الجادّة: طريقٌ في اتجاهين
قراءة طويلة23 مايو 2022 18:44
للمشاركة:

رئیسي في عمان.. زيارة اقتصادية وأمل بإنهاء العقوبات

ترحیب لافت وآمال کبیرة في توسیع العلاقات مع عُمان؛ هکذا بدأت أول زيارة رسمية يقوم بها الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي منذ تولّيه السلطة صيف العام 2021، حيث كانت الأربع زيارات الماضية إلى خارج البلاد في سياق حضور مؤتمرات واجتماعات مختلفة.

في مطار العاصمة مسقط التي تُعدّ بوابة العلاقات الدبلوماسية بین إيران والولایات المتحدة علی الأقل خلال السنوات الماضية. كان السلطان العماني هيثم بن طارق آل سعيد في استقبال رئيسي شخصيًا، بعد أن كان من المقرر أن يكون وزير الخارجية بدر بن حمد البوسعيدي في الاستقبال. الأمر الذي يظهر أهمية ومستوى العلاقات بين البلدين، وفق ما كتبت وكالة “ارنا” الرسمية. وكان الرئيس الإيراني أكد قبل مغادرته طهران صباح الأثنين 23 أيار/ مايو 2022، على أن الزيارة تندرج ضمن مخطط حکومته لتعزیز العلاقات مع دول الجوار بدل الترکیز علی بضع دول غربیة لا تظهر أي نوایا حسنة تجاه الشعب الإيراني.

وأثارت صور الموكب العماني الكبير الذي رافق الرئیس الایراني خلال مراسم الاستقبال انتباه العدید من ناشطي وسائل التواصل الاجتماعي، بالإضافة إلى وسائل الإعلام الإيرانية، حیث وصفتها وکالة “إرنا” على سبيل المثال بالاستقبال العظيم الذي يتناسب مع موقع الشعب الإيراني.

وتصدرت الملفات الاقتصادیة مباحثات الزیارة، حیث أعلنت الرئاسة الإيرانية بعد ساعات من وصول رئیسي عن توقیع 12 اتفاقیة اقتصادیة تشمل قطاعات التجارة، النقل البحري والجوي، الطاقة والسیاحة. کما تحدث وزیر النقل الایراني رستم قاسمي خلال الزيارة عن تفعیل “اتفاقیة عشق آباد” مع عمان للتوجه نحو استخدام ممر شمال- جنوب الذي سیلعب دوراً بارزاً في خریطة التجارة العالمیة، خاصة بعد اندلاع الحرب في أوكرانيا.

وتضم هذه الاتفاقیة التي انعقدت عام 2011 كلاً من إيران، سلطنة عمان، تركمانستان، أوزباكستان وكازاخستان، وتهدف إلى إنشاء شبكة واسعة من الطرق والخطوط البحریة والجوية تسهل التجارة العالمیة، وتعطي دوراً محوریاً للدول التي تمر بها.

بدوره أكد وزیر النفط الإيراني جواد أوجي أنّ البلدین قد توصلا إلى اتفاق یقضي بتوسیع حقل هنغام المشترك وزيادة صادرات إيران الفنیة والهندسیة الی السلطنة. وحسب التقاریر الإعلامية فقد بلغ مستوی العلاقات الاقتصادیة بین إيران وعمان 1.3 ملیار دولار خلال العام الماضي، لكنّ الرئیس الإيراني اعتبر ذلك غیر مرض في ظلّ الإمكانيات الموجودة والعلاقات السیاسیة الرائعة جداً، حسب تعبیره.

لا حدیث عن السیاسیة والعقوبات

تعرف سلطنة عمان عند المنظومة السیاسیة الخارجية الإيرانية بدورها الوسیط بین طهران وواشنطن. وبناء علیه، توقعت العدید من وسائل الإعلام الإيرانية حدوث مفاجئات أو اتخاذ مواقف صریحة بشأن المفاوضات النوویة، كتحریر أرصدة إيران المجمّدة خلال الزیارة أو حتی مؤشرات تدل علی انفراج جدید في العلاقات الإيرانية – السعودية والتي ترتبط وفق المراقبين بمصیر الحرب في الیمن.

لكنّ ما ظهر للعلن في هذه الزيارة الإيرانية رفيعة المستوى إلى مسقط سوى المباحثات اقتصادیة الثنائية بعيدًا عن الملف النووي أو أي قضیة إقليمية أخرى.

ورغم أنّ وسائل الإعلام الإيرانية بناءً على مصادر متعددة  کانت قد تحدثت قبل أسابيع عن تحریر ما یتجاوز سبعة مليارات دولار من الأموال الإيرانية عبر المصارف العمانیة بعد صفقة أفضت إلى الإفراج عن سجناء بریطانیین بواسطه عمانیة خلال شهر نيسان/ أبريل الماضي، لکن مصادر أخرى تشیر إلى أنّ المصارف العمانیة لا تزال تحتفظ بهذه الأموال وتسمح فقط بشراء بعض السلع التي لا ترتبط بأغراض عسكرية أو نوویة.

وبالتالي یمکن القول إنّه رغم محاولة الرئیس الإيراني إظهار عدم اهتمام بالدور الأميركي خلال زیارته إلى عمان، لکن لیس من المستبعد إجراء مباحثات عن مستقبل الملف النووي بعیداً عن الإعلام والکامیرات، خاصة في ظل الأنباء التي تفيد بأن هناك مقترحات جديدة على الطاولة من أجل حل الخلاف الذي يعطل التوافق على إحياء الاتفاق النووي. وهذا الأمر ينطوي أيضا على الدور العماني في الوساطة ما بين طهران والرياض.

التوجه نحو الموانئ العمانیة مستقبلاً

تطالب جهات اقتصاد داخل إيران منذ سنوات بتغییر وجهة البلاد التجاریه علی الصعید الإقليمي من دولة الإمارات، وتحدیداً میناء جبل باتجاه سلطنة عمان التي تتطلّع إلى دور اقتصادي أكبر خلال السنوات المقبلة، وهي التي تتمتع بعلاقات سیاسیة أفضل مع الجار الإيراني.

وتعالت هذه الأصوات بعد أن لعبت الإمارات دوراً بارزاً في تنفیذ سیاسة الضغوط القصوی التي انتهجها الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب ضد ایران منذ عام 2018، والتي أدت إلى إغلاق العدید من المراکز المالیة المرتبطة بالمصرف المرکزي الإيراني في دبي، وبالتالي ساهمت بانهيار الریال الإيراني أمام الدولار.

ويتطرّق رئیس غرفة التجارة العمانیة – الإيرانية  محسن ضرابي إلى هذه المطالبات بقوله: “بإمكان عمان أن تحل محلّ دبي للتجارة الخارجیة الإيرانية، لکنها بحاجة إلى المزید من البنی التحتیة”.

ویتابع: “رغم أنّ بعض الموانئ والمراکز التجاریة العمانیة لا ترحب کثیراً بالتعامل مع السفن الایرانیة، خوفاً من العقوبات الأميركية، لكنّ إنشاء خط بحري مباشر من السلطنة نحو مدینة تشابهار الإيرانية سیفتح مساحة کبیرة أمامنا، علماً بأنّ المدینة لا تشملها العقوبات، حيث أنّ الهند على سبيل المثال قامت باستثمارات ضخمه فیها. وبالنظر إلى استعداد إيران لتصدير الغاز إلى عمان والعلاقات السیاسیة الممتازة بین البلدین، يمكن أن نتوقّع تشکیل مرکز تجاری موازی لدبي خلال السنوات المقبلة بمساهمة إيرانية كبيرة.

وفي خطوه ذات دلالات دبلوماسية کبیرة، قدم السلطان هیثم بن طارق لضیفه الإيراني سیفاً عمانیاً يدل على تضامن البلدین خلال الکثیر من المحطات التاریخیة، منذ التدخل الإيراني فی حرب الظفار عام 1973 وحتى دور عمان البارز في تهدئه التوترات بین طهران وواشنطن بخلاف الکثیر من الدول العربیة التی تستخدم هذه التوترات من أجل تعزیز مکانتها أمام طهران.

جاده ايران تلغرام
للمشاركة: