الجادّة: طريقٌ في اتجاهين
قراءة طويلة10 يونيو 2023 14:12
للمشاركة:

“صبح شام” 9: تغيّر الموقف القطري.. والاعتدال الكويتي

يتناول وزير الخارجية الإيراني عبد اللهيان في كتابه "صبح شام"، الذي تترجمه "جاده إيران"، تطوّر السلوك والموقف القطريين تجاه ما حصل في سوريا، بدءًا من المعارضة الشديد لبقاء الرئيس السوري بشار الأسد في الحكم، وصولًا إلى تراجع حدة هذه المعارضة مع تغيّر الظروف السياسية الإقليمية. أما الكويت، فهي الدولة الخليجية التي بقيت أكثر اعتدالًا وعقلانية، بحسب الوزير الإيراني.

قطر دولة ترغب بأن يكون لها دور في المنطقة، وأن تكون لاعبًا مؤثّرًا. بالنظر إلى إمكانات هذه الدولة، فإنّ دورها مختلف عن الدور السعودي. على سبيل المثال، في حرب الـ 33 يومًا، لعب أمير قطر السابق الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني – والد أمير قطر الحالي الشيخ تميم بن حمد – دور الوساطة بين المقاومة والجيش اللبناني من جهة، وإسرائيل من جهة أخرى.

وفي حين أنه ساعد في التوصل لوقف إطلاق النار الذي أرادته إسرائيل، حاول المحافظة على علاقته مع حزب الله. لذلك، تحاول قطر لعب دور. هذا الدور كان موجودًا في المواقف الإيجابية. بسبب سلوكها ونظرتها للإخوان المسلمين في مصر، سعت قطر لكي تكون إلى جانبهم. لكن في سوريا، كان لها دور مختلف. قيل إن بعض الجماعات المسلّحة كانت على علاقة بقطر، ومن جهة أخرى حاولت أن توجد تحرّكًا سياسيًّا، لتقول إنّ لها دورًا فعّالًا في سوريا. طبعا في فترة رئاسة وزراء الشيخ حمد بن جاسم آل ثاني، كانت معارضة قطر لسورية أشد، لكنها أصبحت أكثر منطقية تدريجيًا.

استقبلت قطر خلال السنوات الأخيرة الشيخ “يوسف القرضاوي”، الذي أصدر فتاوى فتنوية وتفرقة بين المسلمين بهدف إسقاط بشار الأسد. دور القرضاوي في قضية سوريا كان جزءًا من أجندة قطر في هذه المسألة. لم يكن القرضاوي من يؤثر في قرارات قطر بشأن الأزمة السورية، بل قطر كانت تستغلّ وجود عنصر مثل القرضاوي في أجندتها الإقليمية.

وسّع القرضاوي من التشدد والتطرّف، لدرجة أن القطريين خافوا، وأحسّوا بأنّ استمرار نشاطه قد يتسبب بمخاطر للأمن القطري. تم تصحيح مواقف قطر من الشأن السوري، أوّلًا عندما علمت بأن الكثير من إجراءاتها ضد الدولة السورية لن تصل الى نتيجة. وثانيًا عندما دخلت في قطيعة مع السعودية، وفرضت الأخيرة مع مصر، الإمارات والبحرين عقوبات على قطر. بالنتيجة، دخلت قطر في حالة عزلة في منطقة الخليج، فُرضت عليها من جهة السعودية. لكنّ طهران قوّت علاقاتها مع الدوحة وساعدت إلى جانب تركيا في تخطي العقوبات عليها.

حاولت الكويت طيلة الأزمة السورية أن تلتزم بسياسة عقلانية ومعتدلة، بحيث تكون نشطة وتلعب دورًا بنّاءً مقارنة بالدولة الأخرى. من جملة النشاطات التي قامت بها الكويت في ذروة الأزمة السورية، أقامت اجتماعين لجمع المساعدات للمهجّرين السوريين، ودعت في كلا الاجتماعين كلًّا من الأمين العام للأمم المتحدة آنذاك بان كي مون والمنظمات الدولية.

أراد الكويتيون أن يظهروا على أنهم إلى جانب الشعب السوري، وأنّ لهم دورًا في التغييرات التي تشهدها هذه الدولة. لم يتخذوا مواقفاً واضحًا في المسائل الحساسة، ولم يُعلنوا مواقفهم ضد الأسد أو معارضيه، وإنما ركّزوا على المواقف الإنسانية. وحاولوا أن يقدّموا أكبر وأضخم المساعدات باسم أمير الكويت الشيخ صباح إلى سوريا. والسؤال هو لماذا كانت الكويت تفعل ذلك؟ الكويت في الأصل تحاول أن تكون الطرف الإيجابي في صراعات المنطقة، وأن تلعب دورًا بنّاءً فيها. في نفس الوقت، قد تخضع إلى الضغوطات السعودية والأطراف الخارجية.

تمتلك الكويت نسيجًا مجتمعيًا خاصًا من الشيعة والسنّة، لكنّ الجوَّ الحاكم على عقلية أمير الكويت هو أن تُحكم المنطقة بهدوء. يدرك أمير الكويت أنّ الهدوء في المنطقة هو لمصلحة جميع الأطراف. حُكّام الكويت لا ينسون أبدًا الدور الإيجابي والمساعدات الإيرانية خلال فترة الاحتلال من قبل صدام حسين في تسعينيات القرن الماضي. حتى أنّ الكويت لا تؤيّد السياسة العدائية للسعودية ضد اليمن، لكنّها ليست في ظروف تساعدها على معارضتها علانية.

في النتيجة، سعت الكويت إلى إحلال السلام في حرب اليمن. لكنّ السعودية أفشلت بشدة هذه المساعي. بعد تلقي أمير الكويت رسالة الرئيس روحاني للحوار والتعاون الإقليمي، كان يمكن للأمير أن يتعامل مع الأمر بطريقتين. إما أن ينسى الرسالة، أو أن يسعى بشكل فعّال لإنجاح الأمر. بعد تلقّيه الرسالة، وفي خضمّ الأزمة السورية، وأزمات المنطقة، ومنها قضية اليمن، أوكل إلى أحد وزراء البلاد بالتحاور مع المسوؤلين في الدول الخليجية، وأن ينقل لهم أنّ إيران أرسلت لنا رسالة بنّاءة؛ ومن الجيّد أن نقدّم لإيران جوابًا وأن نكون على تنسيق في ذلك. وهذه تعود إلى فكر وطبيعة أمير الكويت. بالإضافة إلى أن تجربة احتلال صدام للكويت، أثّرت في نظرتهم للقضايا.

بعد الحادثة، باتوا يشعرون بشكل واضح بمعنى الحرب، وما هي النتائج التي يمكن أن يتضمّنها دعم شخص مجرم مثل صدام. أعتقد بأنّ الدرس الذي تعلّموه من تلك القصة أظهر هذه الطريقة والسلوك المعتدل لديهم.

جاده ايران تلغرام
للمشاركة: