الجادّة: طريقٌ في اتجاهين
قراءة طويلة22 يوليو 2023 16:08
للمشاركة:

هل تؤشر تدوينة “انتظروا” لعودة قريبة لمقتدى الصدر إلى السياسة؟

اعتاد أنصار زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر وكذلك خصومه على مواقف حادة يتخذها في أحيان كثيرة خاصة عندما يتعلق الأمر بمسألة يرى أنها تهدد الإسلام والعقيدة والمذهب الشيعي، وآخرها ردة فعله على إهانة المصحف والعلم العراقي في السويد والدنمارك.

لكن منذ اعتزاله السياسة خريف العام الماضي صار السياسيون والمعلّقون وحتى الناس العاديين المهتمين، يترقبون عودته “الحتمية” للسياسة كما يجزم أتباعه، دون أن يعرف أحد بالضبط من أي باب ستكون.
فزعيم التيار الصدري اعتزل الشأن العام إثر فشله في تشكيل حكومة أغلبية بعد فوزه في الانتخابات ومن ثم رفع آية الله كاظم الحائري الغطاء عنه وتخليه عن دوره مرجعا لتياره مع تشكيكه بشرعية قيادة الصدر واتهامه له ضمناً بتفرقة الشيعة. ومنذ ذلك الحين وأنصار التيار الصدري ممن لا يملكون وصولاً إلى أسرار الحنانة، يفتشون في حركات وسكنات زعيمهم المتواري، عن طرف خيط واضح علّهم يفهمون منه اتجاه تفكير “السيّد”.

والآن يبدو لأشخاص كثر أن عودة “صانع الملوك” وهو لقب أطلقته الصحافة الغربية قبل سنوات على مقتدى الصدر، باتت قريبة.

هل تؤشر تدوينة "انتظروا" لعودة قريبة لمقتدى الصدر إلى السياسة؟ 1

في هذا السياق، يمكن تقديم قراءة سريعة لتغريدته التي نشرها ظهر اليوم السبت 22 تموز/ يوليو، وذلك بعدما حاول العشرات من أنصاره ليل الجمعة/ السبت الوصول إلى السفارة الدنماركية في المنطقة الخضراء رداً على إهانة المصحف والعلم العراقي في السويد والدانمارك.

إن لغة رجال الدين واضحة ويمكن تحديد مقاصدها وإن كانت هذه اللغة مرمّزة أحياناً. فافتتاح مقتدى الصدر تغريدته بعبارة (بسم الله مجريها ومرسيها)- وهو مقتبس بتصرف من آية قرآنية على لسان النبي نوح عندما تحرّكت السفينة في مياه الطوفان-، يؤشر في الظاهر أن هناك ما سيُقدم عليه.
وبدا الصدر بقوله (بات الدين غريباً والمدافع عنه مريباً) كأنه يلمح إلى تشكيك بعض خصومه بمواقفه من إهانة المصحف وربطهم إياها بموقفه السياسي غير المعلن من الحكومة والقوى الشيعية المشكّلة لها.

ولعل من أهم أدبيات التيار الصدري هي “نصرة الدين والمذهب” وهي لازمة لغوية مشهورة بين أوساطه وكذلك العمل بمبدأ “الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر” وفق رؤيته الدينية، وبالتالي لا يمكنه السكوت، بحسب متبنياته، وهو يرى “الدين غريباً”.

وباستخدامه لمفردة (الثورة) ربما يؤكد مقتدى الصدر على استعداد تياره الدائم لاتخاذ مواقف قوية، وهي تصلح في لغة السياسة كرسالة مبطنة للخصوم الذين قلل بعضهم، إعلامياً، من شأن وقوة التيار منذ انسحابه من العملية السياسية الخريف الماضي.

وبمناجاته للرب قائلاً (فلا تهلكنا بما فعل الفاعلون أو سكت الساكتون أو قصّر المقصّرون أو هادن المهادنون) وعلى المستوى المحلي، يبدو زعيم التيار الصدري هنا منتقداً مواقف القوى الشيعية ومعظمها تتبنى الإسلام السياسي حيث لم تقدم مواقف على أرض الواقع حتى الآن رداً على إهانة المصحف 3 مرات رغم المطالبات العربية والإسلامية وغير الإسلامية بالكف عن هكذا أفعال. وهو ما ورد أيضاً في منصّات إلكترونية موالية للتيار الصدري وعزت ما تقوله في هذا الشأن إلى وجود هذه القوى في سدة الحكم رغم أن قادتها نددوا بتلك الحوادث وأيدوا قطع العلاقات مع السويد.

وقد يكون الصدر اكتفى بهذا الحد في انتقاده لمن وصفهم ب”الساكتين والمقصرين والمهادنين” إزاء إهانة المصحف، لأن قوى في الإطار التنسيقي دعت لتظاهرة احتجاجية موعدها عصر اليوم السبت وسط بغداد وفي ذات المكان الذي اعتصمت فيه رفضاً لنتائج الانتخابات النيابية التي خسرتها أمام التيار الصدري.

بعد الانتقاد الذي وجهه الصدر لـ”الساكتين والمقصرين والمهادنين”، قال مباشرة: “انتظروا إني معكم من المنتظرين”، وهي العبارة التي تصدّرت عناوين وسائل الإعلام العراقية التي نقلت التدوينة، بينما راح أنصاره يتداولونها تحديداً بشكّل مركّز.

وقبل أحداث حرق المصحف وتداعياتها، كان مقتدى الصدر يهاجم المثلية ويحذر منها وكذلك اشتكى من تكرار اتهام والده الراحل آية الله محمد محمد صادق الصدر (اغتيل عام 1999) بالارتباط بنظام صدّام حسين وطالب بتشريع قانون يجرّم الإساءة لمراجع الدين.

هنا يمكن الاستنتاج أن هجوم الصدر على ما وصفه ب”ضعف الرد” على إهانة المصحف، وسابقا “خطر المثلية”، ثم اتهام تياره لأشخاص لم يسمونهم في حزب الدعوة بـ”الإساءة” لوالده الراحل محمد محمد صادق الصدر بالارتباط بنظام صدام حسين كلّها قد تمثل باباً يعود منه الصدر لممارسة السياسة بلا تحرج من تراجعه عن قراره المعلن العام الماضي، وهو الذي قال سابقاً مفسراً التناقض في بعض مواقفه، إن خطواته يتخذها حسب الوضع العام المتبدل باستمرار.

جاده ايران تلغرام
للمشاركة: