الجادّة: طريقٌ في اتجاهين
قراءة طويلة29 أكتوبر 2023 23:07
للمشاركة:

عملية “طوفان الأقصى” بعيون شخصيات سياسية وفكرية إيرانية

عقدت شخصيات سياسية وفكرية إيرانية عدة الخميس 26 تشرين الأوّل/ أكتوبر 2023 اجتماعاً تحت عنوان "فلسطين في حياة الإمام النظرية والعملية"، بحضور حفيد مؤسس الجمهورية الإسلامية، حسن الخميني، وزير الخارجية السابق محمد جواد ظريف، القائد السابق لبحرية الحرس الثوري الإيراني حسين علائي، معاون الرئيس السابق حسن روحاني لشؤون المرأة والناشطة السياسية معصومة ابتكار، مسؤول مؤسسة الإمام الخميني للتحرير والنشر علي كمساري وممثلي حركتَيْ "حماس" والجهاد الإسلامي في طهران. وقد تمّ تنظيم هذه الجلسة من قبل مؤسسة الإمام الخميني للتحرير والنشر في حسينية جماران في طهران.

وقالت ابتكار إنّ نساء قطاع غزة اللواتي بقين في القطاع يُعتبرن رمزًا للشجاعة، وإنّ عملية طوفان الأقصى كانت عمليّة كاشفة أظهرت ما يمكن أن ترتكبه إسرائيل من جرائم، مؤكدةً أنه لا يوجد طريق للسلام في الوضع الحالي، حيث يجب أن يكون السلام عملية عادلة، ولا يمكن تحقيق السلام في ظلّ ظروف غير عادلة.

وفي حديثها عن الوضع الداخلي، اعتبرت ابتكار أنّ السياسات الأحادية لوسائل الإعلام الرسمية الإيرانية أثارت أجواء من الإقصاء تجاه المنتقدين، حيث تساور الناس الكثير من الشكوك بأنّ الإعلان عن دعمهم لفلسطين قد يتم استغلاله من قبل بعض فصائل السلطة.

وطالبت ابتكار بسلسلة من الإصلاحات الأساسية البنيوية والسياسية والإعلامية والاجتماعية، من أجل المحافظة  على الوحدة الوطنية والقيام بدور إلى جانب كل الشعوب المضطهدة.

بدوره، شدّد وزير الخارجية السابق محمد جواد ظريف على أنّ دخول إسرائيل بهجوم بري يعني أنها وقعت في فخ ليس من السهل الهروب منه، وأضاف: “إنّ حجم قتل الفلسطينيين خلق ضغوطا في الغرب لم تكن متوقعة”.

وتابع ظريف: “على حدود رفح، لم يتقدم سوى عدد قليل جدًا من سكان غزة بطلب اللجوء، ولو كان عدد كبير منهم قد ذهب إلى معبر رفح، لأمكن لإسرائيل أن تدّعي إنها  أخلت غزة من سكانها.

بعد العيش في السجن سبعين عامًا، يكون الموت بالنسبة للناس إما تدريجيًا أو فوريًا؛ إنهم لا يتسامحون مع إعادة اللاجئين، ولهذا السبب لا أحد يرغب في الذهاب إلى مصر أو سوريا أو الأردن”.

وبرأي ظريف، فإنّ إن وزير الخارجية الأميركي أنطوني بلينكن توجه إلى المنطقة لتهيئة الظروف لقبول أهل غزة مغادرة القطاع، لكن لا الشعوب ولا الدول قبلت بهذا الأمر، على حد تعبيره.

أما القائد السابق لبحرية الحرس الثوري الإيراني حسين علائي، فعلّق بالتالي: “إنّ القصف الإسرائيلي المكثّف، أظهر أنّ الإسرائيليين لن ينتصروا في القضاء على حماس والجهاد الإسلامي وإخراج الشعب من غزة، ولن يحدث شيء كهذا”.

وأردف: “أدلى الرئيس الأميركي جو بايدن بتصريح مهم في الأيام الأخيرة. قال إنه لو لم تكن إسرائيل موجودة لكان علينا أن نخلقها. لقد خلقوا إسرائيل لتدوم. وشدد الإمام الخميني على ضرورة تدمير إسرائيل، لأنّ وجودها هو سبب انعدام الأمن وعدم التقدم في دول المنطقة”.

وأضاف علائي: “إسرائيل بحاجة إلى شيئين للبقاء: أرض آمنة وسكّان يعيشون في هذه الأرض. وفي كلتا الحالتين، إسرائيل في ورطة. لقد احتلّوا أرضًا وهذا الاحتلال مستمرّ. ولم تتخلَّ إسرائيل قط عن سياستها العدوانية. قبل الثورة الإسلامية في إيران، كانوا منشغلين بأنفسهم لدرجة أنهم كانوا يهتفون: من النيل إلى الفرات. لقد حال ظهور الثورة الإسلامية دون استمرار التوسع الإقليمي للكيان الصهيوني”.

ولاحظ القائد السابق لبحرية الحرس الثوري الإيراني: “في عمليّة طوفان الأقصى، ولأوّل مرة في تاريخ إسرائيل، واجه الإسرائيليون عملية هجومية من قبل الفلسطينيين من دون أن يبدأوا هم بعملية. إن الشيء العظيم الذي فعلته عمليّة طوفان الأقصى هو إظهار أنّ فترة التوسع الإقليمي لإسرائيل قد انتهت. حدث هذا في ظلّ حصار كامل لغزة، ولكن تم تشكيل قوة في هذه المنطقة تقوم بعمليّات هجومية. ومن المهم أيضًا التخطيط للعمليات الهجومية بغض النظر عن النتيجة. لقد فشل هيكل الاستخبارات الإسرائيلي برمّته”.

وأكد علائي أنه ليس أمام الإسرائيليين خيار لتحقيق هدفهم المزعوم بالقضاء على “حماس” سوى الدخول إلى غزة برّيًا، وأنه إذا بدأت عملية برية شاملة، فسوف تواجه إسرائيل هزيمة أكبر من أي وقت مضى.

من جهته، لفت الخميني إلى أنّ كل إنسان في عالم اليوم هو إعلامي، منوّهًا إلى أنّ ظريف نفسه يتمتّع بقدر من التأثير من خلال وسائل الإعلام النشطة، مثل قناة الجزيرة.

وأضاف: “لقد كان مسؤولاً لفترة في الجمهورية الإسلامية، ولا مبرّر لعدم الاستفادة من خبرته وقدرته اليوم. كما أنّ السيّد خاتمي نفسه إعلامي. كلٌّ من هذه الشخصيات لها تأثير خاص على العالم ويجب الاستفادة من قدراتها”.

ووصف الخميني كسر أسطورتَيْ “لا تقهر” و”الاضطهاد التاريخي” لإسرائيل بأنهما تطوّران حدثا في العمليات الأخيرة، مذكّرًا بأنّ إسرائيل تحاول دائمًا إظهار نفسها كمظلومة من خلال إثارة قضية معاداة السامية في العالم.

وأكمل: “لقد كانت معاداة السامية موجودة دائمًا في التاريخ، ولكن ليس هنا، بل في الغرب. وكان اليهود يتعرّضون دائما للهجوم من قبل المسيحيين باعتبارهم قتلة المسيح. ولكن ما هي علاقة ذلك اليهودي الذي يعيش في بولندا وألمانيا وروسيا بقتلة المسيح؟ هذا سؤال وجيه، ولكن على أيّ حال، في الغرب، كان يُنظر إلى اليهود على أنهم “قتلة المسيح”. كان اضطهاد اليهود شائعًا أيضًا، كما وقع الحدث التاريخي للمحرقة، بشكل أو بآخر؛ لكن ما علاقة هذا بنا حقًا”؟

وفي معرض إشارته إلى التحوّلات التاريخية في العلاقات العربية – الإسرائيلية، قال الخميني: “أسطورة مناعة إسرائيل لم تكن في الأصل مبنيّة على قوة إسرائيل، بل على ضعف العرب والمسلمين. وفي الواقع، كانت أسطورة ضعف العرب. أثناء الحرب العالمية الأولى، ووعد بلفور، ونهاية الدولة العثمانية، لماذا لم يتمكّن العرب من طرد عدد من المهاجرين من منطقتهم؟! لأنهم كانوا أمة مذلولة وقد ضربهم العثماني على رؤوسهم طوال حياتهم”.

وحذّر الخميني من أنه لا يمكن فعل شيء من شعب مذلول، وتابع: “إنه شعب عزيز لا يقع تحت وطأة الظلم الخارجي والاستبداد الداخلي. إنّ الشخص الذي يثقل كاهل طاغية أجنبي سوف يتسامح أيضًا مع مستبدّ محلّي، والشخص الذي يتسامح مع طاغية محلّي سوف يتسامح أيضًا مع مستعمر أجنبي. إن ما أحياه الإمام في نفوس وأرواح الأشخاص المسلمون هو أن يكون عزيزاً. الكرامة تجلب المقاومة. ولهذا السبب نؤكد كثيراً على حقوق الناس ونقول إن حقوق الناس هي المعيار الأساسي للمقاومة”.

ورأى الخميني في الأوضاع الأخيرة فرصة جيّدة للتحرك نحو الوحدة الإسلامية، واستطرد: “لعن الله داعش التي شنّت دعاية عميقة للانقسام في المجتمع الاسلامي. واليوم نستطيع أن نعود إلى الوحدة الإسلامية وندقّ نعش الانقسام. الآن هناك فرصة جيّدة جدًا لذلك، لأنّ فلسطين أصبحت مرة أخرى القضية الأولى للعالم الإسلامي”.

أما مسؤول مؤسسة تحرير ونشر مؤلّفات الإمام الخميني آية الله علي كمساري، فقال إنّ قضية فلسطين أصبحت القضية الأولى للعالم وأثّرت على المجتمع العالمي، بغض النظر عن العِرق والدين.

وتابع: “من بين جميع الشخصيّات المعاصرة، لعب الإمام الدور الأبرز في قضية فلسطين وإبراز مخاطر وجود إسرائيل. ففي الكلمات أو الرسائل الرسمية الأولى للإمام تحدّث بصراحة عن مخاطر الكيان الإسرائيلي الغاصب”.

وفي إشارة إلى عملية اقتحام الأقصى، صرّح كمساري: “ما حدث في غزة والشجاعية الذي شهدناه من الشباب الفلسطيني هو صدى الصوت الذي صدر من حنجرة الإمام المباركة”، مضيفًا أنّ “عمليّة طوفان الأقصى هي طوفان شكّله الإمام الراحل”.

وأكمل كمساري: “الإحصائيات التي نشرتها وزارة الصحة الفلسطينية تُظهر أنّ هذا الكمّ من الدماء التي سفكها الكيان الصهيوني لم يسبق له مثيل في التاريخ.. نأمل أنه مع استمرار مقاومة الشعب الفلسطيني، سنشهد نهاية هذه الجرائم”.

بدوره تحدث ممثل حركة “حماس” في إيران خالد القدومي عن الاستراتيجية الإسرائيلية القاضية بأن تكون الحرب في أرض العدو.

وتابع: “يقولون إنّ هذه هي أرض الميعاد ويجب أن نكون هنا. الشعب الفلسطيني موجود في هذه المنطقة منذ سبعة آلاف سنة ولا يحق لأحد أن يحتلّ الأرض الفلسطينية”.

وسأل قدومي: “هل يُعتبر قصف المساجد والمدارس والمستشفيات دفاعًا عن النفس”؟ وعلّق: “تؤكد الدول الغربية باستمرار على حق إسرائيل في الدفاع عن نفسها، لكنها إبادة جماعية. مسؤولو الكيان الصهيوني يقولون للأمين العام للأمم المتحدة بكل وقاحة إنّ عليك الاستقالة. إن ممثل الكيان الصهيوني في الأمم المتحدة يستخدم دائما أداتين: أولاً، يحاول خداع العالم بأكاذيبه، ثم عندما يفشل في هذا الأمر، يأتي معه سلة المهملات ويمزق قرارات مجلس الأمن ويرميها فيه”.

وعن زيارة بلينكن، قال قدومي: “بلينكن يقول إنني ظهرت في غرفة الحرب كيهودي للدفاع عن إسرائيل. ما علاقة هذه الرواية الدينية للحرب بالدبلوماسية والقانون الدولي؟ إسرائيل لا تمثل اليهود”.

وأردف: “تمكّنت المقاومة من كسر صورة إسرائيل التي لا تقهر، وإحباط استراتيجية الصهاينة المتمثلة بإبعاد الحرب عن الأرض المحتلة الرئيسية. وتبلغ ميزانية الجيش الإسرائيلي 15 مليار دولار، لكن المقاومة الفلسطينية حالت دون ملاحظة هجوم بهذا الحجم”.

واستطرد: “لا ينبغي لأحد أن يسألنا لماذا بدأتم الهجوم. نحن نحارب الاحتلال. وفي إدارتَيْ أوباما وبايدن، تمت إدانة المستوطنات الإسرائيلية، وبايدن مسؤول عن مقتل أميركيين كانوا متواجدين في هذه البلدات ومناطق الحرب”.

كذلك، أشار ممثل حركة الجهاد الإسلامي في إيران ناصر أبوشريف إلى ما وصفه “انتصار ظريف وفريقه في مقابل القوى العظمى”، حيث ذكّر “بوقوف هؤلاء أمام مجموعة 5+1 في المفاوضات النووية وتمكنهم من تحقيق الاتفاق النووي”، ليقول “نحن أيضا نستطيع أن ننتصر”. وتابع إننا لا نريد أن ننتقل من الشر الأميركي إلى الفخ الصيني السيء، منوهًا إلى أن الصين لا يمكن فهم سياساتها بشكل جيد.  

جاده ايران تلغرام
للمشاركة: