الجادّة: طريقٌ في اتجاهين
قراءة طويلة15 يونيو 2023 07:54
للمشاركة:

محمد جواد ظريف.. الدبلوماسي المؤثر في تصريحات مثيرة!

أجاب وزير الخارجية الإيراني السابق محمد جواد ظريف الثلاثاء 6 حزيران/ يونيو 2023، على أسئلة النشطاء السياسيين عبر شبكة "كلوب هاوس" الاجتماعية، حيث تطرّق لما أسماه السياسات المبالغ بها من جانب الرئيس الإيراني الأسبق محمود أحمدي نجاد.

وفي هذا الإطار قال ظريف: “لقد كنتُ ممثلًا لإيران في مؤتمر بون بشأن أفغانستان، لكن لولا الشهيد سليماني لما استطاعت إيران المشاركة بشكل فعّال في هذا المؤتمر “.

وعاد ظريف في روايته إلى كانون الثاني/ يناير 2002، قبل أسبوعين من خطاب بوش الذي أعلن فيه أن إيران جزء من محور الشر، مشيرًا إلى أن سبب ذلك هو إيقاف البحرية الإسرائيلية سفينة تحمل أسلحة لصالح الرئيس الفلسطيني آنذاك ياسر عرفات في الضفة الغربية، والتي كانت تسمى “كارين إي”، مما تسبب باستنفار الجهاز الأمني الإسرائيلي، واتهام إيران بالمسؤولية عن إرسال هذه السفينة.

وبحسب ظريف، تمكّنت إيران عند نهاية ولاية السيد خاتمي من زعزعة التحالف الأمني ضدها، مشيرًا إلى أنً احمدي نجاد عندما جاء عاد ليغيّر كل شيء.

ورأى وزير الخارجية الإيراني السابق أنّ بعض الشعارات الحادة لاحمدي نجاد، مثل “قطار بلا مكابح” و”التفويض النووي”، تسبب بإصدار القرار رقم 1929 ضد إيران، واصفًا إياه بأنه كان من أسوأ القرارات في تاريخ مجلس الأمن، حيث قامت كذلك الصين وروسيا بالتصويت مع هذا القرار.

وذكّر ظريف بأنّ البيانين الأول والثاني من مجلس الأمن في ذلك الوقت لم يتعلّقا بالمسائل النووية، بل حملا فقط إدانةً لخطاب نجاد، أما البيان الثالث فتناول المسألة النووية، ثم صدر القرار 1696 لاحقًا.

واستذكر ظريف أنه عندما تحدث احمدي نجاد عن الهولوكوست في الأمم المتحدة، أكد لمعاونه عباس عراقتشي أنّ الوفد الإيراني بات مكبّلًا!

أكبري وخطة العمل الشاملة المشتركة

وفي إطلالته على “كلوب هاوس”، تحدث ظريف عن نزاع بينه وبين نائب وزير الدفاع الأسبق علي رضا أكبري (الذي أُعدم مؤخرًا بتهمة العمالة لصالح بريطانيا) بشأن معاهدة الحظر الشامل للتجارب النووية، حيث كان الأخير يعارض هذه المعاهدة بشدة، معبّرًا عن عدم تأييده لإعدام أكبري.

وتابع ظريف: “تلقينا الضربة الأولى في المفاوضات من روسيا التي قالت إنها وفّرت كل احتياجات محطة بوشهر طوال فترة عملها، في حين بقي وقود محطة نطنز التي تحتوي على 55000 جهاز طرد مركزي p1 في المنتصف”.

وأكمل: “اتخذت روسيا من الطاقة هدفها ومجال نفوذها في عالم ما بعد الحرب الباردة، وأغلقت أيدينا بالقول إننا وفّرنا كل الوقود لكم، أي أنهم وضعونا في موقف ضعيف في المفاوضات، ولهذا لم نتمكن من الوصول إلى أكثر من ستة آلاف جهاز طرد مركزي خلال فترة خطة العمل الشاملة المشتركة. بالطبع لست معاديًا لروسيا، فروسيا هي جار مهم وقوة عظمى في العالم، ويجب أن تكون لدينا علاقة معقولة معهم”.

واستطرد ظريف: “بدأنا المفاوضات مع المشكلة التي خلقتها روسيا. بالنسبة لأولئك الذين يقولون إن خطة العمل الشاملة المشتركة كانت لرفع العقوبات، ينبغي أن أقول لهم إننا حتى نيسان/ أبريل 2014 أجرينا محادثات نووية فقط، ومنذ ذلك الحين دخلنا في مسألة رفع العقوبات”.

ووفق ظريف، فإنّ الوفد الإيراني المفاوض في المفاوضات النووية عمل على القضايا النووية حتى آذار/مارس 2015، وذلك بناءً على الإرشادات والخطوط الحمراء التي كانت لديه، وبعد ذلك بدأ التفاوض على رفع العقوبات.

محاولات السعودية لتعطيل الاتفاق النووي

واتهم ظريف السعودية بمحاولة تعطيل مسار التفاوض مرات عدة، مضيفًا أنها نجحت في إحدى محاولاتها بتأخير الاتفاق النووي لمدة ستة أشهر.

ورأى ظريف أنّ خطة العمل الشاملة المشتركة أحيت الأمل لدى الناس، في حين بذل البعض قصارى جهده لزرع الخيبة في النفوس، على حد قوله، معتبرًا أنّ الإذاعة والتلفزيون الإيرانيين لعبا أيضًا الدور الأكبر في إحباط الناس.

وفي السياق ذكّر ظريف بقول أحد الضباط العسكريين المهمين في البلاد [اللواء نقدي] كلمات وصفها بالقاسية ضده قبل يومين من توقيع الاتفاق، وعندما تم التوقيع على خطة العمل الشاملة المشتركة عاد ليقول: “هل هناك شخص عاقل يستثمر في إيران”؟

وعلّق ظريف على هذا الكلام بالتالي: “عندما يقول مسؤول عسكري شيئًا كهذا، سيقول الآخرون من المؤكد أنَّ هناك سرًا في الأمر”!

وسأل ظريف: “إذا كان الاتفاق النووي خيانةً أسوأ من معاهدة تركمنتشاي، فمزّقوها وادفنوها وتخلّصوا منها، لماذا أنتم حريصون على إحيائها”؟

وتابع: “يقولون إن ظريف كان نائماً وإنّ الرئيس الأميركي دونالد ترامب مزّق خطة العمل الشاملة المشتركة، لكن لماذا خرج ترامب من الاتفاق النووي إذا كان سيّئًا، ثم إنّ ترامب انسحب من اتفاقية المناخ، فهل كانت أوروبا نائمة؟

رحيمي جهان آبادي: ظريف يصور حقيقة إيران

وعن تصريحات ظريف وأهدافه، قال عضو لجنة الأمن القومي والسياسة الخارجية في البرلمان الإيراني جليل رحيمي جهان آبادي: “لا ينوي ظريف دخول ساحة الانتخابات، لو كان ينوي القيام بذلك لكانت الأرضية مناسبة لذلك في فترات الانتخابات الإيرانية السابقة، ورأينا مجالات كثيرة لم يدخلها ظريف”.

وفي مقابلة له مع “جادة إيران، أرجع جهان آبادي كلام ظريف إلى سببين:

الأول هو أنّ العديد من وسائل الإعلام الأصولية والأشخاص الأصوليين ينتقدون الاتفاق النووي والسياسة الخارجية الإيرانية خلال الفترة السابقة، سواء كانت عادلة أو غير عادلة، مما دفع ظريف إلى تقديم إجابات للرأي العام وشرح وتوضيح ظروف تلك الفترة والقضايا والمتاعب والاتفاق الذي تم التوصل إليه.

وأسف جهان آبادي لكون التيار الأصولي ممسكًا بالعديد من المساحات والمنابر الإعلامية، من هيئة الإذاعة والتلفزيون إلى الكثير من المنصات الأخرى، منّهمًا إياه بأنه يجعل كل ما هو أبيض أسودًا وكل ماهو أسود أبيضًا، على حد تعبيره.

السبب الثاني لكلام ظريف، بحسب عضو لجنة الأمن القومي والسياسة الخارجية في البرلمان الإيراني، هو أنّ ظريف وبعض الأصوليين في البلاد لديهم وجهة نظر جزئية بشأن تحيّز المناخ السياسي في البلاد بسبب سيطرة الأصوليين اليوم على الحكومة والبرلمان.

وأضاف جهان آبادي: “صحيح أنّ ظريف لا ينوي الترشح للانتخابات البرلمانية المقبلة أو الانتخابات الرئاسية، لكنه على أي حال ناشط سياسي قلق بشأن هذا الجو”.

وبرأي جهان آبادي فإنّ الأصوليين سعيدون بمستوى المشاركة السياسية المتدنية في الانتخابات، لأن هذا المستوى المتدني من المشاركة يساهم في إيصال المرشحين الذين يريدونهم إلى البرلمان أو الرئاسة، على حد قوله.

وأردف: “من وجهة نظري، فإنّ شعور الإصلاحيين هذا يجب أن يُحترم، على الرغم من أنهم يعرفون أن لا مكان لهم في الساحة السياسية للبلاد وأنّ الجوّ غير مناسب لأنشطتهم، لكنهم يحاولون عدم إفراغ الساحة السياسية للبلاد، لأنهم يشعرون بالمخاطر الموجودة على المدى الطويل”.

وفي إشارة إلى الأبعاد الدولية لتصريحات ظريف في “كلوب هاوس”، قال جهان آبادي: “عندما يتحدث وزير الخارجية الإيراني لمدة ستة ساعات تقريبًا في كلوب هاوس، من المؤكد أن العديد من وسائل الإعلام والحكومات الأطراف في المحادثات مع إيران تستمع وتحلّل تصريحاته. برأيي، فإنّ تصريحات ظريف عندما يذكر سلسلة من الحقائق والعقبات أمام قرار الموافقة وتسجيل النقاط، تُبيِّنُ بوضوح الأضرار ونقاط القوة والضعف للغربيين والإعلام، كما أنهم يرسمون صورة أوضح لإيران حتى يتمكنوا من التحدث معها بطريقة أكثر واقعية”.

أعتقد أن ظريف يحاول تصحيح سوء فهم للغربيين، سواء عندما كان في وزارة الخارجية أو الآن، يحاول إعطاء الصورة الحقيقية للغربيين بأن إيران ليست ما تعتقدون بأنها يجب أن تستسلم لهم. إيران لديها بيروقراطية داخلية خاصة بها لاتخاذ القرار وكل شخص لديه مجموعة من السلطات ويواجه عقبات ومشاكل، وكل مسؤول في إيران عندما يتخذ قرارًا ما العقبات والمشاكل التي يواجهها؟ عندما يوضح ظريف هذه الصور، اعتقد أن الغربيين سواء إعلامهم أو حكوماتهم يمكن أن يكون لديهم صورة أوضح وأن تتصرف بحكمة أكثر تجاه إيران.

قلق أصولي من ظريف

بدوره أشار مدير صحيفة “إيران” خلال فترة الاتفاق النووي محمد تقي روغنيها إلى أنّ ظريف كان دائما محلّ شكوك الأصوليين لناحية إمكانية ترشحه للرئاسة، نظرًا للشعبية التي يتمتّع بها.

وفي حديث له مع “جاده إيران”، رأى روغنيها أنّ هذه الشكوك تعززت بعد تصريحاته على “كلوب هاوس”، الذي تناول فيها الاتفاق النووي وهوامشه، وطرح قضية ترشحه للرئاسة، على الرغم من نفيه للأمر بعد يومين.

وأضاف روغنيها: “كان دور ظريف دورًا واضحا ومستمرّا في السنوات الأخيرة، ويخشى الأصوليون دائمًا من عودته إلى الساحة السياسية بسبب قدراته”.

جاده ايران تلغرام
للمشاركة: