الجادّة: طريقٌ في اتجاهين
قراءة طويلة25 أغسطس 2023 16:54
للمشاركة:

السعودية وإيران.. ما أفق تحسّن العلاقات؟

تغيّر الزمن بالفعل. بعد "الموت لآل سعود" و"سننقل المعركة إلى إيران"، تبدّلت الأحوال وتعدّلت النظرة إلى أفق العلاقات.

ما يختلفان عليه يتبقّى منه الكثير. ما يتّفقان عليه ارتفع منسوبه خلال فترة بسيطة. إيران سعيدةٌ لأنها تعتبر أن النفوذ الأميركي في المنطقة انخفض، كما كما تراجع معه مستوى عداء دول الخليج العربية لها، أما السعودية، فعينُها على “رؤية 2030″، وترؤّس المنطقة اقتصاديًا، من التجارة وصولاً إلى الرياضة. ومن دون الاتفاق مع إيران، أو على الأقلّ مهادنتها، لا رؤيةَ ولا من يرون.

مشهد وزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبد اللهيان جالسًا مع ولي العهد السعودي محمد بن سلمان عنى للعالم الكثير، وهو ما انعكس في الإعلام الغربي والإسرائيلي، حيث رأى البعض في الأمر كابوسًا حقيقيًا.

زيارة وزير الخارجية السعودي فيصل بن فرحان إلى طهران قبل أشهر حملت معها الكثير من التطمينات، وباتت الأمور حسب التصريحات التي أطلقها الجانبان من الرياض شبه جاهزةً لزيارة قريبةً للرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي إلى المملكة العربية السعودية.

اتفاق جزئي أو تقدُّمٌ في الخفاء؟

استبعد الباحث الإيراني في الشؤون الإقليمية والدولية صابر غلعنبري أن يسمح اتفاق استئناف العلاقات بين الرياض وطهران بتطوّر كبير في العلاقات الاقتصادية بين الطرفين.

ولخّص الأمر بأنّ ما حصل هو اتفاق جزئي، يسمح بتخفيض التوتر وتأجيل القضايا الخلافية، خاصةً أنّ هذه القضايا لا تتّسم بالطابع الثنائي، بل هي مرتبطة بملفات إقليمية.

وأشار غلعنبري إلى أنًه قبل الحديث عن أي استثمارات سعودية في إيران، لا بدّ من انطلاق حركة تجارة السلع، متوقّعًا أن تصل قيمة هذه التجارة إلى مليار دولار خلال سنتين أو ثلاث سنوات.

ويرى غلعنبري أنّ السعوديين سيفتقرون إلى الإرادة والقدرة على المضيّ بخيارات استثمارية جادة مع الإيرانيين في المستقبل القريب، طالما أنّ العقوبات الأميركية لا تزال تفرض نفسها، وتمنع على سبيل المثال طهران من الوصول إلى أموالها لدى العراق وكوريا الجنوبية إلا بإذن أميركي وقيود أميركية.

بدوره قال الباحث الباحث السعودي حسن المصطفى إنّ الرياض كانت واضحة جدًا في مواقفها بشأن العلاقة مع إيران، فهي تريد سياسة تقوم على “حسن الجوار” و”عدم التدخّل في الشؤون الداخلية”، مما يدفعها لإعادة التأكيد على الاتفاقيات السابقة، وتحديدًا الاتفاقية الأمنية التي اشتُهرت باسم “نايف – روحاني”، على حدّ تعبيره.

وبعد أن ذكّر بأنّ العمل على الملفّات الأمنية والقضايا الكبرى يتمُّ بعيدًا عن الأضواء، رجّح المصطفى أن يكون هناك تقدُّمٌ ما بعيدًا عن التسريبات الصحفية، لأنّ الهدف برأيه هو الوصول إلى تفاهمات مستدامة.

وأرجع المصطفى مستقبل العلاقات السعودية – الإيرانية إلى التطوّرات في أربع ملفّات هي “استمرار الهدنة في اليمن ووقف كل مظاهر الحرب، وقف دعم الخلايا المسلًحة أو الاستخبارية المرتبطة بالحرس الثوري، التزام الفصائل المسلّحة في العراق بعدم التعرّض للمصالح السعودية أو الاعتداء على الحدود، وأمن الممرّات المائية في الخليج ومضيق هرمز”.

ماذا عن التطبيع؟

الباحث الإيراني صابر غلعنبري، شّدد على أنً إيران تأمل بأن يدفع تحسّن العلاقات مع السعودية لكي تعيد الأخيرة النظر بمسار التطبيع مع إسرائيل، وإن كان يرى أنّ الرياض ستمضي بهذا الخيار عاجلًا أم آجلًا.

ويُرجع الباحث الإيراني رأيه هذا إلى اعتقاده بأنّ هناك نوعًا من التطبيع قد حصل بالفعل بين السعوديين والإسرائيليين، إلا أنّ الخطوات الرسمية هي التي ستحتاج لمزيد من الوقت برأيه.

بدوره وصف المصطفى محاولات الإدارة الأميركية لبناء علاقة بين السعودية وإسرائيل بأنها جهود تصبّ في المصلحة الأميركية أوّلاً، وتحديدًا إدارة الرئيس جو بايدن، كما تستفيد منها حكومة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، معتبرًا أنّ الرياض لا تريد تقديم هدايا مجّانية يستفيد منها بايدن انتخابيًا أو نتنياهو في الصراع الداخلي مع خصومه.

وتابع المصطفى: “من هنا، فإنّ موقف الرياض واضحٌ بأن لا تطبيع للعلاقات قبل إيجاد حل عادلٍ للقضية الفلسطينية، وفق مقرّرات الشرعية الدولية، وأيضاً الرياض لن تُقدِمَ على خطوة لا تخدم مصالحها الوطنية والقومية المباشرة؛ ولذا أعتقد بأنّ النقاشات الجارية الآن في وسائل الإعلام أو الأروقة السياسية بشأن هذا الموضوع، لن تؤثر في مسار العلاقات الإيرانية – السعودية”.

كابوس إسرائيل

رأت صحيفة “جيروزاليم بوست” الإسرائيلية أنً “العلاقة المزدهرة حديثًا بين إيران والسعودية” مثيرة للقلق، وعبًر المعلّق السياسي ميكا هالبيرن بهذا الخصوص بالقول إنّ هذه هذه العلاقة “تُرسل قشعريرةً إلى أسفل العمود الفقري”، كما وصفها بالكابوس.

وبرأي هالبيرن، فإنّ أي مشروع دبلوماسي يشمل إيران يشكّل خطورة بالغة على إسرائيل، وتابع: “لا يمكن الوثوق بإيران”، محذّرًا من أنً أي تحالفٍ بين الرياض وطهران سيكون كارثيًا بالنسبة لإسرائيل.

من جهته تحدّث الكاتب الأميركي كينيث بولّاك عن محاولة إيران الاستفادة من تراجع الحضور الأميركي في الشرق الأوسط، لافتًا إلى أنّها تعمل على زيادة الحوافز لتخلّي العالم العربي عن التبعية للولايات المتحدة.

ونوّه بولّاك إلى أنً إيران تضع الدول العربية أمام خيارين، فإمًا الانضمام إليها والحصول على السلام والتجارة، أو الانضمام إلى إسرائيل والخوض في حرب، خاصة في ظل سيطرة حكومة يمنية متطرَفة على الحكم في تل أبيب ومعاملتها للفلسطينيين بطرق بغيضة حتى بالنسبة للعرب الأكثر اعتدالًا.

جاده ايران تلغرام
للمشاركة: