الجادّة: طريقٌ في اتجاهين
قراءة طويلة6 أغسطس 2023 21:42
للمشاركة:

حجب “تلغرام” يحدث اتقساما في العراق.. ضغط أميركي أم ضرورة أمنية؟

أحدث قرار حجب السلطات العراقية تطبيق المراسلات الروسي "تلغرام" ضجة في العراق، حيث انقلب العديد من مؤيدي الحكومة عليها قائلين إن هذه الخطوة جاءت بطلب أميركي.

وعانى المستخدمون للتطبيق الشائع في العراق من بطء فيه عصر يوم السبت، وفي نهار الأحد 6 آب/ أغسطس، أعلنت وزارة الاتصالات رسمياً حجب “تلغرام” واعتبرته “خطراً على الأمن القومي والسلم المجتمعي” في البلاد.

وجاء في بيان لوزارة الاتصالات العراقية اطلعت عليه “جادة العراق” أنّ “مؤسسات الدولة طلبت مراراً من إدارة تلغرام التعاون لغلق مجموعات تسرّب بيانات رسمية وبيانات شخصية للمواطنين، إلا أنها لم تستجب ولم تتفاعل مع أي من تلك الطلبات”.
وأضافت الوزارة أنّ “حجب التطبيق جاء بناءً على توجيهات صادرة عن الجهات العليا لمحدّدات تتعلّق بالأمن الوطني”، مؤكدة احترامها لـ”حقوق المواطنين في حرية التعبير والاتصال من دون المساس بأمن الدولة ومؤسساتها”.
ولم توضح الوزارة العراقية في بيانها ما إذا كان هذا الحجب نهائياً أو مؤقتاً.

وجاء هذا القرار بعد أن شاع استخدام التطبيق الروسي في العراق خلال السنوات القليلة الماضية، خاصة بعد تفشّي وباء كورونا وتحوّل المدارس، سواءً الحكومية أو الخاصة أو الدينية، إلى التعليم عبر الانترنت، كما بات يستخدمه تجّار التجزئة لترويج بضائعهم.

في هذا السياق، أوضح المتحدث باسم مركز الإعلام الرقمي حسين المولى أسباب التزايد المضطرد في أعداد مستخدمي “تلغرام”، مشيرًا في حديث لـ”جادة العراق” إلى تميّز التطبيق بسهولة وسرعة الاستخدام وإتاحته فتح الحساب المُنشأ داخله على أكثر من جهاز في وقت واحد.

على الصعيد السياسي، اكتسب تطبيق “تليغرام” أهمية في العراق بعيد اغتيال الولايات المتحدة الأميركية للجنرال الإيراني قاسم سليماني ونائب رئيس هيئة الحشد الشعبي أبو مهدي المهندس مطلع كانون الثاني/ يناير 2020.
فهو بخلاف أغلب تطبيقات التواصل الاجتماعي المهمة، لا يلتزم بالسياسات الأميركية أو الأوروبية المتعلقة بمكافحة الإرهاب، ولا يفرض أي قيود على المنشورات المرتبطة بما يعرف بـ(محور المقاومة) أو صور قادته وأخبارهم.
وهكذا أصبح “تلغرام” مساحة مهمة لأتباع هذا المحور ونشاطهم الإعلامي، وكذلك بالنسبة لأنصار التيار الصدري وجماعات سياسية أخرى في العراق.
وهذا بدوره ساهم في ظهور رفض واضح لهذا القرار من قبل هذا الفريق في جميع مستوياته من المؤيدين إلى القادة والنواب، حيث انتقدوا السلطات واتهموها بالانصياع لطلب أميركي بهذا الخصوص وأدرجوا ذلك ضمن الصراع بين الولايات المتحدة والغرب من جانب، وبين روسيا وحلفائها من جانب آخر.

وكتب رئيس الوزراء الأسبق والأمين العام لحزب الدعوة الإسلامية نوري المالكي في تدوينة على تويتر، معلقاً على القضية: “العراق بلد ديمقراطي ديمقراطي يؤمن بحرية الإعلام والتعبير ويعد ذلك حقاً أساسياً، لكنه ليس مطلقاً”.
وأضاف: “لذلك فإن قرار حجب بعض مواقع التواصل الاجتماعي لدواعٍ أمنية يجب أن يفرق بين المنصات الداعمة للدولة والحكومة وتلك التي تحرض على الكراهية والعنف والتعدي على خصوصية الآخرين”.

حجب "تلغرام" يحدث اتقساما في العراق.. ضغط أميركي أم ضرورة أمنية؟ 1

كما عبّر الأمين العام لحركة “كتائب سيد الشهداء” المنضوية في الحشد الشعبي أبو آلاء الولائي عن تضامنه مع قنوات “تليغرام” الداعمة للفصائل الشيعية في العراق.

حجب "تلغرام" يحدث اتقساما في العراق.. ضغط أميركي أم ضرورة أمنية؟ 2

أراء متضاربة

تحدّثت “جادة العراق” إلى خبراء في مجال التكنلوجيا وقد اختلفت تقييماتهم لسياسات “تلغرام”. حسين المولى، المتحدث باسم مركز الإعلام الرقمي، يؤيد اعتبار هذا التطبيق “مهدداً” للأمن القومي العراقي، مؤكدًا عدم استجابته لطلبات رسمية عراقية تتعلّق بأنشطة تُصنَّف خطرة أو إرهابية.

وفي 22 تموز/ يوليو 2023 نشر المركز بياناً قال فيه إنه رصد “خلال الأشهر القليلة الماضية تواجد عشرات قنوات التلغرام المخصصة لتطوير التقنيات الاحتيالية والابتزاز الالكتروني، فضلًا عن تسريبها آلاف البيانات الخاصة بالمستخدمين العراقيين والأجهزة الأمنية والحكومية”.
وأضاف المركز المعروف اختصاراً بـ”DMC” أنه رصد كذلك “وجود قنوات أخرى (على تلغرام) مختصة بابتزاز الفتيات العراقيات بعد قرصنة حساباتهن، ومن ثم التهديد بنشر الصور الخاصة عبر قنوات أخرى، الأمر الذي تسبب بقتل بعض الفتيات وتشويه سمعة عشرات العوائل العراقية”.
وحذر المركز من أنّ “تقاعس منصة تلغرام وتأخرها في تقديم الدعم الفني والاستجابة لتبليغات الجمهور في العراق سهّل على الجماعات الإجرامية الإعلان والترويج لأنشطتها المختلفة، كما ساهمت هذه الثغرات التنظيمية بتطوير وتسريع مهارات الجريمة الرقمية في العراق”.

إلى ذلك، قال الخبير التقني مؤمل أحمد شكير الذي كافأته شركة “فيسبوك” مرتين لاكتشافه ثغرات أمنية في موقعها، لـ”جادة العراق”، إن “نحو 20 فتاة قُتلن على يد عائلاتهم بعد نشر صورهن على تليغرام. هذا التطبيق أصبح البؤرة الوحيدة للجريمة الرقمية”.

وعن تسريب البيانات الحكومية والشخصية، قال شكير: “بكبسة زر على بوت قنوات موجودة على تليغرام، يمكن الحصول على معلومات تفصيلية عن أي شخص في العراق مثل عنوان السكن ورقم الهاتف والسيارة”.
وأضاف أن “هناك أيضاً قنوات تنشر معلومات مفصّلة عن عناصر الأجهزة الأمنية والعسكرية بما فيها حالتهم الاجتماعية وإن كان الشخص متزوجاً أم لا إضافة إلى استخدامه من قبل داعش لتجنيد المقاتلين”.

في المقابل، رأى المتخصص في مجال التكنلوجيا الرقمية يوسف الشماع أنّ امتناع “تلغرام” عن الاستجابة للطلبات بشأن معلومات مستخدميه “ميزة إيجابية وليست سلبية”.
وفي حديثه مع “جادة العراق”، نوّه الشماع إلى أنّ “هناك موظفين يسيؤون استخدام البريد الالكتروني الرسمي الذي يكون بحوزتهم عبر استخدامه في التواصل مع شركات غير تلغرام، مثل فيسبوك وتويتر وإنستغرام، لغلق حسابات وقنوات، بسبب مشكلات شخصية أو سياسية مع مالكيها، وتقديم معلومات مضلًلة بشأنهم لتلك الشركات”.

وقد حذّر كل من الشماع والمولى من أنّ حظر “تلغرام” في العراق قد يكون له تبعات اقتصادية محلية وسياسية دولية، بينما أشار مؤمل شكير إلى إمكانية تخطي الحظر على “تيليجرام” باستخدام أدوات “VBN” أو “بروكسي”، وهو ما يحصل بالفعل حالياً.

جاده ايران تلغرام
للمشاركة: