الجادّة: طريقٌ في اتجاهين
قراءة طويلة21 يناير 2022 12:55
للمشاركة:

ماهي أهداف قاآني من لقاء الصدر؟

تناول موقع "إيران دبلوماسي"، في مقال لعبد الرحمن فتح الهي، موضوع تشكيل الحكومة المقبلة في العراق، وزيارة قائد فيلق القدس إسماعيل قاآني الأخيرة. ورأى الكاتب في المقال الذي نُشر قبل الأخبار التي كشفت عن لقاء قاآني بالصدر، أن زعيم التيار الصدري يحاول السيطرة على الحياة السياسية في العراق، دون الحاجة للتحالف مع الإطار التنسيقي، وجعل دور الأخير منحصر في المعارضة السياسية.

ترغب إيران في الحفاظ على “الإطار التنسيقي” في العراق، والإبقاء عليه بأي ثمن. التنافس السياسي بين التيار الصدري والإطار التنسيقي، دخل مرحلة أكثر تعقيدًا بعد انعقاد الجلسة الأولى للبرلمان الجديد، وانتخاب محمد الحلبوسي رئيسًا للمجلس كونه حليف مقتدى الصدر، في ظل الجدل الدائر حول الانتخابات البرلمانية المبكرة في العراق، بسبب الانخفاض الواضح في نسبة المشاركة الشعبية، وتحفّظ الكثيرين على الاقتراع.

تطورات ما بعد نتائج الانتخابات

ولإدراك أفضل لهذه المرحلة المعقدة، يجب تحليل حدثين مهمين حصلا في العراق؛ الأول مساعي قائد فيلق القدس الإيراني العميد إسماعيل قاآني، للقاء زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر، والذي يبدو أنه لم يحصل. وثانيًا، لقاء زعيم تحالف الفتح هادي العامري بصفته الشخصية المركزية للمجموعات السياسية والعسكرية الموالية لإيران مع الصدر.
الهدف المشترك للاجتماعين، يتمحور حول إدخال الإطار التنسيق وخطابه السياسي ضمن البنية السياسية والتوليفة الحكومية الجديدة في العراق.

هكذا، يمكن اعتبار مساعي قاآني للقاء الصدر تحركا إيرانيًا للحفاظ على وجود الإطار التنسيقي كقوة وتيار معارضة سياسية في العراق، خصوصا أن مقتدى الصدر بوصفه التيار الرئيسي الفائز في الانتخابات، قال تعليقًا على قرار المحكمة العليا بإيقاف أنشطة هيئة رئاسة البرلمان بعدما جرى في أولى جلسات الدورة الخامسة للمجلس: “إذا كان قرار المحكمة الاتحادية بالإيقاف المؤقت لعمل هيئة رئاسة البرلمان من دون ضغوط، فهي أولى خطوات ايجاد معارضة في البرلمان، وعدم لجوئها للعنف إزاء تشكيل حكومة أغلبية وطنية، لكن أملنا بالمعارضة أن تعمل من أجل الصالح العام، وتراعي المهل الدستورية، بل وتراعي حاجة الشعب ورغبته في الإسراع بتشكيل الحكومة لتقوم بواجباتها الأمنية والاقتصادية والخدمية ومحاسبة الفاسدين لا أن تعرقلها لأجل مغانم سياسية، فمصلحة الشعب أعلى وأغلى من المصالح الحزبية والطائفية والسياسية. فالمعارضة والموالاة معًا لأجل انقاذ العراق من براثن الاحتلال والتطبيع والإرهاب والفساد والتبعية. لذا نطالب بأن تكونوا معارضة وطنية كما نحن نلتزم بأخلاقيات حكومة أغلبية وطنية”.

تشير سلسلة تغريدات الصدر هذه إلى أن قراءته السياسية تقبل الإطار التنسيقي تيارًا للمعارضة كمعيار للشرعية.

ورغم أنه يتعين مراعاة هذه الاحتمالية، فإن الصدر ربما يؤيد ظاهريًا إضفاء شرعية على المعارضة السياسية أو حكومة الظل كخطوة تكتيكية، بهدف العبور من مرحلة انتخاب رئيس الوزراء وتأليف الحكومة العراقية القادمة من جانبه في هذه الظروف، لكن في الوقت نفسه من المفيد القول إنه لا ضمانة على الإطلاق بعد انتخاب رئيس الجمهورية ورئيس الوزراء، وتركيبة الحكومة وسيطرة الصدريين على السلطة بالكامل، أن يسمح مقتدى في ظل رؤيته الشمولية الواضحة للجميع، ثانيةً، باستمرار الحياة السياسية للإطار التنسيقي ضمن حكومة ظل ومعارضة.

ويتعين الاعتراف بكل تأكيد بأن الانخفاض الحاد في مقاعد الأحزاب الحليفة لإيران، أضعف عمليًا قبضة إيران وحلفائها في العراق. لذلك، تريد إيران استمرار الحياة السياسية لحلفائها تحت مظلة الإطار التنسيقي وبأي ثمن.

ربما تأخذ إيران في اعتبارها أيضا، احتمال قمع الإطار التنسيقي خلال مرحلة ما بعد تشكيل الحكومة، كسيناريو محتمل من الصدر، لكن في الأوضاع الراهنة، الأولوية لبقاء قواها في البرلمان والحكومة وفي النظام السياسي العراقي بأكمله بما يحفظ مصالحها.

ولهذا يتجلى هنا معنى خاص لمحاولات قاآني لقاء الصدر، ولا سيما أنه سعى لوضع برنامج يهدف لتوحيد مواقف الكتل السياسية الشيعية، كي تشكل كتلة الصدر مع الإطار التنسيقي كتلة داخل البرلمان.

على أي حال، تيار مقتدى الصدر الذي حصل على 73 مقعدًا برلمانيًا، يفكر حاليًا بالسيطرة الكاملة على السلطة من دون محاصصة أو مساهمة من الأحزاب والتحالفات الأخرى. ولذلك، يريد الصدر من وراء اللقاء والتباحث مع قاآني لعب لعبة سياسية وإضاعة الوقت، بحيث يصل إلى هدفه النهائي أي تشكيل حكومة بدون المشاركة مع الإطار التنسيقي في ظل التحركات الموازية والتحالف مع التيارات المتناغمة.

يهيئ الصدر هذه الأوضاع والأجواء الإيجابية للاستحواذ الكامل على السلطة من خلال مساعيه لخلخلة الكتلة الشيعية الناقدة له، والمنضوية تحت لواء الإطار التنسيقي. هكذا، من الممكن أن يكمل لقاء العامري – الصدر هذه الأحجية.

ورغم أن حلفاء طهران وتحالف الفتح وشخص هادي العامري بدأوا في مفاوضات ومباحثات مع الصدر، بوصفهم جزءا مهما من الإطار التنسيقي، يجب الأخذ في الاعتبار أن الصدر ربما يرغب ظاهريًا في تعميق الفجوة السياسية ضمن الإطار التنسيقي من خلال وعد تحالف الفتح بمنصبين وزاريين أو ثلاثة.

في ضوء ما سبق، لا شك أن هناك أحداثًا كثيرة في انتظار العراق خلال الأيام والأسابيع المقبلة، والتي يمكن أن تلقي بظلالها على جميع النقاط المذكورة، وأن تؤثر على الأجواء السياسية فيه وعلى جيرانه أيضًا.

جاده ايران تلغرام
للمشاركة: