الجادّة: طريقٌ في اتجاهين
قراءة طويلة9 أبريل 2023 16:12
للمشاركة:

ما هو الدافع الحقيقي وراء صفقة إيران مع السعودية؟

يرى الكاتبان سعيد جولكار وكسرى عربي أنّ الهدف الإيراني الأساسي من الصفقة الدبلوماسية الأخيرة مع السعودية يتعدّى بكثير مسألة تطبيع العلاقات، حيث تريد طهران وفق مقالهما الوارد في مجلة "فورين بوليسي"، المساهمة بفعالية في تكوين نظام إقليمي وعالمي جديد يستبعد الولايات المتحدة.

أثار الاتفاق الذي توسطت فيه الصين بين إيران والسعودية، والذي أُعلن الشهر الماضي، ضجة كبيرة، حيث ذهب بعض المراقبين إلى حد إعلانه انتصارًا للأمن الدولي.

لكنّ الكثير من التحليل غاب عن نقطة رئيسية: بالنسبة للقائد الأعلى الإيراني آية الله علي خامنئي والحرس الثوري الإسلامي، فإنّ الصفقة تتعلّق بما هو أكثر بكثير من تطبيع العلاقات مع الحكومة السعودية في الرياض. بدلاً من ذلك، يتعلق الأمر بمزيد من التسهيل، جنبًا إلى جنب مع الصين وروسيا، لنشوء نظام عالمي جديد مناهض للغرب واستبعاد الولايات المتحدة من ترتيب إقليمي جديد.

في الواقع، من وجهة نظر خامنئي والحرس الثوري الإيراني، فإنّ استعادة العلاقات مع السعودية هي الجانب الأقل أهمية في الصفقة. الأهم من ذلك أنه يمثل علامة فارقة أخرى نحو تحقيق طموحات النظام الكبرى – هذه المرة مع الأصدقاء الأقوياء. يعتقد خامنئي البالغ من العمر 83 عامًا، مثل سلفه، أنّ صدام الحضارات كان موجودًا منذ فترة طويلة بين ما يسمى بالعالم الإسلامي والغرب. كان مشروع الثورة الإسلامية طويل الأمد يتمثّل باستعادة الحضارة الإسلامية بقيادة الإسلاميين الشيعة في إيران.

في العصر الحديث، كان يُنظر دائمًا إلى الولايات المتحدة والنظام الدولي الليبرالي الذي تقوده على أنهما العقبة النهائية – الشيطان الأكبر – التي تقف في طريق تحقيق هذا الهدف. وعلى مدى 44 عامًا من وجود الجمهورية الإسلامية، ركّز النظام كل موارده على زعزعة جوهر شرعية الغرب. في السنوات الأخيرة، جاء هذا الهدف لربط خامنئي بالرئيس الروسي فلاديمير بوتين والرئيس الصيني شي جين بينغ – وكلاهما شريكان غير متوقعين.

سواء تم استغلال الصين وروسيا بالكامل في هذه الترويكا الأيديولوجية أم لا، فمن الواضح أن النظام الإيراني هو كل شيء. يرى خامنئي حضارة إسلامية بقيادة إيران، وحضارة روسية سلافية بقيادة روسيا، وحضارة كونفوشيوسية شيوعية بقيادة الصين، جميعها في حالة حرب مع الحضارة الغربية – وهو يعتقد بأنه توجد الآن أفضل فرصة منذ عقود لاقتلاع الغرب.

تعتقد الدائرة المقرّبة من خامنئي والحرس الثوري الإيراني بصدق بأنّ النظام العالمي الليبرالي الذي تقوده الولايات المتحدة ينهار ويتشكل نظام جديد مناهض للغرب تقوده الصين وروسيا وإيران. في الآونة الأخيرة، في تشرين الثاني/ نوفمبر 2022، حدد خامنئي رؤية لنظام جديد قائم على “عزل الولايات المتحدة، نقل السلطة إلى آسيا وتوسيع جبهة المقاومة بقيادة الجمهورية الإسلامية.

هذه هي العدسة التي من خلالها يدعم خامنئي حرب بوتين في أوكرانيا، ويقدّم له الدعم العسكري. وهذه هي الطريقة التي تنظر بها طهران إلى الصفقة الإيرانية – السعودية التي توسطت فيها الصين. هذا ما أكده مسؤولو النظام المتشددون في إيران. بعد توقيع الصفقة، أكد القائد الأعلى للحرس الثوري الإيراني والمستشار العسكري لخامنئي يحيى رحيم صفوي بدء مرحلة ما بعد الولايات المتحدة في المنطقة، وأنّ الصفقة كانت “ثاني أكبر ضربة للصين للولايات المتحدة”.

جاده ايران تلغرام
للمشاركة: