الجادّة: طريقٌ في اتجاهين
قراءة طويلة25 فبراير 2023 18:40
للمشاركة:

برويز ثابتي: يد الشاه الحمراء

لسنوات غابت صورة برويز ثابتي عن المشهد العام، كان بين الفينة والأخرى يظهر في الصحافة الأميركية ليدلو بدلوه حول تجربته كنائب رئيس السافاك، الجهاز الأمني السيء الصيت في زمن الحكم الملكي في إيران. أطول حوار أجراه كان مع الصحفي عرفان قانعي فرد، الذي نشره في كتاب صدر عام ٢٠١٢ بعنوان "در دامگه حادثه" أو ما ترجمته إلى العربية في خضم الحدث.

قدّم ثابتي نفسه كصوت العقل في المؤسسة الأمنية الإيرانية، متبنيا سردية تناقض كل الشهادات التي سبق وأن قدمها مسؤولون سابقون في السافاك عن دوره في قتل وسجن المعارضين خلال العقد الأخير الذي سبق اطاحة حكم الشاه محمد رضا بهلوي.

خلال الأسابيع الماضية عاد اسم ثابتي ليشغل مساحة من التغطية الإعلامية بعدما نشرت ابنته صورة لها معه خلال تظاهرة للمعارضة الإيرانية في الولايات المتحدة. الصورة دفعت الحكومة الإيرانية لمطالبة واشنطن بتسليمه إليها، فيما تفاعلت قضية ظهوره في الرأي العام الإيراني بشكل كبير مثيرا زوبعة حتى داخل معسكر المعارضة الخارجية.

من هو برويز ثابتي؟

في كتابه “لغز أبو الهول الإيراني” عن رئيس الوزراء خلال زمن الشاه أمير عباس هويدا، يمرّ المؤرخ المعارض عباس ميلاني على ثابتي واصفا إياه بصاحب الشخصية التي اخترقت كل أوجه الحياة في إيران، ولعل هذا الوصف يختصر الصعود الصاروخي للشاب المولود عام ١٩٣٦ في محافظة سمنان لوالدين من الطائفة البهائية، وكيف انتقل من كلية الحقوق في جامعة طهران ليصبح اليد الغليظة للشاه ضد معارضيه قتلا وسجنا وفي بعض الأوقات تجنيدا.

يقول ثابتي إنه تربى في بيت بهائي لكنه لا يتبنى المعتقدات البهائية ولا أي دين آخر. بل هو في خضم اجابته عن انتمائه الديني يصف الإسلام بأنه دين جاء إلى العرب وأن الفرس لديهم ثقافة ودين (الزردشتية) أكثر تقدما.
لم يكن ثابتي غريبا عن وسائل الإعلام خلال مدة نشاطه في السافاك، فقد كان الوجه الذي قدمه الجهاز الأمني ليتحدث باسمه ويدافع عنه كلما صعدت إلى السطح قضية حول انتهاكات السافاك لحقوق الإنسان.

بين هذه القضايا قتل تسعة من المعارضين الإيرانيين في العام ١٩٧٥ والتي ادعى ثابتي إنهم قتلوا خلال مطاردتهم بعد هروبهم من السجن.
في الكتاب عن حياته يقول ثابتي إنه في سنوات شبابه الأولى كان مؤيدا لرئيس الحكومة الإيرانية الأسبق محمد مصدق، لكنه لاحقا أصبح مناوئا له وتحول لتأييد الشاه. هذا التحول سمح له بأن يكون بين أوائل المتعاقدين مع جهاز السافاك وليتخطى في وقت لاحق كثر ممن سبقوه ويتولى مسؤوليات مختلفة فيه.

في مذكراته “صعود وسقوط السلالة البهلوية” يستذكر أخر رئيس للسافاك حسين فردوست كيف زاره ثابتي قبل أشهر من الثورة وأخبره بنيته مغادرة البلاد واستقالته في آن. يقول فردوست إن ثابتي أخبره أنه ذاهب للعمل مع وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية، لكن ثابتي نفى ذلك في الكتاب الذي نشر حوله مؤكدا أنه تقاعد مبكرا وغادر إلى أميركا مع أسرته.

لا ينفي ثابتي أنه كان من أنصار وجهة النظر القائلة بضرورة التشدد مع المعارضين مضيفا أن التلكؤ في ذلك أدى إلى نحاج الثورة، رغما أنه في مواضع مختلفة أشار إلى أنه كان معارضا للكثير من السياسات التي انتهجها الشاه في الداخل، بما في ذلك الاحتفال بمناسبة مرور ٢٥٠٠ عاما على الملكية في إيران والذي أثار حينها الكثير من السخط بسبب البذخ والترف الذي مارسه الشاه في الوقت الذي كان فيه كثرمن الإيرانيين تحت خط الفقر.

امتد تأثير ثابتي خارج الحدود الإيرانية ليصل إلى لبنان حيث يقول الكاتب ارش رئيسي نجاد إنه والسفير الإيراني في بيروت حينذاك منصور قدر خططا لاغتيال موسى الصدر معنويا من خلال بناء لوبي داخل الطائفة الشيعية، من رجال دين ونخب، يعارضون حضور الصدر وينشرون حوله الشائعات. ومن بين الوسائل المستخدمة نشر كتيبات تصف الصدر بالعميل الخارجي والفاسد ماليا.

في إجابته على مسألة اختفاء الصدر في ليبيا يقول ثابتي إن نقاشا حادا جرى بين معمر القذافي والصدر حول أموال أرسلها إليه تطور ليتحول إلى شجار ما أدى إلى إصابة الصدر بسكتة قلبية وتوفي على الفور.
وتدور شكوك حول دور ثابتي في اغتيال نجل آية الله روح الله الخميني والمفكر الإيراني علي شريعتي، إلا أن ثابتي يدعي في الكتاب أن المعارضة الايرانية حينذاك قتلتهما لتعبئة الشارع ضد الشاه.
ثابتي متزوج من نسرين ثابتي ولديه ابنة هي بارديس ثابتي وتعمل أستاذة جامعية في الولايات المتحدة الأميركية.

جاده ايران تلغرام
للمشاركة: