الجادّة: طريقٌ في اتجاهين
قراءة طويلة1 مارس 2022 18:56
للمشاركة:

حرب أوكرانيا من منظور المصالح الوطنية الإيرانية

كتب المساعد السياسي لقائد الحرس الثوري الإيراني يد الله جواني مقالًا تحليليًا عن الحرب الروسية - الأوكرانية وعلاقتها بالمصالح الوطنية الإيرانية، حيث تطرّق في افتتاحية مجلة تصدر أسبوعيًا عن الحرس "صبح صادق" للرؤى والمواقف المختلفة للسياسيين والتيارات السياسية في إيران، مشيراً إلى أنّ التيار الموالي للغرب يسعى لعدم تشكيل صورة واضحة وموافِقة للمصالح الوطنية الإيرانية تجاه الحرب القائمة في أوكرانيا عند المجتمع الايراني، وذلك استناداً على توجهاته الليبرالية المتماشية مع الغرب.



وأكد جواني أنه على الرغم من أنّ الحرب ضارة وتعرقل العمل السياسي، إلا أنّ تاريخ البشرية مرتبط بحروب مختلفة وطبائع مختلفة. وفي عالم اليوم، برأيه، تبدو الحرب ظاهرة حتمية.


وبحسب الكاتب، هناك أسباب عدة للحرب في أوكرانيا، ولا يمكن التنبؤ بعواقبها بدقة، متسائلاً عن المنظور الذي يجب من خلاله تحليل الحرب الروسية ضد أوكرانيا في إيران، والموقف الذي يجب أن تتخذه طهران بشأن هذه الحرب.


ولاحظ جواني أنّ المقالات الصحفية في إيران والخطب والمقابلات والمواقف المعلنة من الدولة، لا سيما تلك التي تظهر على وسائل التواصل الاجتماعي، مختلفة تماماً، لافتاً إلى أنّ المواقف الرسمية المعلنة تواجه تساؤلات وتحديات.


ووفق الكاتب، كل دولة يمكن أن يكون لها موقفها تجاه الأحداث في العالم، خاصة الحروب، وهي تحدد موقفها من هذا الشأن بحسب مصالحها وتصوغ بناء على ذلك سياساتها.


ورأى جواني أنّ اختلاف الآراء في إيران تجاه الأزمة الأوكرانية إنما يعود لطبيعة هذه الحرب من ناحية، وتصوّرات مختلفة عن المصالح الوطنية وعلاقتها مع الحرب الأوكرانية من ناحية أخرى.


وتابع: “شوهدت في كثير من الحالات نفس المواقف المختلفة للتيارات السياسية والنخب والإعلاميين خلال هذه السنوات في ما يتعلق بطبيعة التطورات المحلية والإقليمية والدولية، وكيفية ارتباطها بالمصالح الوطنية. ومن الأمثلة على هذه التطورات، الغزو العسكري الأميركي للمنطقة، احتلال أفغانستان، احتلال العراق، الأزمة في سوريا ولبنان والتهديدات الأميركية المستمرة لإيران”.


لذلك، شدد المحلل السياسي على أهمية أن يكون لدى كل شخص في إيران یهتم للوطن والشعب والمصالح الوطنية فهم صحيح لطبيعة التطورات وعلاقتها بالمصالح الوطنية من أجل اتخاذ موقف في مواجهة التطورات المحيطة. وبخلاف ذلك، برأي الكاتب، فإنّ الإعلان عن موقف والتعبير عنه بأشكال مختلفة، لا سيما في شبکات التواصل الاجتماعی، من منظور عصابة ، قبیلة أو من منظور سياسي – تياري بشکل مقصود أو غير مقصود قد یکون ضد المصالح الوطنية.


واعتبر جواني النظر إلى حرب أوكرانيا على أنها تخص كييف وموسكو فقط، خطأً استراتيجياً، حيث أنّ الطبيعة الرئيسية لهذه الحرب بحسب وجهة نظره ترجع للتنافس الجاد والصراع الذي دام سنوات عديدة بين روسيا وحلف شمال الأطلسي برعایه الولايات المتحدة. وأوكرانيا في الوقت الحاضر، الأرض الرئيسية لهذه الحرب، والشعب الأوكراني ضحية غطرسة الاستکبار، على حد تعبير الكاتب.


وقال جواني إنّ الفهم الصحيح للأسباب الرئيسية والسياقات والعوامل لظهور حرب أوكرانيا سيقود إلى اتخاذ مواقف مبدئية وعقلانية من أجل المصلحة الوطنية، مضيفاً أنّ المشكلة الرئيسية في البلاد الآن هي التيارات والجماعات التي، بسبب طبيعتها الأيديولوجية وانتماءاتها الفكرية مع النظام الديمقراطي الليبرالي والرأسمالية الغربية، لا تريد ولا تسمح بتشکیل فهم صحيح للعديد من الظواهر والقضايا، بما في ذلك المصالح الوطنية التي تتصدرها مسألة الأمن القومي لدی المجتمع و خاصة جیل الشباب.


وأشار جواني إلى بعض النقاط التي رأى أنها تساعد في تكوين تحليل وفهم صحيحين للحرب في أوكرانيا من منظور المصالح الوطنية لإيران:


1.انبثقت الثورة الإيرانية واستمرت في أجواء المنافسة الشديدة بين كتلتين، الشرق والغرب.


2.مع انهيار الكتلة الشرقية، أخذت الولايات المتحدة خطوات كبيرة لتسيطر على العالم.


3.آسيا وقوى مثل الصين وروسيا وإيران، باعتبارها أكبر عقبة أمام الهيمنة الأميركية على العالم، وقفت في وجه خطوات واشنطن.


4. اختار الأميركيون سياسة استخدام الناتو واستخدام القوة العسكرية للسيطرة على آسيا.


5.أحداث الحادي عشر من أيلول/ سبتمبر المصطنعة و الوهمية (وفق تعبير الكاتب)، و العمليات العسكرية في أفغانستان والعراق بذريعة مكافحة الإرهاب، وإحداث أزمة في سوريا و فرض الحرب على لبنان، والعديد من الإجراءات الأخرى، كل ذلك لتنفيذ خطة الشرق الأوسط الجديد والتی تهدف إلى السيطرة على غرب آسيا، بما في ذلك إيران.


6.سياسة الناتو التوسعیة نحو الشرق من خلال انضمام دول أوروبا الشرقية ومواصلة الجهود لانضمام الجمهوريات السوفياتية السابقة، بما في ذلك أوكرانيا و جورجيا، وهي خطوة أميركية أخرى للتغلب على روسيا وتفكك الاتحاد السوفياتي في نهاية المطاف إلى 15 دولة باعتباره المنافس الرئيسي في قارة آسيا.


7.كما في إيران، في مواجهة سياسة النظام الإسلامي القائمة على الصمود والمقاومة ضد توسع الولايات المتحدة، نشأ تيار یدعم التسوية والاستسلام، في بعض الجمهوريات السوفياتية السابقة، بما في ذلك أوكرانيا. ظهر تيار مؤيد للغرب أيضاً بتدخل غربي ووصل في النهاية إلى السلطة بثورة ملوّنة.


8.إذا كانت إيران الآن دولة مستقلة وقوية ومشرفة ونامية ولها تأثير استراتيجي في المنطقة، فالسبب هو مقاومة النظام الإسلامي ضد توسع الولايات المتحدة، وفی نفس الوقت وقوفه فی وجه تيار التسوية والاستسلام في الداخل.


9.النظام السياسي في روسيا، المتمحور حول شخص الرئيس فلاديمير بوتين، للحفاظ على البلاد ومنع انهيارها وتفككها، اتخذ استراتيجية الصمود ومقاومة سياسة توسع الناتو وانتشاره شرقاً، و في نفس الوقت مقاومة التيار الموالي للغرب داخل جمهوريات الاتحاد السوفياتي السابق، بما فی ذلك أوكرانيا.

المصدر/ مجلة “صبح صادق” الصادرة عن الحرس الثوري

جاده ايران تلغرام
للمشاركة: