الجادّة: طريقٌ في اتجاهين
قراءة طويلة7 يوليو 2023 17:03
للمشاركة:

إيران ومخيم جنين.. تنسيق أم دور مباشر؟

تقدّم الجيش الإسرائيلي إلى مخيّم جنين، بدأت المعارك وانفجرت عبوات وصار الكل يسأل إن كانت الضفة الغربية على أبواب تطور وتصاعد في العمل العسكري الفلسطيني بعد ركود طال لأكثر من عشرة أعوام. في خضم ذلك، سارعت التصريحات الإيرانية بالخروج إلى العلن، معبّرة عن دعم الفلسطينيين في مواجهتهم للاحتلال.

ليس هناك ما يحتِّمُ الربط بين إيران وما يجري في فلسطين، وليس هناك ما يمنع من إجراء هذا الربط. اتهامات إسرائيلية للحرس الثوري بتحريك العمليات داخل المستوطنات وخارجها، وكلام إيراني على أعلى المستويات يُستشف من مضمونه أنّ العيون التي ترقب ما يجري لا تنام.

محاصرة إسرائيل؟

حذّر كتّابٌ إسرائيليون من أنّ وجود حركة “الجهاد الإسلامي” في جنين يعني أنّ إيران تريد محاصرة إسرائيل، وأكد إعلام عبري أنّ المعارك في جنين تؤكد رغبة إيران بإشعال الضفة الغربية.

على سبيل المثال، تحدثت “جيروزاليم بوست” عن سعي إيراني سابق “لزعزعة استقرار جنين وخلق فراغ في السلطة” الفلسطينية، و”نقل أسلحة إلى المدينة”، وعن أنّ “إيران لا تسعى فقط لنقل الأسلحة إلى الضفة الغربية، ولكن أيضاً لتهيئة الظروف لتهديد إسرائيل من مناطق متعددة”.

الأخطر في هذا الكلام هو أنه، برأي الصحيفة، بات من الممكن إضافة جنين في الحسابات الميدانية والسياسية إلى مناطق أخرى، مثل قطاع غزة وجنوب لبنان والجولان، “حيث توجد أنشطة لإيران”.

وكالة “رويترز” رأت أنً “كتائب جنين”، التي تتشكّل من مقاتلين من حركتَيْ “الجهاد الإسلامي” و”حماس” المدعومتين من إيران، فضلًا عن الجناح العسكري لحركة “فتح”، يتزايد وجودها بسبب تقاعس قوات الأمن التي يتزعّمها رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس.

وصرّح وزير الخارجية الإسرائيلي إيلي كوهين الاثنين: “ليس لدينا قتال مع الفلسطينيين. في الواقع، قتالنا هو مع وكلاء إيران في منطقتنا، وهو في الأساس مع حركة الجهاد الإسلامي وحركة حماس، وكلاهما منظمتنا إرهابيتان بتمويل من إيران”.

تنسيق مع طهران

كما درجت العادة، لم تنقطع التصريحات الإيرانية المواكبة للأحداث في الضفة الغربية خلال الأشهر الماضية، ولم تتأخر القيادات الفلسطينية في التواصل مع طهران. سريعًا التقى القائد الأعلى الإيراني آية الله علي خامنئي كلًا من الأمين العام لحركة “الجهاد الإسلامي” زياد نخالة وبعده رئيس المكتب السياسي لحركة “حماس” إسماعيل هنية.

وفي هذه اللقاءات تحدث خامنئي عن “اختلاف ملموس في أوضاع فلسطين مقارنةً بما كانت عليه قبل عامين”.

وأرجع خامنئي حالة الجمود في القضية الفلسطينية خلال الأعوام القليلة الماضية إلى “غياب الشباب عن الميدان”، وتابع: “لكنّ الشباب الآن دخلوا الميدان عفويًا، وأهمُّ ما في الأمر أنهم يستندون إلى الإسلام”.

وفي الحديث عن الشباب يشير خامنئي إلى منفّذي الهجمات ضد المستوطنين في مختلف المدن الفلسطينية المحتلة، حيث نُظر إلى توقيت بعضها على أنها رد إيراني مباشرٌ على هجمات طالت منشآت عسكرية داخل الأراضي الإيرانية اتُّهِمت إسرائيل بالوقوف خلفها.

وجاء على لسان خامنئي أنّ “الأحداث الأخيرة في جنين دليلٌ بارزٌ على دخول الجيل الفلسطيني الجديد ساحة المواجهة”، مما “ينذرُ بمستقبل مشرق وانتصار كامل”.

وتابع خامنئي: “القوة المتنامية لمجموعات المقاومة في الضفة الغربية هي مفتاح تركيع العدو الصهيوني. يجب أن يستمر هذا المسار”.
وفي هذه الزيارات إلى طهران، التي شملت لقاءات له مع عدد من القيادات الإيرانية، تقدم الوفدان بالشكر للجمهورية الإسلامية على دورها الفعال في تعزيز الوحدة والتعاون بين فصائل المقاومة.

دور إيراني مباشر؟

صيف عام 2014، أُسقطت طائرة مسيّرة في سماء طهران، وأتُّهِمَتْ إسرائيل علانيةً بالمسؤولية عن إرسالها. الرسالة كانت بالغة الخطورة، وقد فهمها الإيرانيون جيّدًا. منذ ذلك الحين، بدأ الكلام عن الرد، وتحديدًا عبر تسليح الضفة.

مصدر في المقاومة الفلسطينية أكد لـ”جادة إيران” عمق دور طهران في ما يحدث على مستوى الضفة الغربية، وخصوصًا جنين، لافتًا إلى رغبة إيرانية بالعمل بسرعة أكبر ضد إسرائيل انطلاقًا من الضفة، سرعة يبدو أنّ الفصائل الفلسطينية غير قادرة على مجاراتها حتى الآن. “الفصائل تعمل على الفحم، والإيراني يعمل على وقود نووي”، على حد تعبير المصدر.

في المقابل، نفى عضو المكتب السياسي لحركة “الجهاد الإسلامي” وممثلها في طهران عبد الناصر أبو شريف أن تكون إيران هي من تحرّك الميدان في الضفة، مذكّرًا بأنّ القضية الفلسطينية هي قضية عمرها 100 سنة ولا تحتاج لمن يحرّكها.

وفي حديث له مع “جاده إيران”، لفت أبو شريف إلى أنّ “مقاتلي كتيبة جنين وعلى الرغم من أنهم لم يتلقّوا أي دورة عسكرية حقيقية، إلا أنهم يحققون هذه الإنجازات أمام جيش العدو الصهيوني المدجج بالعتاد والإمكانات”.

أما في ما يتعلّق بالأطراف الداعمة لفصائل المقاومة الفلسطينية، فقد أكد ممثل “الجهاد الإسلامي” في طهران وجود تنسيق على مستويات عليا في جبهة المقاومة، من فلسطين إلى لبنان وسوريا والعراق وإيران، لكنه شدّد على أنّ “الفصائل الفلسطينية هي من تختار وتحدد زمان ومكان المواجهة مع الكيان الصهيوني”.

وعن إمكانية وضع معادلات تشمل الضفة كما حصل مع حي الشيخ جرّاح في القدس، تحدث أبو شريف عن بذل جهود كبيرة لتوحيد الساحات الفلسطينية، ومواجهة أي محاولة لتقسيم الفلسطينيين بين ضفة وغزة وقدس.

من جانبه، أوضح ممثل حركة “حماس” في طهران خالد القدومي إنّ هناك معادلة جديدة باتت تدفع الضفة للانسجام مع كل المناطق الفلسطينية.

وبحسب تصريح القدومي لـ”جاده إيران” فقد واجه الجيش الإسرائيلي في المخيّم استراتيجية جديدة من المقاتلين الفلسطينيين تقوم على حدّة منخفضة للنيران، لكن مع زيادة الهجمات والكمائن من خلال الألغام المضادة للدبابات والأسلحة الخفيفة، فضلًا عن الاشتباك عن مسافات قريبة مع الجنود الإسرائيليين.

جاده ايران تلغرام
للمشاركة: