الجادّة: طريقٌ في اتجاهين
قراءة طويلة6 أكتوبر 2023 20:31
للمشاركة:

نرجس محمدي تفوز بجائزة نوبل للسلام.. من هم الإيرانيون الذين سبقوها على الطريق؟

في العاشر من كانون الثاني/ ديسمبر من كل عام، يُقام حفل سنوي عالمي في مدينة ستوكهولم، يتم خلاله الاحتفاء بالحاصلين على جائزة نوبل في مجالات الطب، الفيزياء، الكيمياء، الأدب، الأدب، الاقتصاد والسلام.

ويحصل الفائز بجائزة نوبل على دبلوم نوبل، والذي يتضمن قطعة فنية قيمة، بالإضافة إلى ميدالية نوبل الذهبية، وتكون قيمة الجائزة النقدية ما يقارب 1,1 مليون دولار.

واليوم فازت الناشطة الإيرانية نرجس محمدي المسجونة في إيران بجائزة نوبل للسلام، حيث أعلنت رئيس لجنة نوبل بيريت رايس أندرسن أنّ تمّت مكافأة “الناشطة والصحافية البالغة 51 عامًا على معركتها ضد قمع النساء في إيران، وكفاحها من أجل تشجيع حقوق الإنسانية والحرية للجميع”.

على إثر احتجاجات عام 2009 في إيران، صدرت أحكام قضائية ضد محمّدي بالسجن لمدة 11 عاماً، بتهمة التجمع والتواطؤ ضد أمن إيران، فضلاً عن تهم العضوية في نادي غير شرعي لحقوق الإنسان وممارسة النشاط الدعائي ضد الجمهورية الإسلامية.

غير أنّ محكمة الاستئناف خفّضت فترة السجن إلى ستّ سنوات، وتم تنفيذ الحكم عام 2012، لكنّ السلطات عادت أفرجت عنها بعد شهرين بناء على توصية الأطبّاء، إثر إصابتها بأمراض نفسية وعصبية.

وبعد أربع سنوات، صادقت محكمة استئناف في طهران على سجن محمّدي لمدة 16 عامًا بتهم “التجمع والتواطؤ بقصد ارتكاب الجريمة ضد أمن البلاد”، والنشاط الإعلامي ضد النظام، وتأسيس وإدارة “مجموعة لعام غير القانونية”، وهي حملة تطالب بإلغاء الإعدام في إيران.

ومن الواضح أنّ الأكاديمية السويدية التي ترعى مؤسسة نوبل تقوم على مبدأ أولي ينص على دعوة كل البلدان التي لها تمثيل دبلوماسي في السويد للاحتفال بمساهمات الفائزين بالجائزة في العلوم والأدب والسلام.

لكن حدثت المفارقة في عام ٢٠٢٢، عندما أعلن منظمو الحفل إنه لن تتم دعوة مبعوثي روسيا وبيلاروسيا بسبب الحرب في أوكرانيا، وإضافة إلى ذلك، امتنع المنظمون عن دعوة السفير الإيراني، وقالوا إنه غير مرحب به في الحفل، بسبب الاحتجاجات واسعة النطاق في إيران.

وبغض النظر عن الجائزة وأهمّيّتها، توجه لمنظمو الجائزة اتهامات بالعمل تحت قيود سياسية صارمة تصل حتى لمرحلة ترشيح من يتم منحه الجائزة.

وليست إيران وحدها هي الدولة التي حُرمت من جوائز نوبل في أغلب مجالاتها، فهناك عدد كبير من الدول لا تزال تطمح لاقتطاف الجائزة الكبرى في مجالات الأدب والعلوم.

سواء بسبب قضايا سياسية تتبعها الدول الراعية لجائزة نوبل، أو أسباب أخرى من قبيل المقاطعة المتعمدة لمنهج أو فكر، ظلّت إيران بعيدة عن المشاركة في هذه الجائزة.

رغم أن لإيران نصيبًا من جائزة نوبل للسلام يستحق الإشارة له، ولكن وجودها في المجالات الأخرى كان معدومًا.

لكنّ ذلك لا يعني إطلاقا أنّ إيران بلد يخلو من المبدعين والعباقرة، بل على العكس تمامًا، حيث يوجد فيها كمًّا كبيرًا جدًا من الأدباء المميّزين، الذين لا يقلون حسب أصحاب المعرفة الإدبية عن الأدباء الذين نالوا جائزة نوبل، وذلك بما أضافوه من فكر وأسلوب وقفزات خارقة في الفكر واللغة والفلسفة والثقافة الإيرانية.

وفي هذه الدولة عدد لا يستهان به من العلماء في مجالات الطب والفيزياء والكيمياء والتكنولوجيا، الذين حققوا إنجازات علمية يُشار إليها بالبنان.

منذ قيام الثورة الاسلامية في إيران عام ١٩٧٩، والتي غيرت نظام الحكم من ملكي إلى جمهوري إسلامي، قطعت الدول الغربية ودول أوربا وبعض دول الشرق علاقاتها بحكومة إيران، ونتيجة ذلك، فُرض عليها من ذلك الوقت حصارًا سياسيًا واقتصاديًا وثقافيا، وظل الإعلام العالمي يطرح إيران كدولة رجعيّة ظلاميّة لا تصدّر شيئا غير الإرهاب، وبدأ العالم يتخوف حتى من الثقافة الإيرانية.

حاربت إيران هذا المنهج وسعت لتبرز نفسها من جديد ضمن رؤيتها التي تطمح من خلالها لتكون في مصاف الدول العظمى، وبدأ التطور في العلاقات السياسية مع العالم تدريجيًا، ما سمح لعودة الثقافة الإيرانية لحيازة مقعدها الخاص بين ثقافات العالم، وسريعًا امتلكت إيران سحرًا جذّابًا في الأدب والفكر والفلسفة والعلوم.

في السينما، استطاعت إيران أن تلفت انتباه العالم، مما سمح لها بأن تقطف الجوائز العالمية في هذا المجال، لا سيّما جائزة الأوسكار التي توجت بها السينما الإيرانية مرّتين.

كانت هناك إنجازات إيرانية في العلوم والطب كما في الأدب والفكر، لكن لم يُذكر يومًا أن إيراني ترشّح لجائزة نوبل.

ربما فقط في مجال “السلام”، نالت إيران جائزة نوبل للسلام مرة واحدة، وكانت من نصيب الناشطة الثورية شيرين عبادي، وهي أول أيرانية تنال جائزة نوبل “للسلام”، وذلك عام ٢٠٠٣، تكريمًا لعملها في الدفاع عن حقوق الإنسان.

لكن وبعد فترة من استلامها للجائزة، طالبتها الحكومة الإيرانية برسوم وضرائب على قيمة الجائزة، وعندما رفضت عبادي تسديد الرسوم، تمّت مصادرة الجائزة وحجز أموالها، حيث كانت معارضة للنظام الإيراني.

الجدير ذكره إنّ شيرين عبادي كانت أيضًا أوّل قاضية إيرانية تتسلّم مهامها كقاضية عام ١٩٧٤، قبل أن تُرغم بعد الثورة الإسلامية على التنحّي.

ودائما ما يرد في مجال الأدب ترشح بعض الأدباء الإيرانيين للجائزة، من دون أن يحصل عليها أحد منهم، فقد تم ترشيح الشاعرة الراحلة سيمين بهبهاني، كما رُشّح أيضا الشاعر الراحل أحمد رضا أحمدي، وغيرهم.

وعند الكشف على أرشيف جائزة نوبل، يتبيّن وجود ثلاثة أسماء لأدباء إيرانيين كانوا من ضمن المرشحين للجائزة عام ١٩٦٧، وهم الأديب محمد علي جمالزاده، والذي يعتبر أبو القصة الفارسية الحديثة، ورائد الواقعية في الأدب الإيراني، والأديب زين العابدين رهنما، الكاتب والمترجم الدبلوماسي الإيراني الشهير، وكان أحل أهم من ترجم القرآن الكريم للفارسية، والشاعر بسيج خلخالي، وهو شاعر إيراني معاصر شهير، وكانت حظوظه بنيل الجائزة كبيرة، ولكن وقوف الحكومة البهلوية ضده ساهم بعدم منحه الجائزة، ذلك أنه كان يتبنّى آراء سياسية معارضة، منها تأييده لانفصال أذربيجان عن إيران بعد الحرب العالمية الثانية.

وفي عام ١٩٦٦، تذكر بعض المصادر ترشح السياسي حسين قدسي نخعي لجائزة نوبل لآداب، وهو كان وزيرًا للخارجية في بداية حكم محمد رضا بهلوي، كما كان كاتبًا ومترجمًا ومدرّسًا للفلسفة، وقد ترجم رباعيّات الخيّام للفرنسية والإنكليزية، كما أنه كان شاعرًا يكتب الرباعيات، لذلك أطلق عليه لقب خيام القرن العشرين.

جاده ايران تلغرام
للمشاركة: