الجادّة: طريقٌ في اتجاهين
قراءة طويلة20 يوليو 2023 08:57
للمشاركة:

هل تلعب السلطات الإيرانية بالنار بإعادتها “شرطة الأخلاق” إلى الشوارع؟

عاد موضوع دوريات "شرطة الأخلاق" إلى الشوارع للتداول في إيران، خاصة بعد انتشار مقطع فيديو جديد يُظهر الطلب من امرأة الالتزام بالحجاب.

ووفقًا للقانون الحالي، فإن عدم التزام النساء بالحجاب في الأماكن العامة يُعتبر جريمة لها عقوبتها.

من جهة أخرى، كان المجلس الأعلى للثورة الثقافية وهيئة الأمر بالمعروف قد أعلن منذ مدة انتهاء مهمة دوريات الإرشاد التي أحدثت ضجة كبيرة، لكن يبدو أنّ هذه القصة لم تنتهِ بعد.

وأكد المتحدث باسم الأمن الداخلي الإيراني سعيد منتظر المهدي الأحد عودة دوريات “شرطة الأخلاق” إلى الشوارع، حيث صرّح: “اعتبارًا من اليوم، يتم تسيير دوريات آلية وراجلة في جميع أنحاء البلاد”، لمواجهة من يرتدون “ملابس غير عادية”، مضيفًا أنه بحال مخالفة أمر الشرطة “سيتم اتخاذ إجراء قانوني”.

وفي تصريحات تعكس بعض التناقض لدى السلطات، أشار عضو لجنة الأمن القومي في البرلمان الإيراني يعقوب رضا زاده بعد اجتماع للّجنة مع قائد استخبارات الأمن الداخلي العميد غلام رضا رضائيان إلى أنّ الأخير لم يتطرّق إلى عودة السيارات شرطة الأخلاق الى الشوارع، بل تحدث فقط عن مراقبة الأماكن التي أصبحت مصدرًا للفساد.

ونقل رضا زاده عن رضائيان أنّ الأولوية الرئيسية للشرطة هي الحفاظ على الأمن الأخلاقي في المجتمع مع أقصى درجات الاحترام، مشدداً على أنّ الشرطة ستتعامل مع العناصر المدرّبة على تعطيل النظام الأخلاقي للمجتمع.

وكان أمين المجلس الأعلى للثورة الثقافية السابق في إيران سعيد رضا عاملي قد نوّه في سابق إلى أنّ المجلس ليس لديه صلاحية اتخاذ قرار بخصوص دوريات الإرشاد. وأضاف: “إذا لوحظ في مكان ما حدوث شيء ضد أمن البلاد أو يهدد السلامة المجتمعية، فبالإمكان استدعاء قوات الشرطة”.

وفي السياق قال المتحدث باسم مقرّ الأمر بالمعروف علي خان محمدي إنّ مهمة دوريات شرطة الأخلاق قد انتهت، حيث تسعى الدولة في الظروف الراهنة عبر مختلف مؤسساتها لامتلاك الآليات المناسبة والقدرة على التعامل مع قضية الحجاب.

وكانت المظاهرات قد عمّت المدن الإيرانية أواخر العام الماضي إثر وفاة الفتاة الإيرانية من القومية الكردية مهسا أميني في أحد مراكز الشرطة، بعد أن دخلت المركز بسبب عدم التزامها بارتداء الحجاب، في حين نفى المسؤولون أن تكون الوفاة مرتبطة بتواجد أميني في مركز الشرطة، كما أثير الجدل في هذا الشأن قبل أشهر بعد انتشار مقطع فيديو ظهرات فيه أم تتوسل شرطة الأخلاق عدم إبعادها عن ابنها.

وبعد هذه الاحتجاجات أعلن رئيس مجلس النواب الإيراني الحادي عشر محمد باقر قاليباف عن “نظام جديد” وشروط “التهدئة”. وبعد هدوء الاحتجاجات، اقترحت سلطات إيرانية عدة فرض غرامات على غير الملتزمات بالحجاب أو عدم توفير الخدمات الاجتماعية لهنّ.

ونشر التلفزيون الإيراني خبرًا عن منع الضبّاط النساء من دخول الأماكن العامة، مثل مترو الأنفاق، كما انتشرت أنباء عن عقد جلسات محاكمة للنظر في قضايا المرأة ، بالتزامن مع وضع قانون العفّة والحجاب الذي يلحظ عقوبات غير مسبوقة على “عدم ارتداء الحجاب”.

وشهدت الأيام القليلة الماضية تقديم مشروع قانون العقوبات، الذي أعدته إدارة الشؤون القانونية والقضائية، إلى الحكومة من أجل استكمال العملية التشريعية، والذي تم بموجبه تحديد العقوبات والجرائم العقابية من قبل هيئة الإدارة لإرساء النظام في المجتمع، حيث حلّت المادة 178 من مشروع القانون المقترح محل مذكرة المادة 638 من القانون الحالي في مجال تجريم ومعاقبة عدم ارتداء الحجاب.

وبناء على ذلك، فإنّ “المرأة التي تظهر علانيةً بغير حجاب تتخذ السلطة القضائية الإجراءات بحقها وفق المادة (80) من قانون الإجراءات الجنائية المعتمد عام 2013”.

وإذا رفض الشخص التعهّد بالالتزام في السلطة القضائية، أو عاود السلوك المذكور مرة أخرى، يُحكم عليه بإحدى العقوبات الاجتماعية من الدرجة الثامنة، ويمكن للمحكمة بالإضافة إلى العقوبة المذكورة، أن تفرض على المرأة المشاركة بدورات تعليمية وأخلاقية ودينية لمدة أسبوع إلى أسبوعين كعقوبة إضافية.

وما يعنيه ذلك، هو أنه بحال عدم ارتداء الحجاب من قبل المواطنات، يتم إحالة الأمر أولاً إلى السلطة القضائية وفقًا للأحكام العامة للجرائم الظاهرة، ثم تقوم السلطة القضائية بتوضيح التهمة. وإذا كانت المرأة ليس لها سابقة في كشف الحجاب سيُطلب منها الالتزام بالحجاب وكتابة تعهد بعدم تكرار الأمر، أما بحال وجود سوابق ورفض الالتزام أمام السلطة القضائية، يتم إجراء تحقيق قضائي بناءً على الدعوى المرفوعة.

ووضع المشرّع عقوبات جديدة كعقوبة رئيسية تحت عنوان “الحرمان الاجتماعي” في المادة التاسعة من هذا القانون. وتشمل العقوبات الاجتماعية من الدرجة الثامنة الخضوع لدورات تأهيلية، الحرمان من الخدمات العامة المجانية، الغرامات، قيود التوظيف والتعيين، الإقامة الإلزامية، المنع من مغادرة البلاد وما إلى ذلك لمدة محدودة.

وتلقى هذا الجزء من مشروع القانون انتقادات بسبب عدم وجود تعريف للحجاب، حيث كان متوقّعًا أن يتضمّن تعريفًا دقيقًا وشاملًا للحجاب، ولعدم الحجاب والحجاب الناقص، وذلك بهدف تجنّب التفسيرات التعسفية في نص القانون.

جاده ايران تلغرام
للمشاركة: