الجادّة: طريقٌ في اتجاهين
قراءة طويلة11 ديسمبر 2019 20:14
للمشاركة:

إيران وأميركا ينجزان صفة “تبادل سجناء”.. هل بدأ ذوبان الجليد بينهما؟

إن المعلومات والآراء المذكورة في هذه المقالة المترجمة لا تعبّر بالضرورة عن رأي جاده إيران وإنما تعبّر عن رأي كاتبها أو المؤسسة حيث جرى نشرها أولًا

من الواضح أن إيران والولايات المتحدة تحاولان خفض مستوى التوتر مع اقتراب موعد الانتخابات الرئاسية لكلا البلدين، في ظل تهديد الصراع المسلح المستمر خلال الأشهر الماضية. ويشير التبادل الذي تم نهاية الإسبوع الماضي لمحتجزين بين إيران وأميركا إلى استمرار المناقشات التي تخص البلدين لحل الأزمة من قِبَل القوى العالمية والإقليمية. حيث بعد عملية التبادل التي تم فيها تبادل باحث السرطان الإيراني مسعود سليماني مع الباحث الأميركي شيوي وانغ، عبّر رئيس أميركا دونالد ترامب، عن شكره لإيران بسبب قيامهم بمفاوضات عادلة قائلاً: “هل رأيتم! نستطيع القيام باتفاق معاً”. وقال وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف يوم الإثنين إن إيران تتطلّع للقيام بتبادل أسرى على نطاق أوسع. وكتب عبر تويتر “بعد استعادة رهائننا هذا الأسبوع، نستعد لتبادل أسرى شامل” وأن “الكرة بملعب الولايات المتحدة”. ويقول المحللون إن الأفق قاتمة للغاية بشأن صفقة واسعة بين طهران وإدارة (ترامب) وذلك لسعي إيران للحصول على التكنولوجيا النووية وصقل برنامج الصواريخ ودعمها للجماعات المسلّحة في الشرق الأوسط.

ومع ذلك، فإن تبادل الأسرى الذي جرى نهاية الأسبوع والمناورات الدبلوماسية في أوروبا والشرق الأوسط وآسيا، يوحي كذلك بتحسين العلاقات وتضاؤل إمكانية نشوب صراع مسلّح. وقد علّق دبلوماسي غربي بالقول إنه من الصعب التعليق على الوضع الحالي لأن الأميركيين لا يبوحون بشيء لكن هنالك دافعاً واضحاً لتهدئة الأمور.
وقال (اسفنديار) وهو محلل إيراني مقره لندن: “إن علامات الاستفهام الكبيرة لدي هي ما إذا كان بإمكان نوع الأخبار الجيدة هذه حول تبادل الأسرى هو حدث جرى ليؤتي ثماره بعد عام من المناقشة أو إذا كانت البيئة السياسية لعبت دورها”. وكانت إيران والولايات المتحدة في وقت سابق من هذا العام أن بدأتا بمواجهات متصاعدة، حيث قامت واشنطن بدورها بتكثيف مواجهاتها من خلال حملة شنتها على اقتصاد إيران “الضغط الأقصى” وزعمت أن إيران قامت بشن هجمات على حلفاء الولايات المتحدة في الشرق الأوسط.
أقر بعض المحللون السياسيون أن حلفاء أميركا في الشرق الأوسط قاموا بلعب دور رئيسي في التهدئة، خاصة حكام عُمان والإمارات العربية المتحدة. وقال دبلوماسي غربي أيضاً إن توافق الإمارات العربية المتحدة مع إيران خلال الأشهر السابقة قد قلل من شهية البيت الأبيض تجاه المواجهات، وأضاف: “لعبت الإمارات دوراً رئيسياً في هذا الصدد بتحفيز الولايات المتحدة على الهدوء وعدم قيامها بأي تحرك ضد إيران قبل بضعة أسابيع”. تابع (ثيودور كاريك) وهو باحث في مجال الخليج العربي: “إن الإمارات تحاول تخفيف الضغط على دولة إيران لتتمكن من التركيز على ليبيا حيث أنها تدعم الأمير (حفتر) في هجوم مسلح ضد السلطة التي تتوسط فيها الأمم المتحدة في طرابلس” وأكمل قائلاً: “إن ليبيا هي هدفهم الأول حالياً”.

يقول المحللون إن إيران وعلى الرغم من الاحتجاجات الأخيرة بسبب ارتفاع أسعار البنزين والتي قتل فيها ما يزيد عن 230 شخصاً تستطيع مجابهة الضغوط الاقتصادية الأميركية. حيث يؤكد السيد (باتمانكلايدج) صاحب شركة أبحاث تختص بالاقتصاد الإيراني أنه اكتشف العديد من الإشارات الاقتصادية الإيجابية حتى خلال الظروف التي شهدت فيها الدولة ركوداً شديداً. فقد استقرت العملة الإيرانية حتى مع ضعفها الشديد، وتباطأ نمو التضخم، بدأ نشاط التصنيع بالتوسع بعد التعاقد وبدأ قطاع الصناعة إلى جانب قطاع الخدمات توفير فرص للعمل. وحسبما قال السيد (باتمانكلايدج) فإن إيران تمكنت من توزيع المدخرات بعد إعلان تخفيض معونة البنزين، والتي قامت بسببها الاحتجاجات الأخيرة وتم قمعها بعنف شديد، فإن القوة الشرائية ستتحسن.
ويمكن لإيران التبجح ببعض نجاحاتها الدبلوماسية التي أدت إلى وضع ذو مجابهة أقل، حيث في يوم الجمعة في فيينا، وبدلاً من القيام بعقد جلسة عاصفة حول انتهاكات إيران بشأن الاتفاق النووي لعام 2015 والذي قامت الولايات المتحدة بانتهاكه، قام جميع الأطراف بتأكيد دعمهم للتسوية في حين وجهت الصين وروسيا الاتهام لواشنطن في تحركات طهران.
في الوقت ذاته، يتم الآن طرح صك مالي يدعى (انستكس) يهدف إلى تجنب العقوبات الأميركية المفروضة على إيران، وانضمت النرويج، الدنمارك، فنلندا، هولندا، النرويج، السويد، المملكة المتحدة، فرنسا وألمانيا كمساهمين، ما يوحي بأنه هنالك آلية للمقايضة.
كما أن الانتخابات البرلمانية في إيران ستجري العام القادم والرئاسية في العام الذي يليه، مما سيزيد من المكائد السياسية التي ستعبر عن سخطها الاقتصادي وتكاد إيران لا تقوى على أي مجابهة دولية مع الولايات المتحدة. حيث قام الرئيس (روحاني) يوم الإثنين بوصف المفاوضات الدبلوماسية بأنها “ضرورية وثوريّة”، قبيل قيامه بزيارة رفيعة المستوى لليابان، التي كانت وسيطة بين الطرفين الأميركي والإيراني.
ومن جهة إدارة (ترامب) فإنها تجد نفسها أمام خيار إظهار أمر ما بخصوص عقوبات إيران الشديدة في ظل اقتراب موعد الانتخابات الرئاسية والبرلمانية، التي ستظل الإقالات المستمرة تُظلل عليها، في 2020. فقد شنت إدارة (ترامب) حملة ضغط على إيران والتي قادها المتشددون في واشنطن لسنوات عديدة، فأُجبرت الآن إما على شن هجوم مسلح والتراجع عن العقوبات مع إبرام اتفاقية أو الخوض في انتخابات 2020 باعتبار السياسة المتّبعة مع إيران مجرد تقلبات خارجية.
قال السيد (باتمانكلايدج): “إن السياسة الخارجية لترامب كانت تثير ذعر الكونغرس ولا سيّما سياسته الخاصة مع إيران”. وتابع قائلاً: “بعد أن تم إطلاق حملة الضغط القصوى لمدة عام، لم يعد الأمر بأية أرباح بالإضافة أن إيران غير ملتزمة بالاتفاق النووي، فعلى إدارة (ترامب) أن تظهر بعض القدرة على التفاوض مع إيران”.

المصدر/ Borzou Daragahi – اندبندنت

جاده ايران تلغرام
للمشاركة: