الجادّة: طريقٌ في اتجاهين
قراءة طويلة10 يوليو 2022 12:43
للمشاركة:

اعتقال تاجزاده .. مواجهة بين النظام والإصلاحيين؟

أعلنت زوجة القیادي الإصلاحي مصطفی تاج زاده مساء الخميس 7 تموز/ يونيو 2022، عبر مقطع فیدیو نشرته على تطبیق إنستغرام أن قوى الأمن في البلاد اعتقلت زوجها.

ووفقاً للمعلومات التي كشفت عنها فخرالسادات محتشمي بور، أن جموعة من 15 شخصاً تابعین لاستخبارات الحرس الثوري دخلت منزل تاج زاده عند الساعه 11 مساءً واعتقلته بتهمة التآمر ضد أمن البلاد وتعكير صفو الرأي العام.

وحمّلت محتشمي بور القیادات العلیا في النظام – منهم القائد الأعلی آية الله علي خامنئي – مسؤولیة أي شيء قد یحدث لزوجها.

https://youtu.be/BFZxsA315tk

من جهتها أكدت وكالة “مهر” اعتقال تاج زاده بعد أقل من ساعة من نشر الفيديو، من دون ذكر المزيد من التفاصيل.

اعتقال تاج زاده تزامن مع اعتقال عدد آخر من النشطاء الاجتماعیین أو الفنانین – منهم محمد رسول ألف ومصطفی آل أحمد – اللذين وقعا علی بیان احتجاجي مثیر للجدل یدعو قوات الأمن في البلاد إلى عدم استخدام السلاح ضد المتظاهرین الذين یطالبون بتحسین ظروف معيشتهم. كما يتزامن الاعتقال مع صدور قرار قضائي لإحالة الناشطة المعارضة لسياسات النظام وابنة الرئيس الأسبق فائزه هاشمي رفسنجاني إلى المحكمة.

ویُعتبر القيادي الإصلاحي تاجر زاده من أبرز الوجوه الاصلاحیة في إيران، حيث لدیه نفوذ كبیر بين أنصار هذ التيار. وتمیّز الرجل عن باقي القیادات الإصلاحية عبر انتقاداته الحادة والمباشرة الموجهة للقائد الأعلی، علي خامنئ، الذي اعتبره في الكثیر من مواقفه خلال السنوات الأخیرة المسؤول الأكبر عما هو وصلت إليه البلاد فيما يتعلق بالاقتصاد والانقسامات في المجتمع.

لكنّ تاج زاده يُصَنَّفُ أيضاً كواحد من أشد المعارضین للمجموعات المضادة للثورة الإيرانية، التي تری أن لا حل لإنقاذ إيران إلا من خلال إسقاط الجمهوریة الإسلامية.

وواجه تاج زاده هذا الخطاب تحدیداً بعد الانتخابات الأخیرة، مشدداً على أنّ اللجوء إلى الاحتجاجات في الشوارع واستخدام العنف ضد النظام خط أحمر لا یجب تجاوزه من قبل الإصلاحيين الذین لا یزالون یؤمنون بإمكانية الإصلاح من داخل النظام.

ومن هنا أثار إلقاء القبض علی تاج زاده استغراب عدد من المحللین الذي رأوا في ما حصل رسالة تدل على استحالة التغيير من الداخل، بینما وصف أنصار الحكومة الأمر بالخطوة الإيجابية نحو المواجهة مع من یستغلون حریة التعبیر في البلاد لإثارة الأجواء وإضعاف الحاضنة الاجتماعیة للنظام.

وبعد مرور 24 ساعة من الحدث، لم تنشر السلطات الرسمیة أي بیان بشأن أسباب اعتقال تاج زاده، نظراً لأن اعتقاله جری خلال أیام العطلة، في حين أثار التوقيف عاصفة من ردود الأفعال من قبل النشطاء والمحللین.

وفي هذا السیاق أشار المحلل الإصلاحي عباس عبدي إلي أنّ أسباب اعتقال المعارض الإصلاحي البارز تتجاوز سلوكه السیاسي الذي یعبر عنه منذ سنوات، مرجعاً تلك الأسباب إلى أمور مختلفة، منها تعثّر المفاوضات لإحياء الاتفاق النووي والتأكید علی استمرار النهج السابق لدى استخبارات الحرس الثوري رغم تغییر رئیس الجهاز.

من جهته لاحظ الناشط السياسي أحمد زيدأبادي – الذي سُجن لسنوات عدة على خلفية نشاطه السياسي – علاقة بين حالة السخط على النظام بسبب العوامل الخارجية والاعتقالات الداخلية، وقال: “طالما أنّ الجمهوریة الإسلامية منشغلة بمواجهة الاستبكار العالمي والصهیونیة وفق تعابیرها،وكلّما زاد الضغط الأجنبي عليها تراجع مدی تحمل النظام الانتقادات الداخلية، حیث أنه یتوقع الدعم والتضامن من القوی السیاسیة، وتحدیداً تلك التي ساهمت في الثورة وتأسیس النظام”.

وتحدث زيدابادي هنا عن دور تاجزاده في تأسيس وزارة المخابرات، إلى جانب مسؤولياته الأخرى على مستويات مختلفة، منها كمساعد سياسي لوزير الداخلية في عهد الرئيس خاتمي.

وفي السياق، لفت المتحدث باسم جبهة الإصلاحات وعضو حزب اتحاد ملت (أهم مجموعة إصلاحية إيرانية) علي شكوى راد إلى احتمال دعم القائد الأعلی لقرار اعتقال تاجزاده خلال تغریدة جاء فیها: “هذه القرارات الخطیرة والمهمة للغایة تُتَّخذ غالباً بإشراف أو تأييد القائد الأعلی”. كما انتقد عدم مراعاة الأجهزة الأمنیة ظروف البلاد المتدهورة وترکیزها علی إسكات المعارضین الإصلاحيين.

أما الناشط الإصلاحي ومساعد الرئیس الأسبق محمد علي أبطحي فقد نوّه إلى عواقب هذه الخطوات خلال تغریدة ورد فیها: “واضح أنّ النظام لا يحتاج إلى الحوار مع من يعتبرهم ينتمون إلى الآخرین، لكن وقسماً بالله إنه يُخطئ”.

كما أثارت تغریدة نشرها مدیر موقع رجانیوز – الذي یُعتبر منصة لتیار بایداري المتشدد – علي رضا سلیماني ردود أفعال واسعة في الأوساط السیاسیة.

وفي إشارة لاعتقال تاج زاده والمخاوف التي عبّر عنها الإصلاحيون، كتب سلیماني الذي یدعم حكومة الرئيس إبراهيم رئیسي على موقع “تويتر”: “تاج زاده لن یکون آخرهم”!

ونظراً لعلاقات سلیماني القریبة من الحكومة، حذّر المعارضون من كون التغريدة تدلّ على وجود مشروع ممنهج لإسكات المنتقدین من خلال حملة واسعة لاعتقال كل من یعارض السیاسات الرسمية ولدیه تأثیر في الشارع بعد تعثر المفاوضات وتوقعات بشأن تدهور الأوضاع المعیشیة خلال الأشهر المقبلة.

ویأتي ذلك بینما تحدث القائد الأعلی الإيراني قبل أیام خلال لقائه مع مسؤولی السلطة القضائیة عن قدرة النظام على مواجهة التحدیات رغم صعوبتها. وفي تذكير بظروف مماثلة مرّت على النظام سابقاً، قال خامنئي: “إنّ إله سنة 1981 هو نفسه إله هذه السنة. إن إله فترات الصعوبة والفترات المختلفة واحد”.

وفسّر كثيرون كلام خامنئي عن فترة الثمانينيات من القرن الماضي في إطار قدرة النظام علی مواجهة الضغوط الداخلیة والخارجیة علی حد سواء.

وبعد اعتقال تاجزاده، تساءل البعض عن مدى ارتباط كلام خامنئي بالاعتقال، وإن كان يعني العودة إلى نفس السياسة التي اتبعها النظام في تلك الفترة عندما اشتدت الضغوط الأجنبية.

جاده ايران تلغرام
للمشاركة: