الجادّة: طريقٌ في اتجاهين
قراءة طويلة6 يوليو 2023 10:37
للمشاركة:

“صبح شام” 11: “تجلس داخل السفينة وتثقبها”.. ماذا قال عبداللهيان لمشعل عن سوريا؟

في جانب من كتابه "صبح شام" الذي تترجم "جاده ايران" أقسامًا منه، يتحدث وزير الخارجية الإيراني حسين امير عبداللهيان عن انعكاس تطورات الأزمة السورية على لبنان والدور الذي لعبه حزب الله خلال تلك السنوات، كما يعرج إلى الحديث الذي دار بينه وبين رئيس المكتب السياسي لحركة حماس خالد مشعل حول أحداث سوريا.

بعض انعدام الأمن الناشئ عن زيادة الإرهاب في سوريا دخل الى لبنان. ارتكب تنظيم “داعش” أحداثًا كارثية في لبنان. في تلك الأيام، تعرّضت سفارتنا في بيروت إلى هجوم إرهابي. كانت تنفجر المفخخات في مناطق عدة في بيروت على التوالي وتقتل العديد من المواطنين الآمنين. وبذلك، أثّرت تطوّرات انعدام الأمن في سوريا بشكل مباشر على الأمن في لبنان.

بالإضافة إلى أنّ حزب الله الذي كان يواجه “داعش”، شارك الجيش اللبناني بشكل فعّال بتأمين الحدود المشتركة مع سوريا والدفاع عن لبنان وأمنه الداخلي.

ولحسن الحظ، اتفقت أغلب الأحزاب السياسية اللبنانية والشخصيات الفكرية والعقائدية على ضرورة مواجهة خطر “داعش”، وعقدوا الأمل على إجراءات حزب الله في منع دخول الإرهابيين من الأراضي السورية نحو الأراضي اللبنانية.

قدم حزب الله الكثير من الشهداء من أجل مواجهة الإرهاب في سوريا وتأمين لبنان. هؤلاء كانوا جزءً من مدافعي الحرم. وفي نفس الوقت، لم يكن حزب الله غافلًا عن مؤامرات الإسرائيليين.

حديث مع مشعل

 في عهد حكومة الراحل حافظ والأسد، نفّذ فرع الإخوان المسلمون في سوريا عمليّات مسلّحة ضد الحكومة السورية، على عكس الإخوان في مصر وتونس ودول أخرى في المنطقة.

ولتحقيق أهدافهم، حمل الإخوان المسلمون في سوريا السلاح ضد الحكومة السورية، لكن سرعان ما تم قمعهم، وبطبيعة الحال، فقد فسّر جزءٌ من الإخوان من وجهة نظرهم، أنّ ما قام به حافظ الأسد كان ضدهم.

وفي ظل هذه الخلفية التاريخية، شعر بعض الأشخاص من حركة “حماس”، الذين تنبع أيديولوجيتهم من أفكار الإخوان المسلمين، بأنّ الوضع في سوريا يتحرّك، وبأنّ هناك إمكانية للتغيير، فاعتقدوا بأنّه عليهم اغتنام أفضل فرصة للقيام بذلك العمل غير المكتمل، حتى يصل الاخوان للسلطة. وهذا التفكير جعل قلّة من “حماس” يشككون في التطوّرات في سوريا والمستقبل.

خلال الأزمة السورية، عقدتُ لقاءات عدة مع رئيس المكتب السياسي لحركة “حماس” خالد مشعل في مكتبه في الدوحة، وقلت له (عادة ما يكون استقبال الأصدقاء الفلسطينيين على الطراز العربي، أي أنّ الاجتماعات تبدأ في الساعة الحادية عشرة ليلاً ويرحّبون بالضيوف بسخاء وصدق، مع تقديم جميع أنواع الحلويات العربية – الراوي) في احد اللقاءات: “أنت من قادة المقاومة، وتفهم التطوّرات الإقليمية والدولية جيّداً، وتعلم بأنّ إسقاط بشار الأسد لن يكون فيه منفعة للمقاومة الفلسطينية أبداً. إنه أمر غريب بالنسبة لنا، ومن المؤسف بالطبع أنّ قلّة قليلة من حماس لديهم شكوك بشأن مستقبل سوريا، وربما يبتعدون عن بشار الأسد. أنتم تعلمون تأثير هذا الموقف على مصير فلسطين. إنه خطأ كبير ويُضعِف محور المقاومة، وكأنّك تجلس داخل السفينة وتثقبها”.

تحدّث السيّد خالد مشعل بالتفصيل ورد علي، مدح السيد بشار الأسد وشكر الحكومة السورية على استضافة الجماعات الفلسطينية بأفضل ما يمكن. قال هذه الأشياء في جلسة خاصة، ربما لإقناعي بصفتي نائب وزير خارجية إيران.

في اليوم التالي، أعدّ مرافقيَّ الذين حضروا الاجتماع خبرًا بناءً على كلام السيد مشعل، وكان عنوان الخبر أنّ خالد مشعل شكر بشار الأسد ودعمه لفلسطين.

في الوقت نفسه، كان للسيّد إسماعيل هنية، أحد قادة حماس، رؤية استراتيجية لسوريا وقيادتها، وعبّر عن مواقفه بدقة ووضوح شديد.

في تلك الأثناء، سافر هنية إلى طهران، وكانت له مباحثات مثمرة وإيجابية مع المسؤولين الإيرانيين.

بالطبع، في مدة قصيرة، عادت آراء خالد مشعل إلى الطريق الصحيح والمسار الدقيق. لكنّ هذا الاختلاف في الرأي وعدم الفهم الصحيح للقضايا السياسية أثّر أيضًا على الفلسطينيين الذين يعيشون بلا أمل في مخيّمات اللاجئين.

بالطبع، كان للتطوّرات الميدانية في هذا المجال التأثير الرئيسي، حيث كان البعض يعتقد بأنّ إزاحة بشار الأسد عن السلطة ممكنة، لكن بعد فترة رأى هؤلاء الأشخاص أنه لن يسقط، كما أظهرت التطوّرات اللاحقة أن الولايات المتحدة والإسرائيليين هم حقًّا وراء هذه القضية، وفهم البعض أنهم تصرّفوا على عجل، وحتى لو تم إسقاط بشار الأسد، فلن يسمحوا للإخوان المسلمين بالوصول إلى السلطة في سوريا، تمامًا كما لم يسمحوا للإخوان المسلمين في مصر بالبقاء في السلطة.

جاده ايران تلغرام
للمشاركة: