الجادّة: طريقٌ في اتجاهين
قراءة طويلة14 مايو 2023 07:12
للمشاركة:

“لا صفقة، لا أزمة”.. سياسة أميركية غير مستدامة تجاه إيران

يدعو الكاتب الإيراني سيّد حسين موسويان الرئيس الأميركي جو بايدن لعدم السماح بقتل خطة العمل الشاملة المشتركة واصفًا التخلّي عن هذه الخطة من قبل الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب بالخطأ الاستراتيجي، وذلك في مقال له نشره موقع "رسبونسبل ستايت كرافت".

في أيار/ مايو 2018، انسحب دونالد ترامب من الاتفاق النووي لعام 2015 مع إيران (خطة العمل الشاملة المشتركة أو JCPOA) وفشل الرئيس جو بايدن في إحيائها.

لم تتوصل إدارة بايدن إلى قرار سياسي واضح لاستكمال المفاوضات. حيث أنها تصر من ناحية على أنّ “الدبلوماسية هي الخيار الأفضل”، بينما تقول، من ناحية أخرى، إن خطة العمل الشاملة المشتركة “ليست على جدول الأعمال”. هذا خطأ.

منذ أيلول/ سبتمبر 2022، توقفت المفاوضات بشأن خطة العمل الشاملة المشتركة. أدى التصدير المشتبه به لأسلحة إيرانية إلى روسيا لاستخدامها في أوكرانيا والاضطرابات في إيران بعد مقتل مهسا أميني لعدم ارتدائها الحجاب إلى تحويل التركيز الأميركي والأوروبي عن إحياء خطة العمل الشاملة المشتركة.

في آب/ أغسطس 2022، قال رئيس السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل إن الاتفاق النهائي لإحياء الاتفاق النووي الإيراني جاهز للتوقيع. على الرغم من أنّ الحكومة الإيرانية لم توافق في ذلك الوقت، إلا أنها أشارت خلال الأشهر الأخيرة إلى أنها مستعدة للقيام بذلك، فضلًا عن التوقيع على صفقة الأسرى.

اتفقت إيران والولايات المتحدة على تفاصيل تبادل الأسرى، لكن من المحتمل أن تشعر واشنطن بالقلق من رد الفعل السياسي المحلّي، لأنّ هذه الصفقة ستشمل الإفراج عن ما يقرب سبعة مليارات دولار من الأموال الإيرانية المحجوزة في الخارج.

علاوة على ذلك، فإنّ القيود على خطة العمل الشاملة المشتركة على برنامج إيران النووي والصاروخي وتجارة الأسلحة تمتدّ من 2023 إلى 2041.

واستناداً إلى خطة العمل الشاملة المشتركة، في تشرين الأول/ أكتوبر 2023، من المفترض أن يرفع مجلس الأمن الدولي القيود المفروضة على الصواريخ والطائرات من دون طيار الإيرانية ذات مدى يزيد عن 300 كلم. مطلوب من إدارة بايدن السعي للحصول على تشريع في الكونغرس يُنهي بعض العقوبات الأميركية في هذا المجال.

يمكن أن يكون رفع العقوبات هذا قاسياً لجهة الهجمات السياسية التي سيتسبب بها من الجمهوريين على إدارة بايدن خلال موسم الانتخابات. لكنّ المزيد من التأخير يجلب مخاطره الخاصة. لقد وصل البرنامج النووي الإيراني بالفعل إلى النقطة التي يمكن أن تنتج فيها إيران في غضون أسبوعين ما يكفي من اليورانيوم المستخدم لصنع الأسلحة أي لصنع قنبلة نووية واحدة.

في مواجهة هذا الوضع المعقّد، فإنّ إدارة بايدن مترددة. ربما تفكر في “اتفاقية مؤقتة” كحلٍّ وسط للولايات المتحدة لاحتواء هذا الموقف. سيكون هذا متّسقًا مع سياسة إدارة بايدن الأخيرة المتمثلة في “لا صفقة، لا أزمة” مع إيران، حيث تحاول الإدارة أيضًا تجنّب صراع عسكري كبير. في آذار/ مارس، كان هناك اشتباك بين القوات الإيرانية والأميركية في سوريا.

لذلك، تواجه الولايات المتحدة وأوروبا ثلاثة خيارات سياسية.

الأول، هو هذه “الاتفاقية المؤقتة” المذكورة أعلاه أو الخطة ب. على الأرجح، ستطالب الولايات المتحدة بتجميد أجزاء مهمة من برنامج إيران النووي، بما في ذلك عدم تخصيب اليورانيوم إلى درجة قريبة من الأسلحة، وتخفيض مخزون إيران من اليورانيوم عالي التخصيب، مقابل تخفيف محدود للعقوبات الأميركية.

لقد رفضت إيران بالفعل هذا الخيار، لأنها ستفقد ورقة المساومة التي يوفرها مخزونها من اليورانيوم عالي التخصيب مقابل تخفيف محدود للعقوبات في اتفاقية مؤقتة غير مستدامة.

قد تكون النسخة الأكثر واقعية من هذا الخيار هي بديل على قاعدة “أكثر مقابل أكثر”. ترغب إيران في رفع العقوبات عن مؤسساتها المالية وصادراتها النفطية. تشعر الولايات المتحدة وأوروبا بالقلق إزاء مخزون إيران من اليورانيوم عالي التخصيب وإعادة امتثال إيران الطوعي للبروتوكول الإضافي لاتفاقية الضمانات مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية.

إنّ عمليات التفتيش التي يسمح بها البروتوكول الإضافي ستساعد الوكالة الدولية للطاقة الذرية على تحديد ما إذا كانت إيران قد بنت أي منشآت نووية سرية خلال الفترة التي علّقت فيها شفافيتها.

ومع ذلك، لن يكون الاتفاق المؤقت حلاً مستدامًا، ومن غير المرجح بأي حال من الأحوال أن توافق إدارة بايدن على رفع العقوبات عن المؤسسات المالية الإيرانية وصادرات النفط كجزء من اتفاقية مؤقتة.

الخيار الثاني قيد النظر من قبل الأطراف الأوروبية في خطة العمل الشاملة المشتركة هو تفعيل “آلية الزناد” في قرار مجلس الأمن رقم 2231 الداعم لخطة العمل الشاملة المشتركة. وهذا من شأنه أن يعيد جميع العقوبات التي أوقفتها خطة العمل الشاملة المشتركة. عقدت فرنسا، بريطانيا وألمانيا مؤخرًا اجتماعاً مع عشرة أعضاء غير دائمين في مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة لمناقشة “آلية الزناد أو المفاجئة”.

قد ينطوي هذا السيناريو على مخاطر كبيرة، حيث قد ترد إيران بالانسحاب من معاهدة حظر الانتشار النووي التي تسمح للوكالة الدولية للطاقة الذرية بمراقبة موادها النووية.

إنّ أي ضربة عسكرية أميركية أو إسرائيلية ستغيّر بشكل كبير حسابات إيران للتهديدات الأمنية المباشرة، وبالتالي، من المرجح أن تدفع إيران نحو بناء سلاح نووي. ستكون عواقب الحرب مع إيران أكبر بكثير من تلك الناتجة عن الحربين على العراق وأفغانستان.

في الوقت نفسه، تخوض الولايات المتحدة وأوروبا حربًا بالوكالة مع روسيا في أوكرانيا. علاوة على ذلك، في حين أنّ العلاقات الحالية بين الاتحاد الأوروبي وإيران تشهد بالفعل توترات غير مسبوقة، فإنّ أي مبادرة من الاتحاد الأوروبي لتفعيل آلية المفاجئة ستكون بمثابة مسمار في نعش العلاقات التاريخية الثنائية مع أوروبا والغرب.

الخيار الثالث والأفضل هو أن تستأنف إيران والولايات المتحدة المفاوضات المباشرة، والتنازل عن بعض تدابير بناء الثقة لاحتواء التوترات، وإحياء خطة العمل الشاملة المشتركة على أساس مسودة اتفاق آب/ أغسطس 2022 وتنفيذ تبادل الأسرى.

في الآونة الأخيرة، وفي خطوة متواضعة في هذا الاتجاه، في الأول من أيار/ مايو، بدأت الوكالة الدولية للطاقة الذرية بإعادة تركيب الكاميرات في بعض المنشآت النووية في إيران بموجب اتفاق توصلت إليه الوكالة مع طهران في آذار/ مارس 2023. إنّ إجراءات بناء الثقة هذه مفيدة إذا تم تبادلها بشكل متناسب بين الولايات المتحدة وقوى عالمية أخرى.

في الوقت نفسه، لمعالجة القضايا الإقليمية، يجب بدء حوار بين إيران ودول الخليج الأخرى.

أوجد الاتفاق الأخير لإعادة العلاقات الدبلوماسية بين إيران والسعودية فرصة ذهبية لبدء حوار إقليمي عن الأمن الجماعي. مثل هذا الحوار يمكن أن يؤدي إلى اتفاقيات للتعاون في أمن الطاقة والقضايا البحرية في الخليج، والتقارب العربي – الإيراني، وحل الأزمات الإقليمية في اليمن ولبنان وسوريا والعراق.

وفي هذا الإطار، قال روزماري ديكارلو وكيلة الأمين العام للأمم المتحدة: “يُنظر إلى خطة العمل الشاملة المشتركة على نطاق واسع على أنها حجر الزاوية في منع انتشار الأسلحة النووية، ومثال لما يمكن أن يحققه الحوار والدبلوماسية”. يجب اعتبار خطة العمل المشتركة الشاملة (JCPOA) كطريق نحو إعادة بناء نظام أمني إقليمي سلمي في الخليج والشرق الأوسط الكبير.

بعد خمس سنوات من خطأ ترامب الاستراتيجي بالانسحاب من خطة العمل الشاملة المشتركة، يجب على الرئيس بايدن ألا يسمح للسعي الكبير للتوصل إلى صفقة أفضل أن يقتل خطة العمل الشاملة المشتركة – وهي أكثر اتفاقية شاملة لمنع انتشار الأسلحة في التاريخ – مما يعيق فرص إنشاء آلية جديدة للأمن والتعاون في الخليج لتعزيز السلام المستدام وتسهيل الطريق إلى منطقة إقليمية خالية من جميع أسلحة الدمار الشامل.

إن المعلومات والآراء المذكورة في هذه المقالة المترجمة لا تعبّر بالضرورة عن رأي جاده إيران وإنما تعبّر عن رأي كاتبها أو المؤسسة حيث جرى نشرها أولًا

جاده ايران تلغرام
للمشاركة: