتخابات لها مستلزمات، وحتى يتم توفير هذه المستلزمات سيبقى استقبال الناس ضعيفًا”.

لم يتوقف الانتقاد لصوابية التعديلات التي تم اجراؤها على قانون الانتخابات على التيار الإصلاحي فقط، بل شارك في هذا الانتقاد بعض الأصوات الأصولية، التي رأت في التعديل حذفًا للتحالفات المستقلّة من المنافسة.

في هذا الإطار، أوضح الناشط السياسي الأصولي وهاب عزيزي أنّ “العيب الأساس في قانون الانتخابات الجديد هو تجاهل تحالف المرشحين المستقلّين والمنظمات الشعبية التي تتشكّل عشية الانتخابات وتلعب الدور الأكبر في تشجيع الناس وخلق الحماس الانتخابي”، مشيرًا إلى أنه “في خطة التعديل الجديدة، تم طرح امتياز خاص، وهو تخصيص بطاقات التصويت للأحزاب”.

وفي مقابلة مع وكالة “إيلنا”، لفت عزيزي إلى أنه في التعديل الجديد، إذا كتب شخص عنوان أو هوية حزب في ورقة الاقتراع، يتم احتساب صوت لكل عضو من أعضاء تلك القائمة، مما يؤدي إلى تثبيط همم المرشحين المستقلّين والنخب الاجتماعية عن المشاركة في الانتخابات، كما أنه لن يتم تشكيل ائتلافات مستقلّة لأنها لا تتمتع بامتياز بطاقة التصويت، ولأنها لا تتمتع بشروط تنافسية متساوية وعادلة”

المشاركة في ظل القانون الجديد

لطالما كانت قضية تحقيق أكبر قدر من المشاركة الشعبية في الانتخابات الهاجس الأول والأهم لدى الحكومات والنظام الإيراني بشكل عام، خاصةً في ظل الحديث المتداول عن جهات وشخصيات لا تهتم بتحقيق هدف المشاركة الأوسع، واتهامات باستغلال عدم المشاركة في تحقيق انتصارات بأقل الأصوات الممكنة. اتهامات يكيلها كلا التياران الرئيسيان على الساحة السياسية الإيرانية، الأصولي والإصلاحي.

وفي إشارة إلى أهمية هذا الموضوع، شدد رئيس المجلس الأعلى لوحدة الأصوليين حجة الإسلام مصطفى بور محمدي على أنّ المشاركة والتنافس الانتخابي اليوم هما حاجتان وضرورتان للمجتمع من أجل وحدة البلاد وسلطتها، وهو ما يكمن في التاريخ وأوامر الإمام علي بن أبي طالب وتوجيهات خامنئي، على حد قوله.

وفي السياق، دعا المتحدث باسم جبهة الإصلاحات جواد إمام الإصلاحيين لعدم الاهتمام بالإجابة عن التساؤل عن كيفية مشاركة جبهة الإصلاح في الانتخابات، حيث أنّ هذه الإجابة برأيه هي من واجب منظمي الانتخابات وممثلي البرلمان الحاليين ومجلس صيانة الدستور، وغيره من المؤسسات المعنية بالانتخابات.

ووفق إمام فإنه يجب على هذه المؤسسات توضيح ما إذا كانت تريد إجراء انتخابات بمشاركة كبيرة أم لا، أو إن كانت بحاجة إلى مشاركة الناس أم لا. وأكمل: “خلال هذه السنوات، كان السلوك كما لو أنّ الناس ليس لديهم الحق في الاختيار بحرية وتحديد مصيرهم بأيديهم”.

كما اعتبرت أمين عام حزب اتحاد ملت الإسلامي الإيراني ورئيسة جبهة الإصلاح الإيرانية آذر منصوري أنّ  “الإرادة المهيمنة في انتخابات 1402 والرئاسة المقبلة هي استمرار لتوحيد السلطات”، وأضافت: أن  “رؤية الإصلاحيين هو أنه فقط إذا تمكّنوا من تمثيل الشعب وإذا تمكّنوا من سد الفجوة بينهم وبين الناس، فسوف يشاركون في الانتخابات”. موقف قد يعني قرار هذه الحركة بالتسجيل المسبق للانتخابات وبالطبع انتظار تلبية مطالبهم للمشاركة في انتخابات تنافسية بأقصى قدر من المشاركة.

الحرمان والتسجيل المسبق

نص القانون الجديد للانتخابات على منع المتجاوزة أعمارهم لـ 75 عاما من المشاركة في الانتخابات البرلمانية، وهذا بدوره حرم شخصيات بارزة من التنافس منها رئيس البرلمان الأسبق غلام على حداد عادل، والرئيس السابق حسن روحاني، والبرلماني الحالي مصطفى مير سليم.

من جانب أخر، أعلن المتحدث باسم هيئة الانتخابات محسن إسلامي، خلال مؤتمر صحافي بعد انتهاء المهلة الرسمية للتسجيل المسبق للمرشحين لانتخابات البرلمان الإيراني السبت 12 آب/ أغسطس الجاري عن تسجيل 48847 مرشّحًا. کما ذكر إنّ هناك 511 برلمانيًا في الدورات الثلاثة الماضية (بما فيها الحالية) قد سجَّل اسمه تمهيدًا للمشاركة في الانتخابات، كما سجَّل 1100 برلماني سابق في دورات مختلفة اسمهم في هذه المرحلة. وكشف إسلامي عن تقدم محافظة البرز في صدارة عدد المسجلين، حيث تقدم للتسجيل 430 مرشّحًا، تلیها طهران بـ 282، ثم قم 254، ثم خراسان الرضوية 179، ثم يزد 178.

على الرغم من الاعتراضات الموجهة من قبل الإصلاحيين لهذا القانون إلا أن الحديث يدور عن تسجيل شخصيات من التيار لاسماءها مثل علي عباس بور طهراني المقرب من الرئيس الأسبق هاشمي رفسنجاني، وزير الزراعة السابق سيد جواد الساداتي، محسن هاشمي، النائب الإصلاحي في البرلمان الحالي مسعود بزشكيان. كذلك أعلن البرلماني السابق كمال الدي برمؤذن عن أسماء شخصيات معتدلة سجلت اسماءها منهم البرلماني السابق علي مطهري.

جاده ايران تلغرام
للمشاركة: