الجادّة: طريقٌ في اتجاهين
قراءة طويلة22 يوليو 2022 22:11
للمشاركة:

بين رحلة بايدن واجتماع طهران.. تحديات عديدة لإيران في الشرق الأوسط

أخذت زيارة الرئيس الأميركي جو بايدن إلى السعودية وإسرائيل، وتزامنها مع زيارة الرئيس الروسي فلاديمير بوتين والتركي رجب طيب أردوغان إلى طهران، حيزًا من اهتمام الصحافة الإيرانية، حيث ركّزت معظم المقالات على دور هذه اللقاءات في التأثير على المجريات السياسية والأمنية في منطقة الشرق الأوسط.

امتدت الأزمات الأمنية والإقليمية في جنوب غرب آسيا إلى مناطق جغرافية أخرى، وقد أدى توسع هذه الأزمات إلى زيادة الدور الإقليمي لإسرائيل والسعودية وإيران وتركيا بشكل كبير في التطورات والحروب الإقليمية، مثل الأزمة السورية واليمنية والتحديات ذات الصلة في البيئة الإقليمية.

وفي الأجواء الجيوسياسية التي أعقبت الأزمة الأوكرانية، يبدو أنّ رحلة الرئيس الأميركي جو بايدن الإقليمية تحوي العديد من المؤشرات على تحرك أمني أميركي جديد في البيئة الإقليمية، وهي إستراتيجية جديدة لتشكيل الأمن الإقليمي للولايات المتحدة وحلفائها مثل إسرائيل والسعودية.

وأخذت هذه القضايا حيزًا من اهتمام الصحافة الإيرانية، حيث اعتبر الدكتور إبراهيم متقي، في مقال له في صحيفة “دنياي اقتصاد” التخصصية، أن “الواقع الإقليمي الحالي لمنطقة الشرق الأوسط وغرب آسيا يشير إلى حقيقة مهمة، وهي أنّ إمكانية السيطرة الشاملة لكل الجهات الفاعلة في النظام العالمي على نمط سلوك الدول والتطورات التي تحدث فيه محدودة للغاية، وليس لدى أي منها القدرة على ذلك. وفي مثل هذه الحالة، سيكون أفضل نمط سلوك للدول العظمى للتعامل مع منطقة الشرق الأوسط هو استخدام استراتيجية أو خطة التوازن، وهي الإستراتيجية التي استخدمها بايدن للحد من قوة إيران أثناء تعامله مع السياسات الإقليمية للصين وروسيا بطريقة متوازية، وشكلت رحلته الإقليمية إلى الشرق الأوسط”.

وأشار الكاتب إلى أن “الشرق الأوسط هو المركز الرئيسي للسياسة الدولية في القرن الحادي والعشرين وسيلعب دوراً فعالاً كبوابة للمنافسات السياسية والجيوسياسية العالمية، ويمكن لرحلة بايدن إلى إسرائيل والسعودية أن تشرح وتحدد سياق تشكيلات الأمن الإقليمي في بيئة المنافسة العالمية”.

وأضاف: “استمرت رحلة بايدن إلى إسرائيل والسعودية لمدة أربعة أيام. وتقرر خلال هذه الفترة مراجعة وتنظيم مجال التعاون الأمني الإقليمي في منطقة الشرق الأوسط، كذلك تطوّرَ في هذه الإستراتيجية نمط سلوك الدول في ما يتعلق بالتعاون الأمني في مجال الدفاع والجيش والإعلام ليشمل المجالات الاقتصادية أيضاً”.

وتابع قائلاً: “يبدو من الطبيعي أن يؤدي وجود بايدن في المنطقة إلى تسريع نمط العمل التعاوني للدول العربية في المنطقة مع إسرائيل بما يتماشى مع سياسة التوازن الخارجي. المحور الأهم لسياسة بايدن هو البيئة الإقليمية والتوازن الخارجي لإيران”.

مؤشرات التوازن الخارجي في سياسة بايدن

من هنا، رأى الكاتب أن “العلامة الرئيسية للتوازن الخارجي في سياسة بايدن الإقليمية هي المشاركة الإقليمية للبلدان، حيث يجب على كل من الفاعلين الإقليميين أن يشكلوا مستوى جديداً من التعاون الإقليمي مع بعضهم البعض بناءً على مصلحتهم النسبية، وهنا ستلعب الولايات المتحدة دوراً متوازناً، كما ستتطلّب إدارة الأمن الإقليمي في السياسة الاستراتيجية للولايات المتحدة مراقبة وتنظيم دول المنطقة في بيئة الصراع ومن خلال الإدارة عن بعد”.

وأشار الكاتب، إلى أنه “وفق هذه الإستراتيجية، ستكون تكاليف العمل العسكري الأميركي أقل، و سيتم إنشاء أرضية لزيادة الصراعات الكامنة بين الجهات الفاعلة الإقليمية”.

وقال: “يؤدي هذا النمط من السلوك إلى ظهور توازن جديد في البيئة الإقليمية للخليج العربي والشرق الأوسط وجنوب غرب آسيا. يعتمد التوازن الإقليمي الجديد إلى حد ما على توازن التكلفة المنخفضة، وفي هذه الحالة ستنظم الولايات المتحدة التوازن الإقليمي على أساس آليات العمل بالوكالة من دون الحاجة للأموال أو إرسال الجيوش أو الأسلحة”.

تكوين الأمن التعاوني في الشرق الأوسط

وأشار الكاتب إلى أن “السبب الثاني لرحلة بايدن الإقليمية إلى الشرق الأوسط هو تعزيز التعاون بين إسرائيل والسعودية، وخاصة بعد الحرب الأوكرانية التي ألقت بظلالها على العالم”.

وأوضح أن “الحقيقة أنه كلما واجهت البيئة الإقليمية المزيد من الفوضى والأزمات، ستزداد أسس الدور العدواني لإسرائيل وسيؤدي توسع الصراع لزيادة دور الحلفاء الإقليميين للولايات المتحدة”.

وتابع: “يتطلّب كل من التدابير المذكورة دور الفاعلين الإقليميين. في هذه العملية، حيث وجدت تركيا دوراً مركزياً في سياسات الأمن الإقليمي، حيث لديها القدرة على تحقيق التوازن متعدد الأطراف مع إيران وإسرائيل والولايات المتحدة وروسيا. أما إسرائيل فهي تسعى أيضا للعب دور أمني في دعم أوكرانيا في الأزمة الإقليمية، وهو نهج يهدف لزيادة مكانة إسرائيل في أوكرانيا ويوسع أيضاً مستوى النزاعات بين إيران وإسرائيل في مجال حرب الطائرات المسيّرة المتجهة إلى أوكرانيا”.

وأضاف: “في المقابل تحاول السعودية زيادة مستوى علاقاتها التعاونية مع كل من اللاعبين مثل الصين، روسيا، تركيا وإسرائيل. وبناءً على ذلك، فإنها تخلق أرضية لإعادة تطبيع العلاقات الدبلوماسية مع إيران”.

زيارتان ولقاء واحد واحياء للتحالف

في السياق نفسه، تطرق الكاتب عبدالرحمن فتح اللهى، في مقال في موقع “إيران دبلوماسي” إلى الزيارة نفسها، حيث اعتبر أنه “رغم بعض الاختلافات بين هذه الجهات الثلاث في ما يتعلّق بالتطورات الجارية هناك، إلا أنّ اجتماع أستانا يمكن اعتباره نموذجاً لمشاركة الدول في توفير الأمن الإقليمي ومحاربة الإرهاب”.

ولفت إلى أن “محور أستانا هذا يواجه عقبات وتحديات خاصة بعد حرب أوكرانيا وتضارب المصالح للنهوض بأهدافه ومهامه، حيث عقدت روسيا، تركيا وإيران، بصفتها ضامنة لوقف إطلاق النار في سوريا في إطار عملية أستانا، محادثات ثلاثية 18 مرة بهدف إخراج سوريا من أزمة الحرب الأهلية، لكن أثار اندلاع الحرب في أوكرانيا، انسحاب روسيا من سوريا وكذلك استعدادات تركيا لمهاجمة سوريا مرة أخرى واحتلال حلب، خلق مخاوف بشأن التطورات السورية، إلا أنّ وجود قادة روسيا و تركيا في إيران والمشاورات حول نقاط الخلاف يمكن أن تخفف من صراع المصالح”.

وقال الكاتب: “تُظهر زيارة وزير الخارجية السوري فيصل المقداد إلى إيران بالتزامن مع قمة أستانا أنّ طهران تحاول تقليص الخلافات والحساسيات بين دمشق وأنقرة تجاه تصرفات بعضهما البعض. علاوة على ذلك، خلال زيارة وزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبد اللهيان الأخيرة لتركيا وسوريا، أعلن إنه نقل مخاوف أردوغان إلى الرئيس السوري بشار الأسد من أجل منع الجيش التركي من مهاجمة سوريا مرة أخرى”.

وأضاف: “تدلُّ هذه التحركات الدبلوماسية للجمهورية الإسلامية على أنه بينما تدير التطورات السياسية والدبلوماسية في سوريا، تسعى إلى زيادة نفوذها في المنطقة. والمواقف الإيجابية لدول المنطقة كالأردن ومصر، ورغبة عمان والقاهرة بتعزيز العلاقات مع طهران، وكذلك كلام وزير الدولة الإماراتي للشؤون الخارجية أنور قرقاش عن إعادة فتح سفارة بلاده في إيران، يأتي بالتزامن مع زيارة بايدن إلى إسرائيل والسعودية وجهود مواجهة النفوذ الإيراني”.

وتابع: “من ناحية أخرى، فإنّ روسيا مشغولة وتعاني من تداعيات الحرب في أوكرانيا، في حين أنّ تركيا تعاني من تفاقم المشاكل الاقتصادية وتضخم بنسبة 80٪، فضلاً عن استعداد أردوغان للمشاركة في الانتخابات الرئاسية العام المقبل. وهنا ستحتاج موسكو وأنقرة بالتأكيد الى أوراق رابحة وداعمة لتحقيق مصالحهم الوطنية”.

جاده ايران تلغرام
للمشاركة: