الجادّة: طريقٌ في اتجاهين
قراءة طويلة7 أبريل 2019 20:52
للمشاركة:

قرار تصنيف واشنطن للحرس الثوري على لوائح الإرهاب: إعدام الإتفاق النووي أم تفجير الأمن الإقليمي؟

جاده إيران- محمد علي

اعتبر كثير من المحللين أن إتمام خطوة إدراج الحرس الثوري الإيراني على قائمة المنظمات المصنفة أميركياً بالإرهابية ستكون سابقة من نوعها لناحية وصم دولة لذراع عسكري رسمي لدولة أخرى بالإرهاب. هذا الاتجاه يتباين مع واقع أن واشنطن سبق لها وأن أدرجت خلال السنوات الماضية جميع القادة والمؤسسات التابعة للحرس على قائمتها السوداء للإرهاب، وقد شملت الخطوات الأميركية السابقة فيلق القدس الذراع الخارجي للحرس الثوري حيث أدرج على قوائم العقوبات الأميكرية.
وبالنظر إلى دور الحرس الثوري وخاصة شركة “مقر خاتم الأنبياء” في الاقتصاد الإيراني، التي بلغت قيمة المشاريع الموكلة إليها 10 أضعاف الموازنة العامة للعام 1396 هجري شمسي (من 21 مارس 2017 إلى 20 مارس 2018)، يبدو أن أميركا تسعى إلى تضييق الخناق أكثر على القطاعات الاقتصادية المختلفة للحرس الثوري وتعاونها مع الجهات الأجنبية. بما يجعل التعاون الاقتصادي للغرب مع إيران، خاصة مع الشركات التي يهيمن الحرس عليها في مهب الريح.

الأهداف المرجوّة
تسعى أميركا حسب موقع “مشرق نيوز” المحافظ من وراء هذه الخطوات إلى ثني الشركات الدولية عن التجارة مع القطاعات الرئيسية للاقتصاد الإيراني، إذ ستمتنع الشركات والأشخاص عن تقديم أي دعم مادي أو مصادر مثل الخدمات المالية ومعدات التدريب والاستشارة المهنية، والأسلحة أو النقل للشركات أو المسؤولين التابعين للحرس، بعد تسميته إرهابيًا.
كما أنَّ تلك الإجراءات وفقاً للموقع تُعبد الطريق أمام إسرائيل لاستهداف المواقع العسكرية للحرس الثوري في المنطقة، كما يرى “مشرق نيوز” أن اعتبار الحرس الثوري تنظيماً إرهابياً من وجهة نظر واشنطن سيتسبب بضغط على حكومات المنطقة وخاصة العراق ولبنان وسوريا لأجل تقييد الحضور الاستشاري العسكري لإيران على أراضيها، ما سيؤدي إلى إعادة الجماعات الإرهابية وتقويض الأمن في الدول المذكورة آنفًا.
من جانب آخر علّقت صحيفة “اعتماد” الإصلاحية على هذه التسريبات مشيرةً في تقرير لها إلى إن أميركا تبذل أقصى جهودها الضاغطة سياسياً واقتصادياً على إيران من أجل الوصول إلى إخضاع طهران للجلوس لطاولة المفاوضات أو من أجل الحصول على شرعية دولية تسمح لأميركا بتدخل عسكري ضد إيران. وفي ذات السياق تقاطع رأي “اعتماد” مع ما أدلى به الديبلوماسي السابق داوود هرميداس باوند، الذي رأى أن أميركا ترجو من وراء إدراجها للحرس الثوري على قوائم الإرهاب إلى التغطية على استهدافها للقوات الإيرانية أو المقربة منها في الشرق الأوسط بادعاء مكافحة الإرهاب في تلك المناطق، وتوقع باوند أن تعتبر واشنطن حضور القوات الإيرانية ووحدات الحرس في الخارج ذريعة للهجوم عليها في نقاط الشرق الأوسط المتعددة. لكن الدبلوماسي الإيراني حسين شيخ الإسلام، وهو يشغل حاليا منصب مستشار وزير الخارجية، وضع خلال مقابلته مع وكالة “شبستان” خطوة ترمب المحتملة في إطار السعي الأميركي لإرضاء إسرائيل “ومن هزموا في المنطقة على أيدي الحرس نفسه”، على حد وصفه.
هذه التسريبات بالنوايا الأميركية تجاه الحرس الثوري لم تكن هي الأولى من نوعها ففي السابق ظهرت على السطح نوايا أميركية مشابهة في غمرة التداول الأميركي لتنفيذ قانون كاتسا، وفي ذلك الوقت حذر قائد الحرس الثوري محمد علي جعفري أميركا من هذه الخطوة مؤكداً حينها أن على واشنطن إذا ما اتخذت تلك الخطوة أن تنقل قواعدها الإقليمية خارج مدى الـ 2000 كم المحيطة بإيران، وهذه المسافة تمثل أقصى مدى تم الإعلان عنه للصواريخ الإيرانية.

ردود الأفعال المتوقعة
استطلعت صحيفة “فرهيختغان” آراء عدد من المحللين السياسيين حول سيناريوهات طهران للرد على القرار الأميركي، حيث أكّد الخبير في شؤون غرب آسيا سعد الله زارعي، على أن المسلمين سيشكّلون مستقبلًا تهديدًا لأمن الجنود الأمريكيين في المنطقة، في إشارة إلى الهجوم على القواعد العسكرية الأميركية في المنطقة، مطالباً البرلمان بتشريع سلسلة من القرارات مثل: حرمان الطائرات الأمريكية من اختراق الإقليم الجوي الإيراني، وحظر التعامل مع الأمريكيين سواء بشكل مباشر أو غير مباشر.
زارعي توقع عدم نجاح الضغوط الأميركية في تقويض برامج الحرس الثوري في المنطقة، مشيراً إلى أن الشعب الإيراني يعتبر نفسه ذراعاً قويًا للحرس في جميع خياراته ومعاركه.
من جهته أوضح الأستاذ في جامعة طهران محمد مرندي أن التقارير حول تصنيف الحرس الثوري كمنظمة إرهابية ما هي إلا حرب نفسية، مشيراً إلى أنها لن تؤثر عملياً، لكنّها في الوقت نفسه تؤشر إلى عمق خصومة الأمريكيين حسب وصفه.
مرندي اقترح على الحكومة تصنيف إيران لمركز القيادة العسكرية الأمريكية في المنطقة “سنتكام” منظمة إرهابية ردًا على القرار الأمريكي المتوقع.
هرميداس باوند حذّر أيضًا من اعتبار القوات الإيرانية هدف مشروعًا للعمليات العسكرية للقوات الأمريكية، لأن ذلك سيكون تمهيدًا لمواجهة عسكرية مباشرة بين البلدين، لكنه لفت إلى أن فرص حدوث تلك المواجهة تبقى ضئيلة.
من جهته سار حسن هاني زاده الدبلوماسي السابق، على نسق باوند وتوقّع نشوب أزمة واسعة في المنطقة إذا ما سمّت الولايات المتحدة الحرس الثوري إرهابيًا، معتبرًا أن أميركا تعزز من قوة الجماعات الإرهابية في المنطقة بإدراجها الحرس الثوري على القائمة السوداء للإرهاب، مؤكدًا على أن جميع القوات الأمريكية في المنطقة ستكون هدفًا شرعيًا وقانونيًا لإيران.
من جهته أكد علي خرم الدبلوماسي السابق وأحد الداعمين للاتفاق النووي، خلال مقابلته مع صحيفة “همدلي” على أنَّ حظر وإدراج الحرس الثوري على قائمة المنظمات الإرهابية سيكون له تبعات داخلية وخارجية. كما واعتبر القيام برد فعل يحافظ على المصالح الوطنية لإيران هو أفضل سبيل للرد على قرار أميركا المزمع، وطالب المسؤولون في إيران بالتفكير بوجود إمكانية لتوافق تكتيكي أم لا. لأنه حينما يرون أن الضغوط الأمريكية أكثر من توقعاتهم، فمن غير العقلاني الانتظار إلى انتهاء رئاسة جمهورية ترمب.
هذا وقدّ هدد قائد الحرس الثوري محمد علي جعفري، باستهداف القوات الأمريكية المرابضة في منطقة غرب آسيا، إذا ما نفذت أميركا تهديداتها.

رصاصة الرحمة
في خضم تلك التصريحات والتوقعات طالب عضو لجنة الأمن القومي والسياسة الخارجية البرلمانية حسين نقوي حسيني، بإخراج إقرار انضمام طهران للوائح FATF وcft من جدول أعمال إيران، واعتبر أن قرار ترمب غير العقلاني هذا أنقذ إيران من أزمة قبول أو رفض “فاتف” لمكافحة تبييض الأموال وتمويل الإرهاب، مشددًا على أنَّه لا معنى أيضًا لمحاولات الحفاظ على الاتفاق النووي والتساهل مع الغرب حتى وإن بقي قرار ترمب محض عبث سياسي، مؤكدًا على احتمالية قيام طهران بخطوات صريحة أكثر لإثبات حقوقها على طاولة المفاوضات مع الغرب وأمريكا.
أما رئيس لجنة الأمن القومي والسياسة الخارجية البرلمانية حشمت الله فلاحت بيشه، فقد أكّد على وجود عزم برلماني جدّي لإدراج العسكريين الأمريكيين في المنطقة برفقة داعش كجماعات إرهابية، إذا ما صحّت أنباء إدراج الحرس الثوري على قوائم الجماعات الإرهابية، ومن المقرر بحسب فلاحت بيشه التأكيد على ذلك خلال الكلمات البرلمانية، كما يتم التجهيز حاليًا لبيان عاجل تقوم فيه إيران بالمعاملة بالمثل إذا ما أدرجت أميركا الحرس على قوائم الإرهاب.
وأصدّرت مجموعة السبعة-المشكّلة من الولايات المتحدة وألمانيا والمملكة المتحدة وإيطاليا واليابان وكندا إضافة إلى فرنسا، بيانًا ختاميًا لاجتماعهم يوم أمس السبت 6 أبريل 2019، أعتبر المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية بهرام قاسمي، بنوده قائمة على اتهامات واهية وناجمة عن فهم وتفسير غير صحيح للبرنامج النووي السلمي، والدور الإقليمي والبرنامج الصاروخي لإيران، مضيفاً أن تلك البنود غير بنّاءة وأحادية الجانب، خاصة أن إيران ترى فيها تعارض صريح مع الاتفاق النووي وتعهدات الدول الأوربية الثلاث فيه”.
وإلى جانب إدانته لانتهاك الدول الأوربية الثلاث للمبادئ الأساسية للاتفاق النووي، طالب قاسمي بتوضيح صريح منهم على البيان، مشددًا على متابعة إيران لهذا الموضوع مستخدمة الآليات الموجودة في الاتفاق النووي.

جاده ايران تلغرام
للمشاركة: