الجادّة: طريقٌ في اتجاهين
قراءة طويلة20 مارس 2020 16:42
للمشاركة:

“كورونا” يطفئ أسواق النوروز ومصير مجهول للاقتصاد

تنتعش حركة التجارة في إيران عادة قبل شهر تقريبا من حلول عيد النوروز أو رأس السنة الشمسية وبدء العام الإيراني الجديد الموافق لهذه السنة ٢٠ مارس/آذار، فتأتي كتعويض نسبي لخسائر ركود الأسواق طيلة العام، إلا أنَّ حالة الاقتصاد الإيراني وحركة التجارة هذا العام زادت ركوداً بسبب تفشي فيروس كورونا المستجد “كوفيد 19″، وبعد إعادة إدراج إيران على القائمة السوداء لمجموعة العمل المالي لمكافحة تمويل الإرهاب وغسيل الأموال “ FATF” في فبراير/شباط الماضي، فضلًا عن تبعات الركود الذي يعانيه الاقتصاد الإيراني أساسا منذ العام الفائت إثر العقوبات الأميركية المتتالية على الصادرات النفطية والتجارة.

سوق “النوروز”

يزدهر سوق الأزياء والمنتجات الجلدية والأحذية والأدوات المنزلية وصالونات الحلاقة النسائية سنويًا في الأيام التي تسبق عيد النوروز، إلا أن الوضع اختلف كثيرا هذا العام، إذ شكّل فيروس كورونا أزمة لمالكي تلك الصناعات في ظل انخفاض الطلب والشراء، فكان من الواضح تراجع حضور الأفراد في الأسواق والمجمعات التجارية.
ووفقًا لأرقام السوق عام 1397 الإيراني والذي بدأ في 21 مارس 2017، فقد كان من المتوقع أن يكبّد كل يوم توقف عن العمل ما يقارب 153 مليون دولار تقريبا هي خسائر الاقتصاد الإيراني، وهذا بحسب تقرير لصحيفة “كسب وكار”.
وثمّة العديد من القطاعات الاقتصادية التي من المتوقع أن تتأثر بشدّة بالكساد الذي ستشهده إيران هذا العام، في ظل تفشي فيروس كورونا وبعد صدور القرار الأخير للرئيس الإيراني حسن روحاني، والمتعلق بإغلاق جميع المحلات والمراكز التجارية غير الضرورية في المحافظات لمدة 15 يوما، في محاولة لمكافحة انتشار الفيروس من خلال تقليل الحركة.

تبعات على سوق التجارة

وفيما يتعلق بأضرار تفشي الفيروس على القطاع التجاري، فإن المدة التي أقرها الرئيس روحاني لتعطيل الأماكن التجارية المزدحمة والأماكن غير الضرورية هي ذاتها مدة عطلة النوروز الاعتيادية،
وجدير بالذكر، أن تأخر خطوة روحاني هذه قد أثارت علامات استفهام كثيرة حول دوافعها، في الوقت الذي تشير فيه بعض الإحصائيات إلى أن 80% من الإيرانيين يؤيدون فرض الحجر الصحي على المدن وأشكال أخرى من الحجر بسبب تفشي الفيروس، الأمر الذي دفع 5 من وزراء صحة سابقين إلى تحذير الرئيس من الأوضاع في البلاد والتي إذا ما استمرت ستؤدي بالتأكيد إلى ارتفاع أعداد حالات الوفيات والإصابات، مطالبين خلال تلك الرسالة بإغلاق كل الأماكن غير الضرورية لمدة 15 يوما على الأقل، والتصدي بحزم للتنقل داخل المدن وبين المدن، مؤكدين على أن “تجاهل هذه التوصيات وعدم اتخاذ قرارات حاسمة سيجر وراءه خسائر كارثية على البلاد لا يمكن تعويضها”.
فيما يعتقد البعض أن القرار المتأخر لروحاني ربما يعود إلى رغبته في الحد من خسائر أصحاب العمل، في ظل العقوبات الأميركية التي تثقل كاهل الاقتصاد الإيراني.

ووفقًا لنتائج الدراسة الصادرة عن مركز أبحاث البرلمان، سيكون لتعطيل الوحدات الاقتصادية بعد مدة روحاني المقررة، تبعات اقتصادية ثقيلة، إذ تشير جداول نتائج الدراسة إلى أن تأثيرات كورونا ستكون متسلسلة، فبعض القطاعات ستتضرر بشكلٍ مباشر، فيما ستواجه بقية القطاعات أزمة في انخفاض الطلب مع مرور الوقت.

بدوره توقع الخبير الاقتصادي اسماعيل أفشار، خلال حوارٍ نقلته صحيفة “آفتاب اقتصاد”، أن تكون الوحدات الاقتصادية الصغيرة والمتوسطة والتي تسيطر على 40% من إجمالي الناتج المحلي، في الصف الأول المتأثر من الضغوط الاقتصادية الناجمة عن أزمة كورونا، والمرشحة لمواجهة الإفلاس وحتى التوقف عن العمل.
وبالنظر إلى تفشي الفيروس، وشعور دول الجوار بالخطر، لاسيما العراق وأفغانستان وتركيا، وتقييد الصادرات الإيرانية إليها فستواجه إيران مشاكل في إيجاد مصادر للعملة الأجنبية عبر الصادرات غير النفطية، إذ من المتوقع أن يؤدي تفشي الفيروس إلى زيادة القيود على المعاملات الخارجية، ما سينتج عنه انخفاض في طلب العملة الصعبة، فضلًا عن انخفاض بل توقف تصدير المنتجات بسبب إغلاق المعابر أو حظر الاستيراد من كافة الدول، ما يؤدي إلى انخفاض الإنتاج والبيع والعوائد، بسبب انخفاض عرض المواد الخام لدى كافة الوحدات، وهو الأمر الذي ينطبق على تقليل حجم القوى العاملة بسبب الإيقاف المؤقت للمصانع.

أن تأثيرات كورونا ستكون متسلسلة، فبعض القطاعات ستتضرر بشكلٍ مباشر، فيما ستواجه بقية القطاعات أزمة في انخفاض الطلب مع مرور الوقت

ومن المتوقع أن تتسبب الظواهر أعلاه في انخفاض مستويات لإنتاج والعوائد وأرباح الشركات، ما سينعكس سلبًا على قيمة الأسهم في الشركات. وعلى الرغم من أن الجهود الحكومية تتركز حاليًا على احتواء الفيروس، إلا أن مساعد رئيس الجمهورية محمد نهاونديان، أعلن أخيرًا عن تشكيل لجنة اقتصادية لإعداد قائمة بالأعمال المتضررة وصياغة سلسلة من الاقتراحات حول كيفية مساعدتهم على تجاوز الأزمة الراهنة.

إلى جانب ذلك، يعدّ قطاع السياحة أحد القطاعات المتوقع أن تنعكس عليها التبعات السلبية، وكانت حكومة روحاني تعمل على تعزيز قطاع السياحة الخارجية، بهدف جذب 20 مليون سائح إلى إيران سنويًا بحلول عام 2025، رغم سلسلة العقوبات الأميركية المتتالية التي تستهدف تقريبًا جميع الصناعات الرئيسية في إيران.
ولتحقيق هذا الهدف المنشود، قامت الدولة باستثمارات كبيرة في مئات المشاريع السياحية في السنوات الأخيرة، حيث وصل عدد زائري إيران العام الماضي، 9 ملايين زائر للمعالم الدينية والتاريخية فضلًا عن سياحة الترفيه والسياحة الطبية والعمليات الجراحية.

وفي الوقت الراهن، وفي ظل الركود والانكماش المتوقع نتيجة تفشي الكورونا فمن المتوقع أن يتكبد هذا القطاع خسائر فادحة، ناهيك عن فقدان مورد مهم للعملات الأجنبية وارتفاع نسب البطالة. وكان رئيس اتحاد الفنادق والشقق الفندقية في طهران محمد علي فرخ مهر، قد أعلن عن انخفاض يقدّر بنسبة 98% من تشغيل الفنادق وتوقف جميع الفنادق والشقق الفندقية عن العمل تقريبًا. يذكر أيضًا، أن الخطوط الجوية الإيرانية تعرضت لأضرار تصل إلى ثلاثة تريليونات ريال على الأقل حتى الآن، ما يعادل 71.4 مليون دولار بسعر الصرف الرسمي للحكومة، وذلك وفقاً لأمين رابطة شركات الطيران الإيرانية، أسدي ساماني.
ويرى الخبير الاقتصادي كميل طيبي، خلال حوارٍ مع صحيفة “ستاره صبح” الإصلاحية، أن تعطل قطاع السياحة ولو لفترة قصيرة سيؤثر على أوضاع العاملين فيه والقضاء على فرصهم في العمل، ما سيفرض ضغوطًا على الحكومة، متوقعًا أن تواجه الحكومة عجزًا في الموازنة.

وكانت دراسة صادرة عن مركز الأبحاث التابع للبرلمان الإيراني، قد طرحت ثلاثة سيناريوهات لمستويات البطالة المتوقعة ما بعد أزمة كورونا.
أول هذه السيناريوهات، هو انخفاض النمو الاقتصادي 1%، وفقدان 100 ألف شخص لوظيفته ومصدر رزقه.
أما السيناريو الثاني فافترض أن ينخفض النمو الاقتصادي بنسبة 1.5%، حيث سيفقد 150 ألف شخص وظيفتهم إثره، فيما افترض السيناريو الثالث، انخفاض النمو الاقتصادي بنسبة 2%، ما سيترتب عليه فقدان ما يقارب 200 ألف شخص لوظائفهم.

نوروز في سقم

جاده ايران تلغرام
للمشاركة: