الجادّة: طريقٌ في اتجاهين
قراءة طويلة23 أبريل 2021 21:47
للمشاركة:

صحيفة “جوان” الأصولية – القدرة الدفاعية والمعادلات التي ينبغي أن تتغير

تناولت صحيفة "جوان" الأصولية، في مقال لـ"عباس حاجي نجاري"، القدرات العسكرية لإيران في مواجهة أميركا وإسرائيل. حيث رأى الكاتب أن القبة الحديدية الإسرائيلية أثبتت فشلها بعد الأحداث التي حصلت في ديمونا منذ أيام.

اعترف الجنرال ماكنزي قائد القوات الأميركية المتموضعة في غرب آسيا يوم الثلاثاء الماضي، في جلسة استماع بالكونغرس الأميركي، بفقدان التفوق الجوي للجيش الأميركي على إيران. وقال ماكنزي رداً على سؤال عما إذا كانت الولايات المتحدة قد فقدت تفوقها الجوي في الشرق الأوسط “إن استخدام إيران للطائرات المُسيّرة الصغيرة ومتوسطة الحجم على نطاق واسع للاستطلاع والعمليات الهجومية يعني أنه لأول مرة منذ الحرب الكورية (أوائل الخمسينيات) نعمل بدون تفوق جوي كامل. كما وأعلن يوم الخميس أن صواريخ كروز الإيرانية وتكنولوجيا الطائرات المُسيّرة أحرزت تقدماً كبيراً”.

إن اعتراف الجنرال الأميركي في جلسة استماع بالكونغرس، على الرغم من أنه قد يكون بهدف الحصول على مزيد من التمويل لمواصلة الوجود العدواني للإرهابيين الأميركيين في المنطقة، ولكن في الوقت ذاته، فإن الاعتراف بعجز الأميركيين، على الرغم من امتلاكهم لأحدث أنظمة الرادار البرية والبحرية والجوية أمام قدرات إيران الصاروخية والطائرات المُسيّرة الإيرانية، يشير إلى تغيير جدي في المعادلات العسكرية في المنطقة.

طبعاً لم يعترف ماكنزي بعجز الأميركيين في تعقب الصواريخ الإيرانية التي أطلقت على القاعدة الأميركية في عين الأسد أو تحليق الطائرات الإيرانية المُسيّرة فوق حاملات الطائرات الأميركية، وأشار إلى الجميع مستعيناً بالتقرير “نحن نقوم بإجراء العمليات دون تفوق جوي كامل” أنه يجب النظر إلى مناطق الصراع بين الولايات المتحدة وحلفائها مع قوات المقاومة في المنطقة، ولعل الأهم هذه الأيام عدم قدرة التحالف الغربي والسعوديين والإماراتيين في اليمن على الوقوف أمام توسع عمليات أنصار الله ضد القواعد العسكرية ومصافي تكرير النفط والمطارات السعودية، لدرجة أن شدة عمليات أنصار الله في الأيام الأخيرة أدت إلى ثني السعوديين وأجبرتهم على التفاوض مع أنصار الله. حيث كانوا سابقاً غير مستعدين للإعتراف بأنصار الله بالأصل فيجب أن يُنظر للأمر على أنه نتاج تغيير هذه المعادلات.

وكذلك المشهد الذي عاشه الإسرائيليون صباح الخميس، والقبة الحديدية، التي أقيمت بغض النظر عن كلفتها المادية كرمز لمناعة المنظومات الأميركية والإسرائيلية في مواجهة هجمات الصواريخ والطائرات المُسيّرة في المنطقة حيث فقدت هيبتها وأطاحت بالصهاينة هذه المرة.

وعليه، فإن تصريحات ماكنزي ويأس الصهاينة والسعوديين في مواجهة المعدات والقدرات الحديثة لقوات المقاومة ينبغي أن تعتبر علامة على تطور وتحول جديد في مجال المعادلات العسكرية والسياسية في المنطقة، وهو ما يترتب عليه الآثار التالية:

  • السمة المميزة لهذا التطور هو الاعتراف بضعف الأميركيين ومنظومات دفاعهم الجوي، حيث ادعوا في السنوات الأخيرة عن مدى قدرة هذه المنظومات وتمكنوا من بيع معدات عسكرية بمئات المليارات من الدولارات لشيوخ المنطقة، وذلك من أجل توفير الأمن لهم ضد موجات الخوف من إيران التي أوجدوها في أذهانهم، وها هم الآن يعترفون بعجز هذه المنظومات.
  • تشويه سمعة التحالفات الإقليمية الجديدة، سواء مع دول الخليج أو بالتعاون مع الصهاينة، فهو نتيجة أخرى لهذا الاعتراف، والآن، من خلال إثبات عدم كفاءة هذه المنظومات أمام قدرة الصواريخ والطائرات الإيرانية المُسيّرة، تم توفير الأسس والشروط المسبقة لانهيار تلك الأفكار التي أنشأتها وسائل الإعلام الأمريكية والأوروبية للحفاظ على موقعها وبقائها في المنطقة.
  • يتزامن هذا الاعتراف مع إعلان الهروب الجبان للأميركيين من أفغانستان، في وضع لم يسفر فيه هذا الوجود والعدوان الذي دام لأكثر من 20 عاماً، على الرغم من التكاليف المرتفعة والتكاليف البشرية، سوى عواقب البؤس لشعوب المنطقة، والصورة الغامضة لمستقبل البلد الذي مزقته الحرب وتشكك أكثر في مبدأ الوجود الأمريكي في المنطقة.
  • أظهر اعتراف ماكنزي عملياً أن الولايات المتحدة لم تعد قادرة على الحفاظ على أمن دول المنطقة ضد التهديدات الوهمية الموجهة ضد قوى المقاومة، بمعنى آخر يمكن أن تكون الدبلوماسية القوية بهذه القدرات العسكرية بداية لأمن إقليمي جديد يتمحور حول دول المنطقة.
  • إن تقاطع تصريحات ماكنزي مع التقييم الأخير لمجتمع المخابرات الأميركية الذي يُحدد إيران باعتبارها التهديد الأكثر أهمية على أميركا يكشف بشكل أكبر عن جذور هذا التهديد المزعوم، وذلك لأنه على الرغم من ادعاءات الأمريكيين حول أبعاد التهديد الإيراني في قضايا مثل الملف النووي والنفوذ الإقليمي أو القدرة الصاروخية، حيث أن هذه القدرات والإمكانيات الإيرانية في مجالات الرادارات الحديثة وتقنيات مضادات الرادار هي التي تشكل مستقبل التطورات.

لكن نقطة أخرى يجب ربطها بهذه التصريحات وهي التطور الحاصل في مجال الرد على العدوان الصهيوني وأعماله الإرهابية في المنطقة، حيث أنه على الصهاينة إذن أن يؤمنوا بأن عصر الكر والفر قد انتهى وأن عليهم التركيز على التهديدات المحتملة ضدهم من عدة جبهات، وأن الجبهة الشمالية أي حزب الله والمقاومة الفلسطينية من الجنوب لم تعد هي التي ستستهدفهم فقط، بل من الآن فصاعداً عليهم التفكير في جبهات أخرى من الشمال والشرق والبحر وشواطئ باب المندب وما إلى ذلك.

في السابق، فشل الأميركيون في الإدارة السابقة بالاعتراف بعدم قدرتهم على مواجهة القدرة العسكرية الإيرانية، عندما تم إسقاط أكثر طائراتهم المُسيّرة تطوراً من قبل المدافع الإيرانية المضادة للطائرات في 23 أيار/مايو أو عندما تم إمطار قاعدة عين الأسد بالصواريخ؛ حيث ينبغي أن يزيد اعتراف ماكنزي من مخاوف الأمريكيين من الرد الإيراني المحتمل.

يجب اعتبار المُتلقي الأهم لهذه الرسائل هم دبلوماسيي البلد الذين لم يرغبوا أو لم يتمكنوا من الاستفادة من هذه القدرة للنهوض بالدبلوماسية والمفاوضات من موقع قوة حيث ركّز فنهم الوحيد في السنوات الأخيرة على المساومة التي لا تفوح منها رائحة القوة، وكان فنهم الوحيد هو ربط اقتصاد البلاد بالابتسامات أو النظرة المتعاطفة من الجانب الآخر لخلق فرصة لهم ليكونوا قادرين على التواجد في الداخل ويمكنهم من إنشاء قواعد للبقاء في السلطة مدة أطول.

حيث أن مجلة هيل الأميركية (التابعة للكونغرس الأميركي) لم تكتب في تقرير لها في مطلع نيسان/أبريل دون سبب أن “قضية إيران هي إحدى القضايا التي تواجه بايدن. والوقت لا يتحرك لصالح سياسات بايدن تجاه إيران. وانتخابات هذا الصيف في إيران قد تؤدي إلى انتخاب حكومة أكثر صرامة”. حيث أنه يمكن لحكومة أن تدفع بالدبلوماسية والمفاوضات من خلال دعم القدرة الدفاعية ومقاومة الشعب الإيراني وليس من خلال الثقة بابتسامات جون كيري أو أنتوني بلينكن أو أياً كان.

إن المعلومات والآراء المذكورة في هذه المقالة المترجمة لا تعبّر بالضرورة عن رأي جاده إيران وإنما تعبّر عن رأي كاتبها أو المؤسسة حيث جرى نشرها أولًا

المصدر/ صحيفة “جوان” الأصولية

جاده ايران تلغرام
للمشاركة: