الجادّة: طريقٌ في اتجاهين
قراءة طويلة9 أبريل 2023 14:46
للمشاركة:

الحج والعمرة.. مرآة العلاقات الإيرانية – السعودية

سبعة أعوام من القطيعة الدبلوماسية بين إيران والسعودية كانت كفيلة بإنهاء كل التعاون في كافة المجالات بين البلدين، لكنّ الحج والعمرة شكّلا الركيزة الوحيدة للعلاقات السياسية والقنصلية والحوارية بين البلدين، فشهدا زيارات متبادلة على مستويات عالية للتنسيق لهاتين الفريضتين وتوقيع الاتفاقيات الثنائية.

تقدم “جاده إيران” تقريرّا مفصّلًا عن العلاقات الإيرانية – السعودية في مجال الحج وما ترتب على ذلك من تنسيق متبادل وتواصل دبلوماسي، في ظل انقطاع كامل للعلاقات بين البلدين.

قطع العلاقات الدبلوماسية

بعد اقتحام مجموعة من المتظاهرين الإيرانيين لمبنى السفارة السعودية في طهران في 2 كانون الثاني/ يناير 2016، احتجاجًا على قيام سلطات الرياض بإعدام عالم الدين الشيخ نمر النمر، بدأ مسلسل العداء بين البلدين وأعلنت السعودية قطع علاقاتها الكاملة مع إيران، كما سحبت بعثتها الدبلوماسية وطردت البعثة الدبلوماسية الإيرانية لديها.

تاريخ الحج

في عام 1987، اندلعت اشتباكات بين الحجاج الإيرانيين وقوات الأمن السعودية، عندما نظّم الحجاج الإيرانيون احتجاجات مناهضة للغرب، وهو ما رفضته الحكومة السعودية وقتها.

وقُتل في هذه الأحداث نحو 400 شخص، غالبيّتهم من الإيرانيين، وعقب ذلك قطعت الرياض علاقتها الدبلوماسية مع طهران، وتم تقليل العدد المسموح به من الحجاج الإيرانيين من 150 ألف حاج إلى 45 ألفًا، في حين قاطعت طهران الحج في المواسم الثلاثة التالية.

في عام 1991، عادت العلاقات الدبلوماسية بين البلدين، وشهدت مواسم الحج التالية أعدادًا كبيرة من الإيرانيين.

في عام 2015، وقعت حادثة تدافع في منى ونتج عنها مقتل نحو ألف حاج، بينهم أكثر من 700 إيراني. وانتقد مسؤولون إيرانيون، أبرزهم القائد الأعلى الإيراني آية الله علي خامنئي، السلطات السعودية وحمّلوها مسؤولية الكارثة.

في عام 2016، غاب الحجاج الإيرانيون بعد فشل المفاوضات بين مسؤولي الحج في السعودية وهيئة الحج الإيرانية، بسبب توتر العلاقات بين البلدين وتشكيك الحكومة الإيرانية بقدرة السلطات السعودية على تنظيم موسم الحج.

في 17 آذار/ مارس2017، أعلنت وزارة الحج والعمرة السعودية استكمال كافة الترتيبات اللازمة مع منظمة الحج والزيارة الإيرانية لمشاركة الحجاج الإيرانيين في موسم الحج، وفق الإجراءات المعتمدة مع مختلف الدول الإسلامية.

عام 2018، وصل أكثر من 86 ألف إيراني إلى السعودية لأداء مناسك الحج، بعد توافق الطرفين على نقل الحجاج جوًّا من إيران إلى السعودية مباشرة، وإصدار التأشيرات داخل إيران وليس عبر دولة ثالثة، إضافة إلى إرسال بعثة دبلوماسية مؤقتة للإشراف على الحجيج الإيرانيين، في حين تعهّدت طهران بالتزام حجاجها بالقوانين السعودية.

استمرّت قوافل الحج الإيرانية إلى السعودية، وفي عام 2019 حظي حجاج إيرانيون باستقبال دافئ من قبل السلطات السعودية، حسبما أوردت وكالة “إرنا” الإيرانية الرسمية.

ونشرت الوكالة صورًا تظهر مجموعة من الحجاج الإيرانيين الذين استقبلتهم سلطات الحج في السعودية بالورود والحلويات عند دخولهم المدينة المنورة.

في عام 2020، وبعد تفشي فيروس كورونا، سمحت السعودية لألف شخص فقط بأداء الفريضة، لمن هم دون 65 عامًا فقط، فلم يشارك الإيرانيون في هذا الموسم العبادي. كذلك في 2021، رفعت السعودية عدد الزوار إلى ستين ألفًا ملقّحين بالكامل، جرى اختيارهم بواسطة القرعة، وجميعهم من داخل السعودية.

في عام 2022، أعلنت الحكومة الإيرانية أنه سيتم السماح بدخول 39 ألفاً و600 زائر إيراني إلى الأراضي السعودية لأداء فريضة الحج، بعد موافقة السعودية على 45% من إجمالي حصة الزوار الإيرانيين.

كما أثنى وزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبد اللهيان على نجاح السلطات السعودية في تنظيم موسم الحج في ظروف تعزز “الوحدة بين المسلمين”، وذلك تزامناً مع توجه القافلة الأولى من الحجاج الإيرانيين إلى السعودية.

وأضاف عبداللهيان في تغريده له على موقع تويتر، أنّ طهران سترسل وفدًا قنصليًا إلى السعودية، وذلك في إطار جهود الدولة لتسهيل جميع الإجراءات أمام الحجاج الإيرانيين.

في بداية 2023، توجه وزير منظمة الحج والزيارة الإيراني صادق حسيني إلى السعودية في زيارة بدعوة من وزارة الحج والعمرة السعودية، لإجراء مفاوضات بشأن حج التمتع للعام 2023، وبعد المفاوضات تم التوقيع على مذكرة تفاهم بشأن الموضوعات المرتبطة بأداء مناسك الحج للموسم المقبل.

دبلوماسية الحج

تضمّنت الحوارات السعودية – الإيرانية بشأن مسألة الحج تنسيقًا وحوارًا على مستويات عالية من وزراء ومدراء منظمات، أبرزهم وزيرا الخارجية الإيراني والسعودي ووزير الحج السعودي ووزير الثقافة الإيراني ورئيس منظمة الحج الإيراني، حيث شكّل التعاون المشترك لتنسيق حضور ومشاركة الإيرانيين في الحج ركيزة استغلّها الطرفان لتحقيق غايات أخرى، فمثلًا عمد الحجاج الإيرانيون للقيام بمظاهرات في السعودية أثناء تواجدهم في موسم الحج للتعبير عن قضايا سياسية، كما كان لتعامل السعوديين مع الحجاج الإيرانيين تأثير على العلاقات بين الطرفين رغم كل الخلافات والقطيعة السياسية.

جاده ايران تلغرام
للمشاركة: