فصل الأساتذة الجامعيين في إيران.. بين الرواية الحكومية والاتهام بالتطهير السياسي
أفادت عدد من المواقع الإيرانية بأنّ الجامعات الإيرانية بدأت حملة جديدة لفصل وإيقاف وتجميد عدد من الأساتذة الجامعيين لأسباب مختلفة، في حين بدأت جامعة العلّامة الطبطبائي بفصل ثلاثة من أساتذتها، لتتبعها جامعة شريف للتكنلوجيا ثم جامعة الشهيد بهشتي وجامعتا طهران وأزاد الإسلامية.
تقدّم “جاده إيران” تقريرًا مفصلًا عن أبرز ردود الفعل والتحليلات بشأن مسلسل فصل الأساتذة الجامعيين في إيران:
في ظلّ صمت رسمي من وزارة العلوم الإيرانية، كثرت التكهّنات والشائعات عن الأسباب الحقيقية خلف هذه الحملة الواسعة، فرأى البعض أنَّ الحملة لها أسباب سياسية مرتبطة بدعم الاحتجاجات في العام الماضي خلال أحداث مقتل الفتاة الإيرانية مهسا اميني، حيث اتُّهمت جبهة الأصوليين بقيادة عمليّات الفصل والتوقيف، بينما قال آخرون إنّ هناك خطة حكومية لإدخال 15 ألف أستاذ جديد للهيئات العلمية للجامعات، مستندين إلى وثيقة مسرّبة تم تداولها على مواقع التواصل الأجتماعي لنص القرار.
بدورها أكدت بعض المواقع أنَّ هذه الوثيقة مفبركة، وفي المقابل دعم عدد من الناشطين الأصوليين هذه الحملة، مطالبين بالتعامل مع الأساتذة المعارضين بحزم.
أما على الصعيد الأكاديمي، فقد أصدر اتحاد أساتذة الجامعات في إيران بيانًا انتقد فيه حركة الفصل والتجميد بحق الأساتذة، محذرًا من التدخّل الواسع للأجهزة الأمنية في شؤون الجامعة، داعيًا وزارة الداخلية وباقي الأجهزة الأمنية للقيام بواجباتها القانونية، بما في ذلك تحسين أمن البلاد، بدلًا من التدخل في شؤون الجامعات.
وفي ذات السياق، أفادت مواقع إيرانية عدة بتعيين بعض الشخصيات الإعلامية التي تعمل في التلفزيون الإيراني كأساتذة جدد في جامعة شريف للتكنولوجيا، وقد لاقى الخبر انتقادات حادّة، حيث ربط النشطاء هذا التعيين بفصل الأساتذة المعارضين.
التصريحات الحكومية
نفت وزارة الداخلية الإيرانية ارتباط حملة فصل الأساتذة باحتجاجات العام الماضي، معتبرة أنَّ ما يحدث هي حركة ثورية من وزارة العلوم لتطوير الجامعات وإدخال جيل الشباب إلى الكواد العلمية الأساسية، وتسريح الأساتذة الذين يعانون من الركود العلمي، بالاستناد إلى معايير إدارية وقانونية.
أما الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي، فقد أعلن دعمه لفصل وتوقيف الأساتذة، مضيفًا في تصريحات الثلاثاء 29/08/2023 أنَّه إذا أراد عدد محدود من الأشخاص تخريب نظام الجامعة، فيجب على الجامعة نفسها أن تتعامل مع الأمر. وذكر إنّ بعض الكوادر الجامعية التي فقدت صوابها خلال أحداث العام الفائت يجب تنبيهها وإرشادها.
ردود الفعل والانتقادات
اعتبر الرئيس الإيراني السابق حسن روحاني أنَّ حرمان الجامعات من أساتذة بارزين هو ظلمٌ للعلم والوطن، وخيبة للأكاديميين وسلوك لا يصبُّ في مصلحة الوطن والنظام.
كما انتقد نائب الرئيس الإيراني السابق إسحاق جهانغيري عمليات فصل الأساتذة، معتبرًا أنَّ المواجهة مع الأساتذة الكفوؤين والناقدين والطلّاب المعنيين والمحتجين بأي مبرر هو أمر مقلق للغاية.
وفي تصريحات لموقع “جمران”، طالب جهانغيري بإيقاف هذه الأساليب المناهضة للعلم والتنمية، على حدّ تعبيره.
أيضًا، هاجم نائب رئيس البرلمان الإيراني السابق علي مطهري إجراءات فصل وتجميد بعض أساتذة الجامعات، لافتًا إلى أنَّ ما يحصل لا يجمّل صورة الجمهورية الإسلامية، بل هو سلوك قاسي وأسوأ مما كان يُتَّبع في ظل حكومة الشاه التي لم تمنع الأساتذة المعارضين حينها من حق التدريس حتى بعد خروجهم من السجن.
وفسّر آخرون هذه الإجراءات بأنّها حملة انتقام وتطهير سياسي للجامعات، وهو ما أشار إليه الأستاذ الجامعي والناشط الإصلاحي صادق زيبا كلام، الذي شدد على أنَّ المشكلة سياسيّة، وأنّ الأساتذة الذين تمَّ فصلهم هم الأساتذة الذين تعاطفوا مع الطلّاب المفصولين أو الذين تم إيقافهم عن متابعة الدراسة.
ووصف زيبا كلام ما جرى بقمّة إفلاس دولة القانون، حيث أنّ المؤسسات الأمنيّة تسمح لنفسها بالتدخّل بشؤون الجامعات بهذه السهولة، لافتًا إلى أنّ هذا الوضع أصبح جليًّا أكثر في الحكومة الحالية، بسبب مسؤولي الجامعات ووزير العلوم، الذين لا يشعرون بأي مسؤولية تجاه كوادرهم الأكاديمية، على حدّ قوله.
كذلك انتقد المحلل السياسي والأستاذ الجامعي المُجمّد عن عمله مهدي مطهر نيا حملة التسريح والتوقيف الأخيرة ضد الأساتذة الجامعيين، كما هاجم البيان الأخير الذي أصدرته وزارة الداخلية الإيرانية دفاعًا عن حملة التسريح، ورأى أنّ ما يحدث هو افتعال أزمات اجتماعية جديدة في البلاد، في حين أنها بغنى عن هذه الأزمات وسط واقعٍ اقتصادي واجتماعي متأزّم.
وفي مقابلة له مع صحيفة “هم ميهن” الإصلاحية، اتّهم الكاتب وزارة الداخلية بالتدخل في الجامعات وتحويل الواقع الأكاديمي إلى واقع أمني.