الجادّة: طريقٌ في اتجاهين
قراءة طويلة14 مايو 2022 05:55
للمشاركة:

ما هي الجسور الثلاثة التي تربط إيران بكوريا الجنوبية؟

نشرت صحيفة "دنياي اقتصاد" الإيرانية نتائج لدراسة أعدها أبحاث البرلمان الإيراني حول العلاقات الاقتصادية بين إيران وكوريا الجنوبية، حيث أظهر التقرير أنه إذا تم رفع العقوبات المصرفية عن إيران، فهناك ثلاث فرص اقتصادية محتملة لبناء جسر بين البلدين.

وتتمثل هذه الفرص وفق التقرير الذي ترجمته “جاده إيران” في “الطلب على النفط الإيراني” و “سوق إيران الكبير لإعادة التصدير” و “استثمار الشركات الكبرى في السوق الإيرانية”، إضافة إلى رغبة شركات البتروكيماويات الكورية الجنوبية بإمداد الأسواق الدولية بالنفط الإيراني ورغبة العديد من الشركات الكورية بالعودة إلى العلاقات الاقتصادية مع إيران إلى فترة ما قبل العقوبات.

تجارة مضطربة

شهدت العلاقات الاقتصادية بين إيران وكوريا الجنوبية العديد من المنعطفات ازدهارا وتراجعا في السنوات الأخيرة، لكن إجراء نظرة على العلاقات الاقتصادية بين البلدين يؤكد أن إيران كانت الشريك التجاري الأكبر لكوريا الجنوبية في الشرق الأوسط، ففي عام 2010 أنشأ البلدان نظام تسوية قائم على العملة الكورية الجنوبية لتجنب مخاطر العقوبات الأميركية، وقد سمح هذا النظام لإيران بتصدير نفطها الخام إلى كوريا الجنوبية واستخدام العائدات لتغطية تكلفة الاستيراد من كوريا الجنوبية، حيث كانت كوريا الجنوبية ثالث أكبر شريك لإيران من ناحية الواردات من عام 2015 إلى عام 2018، لكن في عام 2019، تم حظر التسوية بسبب العقوبات الأميؤكية، مما شكل تحديا لصادرات كوريا الجنوبية إلى إيران.

ونتيجة لذلك، تم تجميد 7 مليارات دولار من أموال النفط الإيراني في البنوك الكورية الجنوبية. وقد طالبت الحكومة الإيرانية مرارًا بدفع هذه الأموال لكن رد كوريا الجنوبية كان أن ذلك يعد انتهاكًا للعقوبات الأميركية ولا يمكنها فعل ذلك دون رفع العقوبات، وأدى ذلك في النتيجة إلى انهيار العلاقات الاقتصادية بين إيران وكوريا الجنوبية نظرًا لأن العلاقات الاقتصادية بين البلدين وتجميد رأس المال الإيراني في كوريا يرتبطان ارتباطًا وثيقًا بالعقوبات الأميركية ضد إيران، ويُقال إن أسهل طريقة لإيجاد حل سريع هي رفع العقوبات.

المطالبة بإعادة النفط الإيراني

تشير هذه الدراسة إلى أن أحد الاهتمامات الرئيسية لكوريا الجنوبية في غرب آسيا وإيران هو موارد الطاقة، وكانت كوريا الجنوبية خامس أكبر مستورد للنفط في العالم وأحد أكبر مشتريي النفط الإيراني قبل انسحاب الولايات المتحدة من الاتفاق النووي، وعلى الرغم من أن العقوبات خفضت الواردات في السنوات الأخيرة، إلا أن المصافي وشركات البتروكيماويات الكورية الجنوبية تسعى لتزويد الأسواق الدولية بالنفط الإيراني بعد الحرب الروسية الأوكرانية وارتفاع أسعار النفط بسبب توافق النفط الإيراني مع مصافيها، والحظر الذي تفرضه كوريا الجنوبية على واردات النفط الروسي، حيث ازداد الاتجاه لاستبدال النفط الروسي في كوريا الجنوبية بالنفط الإيراني.

ووفقا للتقرير فقد أظهر استطلاع موثوق شمل 26 من التجار والمسوقين ومسؤولي المصافي في كوريا الجنوبية أن 46٪ منهم يتوقعون استئناف تداول الخام الإيراني بنهاية الربع الثالث. بينما توقع 23٪ من المستطلعين عودة كاملة لإمدادات النفط الإيراني بنهاية عام 2022، يذكر أن كوريا الجنوبية كانت تستورد في المتوسط أكثر من 11 مليون برميل شهريًا من النفط الخام ومكثفات الغاز من إيران قبل عقوبات 2018، مما يجعل إيران واحدة من الموردين الرئيسيين الثلاثة للنفط لكوريا، إضافة لكون كوريا الجنوبية أكبر مشترٍ آسيوي لمكثفات الغاز من حقل بارس الجنوبي الإيراني.

أهمية الصادرات لكوريا الجنوبية

كوريا الجنوبية هي واحدة من اقتصادات العالم حيث الصادرات مهمة للغاية في اقتصادها، لقد صدرت البلاد حوالي 644 مليار دولار مع بيع الصناعات الثقيلة ونمو الصناعات الجديدة في عام 2021. وبالتالي، بالإضافة إلى أهمية النفط، فإن الفرصة الثانية التي يمكن أن تسهم في توثيق العلاقات الثنائية بين إيران وكوريا هي إعادة التصدير، فبحسب الدراسة ووفقًا لصانعي السياسة في كوريا الجنوبية، تعد إيران سوقًا كبيرة غنية بالموارد ولديها قوة عاملة شابة متحمسة ومتعلمة تعليماً عالياً. وهي تقع في منطقة يعيش فيها أكثر من 300 مليون شخص.

يعتقد الكوريون أن إيران هي مركز إقليمي لإعادة التصدير إلى دول غرب آسيا المجاورة والدول المستقلة وفي هذه الحالة يكون مركزها ذو منفعة مشتركة للبلدين، في حين أن هذا المركز يلعب حاليًا دورًا محدودًا فقط بسبب العقوبات الأمريكية ضد إيران، وتجدر الإشارة إلى أنه مع تصاعد التوترات بين البلدين، بدأت الشركات الكورية الكبرى تنفيذ استراتيجية لإيجاد أسواق بديلة في أسواق المنطقة والدول المحيطة بإيران، حيث بذلت المراكز الاقتصادية الكبرى في كوريا الجنوبية ، مثل Samsung و Hyundai وغيرهما من الهيئات الاقتصادية المهمة في هذا البلد جهودا في تنفيذ استراتيجيتها الجديدة في مواجهة إيران خلال العامين الماضيين، ويرى التقرير أنه إذا كانت الشركات الكورية مستعدة للاستثمار في البنية التحتية الإيرانية، فقد تكون هذه فرصة لإيران، لكن دخولها ف إلى السوق الإيرانية في الوقت ذاته سيدمر الإنتاج المحلي على المدى الطويل.

عودة الشركات الكبرى؟

بعد العقوبات الأميركية، غادرت الشركات الكورية الكبيرة إيران عام 2019 وبعد عامين من مغادرة هذه الشركات لإيران، تم حظر عودتها إلى السوق الإيرانية عبر القضاء. ومع ذلك، فإن دعم الشركات الكورية الكبرى للرئيس الجديد وأهمية تصدير المنتجات لهذه الشركات أدى إلى مناقشات في هذا الصدد، والتي تم ذكرها في جزء من دراسات مركز البحوث البرلمانية.

وبناءً على ذلك، فإن الفرصة المحتملة الثالثة للعلاقات بين البلدين هي أنه مع انتخاب رئيس جديد لكوريا وعلاقة الحزب التاريخية مع إيران، و دعم الشركات الكورية الكبرى للرئيس الجديد في الانتخابات، فيمكن أن توقع أن يقوم الرئيس الكوري الجديد ببذل جهود حثيثة لإعادة دخول الشركات الكورية إلى لإيران، لكن يجب ألا يغيب عن البال أن التوترات الثنائية الناجمة عن تجميد الأصول الإيرانية المحظورة قد فرضت آثارها على بقية القطاعات، و وفقًا لبعض الخبراء، فإن تسوية ديون كوريا من قبل الرئيس الجديد يمكن أن تكون اختبارًا لتقييم تصميم كوريا الجنوبية على حل مشاكل البلدين وتطبيع العلاقات. ومع ذلك، يجب أن يوضع في الاعتبار أن أي علاقات اقتصادية بين البلدين تتطلب قضايا مصرفية وتحويلية، وبالنظر إلى أن كوريا الجنوبية تتأثر بالاقتصاد الأميركي وأن الصفقات الأصلية يتم عقدها مع الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي، فإن إمكانية إقامة علاقة اقتصادية بين البلدين ستواجه تحديات، على الأقل إلى أجل غير مسمى.

تغيير النهج الثنائي

وفقًا لمكتب الدراسات السياسية للبرلمان، بشكل عام، نشهد حاليًا تغييرًا جوهريًا في نهج الدولة تجاه العلاقات مع كوريا الجنوبية. حيث تأثرت العلاقات السياسية والتجارية بين البلدين حتى الآن بمتغير العقوبات، فبالتوازي مع تقدم المحادثات بين إيران والغرب، حاولت سيول تعزيز علاقاتها مع طهران، وفي سياق تصعيد العقوبات، نأت بنفسها عن إيران بحجة أثار العقوبات على اقتصادها الموجه للتصدير.

ووفقا للدراسة فنوع الصادرات الكورية الجنوبية إلى إيران يشمل في الغالب السلع الاستهلاكية، وعمليًا لم ترغب كوريا أبدًا في الحصول على بنية تحتية وعلاقات استثمارية طويلة الأجل مع بلدنا. وفي مثل هذه الحالة، يعتبر تغيير النهج في العلاقات مع كوريا عمليًا أفضل ويشكل فرصة للاكتفاء الذاتي في قطاعات مثل الأجهزة المنزلية بدعم من الإنتاج المحلي.

ومن ناحية أخرى، واستجابة للوضع الحالي، تحاول كوريا الجنوبية الحفاظ على قاعدتها التجارية من خلال تصدير السلع الإنسانية لإيران، وإن كان ذلك بطريقة محدودة ومحسوبة، وتحاول أيضًا مراقبة التغيرات في الاتجاه الصناعي والسوق الإيراني باستمرار، ولا سيما الاتجاهات لإعادة دخول السوق الإيرانية.

جاده ايران تلغرام
للمشاركة: