الجادّة: طريقٌ في اتجاهين
قراءة طويلة1 أغسطس 2023 18:14
للمشاركة:

المتحدث باسم الحكومة العراقية لـ”جادة العراق”: استعادة العلاقات مع السويد مشروط بمنع تكرار حرق القرآن الكريم

مرّت ثمانية أشهرعلى رئاسة محمد شياع السوداني للحكومة العراقية، فترة بقيت خلالها الملفّات تتراكم وتتعقّد. وبمعزل عن تقييمات الداعمين له والمعارضين، ترى أطراف متعددة أنّ هذه الحكومة قد تمثّل الفرصة الأخيرة لمنع حرب أهلية كانت ربما جولتها الأولى بين أنصار التيار الصدري وخصومهم في 29 - 30 آب/ أغسطس 2022.

هذه الأطراف، وهي خليط من شيعة وسنّة عرب وكرد، ترى أنّ تفاقم المشكلات في العملية السياسية وصولًا إلى انهيار هذه العملية، هو أمر وارد في حال انتهى حكم السوداني من دون تحقيق إصلاح على أصعدة مختلفة، منها تأمين مختلف الخدمات ومكافحة الفساد، فضلًا عن ما تعهّد به السوداني نفسه لجهة “إنهاء ظاهرة السلاح المتفلّت”.

ومع وطأة هذا التوقعات، سيكون على الحكومة التعامل مع أزمة اقتصادية تلوح بوادرها وتخبو تاركةً السوق في اضطراب إثر تقييد الولايات المتحدة وصول بنوك عراقية للدولار، بهدف منع “تهريبه” إلى إيران وسوريا الخاضعتين لعقوبات.

واليوم تعصف ما أسماها المتحدث باسم الحكومة العراقية باسم العوادي “هجمة شعبية عاطفية”، أتت رداً على حرق المصحف وعلم العراق أمام سفارته في ستوكهولم قبل أيام، بجهود ثمانية أشهر بُذلت لجذب استثمارات تحتاج إليها بغداد بشدة لتشغيل آلاف الشبان بعدما اختنقت مؤسسات الحكومة بالموظفين.

حملت “جادة العراق” أسئلة عديدة إلى القصر الحكومي في المنطقة الخضراء وسط بغداد في لقائها مع العوادي، حيث أكد خلاله الأخير أنّ شرط العراق الوحيد لإعادة علاقاته المقطوعة مع السويد هو امتناعها عن السماح مجدداً بحرق المصحف سواءً للّاجئ العراقي سلوان موميكا أو غيره.

ونفى العوادي ارتباط تعيين السوداني لقادة أمنيين جدد على رأس أجهزة حساسة بـ”تشكيل دولة عميقة” أو “تعزيز النفوذ الإيراني” في البلاد، مؤكدًا أنّ جهاز المخابرات العراقي ليس في “أزمة” وأنّ الصراع الحزبي على رئاسته لم يحقق مبتغاه.

وكذلك دعا المتحدث باسم الحكومة العراقية إلى الاطلاع على هيئة النزاهة ونشاطها العام، والبحث في أرشيفها قبل تفسير الإجراءات المتخذة في الأنبار، معقل رئيس البرلمان محمد الحلبوسي، بأنها استهداف له.

وفي السياق، لفت العوادي إلى أنّ الحكومة العراقية تتابع نشاط السفيرة الأميركية آلينا رمانوسكي، معتبرًا أنّ هذا النشاط “لا يشكّل تهديداً” حتى الآن، مطمئنًا المنزعجين من هذا النشاط، كأنصار التيار الصدري وفصائل مسلّحة وقوى سياسية أخرى.

المتحدث باسم الحكومة العراقية لـ"جادة العراق": استعادة العلاقات مع السويد مشروط بمنع تكرار حرق القرآن الكريم 1

نصّ المقابلة:

  • جادة العراق: هناك من ينظر بريبة إلى التغييرات التي أجراها السوادني لقادة أجهزة أمنية مهمة، وبعضهم قال إنّ “الدولة العميقة” عادت تتشكّل، وإن القادة الجدد مقربون من أحزاب شيعية نافذة. كيف تردون؟

العوادي: التوجّس من أغلب القرارات، خاصةً المتعلًقة بالأجهزة الأمنية، ليس بجديد. هناك الكثير من الذين يتوجسون أو يتخوّفون من قرارات معيّنة.

لا يوجد شخص عُيّن في مكان معيّن إلا وكان هناك توجّس من تعيينه، فيُقال إنه مرتبط بالطرف الفلاني، وإنّ الدولة العميقة عادت، وإنّ هذا أتى به فلان من أجل تحقيق الهدف الفلاني وليسيطر على المؤسسة الفلانية.

هذا الكلام تردد كثيرًا ما بعد 2003، لكن أين تكمن الحقائق؟ المؤسسات الأمنية مرتبطة بالدولة العراقية، وتُدار من قبل الحكومة، ولا توجد مؤسسة محتَكَرة من قبل طرف معين. المؤسسات الأمنية، سواءً المخابرات أو الأمن الوطني أو الاستخبارات، فيها وكلاء ومدراء عامون، والقانون يطلب منهم أن يكونوا مستقلًين ومهنيين وحياديين في أداء واجبهم الأمني، وهذا ما تراقبه الحكومة العراقية بدقة.

مع ذلك، لم يحصل أن جُيّرت مؤسسة أمنية بالكامل لصالح حزب معيًن، أو أصبحت إقطاعية تُدار باسمه. أغلب قادة الأجهزة الأمنية هم من العقلاء، وخاصة في التعيينات الأخيرة، إنهم أبناء المؤسسات الأمنية، ولم نأتِ بشخص حزبي من خارجها.

هؤلاء القادة يعرفون طبيعة التقاطعات الحزبية والسياسية الموجودة في المؤسسات، ومن اختارهم وعيّنهم هو رئيس الوزراء القائد العام للقوات المسلًحة، وهم مرتبطون به باعتباره صاحب الأمر والنهي في قيادة الأجهزة الأمنية والعسكرية. لا ننسجم كثيراً مع الهواجس بهذا الخصوص.

  • جادة العراق: خلال ولاية الحكومة الماضية، تم اغتيال ضباط في جهاز المخابرات، ولاحقاً أصبح أحد قادة هذا الجهاز مطلوباً وجرى اعتقاله. وفي بداية ولاية الحكومة الحالية قيل إن هناك صراعاً بين قوى شيعية على إدارة المخابرات. هل انتهت ما سُميت بـ”أزمة” المخابرات؟

العوادي: بعد خروج رئيس الوزراء السابق الذي كان مديراً سابقًا  للمخابرات، انتقلت رئاسة الجهاز إلى رئيس الحكومة محمد شياع السوداني، وهناك مجموعة وكالات يُدار من قبلها جهاز المخابرات.

رئيس الوزراء عاكف من خلال بعض المسؤولين الكبار في المخابرات، وكذلك لجنة إصلاح أمني، على تطوير واقع الجهاز والنهوض به وبث دماء جديدة فيه وتوسيع نشاطه وعملياته.

لم أسمع بوجود أزمة في جهاز المخابرات. لكن هل هناك مثلاً صراع للوصول إلى رئاسته؟ طبعاً. وهذا ليس طموحًا غريبًا، فهو مؤسسة أمنية نافذة قوية، وبالتالي توجد أحزاب كثيرة تتمنّى أن يكون أحد قادتها الأساسيين أو من المستوى المتوسط رئيساً لهذه المؤسسة، غير أنّ هذا الصراع الحزبي لم يتحوّل إلى تصادم أو مشكلة كبيرة جداً، أو إلى تقاطع مع الحكومة, في المقابل كانت قناعة الحكومة واضحة وصريحة: لا لتسييس الأجهزة الأمنية.

حالياً يعمل جهاز المخابرات بصورة طبيعية بعدما عيّن رئيس الوزراء الوكيل الأخير له.

  • جادة العراق: لماذا سمحت الحكومة للحشد الشعبي بتأسيس شركة باسم “المهندس” تقوم بإنشاءات لتكون أول مؤسسة أمنية عراقية رسمية لديها هكذا نشاط؟

العوادي: الجيش العراقي السابق كانت لديه مؤسسات تقوم بأعمال بناء وحفر ومد طرق خاصة به. الحشد الشعبي كمؤسسة عسكرية يحتاج إلى شركة تكون عاملاً مساعداً له في الجانب اللوجستي والخدماتي والعملياتي.

لا نرى ضيراً في امتلاك هيئة الحشد الشعبي شركة تقوم بمشاريع متعلًقة بطُرق وجسور ومعسكرات ومخيّمات ولوجستيات أخرى، ما دامت القضية قانونية وبموافقة الدولة العراقية. هذا أفضل تنظيمياً من أن تتعاقدَ مع شركة خارجية.

  • جادة العراق: هل يمكن السماح لباقي الأجهزة الأمنية بتأسيس شركات مماثلة؟

العوادي: يختلف الأمر حسب المطلوب من هذه الشركة، ولأية احتياجات. إجمالاً، كل المؤسسات التابعة للحشد الشعبي بعد انتهاء الحرب عام 2018 تُقدّم خدمة كبيرة، وتشارك حالياً في مشاريع الجهد الخدمي والهندسي التي أطلقها رئيس الوزراء، من بناء وإعمار وتعبيد للطرق، وهي منخرطة في هذا العمل أكثر من بقية المؤسسات الحكومية.

  • جادة العراق: مشروع الحشد الشعبي في زراعة بادية السماوة يثير توجّساً يتعلّق بأمن السعودية، ما هو تعليقكم؟

العوادي: هناك فرق بين التوجّس وبين الواقع. المعروف أنّ هناك أراضي زراعية تُستخدم وفق القانون لإنتاج محاصيل ومواد غذائية، وهي داخل العراق، ولا تشكّل تهديداً لأي طرف في الوقت الحالي.

  • جادة العراق: هناك أطراف سياسية وفصائل مسلحة تنتقد التحرّكات الواسعة للسفيرة الأميركية آلينا رومانوسكي ولقاءاتها المتكررة بالمسؤولين العراقيين، ما رأيكم بهذه الانتقادات؟

العوادي: حركة السفارات تخضع لمتابعة الحكومة العراقية. رئيس الوزراء اجتمع قبل فترة بوفود دبلوماسية دولية، وكان الاجتماع مخصّصاً لحادثة حرق المصحف، وقد تحدث عن نشاطات بعض السفارات، وأشار إلى سفارة معيّنة من دون تحديدها بالاسم، وهي ليست السفارة الأميركية، وقال إنها قامت بأكثر من نشاط، وهي بالعشرات، خلال شهر واحد، وهو رقم كبير جداً.

وأبلغهم إنّ العراق بلد فيه قانون ويلتزم بالأعراف الدبلوماسية، وفيه حرية وديمقراطية، لكنّ حركة السفارات عموماً يجب أن تكون مدروسة وبعيدة عن الريبة والشكوك، وتنسجم مع واقع العمل الدبلوماسي.

الحكومة العراقية لا ينقصها الوطنية، ولا تُغْفِلُ هذا الموضوع، وتعرف تحرّكات السفراء ومسؤولي السفارات وبمن يلتقون وتُحصيها، وإجمالاً ليس لدينا كحكومة تخوّفٌ كبير من هذه التحرّكات.

من جانب آخر، نأمل من الجميع أن لا يزجّوا قضايا الصراع السياسي في العمل الدبلوماسي وموقف الحكومة منه. لدينا حرية ووجهات نظر متعددة، وأطراف مقاوِمة في العراق، لكن نأمل عدم تضخيم الأمور وأن لا يُحوّل لقاء لسفير أو سفيرة مثلاً بوزير أو شيخ عشيرة أو مجموعة شباب إلى قصة كبيرة جداً، وتحويل حدث طبيعي إلى أزمة تضر بالعلاقات الخارجية. ونحن نثق بوطنية الجميع ونعرف أنّ مصلحة البلد العليا محطُّ اهتمام مشترك.

  • جادة العراق: هل لدى العراق معلومات عما إذا كانت هناك دوافع معيّنة خلف إحراق مواطنه اللاجئ في السويد سلوان موميكا للمصحف؟

العوادي: ليس لديّ معلومات بشأن المحرّك لهذا الشاب، وما هي خلفيات هذا الحدث، وإلى أين يريد أن يصل، سواءً للشهرة أو المال أو الحصول على اللجوء السياسي، أو أنّ هناك أطرافًا تستغله. لكن كلّ هذا وارد.

حرقه لنسخة من القرآن الكريم والعلم العراقي وصور قيادات إسلامية أمام سفارتنا في ستوكهولم، وكونه يحمل الجنسية العراقية أعطى للقصة وصفة عراقية، ويسوؤنا كثيراً أن يقوم مواطن عراقي بهكذا فعل في أية دولة.

لدينا هجرة كثيفة منذ عام 1990، والعراقيون متواجدون في كل أرجاء العالم، بما فيها بلدان فقيرة، ولم يتجرّأ أحد منهم على التطاول على الكٌتب المقدسة أو تعريض سمعة بلده للتشويه بهذه الصورة التي حصلت في ستوكهولم.

  • جادة العراق: ما هو تأثير إحراق السفارة السويدية على العراق؟

العوادي: المقر الذي تم إحراقه في بغداد ليس للسفارة السويدية فقط، بل من خلاله تُدار أعمال النرويج وفنلندا أيضًا، وبالتالي انعكس ذلك سلبيًا على سمعة البلد، ووصلت إلى العراق رسائل احتجاج من أوروبا ومن دول كثيرة.

الحكومة عملت خلال الأشهر الثمانية الماضية بشكل مكثُف على تقديم صورة مستقرّة وهادئة للعراق لجذب الاستثمارات التي نحتاجها لتوفير فرص العمل لآلاف الأيدي العاملة الشابة التي تدخل السوق سنوياً، بين خرّيج جامعي وشاب بالغ، بعدما اختنقت المؤسسات الحكومية بالموظفين حتى باتت الموازنة التشغيلية (تُصرف للرواتب والمعاشات) تلتهم أكثر من ثلثي الموازنة العامة كما في موازنة العام الحالي، فمن مجموع 197 ترليون دينار، هناك 150 ترليون منها للرواتب.

التهجم على السفارات أثّر بدرجة كبيرة جداً على جهود استقطاب الاستثمارات، واتضح ذلك من خلال الرسائل التي وصلتنا من أوروبا وغيرها.

الحدث لا يخص العراق فقط. إيران والسعودية وباكستان وأندونيسيا ومصر والدول الإسلامية المليونية صدرت عنها مواقف مندّدة، لكن لم يحصل فيها هجوم على السفارات. ردّات الفعل في البلد ساهمت في جعل الحدث مزعزعاً لاستقرار العراق.

  • جادة العراق: هل تعتقدون بأنّ هناك أطرافًا عراقية استغلّت هذا الحدث لإحراج الحكومة؟

العوادي: لا نريد كحكومة اتهام أيّ طرف معين، لكن نعتقد بأنها كانت هجمة عاطفية كبيرة أدت إلى نتائج غير إيجابية، وإحراج العراق وليس الحكومة فحسب، وصار يُنظر إليه كدولة غير مستقرة. وهذا لا يصب في صالح كل الأطراف العراقية.

  • جادة العراق: ماذا عن طلب العراق استعادة سلوان موميكا من السويد؟

العوادي: حصلت إجراءات أولية بهذا الصدد، لكن لا نريد أن يُقال عنا أمام دول العالم إننا نطالب بما ترفضه دساتير الدول الأخرى وقوانينها. نعلم إلى أي مدى تستطيع السلطات السويدية أو غيرها أن تتعامل في قضية تسليم اللاجئين. سمعنا عن مواقف أخيرة في هذه الدول، وكذلك من الأمم المتحدة رافضة لحرق المصحف.

ما يهمنا هو عدم تكرار الإساءة لمقدّسات المسلمين، وبالخصوص القرآن الكريم، فهناك فرقٌ بين حرية التعبير وإهانة الديانات. كذلك يهمّنا أن لا تنعكس هذه الأفعال سلبيًا على الداخل العراقي وأي مجتمع إسلامي.

  • جادة العراق: هل توجد مباحثات الآن لإعادة العلاقات بين العراق والسويد؟ وهل لديكم شروط؟

العوادي: الشرط الوحيد هو أن تمنع السويد هذا الشخص وغيره من تكرار حرق المصحف، فليس بيننا وبينها حربٌ ولا عداء، فهي دولة لم تشارك في حروب وليس لديها تاريخ استعماري، وتاريخها مليء بالحياد والهدوء والحوار، واستطاعت بناء مكانة لها في عند المسلمين والمشرقيين عموماً.

الخلاف ينحصر بقضية حرق القرآن الكريم وإهانة المقدّسات، والسماح لهذا الشخص أو غيره بهذا الفعل. فإذا تحرّكت السويد لمنع هذه الحالة فستعود العلاقات إلى طبيعتها.

أُضيف معلومة مهمة، وهي أنّ العراق لم يقطع علاقته التجارية مع السويد، بل قمنا بسحب التمثيل الدبلوماسي وننتظر التطورات. كلّما خفّت التطورات سنعود للوضع الطبيعي، ونحن أبلغنا السويد إنّ العراق سيذهب إلى خيارات أصعب في حال تكرار حرق القرآن الكريم.

على السويد والدول الاسكندنافية الالتفات إلى أنّ هناك من يحاول قتل صورتها اللامعة الجميلة جداً عبر هذه الاستفزازات.

  • جادة العراق: ما الجديد في قضية “سرقة القرن”؟

العوادي: هذا الموضوع مُتابَع من قبل القضاء والحكومة العراقية، وهناك تواصل بينهما بشأنه، لكن يجب أن نؤكد حقيقة أنّ الموضوع فيه تعقيد كبير وتزاحم أولويات. تم استدعاء كثير من الأشخاص، وكَشْفُ أسماء مهمة وفاعلة، واستُرجعت الكثير من الأموال منهم.

هذه المسألة لا تُحل عبر زج المتهمين في السجن فقط. أنت تتحدث عن خلية وشبكة كبيرة جداً يجب التعرّف على طريقة عملها وأساليبها، وكيف تمّت السرقة، وأين ذهبت الأموال، ومن تقاسمها، ولماذا لم تتخذ مؤسسات الدولة آنذاك حلولاً.

كما يجب أن تكون مرنًا في تطبيق القانون في المرحلة الأولى لاستعادة أكبر قدر من الأموال، وبعد ذلك تتّخذ الإجراءات القانونية المناسبة. توجد رؤية عامة تتحرّك وفقها الحكومة والقضاء، لكنّ اكتمال الصورة بحاجة إلى وقت.

  • جادة العراق: هناك من ينظر إلى الإجراءات المتّخذة بحق شخصيات بارزة في حكومة مصطفى الكاظمي على أنها انتقامية، والكاظمي قال شيئاً بهذا المعنى، ما ردكم؟

العوادي: لا أعلّق على أمور لم تصدر عن الحكومة العراقية، ولا أتحدث باسم القضاء أو الهيئات المستقلّة.

الحكومة تدخلت في الجانب التنفيذي الذي يخصّها في قضية لجنة الأمر الديواني رقم 29 (شكّلها الكاظمي برئاسة الفريق الأول أحمد أبو رغيف لمتابعة قضايا فساد كبرى، واتُّهمت لاحقاً بالابتزاز وتعذيب المعتقلين).

هذه اللجنة  هي لجنة أمنية مرتبطة بالاستخبارات ووزارة الداخلية، ورئيس الوزراء هو القائد العام للقوات المسلّحة، وشكّل لجنة مستقّلة بهذا الصدد، وكان هناك ممثل للسلطة القضائية ووصلت اللجنة إلى نتائج بإحالة بعض أعضاء اللجنة 29 إلى التقاعد ونقل بعضهم وتوقيف آخرين.

في ما يتعلّق بجانب القيادة العامة، فقد اتّخذت إجراءاتها حسب القانون، الموضوع بعد ذلك قضائي بحت. من جانب الحكومة، فهي لا تنطلق من عقدة تجاه أي من الحكومات السابقة. نحن نؤمن بأنّ العمل تكاملي، وبأنه لا توجد حكومة ناجحة وأخرى فاشلة، فكل واحدة منها جاءت في ظرف معيّن وفقاً لمعادلة سياسية معينة.

بعض الحكومات خدمتها الظروف السياسية والاقتصادية الداخلية والخارجية، ونفس الحكومات أضرّت بها بعض الظروف، وكلّها تركت بصمة، وهناك سلبيّات وإيجابيات.

  • جادة العراق: أتباع التيار الصدري قالوا إنّ إعدامات ميدانية حصلت لرفاقهم الذين اقتحموا القصر الجمهوري القريب من المكان الذي نلتقي فيه الآن، وقد تقدّمت عائلاتهم بشكاوى لدى الشرطة نهاية آب/ أغسطس 2022. هل تابعت حكومتكم هذا الأمر؟

العوادي: أنا متحدث باسم الحكومة الحالية، وأجيب عن مواقفها وقراراتها، ولست معنيّاً بما حصل قبل تاريخ هذه الحكومة.

  • جادة العراق: الآن هناك شكوى ضدّ الحكومة لعدم التزامها بإجراء انتخابات نيابية مبكرة بعد عام على نيلها ثقة البرلمان كما تعهد رئيسها محمد شياع السوداني. لماذا لم تجرِ الانتخابات حتى الآن؟

العوادي: هذا الموضوع ليس بيد الحكومة لأنها تمثل السلطة التنفيذية. أرسلنا قانون مجالس المحافظات إلى البرلمان المكوّن من كتل ستتنافس في الانتخابات، وبقي فترة هناك حتى تم إقراره بتوافق حزبي كتلوي برلماني، ثم قدّمناه إلى مفوضية الانتخابات، وقلنا إنّ الحكومة مستعدّة لتوفير الأموال والحماية والدعم لإجراء الانتخابات.

يوجد في المنهج الحكومي نص يطلب إجراء انتخابات، ولكنه لم يحدد طبيعة كونها انتخابات مجالس محافظات أو انتخابات برلمانية، وتحديد مفهوم هذا النص مرتبط بالأطراف التي شكّلت الحكومة، وقد اتفقت على أنّ المقصود هو انتخابات مجالس المحافظات.

لذلك سعت الحكومة التزاماً منها بنص المنهج الحكومي وتفسير القوى السياسية المشكّلة للحكومة لهذا النص، إلى تقديم مسودة قانون انتخابات مجالس المحافظات، وتمت مناقشته وإقراره والاتفاق على موعده، ولا انتخابات برلمانية قبل موعدها الدستوري المقبل.

  • جادة العراق: إجراءات مكافحة الفساد في الأنبار، وإخراج قائد من جهاز الأمن الوطني محسوب على رئيس البرلمان محمد الحلبوسي، يتوافق مع خطاب معلن لقوى في “الإطار التنسيقي” مضاد للحلبوسي، وفُسّرت تلك الإجراءات بأنها استهداف له. ما رأيكم؟

العوادي: في هذا الصدد يجب متابعة ما قامت به هيئة النزاهة في المحافظات الوسطى والجنوبية، وكم عدد المسؤولين من محافظين ورؤساء مجالس بلدية سابقين ومدراء عامين في مؤسسات الدولة تمّت معاقبتهم، والقائمة مليئة بالأسماء والأرقام.

الحكومة تتعامل مع ملف الفساد على مستوى واحد، لأنّ هذا الملف خطير، ولا يمكن تحويله إلى ملف سياسي، لأنك ستفقد نقطة التركيز الأساسية. نعم قد تكون في مناطق معينة هناك أحداث أكثر أو من خلال الاعترافات تتكشف ملفات أخرى وسلسلة متّهمين.

مكافحة الفساد تتم على قدم وساق، ونحن نستند إلى معلومات وأرشيف هيئة النزاهة، وهي تقدّم كشوفات إعلامية مستمرّة تُثبت أنّ من يُعاقبون أو يُحالون إلى التحقيق والقضاء أو يتم استدعاؤهم هم على قدم سواء في كل المحافظات.

  • جادة العراق: الرئيس التركي رجب طيب أردوغان سيزور العراق قريباً. هناك من يقول إنّ تركيا تريد نفطاً بسعر تفضيلي مقابل إطلاق حصة العراق المائية. هل هذا صحيح؟

العوادي: لم أسمع أنّ تركيا قدمت هذه الشروط رسمياً للعراق، وإنما منصّات خبرية تكتب عن هذا الأمر. إجمالاً كان هناك وفد تركي في العراق قبل فترة وحصلت مباحثات.

رسمياً لم تُبلّغ الحكومة العراقية بشروط من هذا القبيل، وتركيا لا يمكنها إبلاغ العراق بهكذا شروط. قضية المياه محكومة بالقوانين الدولية وباتفاقيات ملزِمة بين الدولتين.

 بغداد وأنقرة تعيشان علاقات طيبة، والتواصل غير منقطع. أمّا ما يتعلّق بما أقرّته محكمة باريس من وجوب دفع أنقرة تعويضات مالية لبغداد فهذا يمكن التفاهم والتفاوض عليه.

  • جادة العراق: السنّة لديهم مطالب، مثل إقرار قانون العفو العام، وقضية المغيّبين، وهناك تحذيرات من عدم تلبية هذه المطالب. ما الذي فعلته الحكومة بهذا الشأن؟

العوادي: الآن قانون العفو العام طُرح وتم التوافق عليه سياسياً ضمن تحالف إدارة الدولة الذي تشكّلت الحكومة على أساسه، وهو مُثبت ضمن المنهج الوزاري. مجلس الوزراء أقرّ في جلسة الثلاثاء 18 تموز/ يوليو النص الخاص بالعفو العام المدرج في المنهج الوزاري، وأُحيل إلى البرلمان لإقراره.

في مجلس النواب ستُناقش التفاصيل وتُطرح بقية المواضيع، مثل المغيّبين، وعندها ستكون الحكومة مستعدّة للتعاطي مع ما يقرّه المجلس.

  • جادة العراق: بطريريك الكلدان لويس ساكو في أزمته مع القيادي المسيحي ريان الكلداني، قال إنّ موقف الحكومة كان ضعيفاً قبل أن يُسحب المرسوم الجمهوري لتعيينه ويغادر بغداد نحو أربيل، ما ردكم؟

العوادي: الحكومة حاولت القيام بوساطة، ورئيس الوزراء تحرّك للململة المشكلة وحلّها، لكن جهوده اصطدمت بنوع من التعنّت، ورغم ذلك لا زال يتحرّك للوصول إلى حل ينهي الأزمة ودياً.

  • جادة العراق: بعد احتجاجات عام 2019، هاجر ناشطون شاركوا في التظاهرات، وهم اليوم في دول متعددة يخشون على حياتهم بحال عودتهم إلى العراق، ما هو موقف الحكومة منهم؟

العوادي: الحكومة مستعدّة لتقديم المساعدة وتوفير الأمن لكلّ مواطن يشعر بأنّ حياته مهدّدة، لكن هذا الأمر يتم إذا كان الشخص غير مطلوب للقضاء العراقي، وأن يكون سجلّه الأمني نظيفاً ولم يقم بما يضر بالبلد.

هذا الموضوع بحاجة إلى التواصل بين الحكومة وبين هؤلاء الناشطين لمعرفة دورهم ومواقفهم وموقف القضاء باعتباره سلطة مستقلّة.

جاده ايران تلغرام
للمشاركة: