الجادّة: طريقٌ في اتجاهين
قراءة طويلة1 مارس 2023 12:08
للمشاركة:

“صبح شام” 1: عبداللهيان يروي عن سوريا.. بوصية من سليماني

رسمت الحرب في سوريا خريطة المنطقة بشكل مختلف عما كانت عليه في السنوات التي سبقتها. لم يقتصر التحوّل على التحالفات والعداوات، بل امتد عميقًا في بنية عقل شعوب المنطقة، من عرب وعجم وترك. أصبحت سوريا في لحظة صدام، مبتدأ الموقف وخبره. كل شيء يقاس إلى الموقف من الصراع فيها، وكل الصراعات الأخرى في المحيط مرتبطة بها. في هذه الترجمة المنتقاة والممتدة على حلقات لكتاب "صبح شام" لوزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبد اللهيان، تسلّط "جاده إيران" الضوء على نظرة طهران إلى صراع كبير، وقراءتها لمواقف الآخرين منه، وخلاصاتها التي فصّل فيها رأس الدبلوماسية الإيرانية.

صدر هذا الكتاب عام 2020، وتضمن مذكرات عبداللهيان خلال عمله مساعدًا لوزير الخارجية لشؤون منطقة غرب أسيا، حيث مثل إيران في العديد من المحافل الدولية والدبلوماسية التي عقدت حول الحرب السورية، كما عمل أنذاك في الخط الدبلوماسي بين طهران ودمشق خلال السنوات الأولى من الحرب السورية.

تعود العلاقات الدبلوماسية بين طهران ودمشق إلى مرحلة استقلال سوريا عام 1946. يظهر تاريخ العلاقات بين البلدين، مع عدم وجود أي مؤشر للعداء أو الاضطرابات السياسية، وعلى الرغم من برودة العلاقات بين إيران وسوريا خلال فترة الحكم البهلوي – بسبب طبيعة الحكومة السورية والنظام الملكي الإيراني – إلا أنهما بقيا على اتصال.

يعود هذا الاختلاف إلى خلفية قرار الحكومة الإيرانية آنذاك، بإقامة العلاقات مع الكيان الصهيوني، بينما كانت تعتبر سوريا الكيان الصهيوني “المزيّف” العدو الرئيسي لها.

بالتزامن مع بدء الحرب التي “فرضها” الرئيس العراقي الأسبق صدام حسين، بقيادة حزب البعث العراقي، على الجمهورية الإسلامية الإيرانية، وقفت سوريا إلى جانب الجمهورية الإسلامية الإيرانية. أدى موقف الرئيس السوري السابق حافظ الأسد والحكومة السورية الداعم لإيران، إلى تقوية العلاقات والتحالف الاستراتيجي بين الجمهورية الإسلامية الإيرانية والجمهورية العربية السورية.

منذ احتلال تل أبيب لمرتفعات الجولان عام 1967، بعد حرب الأيام الست بين العرب واسرائيل، مازال الرأي العام السوري يطالب بتحريرها.

كان إيواء سوريا للنازحين، واستضافتها حركات المقاومة الفلسطينية، وكذلك دعم النظام السياسي السوري للمقاومة اللبنانية والفلسطينية، أسباباً لانضمام سوريا “لحلف المقاومة”.

اتّسمت العلاقات بين طهران ودمشق بأهمية خاصة خلال العقود الأربع الماضية، وتطوّرت إلى علاقة استراتيجية منذ عام 2011، خلال التدخل العلني للولايات المتحدة وحلفائها وبعض دول المنطقة، بالإضافة للجماعات الإرهابية في سوريا، الذي أدى بدوره إلى نشوب أزمة سياسية وحرب إرهابية مرَّت بمراحل عدة، حققت سوريا وإيران في نهايتها نجاحاً كبيراً بفضل دعم الشعب والجيش السوريين وقائدهما، بالإضافة للدفاع السياسي والميداني للجمهورية الإسلامية الإيرانية وحلفائها. نتج عن ذلك تعزيز العلاقات الاستراتيجية بين طهران ودمشق.

أودت الحرب الإرهابية ضد سوريا، حسب إحصاءات منظمة الأمم المتحدة، بحياة 400 ألف شهيد وأكثر من 500 ألف جريح. في المقابل، نزح قرابة سبعة ملايين شخص داخل وخارج سوريا، بالإضافة لتهجير نحو 270 ألف فلسطيني مقيم في سوريا.

انهار خلال هذه الحرب الخارجية والإرهابية غير المتكافئة، 70 بالمائة من الصناعة السورية، وتدمّرت أكثر من مليوني وحدة سكنية بشكل كامل أو جزئي.

حسب التقديرات الأولية للأضرار التي لحقت بقطاع الصناعة السورية، وصلت الخسائر إلى 143 مليار دولار. أما في قطاع النفط والغاز، فقد وصلت الخسائر إلى 30 مليار دولار. يُقدر المبلغ المخصص لإعادة الإعمار بنحو 400 مليار دولار.

بلا شك، إنّ واحدة من هذه الأحداث والأرقام المذكورة، تستطيع أن تدفع ببلد ونظام سياسي إلى حافة الانهيار بشكل كامل. لكنّ عوامل عدة أدت إلى هزيمة الجبهة الأميركية ـ الصهيونية، أو الجبهة الغربية ـ العبرية ـ العربية في مواجهة سوريا. من بين هذه العوامل؛ ثبات واستقرار بشار الأسد كرئيس منتخب، صمود الشعب السوري، مقاومة الجيش السوري، مساعدة مستشاري الجمهورية الإسلامية الإيرانية و”مدافعي الحرم” من قوميات مختلفة، إضافة للجهود الجبارة لقائد فيلق القدس الشهيد الفريق قاسم سليماني وآثار دماء شهداء المقاومة، دور حزب الله اللبناني الذي لا غنى عنه وأخيراً دخول القوات الجوية الروسية في محاربة الإرهاب التكفيري.

ما سأرويه الآن هو عبارة عن مذكرات من “حرب الإرهاب” على سوريا، بتوصية لتجميعها من بطل العالم في محاربة الإرهاب، الفريق قاسم سليماني.

قبل عام من استشهاد سليماني، وخلال لقائي به، أكد على نشر بعض الأحداث بشكل مكتوب، بغية إيصال رسائل الشجاعة والاستشهاد، وحتى الجرائم والخيانات التي حدثت في سوريا ومنطقة غرب آسيا.

سأنشر صورة توضيحية أخرى من حكمة وشجاعة آية الله العظمى علي خامنئي في ضمان أقصى درجات الأمن القومي للجمهورية الإسلامية الإيرانية، وتحقيق الصلح والسلام في المنطقة والعالم، وحماية الأمة الإسلامية والتوجه نحو الحضارة الإسلامية الجديدة.

كذلك يمكنك تتبّع ورؤية البصمة القوية والرائعة في محاربة الإرهاب بأم عينك وقلبك، التي تركها الفريق البطل قاسم سليماني.

في بادء الأمر، أردت أن أوكل هذه المهمة لمكتب الدراسات السياسية والدولية التابع لوزارة الخارجية (الذي أنا عضو فيه)، لكنّ مدير الدائرة الفنية في منظمة الإعلام الإسلامي آنذاك، الأخ الدكتور محسن مؤمني شريف، أكد على نشر هذه المذكرات بكتاب عبر الدائرة الفنية، بدلاً من مكتب الدراسات السياسية، لأنها الأخيرة تحظى بجمهور خاص ومحدود، أما الدائرة الفنية فيتابعها جمهور خاص وعام. كما رأى أنّ ذلك أفضل للجيل الشاب، للاطلاع على المجريات في سوريا والمنطقة وسرد بطولة الفريق قاسم سليماني وشهداء “مدافعو الحرم”.

أود أن أتشكّره لإيلائه اهتماماً خاصاً لهذا العمل، وكذلك جميع من ساهم بنشر هذا الكتاب، مثل الخبير المحنّك في كتابة النص محمد مهدي شريعتمدار، مسؤول التحرير والبحث في وحدة التاريخ الشفهي في الدائرة الفنية في منظمة الإعلام حميد قزويني والدكتور محمد محسن مصحفي الذي قبل عناء التعديل والتحرير.

في النهاية أوجّه شكرًا خاصًا لحجة الإسلام والمسلمين سعيد فخر زاده أحد خبراء ومدراء الدائرة الفنية، لمساندته لي لقرابة عام كامل، من خلال حضوره الإبداعي والمستمرّ في إنشاء المحتوى البصري والنص وتوثيق المعلومات. وأقدر دعم مدير الدائرة الفنية محمد مهدي دادمان على نشر كتاب “صبح شام” .

أقدم هذه القصص المفجعة، والتي تحمل في طيّاتها العِبر إلى شهداء المقاومة و”مدافعي الحرم”، وعلى رأسهم الشهيد قاسم سليماني، التي تُعتبر ثمرة جهوده في تحقيق الأمن والسلام.

جاده ايران تلغرام
للمشاركة: