الجادّة: طريقٌ في اتجاهين
قراءة طويلة17 يوليو 2023 05:46
للمشاركة:

تحدّي القرن.. هل يسير المجتمع الإيراني نحو الكهولة؟

"إننا نشهد أكبر تحديات القرن، وهي الأزمة الرهيبة لشيخوخة المجتمع". هكذا عبّر وزير الصحة الإيراني عن مخاوفه من تراجع نسبة الزواج والإنجاب في إيران، في ظل الارتفاع الكبير لعدد المسنّين.

ورغم أنّ عدد السكان في البلاد يتجاوز 80 مليون نسمة، إلا أن أكثر من عشرة ملايين منهم هم من الكهلة الذين تتجاوز أعمارهم 65 عامًا. رقمٌ شكّل تحديًا كبيرًا للحكومة الإيرانية وجب التعامل معه في سباق مع الزمن، أي خلال أقل عشر سنوات، منعًا للوصول لمرحلة استقطاب المهاجرين والقوى العاملة.

تقدم “جاده إيران” تقريرًا مفصّلًا عن هذا التحدّي الذي يواجهه المجتمع الإيراني والتحرّكات الحكومية في هذا الإطار.

  • عدد المسنِّين

نقلت وكالة الأنباء الإيرانية “ارنا” عن إحصاءات موثوقة أنّ عدد المسنّين (الأشخاص فوق 65 عامًا) في إيران عام 2021 بلغ حوالي 9.4 مليون شخص، أو ما يقارب 10.5% من السكان، وهو رقم يتنامى بسرعة كبيرة.

اللافت في الأمر أنَّ مراكز الإحصاء حذّر من استمرار هذا الوضع، باعتبار أنَّ نسبة المسنّين بعد 20 عامًا ستبلغ أكثر من 30% من السكان.

  • معدل الخصوبة

كشف رئيس قسم الشباب في وزارة الصحة الإيرانية صابر جباري عن أنّ معدّل الخصوبة في إيران يبلغ نحو 1.7٪، وذلك وفق إحصاءات الأشهر القليلة الماضية. وأضاف جباري أنّ هذا المعدّل يجب أن يرتفع بنحو 2.5٪ على الأقل للحيلولة دون الوصول لمرحلة كهولة المجتمع.

كما لفت جباري إلى أنّ معدّل الخصوبة في عام 2016 بلغ 2.12، وفي عام 2021 1.65، وأنه بصدور قانون المجتمع الشاب وصحة الأسرة بدأ معدل الخصوبة في الارتفاع حتى بلغ في عام 2022 مستوى 1.66، ولا يزال مستمرًّا في الارتفاع.

  • ارتفاع كبير في نسبة الطلاق

يرد في الإحصائيات التي نشرتها منظمة الأحوال المدنية الإيرانية أنه تم تسجيل ما يقرب من 80 ألف حالة زواج، ونحو 38 ألف حالة طلاق في البلاد خلال فصل الربيع من العام الحالي. وكما جاء في هذه الإحصائيات، فقد تم تسجيل طلاق واحد على الأقل لكل زواجين في 12 مقاطعة إيرانية.

  • أسباب ارتفاع الشيخوخة

تُعتبر المشاكل المالية، الهجرة، صعوبة تأمين السكن، أمراض العقم، تأخر سن الزواج وعمل المرأة من أبرز الأسباب التي تؤدي إلى تراجع نسبة الزواج وإنجاب الأطفال في إيران، وبالتالي تسارع شيخوخة المجتمع الإيراني.

  • التحرّكات الحكومية

علاج العقم

في هذا الإطار، تحدث جباري عن وجود أكثر من 3.200.000 عائلة إيرانية تعاني من مشاكل العقم وعدم القدرة على الإنجاب، مما دفع الحكومة الإيرانية لإطلاق برامج صحية عديدة لمعالجة هذه المشاكل، حيث بات علاج العقم مجانيًا بالكامل لكل من يحمل الجنسية الإيرانية.

تشجيع الزواج

سنّت الحكومة الإيرانية العديد من القوانين الجديدة لتشجيع الشباب على الزواج، وكان آخرها السماح للمتخلّفين عن الخدمة العسكرية بالاستفادة من تسهيلات الزواج كقروض ومساعدات.

كما تنص القوانين الحديثة على السماح للجنود بالخدمة في مدنهم إن كانو متزوّجين، وعلى الإعفاء من الخدمة بشكل كامل لمن لديهم أكثر من ثلاثة أولاد.

كذلك يمكن للشبان الإيرانيين الحصول على قروض من البنوك للزواج وشراء المنزل، مع الإشارة إلى أنّ هذه المبالغ لم تعد كافية بسبب التضخّم.

تشجيع الإنجاب

بدأت الحكومة الإيرانية منذ 2020 بإلزام المشافي الحكومية والخاصة بجعل الولادة الطبيعية مجانًا لحاملي الجنسية الإيرانية، واستمر هذا البرنامج حتى عام 2020، ثم سنّت الحكومة قوانين مصرفية تسمح للآباء باقتراض ما يعادل 600 دولار أميركي كقرض لتأمين احتياجات الطفل الأول، وضعف المبلغ للطفل الثاني وضعفي المبلغ للطفل الثالث.

الأراضي المجانية

عام 2021 فتحت الحكومة الإيرانية باب التسجيل للأراضي والشقق السكنية المجانية في القرى النائية لكل من لديه أكثر من ثلاثة أبناء، ثم أعلنت الحكومة فی الثالث عشر عام 2022 منح أرض بمساحة تصل إلى 200 متر مربع في المناطق المجاورة للمدن مجانًا لكل عائلة لديها أكثر من ثلاثة أبناء، شرط أن يكون الطفل الرابع مولودًا بعد عام 2021.

منع الإجهاض

سجّلت حالات الإجهاض في إيران أرقامًا قياسية غير مسبوقة في تاريخ البلاد، حيث أكدت البرلمانية الإيرانية وعضو اللجنة الصحية فاطمة محمد بيكي بناءً على الإحصاءات الأخيرة حدوث ما بين 250.000 إلى 650.000 عملية إجهاض في البلاد كل عام.

ومع عدم وجود أرقامٍ محددة لحالات الإجهاض غير الرسمية وغير المسجلة، يُعتبر الرقم الحقيقي أكثر ارتفاعًا من ذلك، وقد أوردت بعض المواقع الإيرانية أنه يباع ما بين 700.000 إلى 1.000.000 حالة سنويًا، وهو رقم كبير جدًا مقارنة بالسنوات السابقة.

ورغم القوانين الحكومية التي تمنع عمليات الإجهاض في المشافي الرسمية، والرقابة الشديدة على هذه المسائل، إلا أنّ الإحصاءات تلحظ استمرار تعاون عدد كبير من المشافي والأطباء مع هذه الحالات بإجراء عملية الإجهاض وعدم تسجيلها بشكل رسمي، أو تسجيل أسباب منافية للحقيقة.

وفي مطلع 2023، ومع صدور قوانين جديدة تحدّ من قدرة الزوجين على اختيار مسألة الإجهاض، ازدادات الرقابة على أقسام النساء في المشافي الحكومية والخاصة في إيران، وتم تجهيز مراكز للتوعية والإرشاد لإقناع الأزواج بالتراجع عن الإجهاض ضمن برنامج حكومي جديد حمل اسم “نفس”.

جاده ايران تلغرام
للمشاركة: