الجادّة: طريقٌ في اتجاهين
قراءة طويلة14 سبتمبر 2023 16:32
للمشاركة:

قناة “إيران إنترناشيونال” والاتفاق الإيراني – السعودي

تبثّ قناة "إيران إنترناشيونال" التلفزيونية باللغة الفارسية من مقرّها في بريطانيا، ويموّلها مستثمرون سعوديون، وفقا لتقرير نشرته صحيفة "الغارديان" البريطانية في 2 أكتوبر/ تشرين الأول 2018.

تم إنشاء هذه القناة في 18 أيار/ مايو 2017، وكانت هي الأولى التي نشرت من الخارج العديد من الأخبار الحصرية المتعلّقة بإيران، من بينها التسريب الصوتي الشهير لوزير الخارجية الايراني السابق محمد جواد ظريف، قبل عدة أسابيع من انتهاء مهامه.

في العام الماضي، ومع بدء الاحتجاجات الداخلية في إيران، دعمت القناة التلفزيونية المتظاهرين، مما أزعج السلطات الإيرانية، ودفع وزير الاستخبارات الإيراني إسماعيل خطيب لنفي صفة الوسيلة الإعلامية عنها واعتبارها منظّمة إرهابية، وذلك في مقابلة أجراها مع الموقع الإلكتروني للقائد الأعلى بتاريخ 9 تشرين الثاني/ نوفمبر 2022.

في ذات السياق، أوضح مساعد رئيس السلطة القضائية للشؤون الدولية وأمين لجنة حقوق الإنسان كاظم غريب آبادي أنه يتم رفع دعوى قضائية في محكمة طهران لتحديد الأضرار وإصدار الحكم اللازمة ضد الولايات المتحدة بسبب دورها المباشر في أعمال الشغب الأخيرة، داعيًا لإضافة قناتَيْ “إيران إنترناشيونال” و”بي بي سي فارسي” الى قائمة الجماعات والأفراد الإرهابيين.

وصلت التهديدات الإيرانية إلى مقصدها وحققت جزءً من أهدافها، وفق ما نقلته صحيفة “ايران” الحكومية عن مصادر في “إيران إنترناشيونال” نفسها، عندما راح كوادرها يطالبون بضمانات أمنية.

ونقلت وكالة أنباء “تسنيم” الإيرانية المحسوبة على الحرس الثوري عن مصدر مطّلع في “إيران إنترناشونال” أنّه مع فشل المشروع المناهض لأمن إيران، يبحث بعض موظّفي القناة عن طريقة لتركها، ويريد بعضهم العمل لدى “بي بي سي فارسي”.

على سبيل المثال، قبل أسابيع كتبت المذيعة في “إيران إنترناشيونال” زهرا شهركي المعروفة، بـ “سيما ثابت”، وهي من سكّان مدينة زاهدان في محافظة سيستان وبلوشستان جنوب شرق إيران، على منصّة “إكس”: “استقلت من تلفزيون إيران إنترناشيونال”، معلنة بذلك نهاية برنامج “روية مع سيما ثابت”. وتابعت: “كان عليّ أن أختار بين العمل في ظروف خاصة وبين الكرامة الإنسانية”.

كما طلب عضوان آخران من كوادر القناة مساعدة وزارة الاستخبارات الإيرانية للعودة إلى إيران، وهو ما أوردته صحيفة “ايران” الحكومية على أنه ردود الفعل الأولى على إعلان طهران قناة “إيران إنترناشيونال” منظّمة إرهابية.

ولفتت الصحيفة إلى أنّ العديد من موظّفي القناة أعربوا عن استعدادهم لزيادة تعاونهم مع أجهزة الاستخبارات الإيرانية.

التهديدات الإيرانية

النتائج التي وصل إليها الإنذار الإيراني – إن صحّ التعبير- ومستوى القلق الذي عبّر عنه موظفو القناة، دفع الأخيرة إلى نقل مقرّها من لندن إلى واشنطن؛ وقد ذكرت تنّ سلامة صحافييها باتت في خطر بعد التهديدات الإيرانية، مما دفعها إلى وقف بث برامجها من لندن، ونقل جميع نشراتها الإخبارية على مدار 24 ساعة إلى واشنطن.

بدورها أعلنت شرطة لندن عن استمرار التعاون مع شركائها لحماية الصحافيين، وفي بيان لها شكرت الشرطة القناة على استجابتها للتحذيرات التي أطلقتها، ونقل مكتبها إلى واشنطن.

وكشف أحد مدراء “إيران إنترناشيونال” علي أصغر رمضان بور عن اجتماع جرى بين خبراء من شرطة لندن معنيين بتوفير الأمن للقناة، وبين فريق الأمن الخاص بها، قدّمت خلاله الشرطة تقييمات جديدة للأوضاع وطرحت توصيات بشأن كيفية مواصلة التعاون مع الصحافيين المقيمين في لندن.

وأشار رمضان بور إلى أنه بناء على هذه التوصيات، اتخذت القناة قرارًا ببث البرامج الإخبارية عبر مكاتبها في واشنطن لفترة من الوقت.

وجاء في صحيفة “ايران” نفسها أنّ بعض العاملين في قناة “إيران إنترناشيونال”، ممّن ظهرت صورهم على القناة، طالبوا بإجراءات لضمان أمنهم بسبب الشعور بعدم الأمان. كل ذلك جاء رغم توضيح غريب آبادي الإجراءات التي ترمي طهران إلى اتخاذها والمنهج الذي تريد اتّباعه لمواجهة القناة وداعميها.

“إيران إنترناشيونال” والدور السعودي

ولعلّه يمكن الجزم بعدم اعتراف أي جهة بدعم وتمويل قناة مثل “إيران إنترناشيونال”، إلا أنّ شواهد عدة وإفادات كشفت أدوارًا لبعض الدول الإقليمية والغربية في هذا الدعم والتمويل.

أورد تقرير صحيفة “الغارديان” البريطانية بشكل واضح أنّ القناة تحصل على تمويل من منظّمة سرّيّة وشركة يديرها رجل أعمال سعودي على علاقات وثيقة بولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان.

كما نقلت الصحيفة ذاتها عن مصدر لم تسمّه أنّ بن سلمان، الذي يُعتقد بأنه الشخصية الرئيسية المتورّطة بمقتل الصحافي السعودي المعارض جمال خاشقجي، هو من داعمي القناة. كما لم تنفِ القناة التقارير التي تتحدّث عن تلقّيها أموالًا من السعودية.

وكتب الصحافي الإيراني سعيد كمالي دهقان – والذي يعمل في صحيفة “الغارديان” نفسها – في منشور له على منصة “إكس” في 9 تشرين الثاني/ نوفمبر 2018، بعد مقتل خاشقجي: “أستطيع أن أؤكد أنّ جمال خاشقجي قُتل لأنه تحدّث معي هاتفيا من اسطنبول في 26 أيلول/ سبتمبر2018، وكشف أنّ قناة إيران إنترناشيونال مموّلة من محمد بن سلمان وسعود القحطاني”.

وأكد خبير العلاقات الدولية رضا نصري أنّ هذه الشبكة الإعلامية تابعة لحكومة السعودية، كما أورد في مقابلة أجرتها معه وكالة أنباء “ايسنا” الطلّابية في 11 تشرين الأول/ أكتوبر 2022 بما يتعلّق بنشاط “إيران إنترناشيونال” أنّ “أحد الحلول يكمن بحلّ المشكلة بطريقة جذرية مع حكومة السعودية”.

أما صحيفة “همشهري” الأصولية، فقد نقلت في 11 آذار/ مارس 2023 عن عضو المجلس المركزي لحزب المؤتلفة الإسلامي في إيران محمد كاظم انبارلويي أنّ المسؤول والداعم الأول للقناة المذكورة هي إسرائيل.

ورأى انبارلويي أنّ المقابلة التي أجرتها القناة مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو كشفت هذه الحقيقة.

من جهة أخرى، نفى مسؤول سعودي أيَّ صلة للرياض بالقناة، مضيفًا أنّ “إيران إنترناشيونال” شبكة خاصّة ولا علاقة لها بالسعودية.

وفي مقابلة له مع وكالة “فرانس برس”، قال المسؤول السعودي: “ما زلنا نؤكّد أنّ إيران إنترناشيونال ليست وسيلة إعلامية سعودية، بل هي استثمار خاص وليست تحت سيطرة الحكومة السعودية”.

الاتفاق السعودي – الإيراني

أحد أبرز الأسئلة التي طُرحت منذ بداية الحديث عن الاتفاق السعودي – الإيراني، هو مصير “إيران إنترناشيونال” بعد الاتفاق.

موقع “بهار” المستقلّ، أورد في تقرير له في 11 آذار/ ماري 2023 عددًا من المواقف بهذا الشأن، حيث نقل عن تقرير لصحيفة “الغارديان” في 10 آذار/ مارس أنه “إذا تحسّنت علاقات السعودية مع إيران، فمن المحتمل أن تكون إحدى نتائج هذه العلاقات حظرُ أو إغلاقُ قناة إيران إنترناشيونال”.

وقال النائب في البرلمان الإيراني شهريار حيدري في هذا الإطار: “إيران احتجّت على هذا الموضوع وكان احتجاجها على حق”. وأكمل: “كان ينبغي حل هذه القضية لتؤدي إلى اتفاق دائم في الدبلوماسية بين البلدين”.

ونوّه رئيس كلية الإذاعة والتلفزيون الأكاديمية شهاب اسفندياري إلى أنّ “شركة فولنت ميديا ​​التابعة للسعودية والمالكة لقناة إيران إنترناشيونال، أعادت رخصتها لهيئة الإشراف الإعلامي البريطانية، قبل أسبوعين من إغلاق مكاتب واستديوهات القناة في لندن، وعمليًا تبرّأت من مسؤوليتها”، معتبرا أن ذلك ربما كان شرطًا إيرانيًا للاتفاق الأخير مع السعودية.

جاده ايران تلغرام
للمشاركة: