الجادّة: طريقٌ في اتجاهين
قراءة طويلة5 يناير 2019 16:34
للمشاركة:

شخصيات إيرانية: هاشمي شاهرودي ..آية الله الهجين من العراق لمراكز السلطة في إيران

جاده إيران- شيرين سمارة

غيّب الموت رئيس مجمع تشخيص مصلحة النظام محمود هاشمي شاهرودي عن عمر ناهز السبعين عاماً بتاريخ ٢٤ كانون الأول/ديسمبر ٢٠١٨، بعد صراع مع المرض ودخوله في غيبوبة في أحد مستشفيات طهران.

شخصيات إيرانية: هاشمي شاهرودي ..آية الله الهجين من العراق لمراكز السلطة في إيران 1

شاهرودي الذي كان أحد الأسماء المطروحة للترشح لخلافة المرشد الإيراني الحالي علي خامنئي ولد في مدينة النجف سنة ١٩٤٨ من عائلة متدينة تتحدر أصولها من مدينة شاهرود في محافظة سمنان الإيرانية، ووالده سيد علي حسيني شاهرودي أحد تلامذة المرجع الديني آية الله أبو القاسم الموسوي الخوئي.

شخصيات إيرانية: هاشمي شاهرودي ..آية الله الهجين من العراق لمراكز السلطة في إيران 2

دراسته
تتلمذ شاهرودي في العلوم الدينية لدى هادي السيستاني، ودخل حوزة النجف حين كان في السادسة عشر من عمره، وأنهى مرحلتين من الدراسة في سنين قليلة، ثم تابع الدراسات العليا، وتتلمذ على يد كبار رجال الدين في عصره.

أمضى شاهرودي سنوات عدة يتلقى دروساً خارج الفقه والأصول كذلك، ونال درجة الاجتهاد من قبل أستاذه آية الله محمد باقر الصدر في العام ١٩٦١.

شخصيات إيرانية: هاشمي شاهرودي ..آية الله الهجين من العراق لمراكز السلطة في إيران 3

اعتقاله
اُعتقل شاهرودي في العراق عام ١٩٧٤ بتهمة الانتماء إلى الحركة الإسلامية المرتبطة بتلامذة السيد محمد باقر الصدر، فتعرّض خلال تلك الفترة لمختلف أنواع التعذيب الجسدي والنفسي، وبعد إطلاق سراحه مُنع من السفر ومن ممارسة أي نشاط ديني وثقافي داخل العراق.
في كانون الثاني/ يناير عام ١٩٧٩، خرج العراقيون في مظاهرات ضد النظام الحاكم، فاتُّهم شاهرودي بالتحريض على التظاهرات، ثم صدر بحقه مذكّرة اعتقال، ما اضطره للسفر خارج العراق بطلب من السيد محمد باقر الصدر نفسه، فتوجه إلى الكويت ومن بعدها إلى إيران.

شخصيات إيرانية: هاشمي شاهرودي ..آية الله الهجين من العراق لمراكز السلطة في إيران 4

نشاطه ومناصبه
أصبح شاهرودي في آذار/مارس ١٩٧٩ الوكيل العام والممثل الخاص لمحمد باقر الصدر لدى قائد الثورة الإسلامية الإمام روح الله الخميني، كما تحول لحلقة وصل بين مراجع النجف وهذا الأخير.
قام بنشاطات عديدة لدعم المعارضة العراقية، فأسس جماعة العلماء المجاهدين، وشارك في تأسيس المجلس الأعلى للثورة الإسلامية في العراق، وتولّى رئاسة هذا المجلس لأربع دورات.

شخصيات إيرانية: هاشمي شاهرودي ..آية الله الهجين من العراق لمراكز السلطة في إيران 5

أصبح عضواً في لجنة صيانة الدستور في إيران في العام ١٩٩٤، وهي الجهة المكلفة بالإشراف علی صك القوانين التي يقرّها مجلس الشورى الإسلامي، ثم عينه المرشد الأعلى علي خامنئي رئيساً للسلطة القضائية عام ١٩٩٩، وبقي في هذا المنصب لعشر سنوات.

شخصيات إيرانية: هاشمي شاهرودي ..آية الله الهجين من العراق لمراكز السلطة في إيران 6

كما شغل شاهرودي منصب رئاسة الهيئة العليا لحل الخلافات وتنظيم العلاقات بين السلطات الثلاث في إيران، والتي تعد أحد أركان الجمهورية الإسلامية الإيرانية ويعين المرشدُ رئيسَها، تشكّلت في العام ٢٠١١ لتتولى مهمة الفصل في خلافات الحكومة والبرلمان ولجنة صيانة الدستور، فترأسها شاهرودي أولا بغاية حل الخلافات التي طفت على السطح آنذاك بين الرئيس الإيراني السابق محمود أحمدي نجاد مع البرلمان من جهة والسلطة القضائية من جهة ثانية، ورأى البعض أن الغاية من تأسيس هذه الهيئة العليا مرتبطة بنيّة تقليص صلاحيات مجمع تشخيص مصلحة النظام الذي كان برئاسة أكبر هاشمي رفسنجاني، والمخصص للنظر في الخلافات العالقة أيضا.

شخصيات إيرانية: هاشمي شاهرودي ..آية الله الهجين من العراق لمراكز السلطة في إيران 7

آخر المناصب التي وصل إليها شاهرودي كان رئاسة مجمع التشخيص، فجاء خلفا لرفسنجاني بعد وفاته.
اتسمت رئاسة المجمع في عهد شاهرودي رغم كونها قصيرة زمنيا باستمرار سياسة التوازن والاعتدال نسبيا في الإدارة، فرفسنجاني مؤسس تيار الاعتدال ظل بمثابة المحور الذي تلتف حوله كل التيارات مع أنه اقترب في سنوات حياته الأخيرة أكثر نحو الإصلاحيين، وجاء شاهرودي من بعده ليبقى قريبا من الاتجاهين ومحافظا على علاقات جيدة مع المعتدلين رغم أنه يُحسب على صف المحافظين، ومع وفاته وتعيين صادق آملي لاريجاني رئيسا جديدا للمجمع ستتجه هذه المؤسسة لقيادة محافظة بامتياز.

شخصيات إيرانية: هاشمي شاهرودي ..آية الله الهجين من العراق لمراكز السلطة في إيران 8

موقفه من أحداث ٢٠٠٩
وُصف شاهرودي بأنه حافظ على حلقة التوازن بين الجناحين الرئيسيين في إيران، الإصلاحي والمحافظ، لكنه أخذ موقفا واضحا من احتجاجات عام ٢٠٠٩ التي أعقبت الانتخابات الرئاسية، ففي ذاك العام خرجت الحركة الخضراء في مظاهرات مؤيدة للمرشح الإصلاحي مير حسين موسوي تشكيكا بنزاهة الانتخابات التي فاز فيها المحافظ محمود أحمدي نجاد بدورة رئاسية ثانية.

شخصيات إيرانية: هاشمي شاهرودي ..آية الله الهجين من العراق لمراكز السلطة في إيران 9

حينها، كان شاهرودي في أواخر فترة ترأسه للسلطة القضائية، وعضوا في لجنة صيانة الدستور التي تنظر في أهلية المرشحين ونتائج الاستحقاقات الانتخابية، ووقف بوضوح إلى جانب مؤسسة المرشد ومبادئ الجمهورية الإسلامية حين تطورت الشعارات وطاولت النظام برمته وولاية الفقيه، وقال شاهرودي إنه طلب بنفسه من موسوي إلغاء دعوته للخروج في مظاهرات، فاشترط هذا الأخير بالمقابل الحديث عبر التلفاز، فأجرى شاهرودي اتصالاته ووعد بتسهيل ذلك وبتشكيل لجنة لتقصي حقيقة نتائج الانتخابات أيضا، لكن الأمور تغيرت، فلم يوقف مير حسين موسوي الاحتجاجات، وأكد شاهرودي أنه لا يعلم السبب وراء ذلك متهما أطرافا وصفها بالخنّاسة، بتحريض مرشح الإصلاحيين.
ولم يغب هذا الموضوع عن جنازة هاشمي شاهرودي أيضا، فقد أدى المرشد علي خامنئي صلاة الميت على جثمانه، فقارن نائب رئيس مجلس الشورى الإسلامي علي مطهري الذي يرفض الإقامة الجبرية المفروضة على زعماء الحركة الخضراء، بين الدعاء الذي تلاه المرشد على جثماني رفسنجاني وشاهرودي، فخصّ الأخير بالقول “اللهم إنّا لا نعلم منه إلا خيرا” وهو ما لم يكن من نصيب رفسنجاني الذي طلب له العفو بالمقابل، وبرأي مطهري فإن هذا يرتبط باختلاف موقف كليهما من أحداث ٢٠٠٩.

شخصيات إيرانية: هاشمي شاهرودي ..آية الله الهجين من العراق لمراكز السلطة في إيران 10

جدل في فترة مرضه
ساءت حالة شاهرودي الصحية بداية السنة الماضية فدخل أحد مشافي طهران لكن أطباءه أوصوه بتلقي العلاج في الخارج، فذهب إلى ألمانيا، وتعرض لانتقادات داخلية لتفضيله هذا الخيار ، وأخرى خارجية كانت أكثر حدة، إذ تجمع نشطاء محتجون في ألمانيا مطالبين بتوقيفه ومحاكمته وحمّلوه مسؤولية ارتكاب جرائم ضد الإنسانية على حد وصفهم، فعاد إلى إيران ورجح البعض أن يكون تخوفه من إصدار مذكّرة اعتقال سبب في العدول عن البقاء هناك، بينما نفى آخرون الأمر باعتبار أنه بات قادرا على استكمال العلاج المطلوب في بلاده، واضطر بعدها للتغيب عن جلسات مجمع التشخيص بسبب وضعه الصحي.

شخصيات إيرانية: هاشمي شاهرودي ..آية الله الهجين من العراق لمراكز السلطة في إيران 11

مؤلفاته
ترك شاهرودي خلفه العديد من المؤلفات والأبحاث الفقهية مثل بحوث في علم الأصول، الخُمس، مقالات فقهية، الحكومة الإسلامية، تفسير جزء من نهج البلاغة، محاضرات في الثورة الحسينية، الصوم ..تربية وهداية، قراءات فقهية معاصرة، ومقالات في الفقه الزراعي وغيرها.

شخصيات إيرانية: هاشمي شاهرودي ..آية الله الهجين من العراق لمراكز السلطة في إيران 12

جاده ايران تلغرام
للمشاركة: