ماذا دار في فيينا بين إيران والقوى الدولية؟
اتسأنفت إيران والقوى الدولية الخميس 10 تشرين الثاني/ ديسمبر 2021، محادثاتهما الرامية لإحياء الاتفاق النووي، وذلك بعد أن توقفت الجولة السابعة من المفاوضات لعدة أيام بسبب حاجة الوفود لإجراء مشاورات في عواصمهما.
التطورات في فيينا
كبير المفاوضين الإيرانيين علي باقري كني التقى صباح الخميس ممثل الاتحاد الأوروبي للمفاوضات انريكي مورا ورؤساء وفود الصين وروسيا.
وقال باقري كني في تغريدة له على موقع تويتر: لقد بدأت اليوم باستضافة اجتماع مثمر ومفيد مع كبار المفاوضين الروس والصينيين، كما عقدت اجتماعا مع إنريكي مورا عشية اللجنة المشتركة، مضيفاً أن إيران تواصل التحرك والعمل بجدية وهي عازمة على التوصل إلى اتفاق جيد يضمن حقوق ومصالح شعبها.
كما أكد باقري كني في وقت لاحق أن طهران شاركت بجدية في مفاوضات اليوم ولا ترى عائقا أمام التوصل لاتفاق في حال توفر الأسس اللازمة مشيرا أن رد الطرف المقابل على المقترحات التي قدمتها طهران سيتضح في اجتماعات اللجان المختصة معتبراً قرار الأطراف بشأن مواصلة التفاوض يعبر عن إرادة جادة في تقريب المواقف بين الجميع.
وأضاف باقري، متحدثًا عن الجلسة الأولى التي ضمت اللجنة المشتركة للدول المنخرطة في الاتفاق النووي: ما شعرت به اليوم كان مختلفاً عما شعرت به يوم الجمعة الماضي. شعرت بأنّ الأطراف الأخرى لديها نية جدية أكثر لدخول محادثات فعالة. ما اقترحته إيران يعكس آراءها بشأن مسودة 20 حزيران/ يونيو.
في حين قال مندوب روسيا الدائم لدى المنظمات الدولية في فيينا ميخائيل أوليانوف إن الاجتماع كان بناءً وقصيرًا إلى حد ما، وقد لاحظ المشاركون عددًا من القواسم المشتركة المهمة في المواقف هناك.
الجدير ذكره، أن منسق السياسة الخارجية بالاتحاد الأوروبي، جوزيب بوريل، ناقش قبل ساعات من انطلاق المفاوضات في اتصال هاتفي مع وزير الخارجية الإيراني أمير عبداللهيان، تطورات المحادثات النووية معربا عن أمله في أن تتجه المفاوضات نحو التوصل لاتفاق.
وأكد منسق السياسة الخارجية بالاتحاد الأوروبي على أنه تم تذكير الولايات المتحدة والدول الأوروبية الثلاث أيضا بضرورة أن تكون المحادثات واقعية وأنه ينبغي للجانبين الشعور بالتقدم، مشددا على أهمية التعاون بين منظمة الطاقة الذرية الإيرانية والوكالة الدولية للطاقة الذرية، مبديًا ارتياحه للاتصالات القائمة واستمرار المحادثات والتعاون الفني، كما دعا إلى إزالة بعض المخاوف بشأن برنامج إيران النووي الحالي.
من جانبه أشار وزير الخارجية الإيراني حسين امير عبداللهبان إلى “حسن نية وجدية” بلاده في المفاوضات وسعيها نحو اتفاق جيد، واصفا المحادثات الأخيرة بين الأطراف المتفاوضة في فيينا بالمفيدة.
عبد اللهيان انتقد مواقف وتصريحات الدول الأوروبية الثلاث وسلوكها من خلال موقف سياسي وإعلامي سلبي، ووصف هذه الحملات الإعلامية بأنها غير بناءة، فهي عامل في تعقيد الوضع وإبطاء عملية الاتفاق، مضيفا: لم نتلق حتى اللحظة أي مقترح بناء للتقدم في المفاوضات.
وأكد عبداللهيان على أن “برنامج إيران النووي سلمي بالكامل، لكن إزالة القلق فيما يتعلق بشأن البرنامج النووي السلمي مرتبط بشكل مباشر بالغاء الكامل للحظر”.
وأضاف عبداللهيان: إذا درس الزملاء الأوروبيون النصوص المقترحة لإيران دون افتراضات خاطئة وبعناية ، فسوف يدركون أن المقترحات تأتي في إطار الإتفاق النووي
في السياق، قالت صحيفة “لو فيغارو” الفرنسية إن باريس تتوقع انتكاسة أخرى في مفاوضات فيينا الخميس والجمعة
كذلك، أعلن المدير العام لوكالة الطاقة الذرية رفاييل غروسي، عن القيام بنقاش ضروري مع ممثلي الدول الأوروبية الثلاث المشاركة في الاتفاق النووي.
نظرة واشنطن للمفاوضات
صحيفة وول ستريت جورنال، ذكرت أن الولايات المتحدة تتجه لتشديد العقوبات على إيران مع تعثر المحادثات النووية، مضيفة أن واشنطن ستحذر الشركات والبنوك الخاصة في الإمارات من مواجهة خطر كبير في حالة استمرار المعاملات الخاضعة للعقوبات.
وكان مسؤول أميركي رفيع المستوى كشف لوكالة “رويترز” في وقت سابق من الخميس عن أن قادة الدفاع في الولايات المتحدة وإسرائيل سيبحثان، الخميس، تدريبات عسكرية محتملة من شأنها التحضير لأسوأ سيناريو ممكن لتدمير المنشآت النووية الإيرانية؛ “إذا أخفقت الدبلوماسية وإذا طلبها زعماء البلدين”.
وأوضح المسؤول، مشترطًا عدم الكشف عن هويته، أن المحادثات المقررة بين وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن ونظيره الإسرائيلي بيني غانتس، تأتي في أعقاب إفادة قدّمها القادة في وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون) لمستشار الأمن القومي بالبيت الأبيض جيك سوليفان بشأن مجمل الخيارات العسكرية المتاحة لضمان عدم تمكن إيران من صنع سلاح نووي.
وفي الإطار نفسه، قال المبعوث الأمريكي لإيران لقناة “الجزيرة” القطرية، إن مواصلة إيران تسريع برنامجها النووي تجعل وقت التفاوض محدودا والولايات المتحدة لن تقف متفرجه حيال احتمال قيام إيران بالمماطلة وبناء برنامجها النووي مؤكداً أن إيران ربما بدأت بتنفيذ خطة بديلة لتسريع برنامجها النووي بينما تستمر المفاوضات.
وأضاف مالي: من الطبيعي أن نقوم بالرد إذا استمرت إيران ببناء برنامجها النووي وواشنطن تنسق مع إسرائيل لأنها نتشارك الهدف نفسه وهو منع إيران من امتلاك قنبلة نووية، مضيفا أن الولايات المتحدة مستعدة للتفاوض مباشرة مع إيران وهذا هو الحل الأفضل لمشكلة بهذا التعقيد، مشيرا أن إيران لم تأت بطروحات بناءة في المفاوضات السابقة وتراجعت عن تنازلات قدمتها وفق تعبيره.
بدوره قال وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن إن واشنطن ملتزمة بمنع إيران من الحصول على سلاح نووي وهذا في مصلحتها ومصلحة إسرائيل والعالم و ستواصل العمل مع شركائها في المنطقة بما في ذلك إسرائيل لمواجهة التهديدات الإيرانية
وأضاف أوستن أن بايدن كان واضحا بأن واشنطن ستعتمد خيارات أخرى إذا فشلت الدبلوماسية حيال إيران، معرباً عن قلقه للغاية من أنشطة إيران النووية والافتقار إلى تواصل دبلوماسي بناء.
الخارجية الأميركية علقت في وقت لاحق على المحادثات النووية وقالت إن تسريع إيران لبرنامجها النووي يجعلنا أقرب إلى أزمة محتملة، مضيفة أننا سنحتاج إلى يومين لمعرفة موقف إيران في المفاوضات النووية
وشددت الخارجية الأميركية على أن تصعيد إيران للبرنامج النووي سيكون اختبارا لإمكانية العودة المتبادلة للاتفاق، مؤكدة أن واشنطن ما زالت تعتقد أن العودة المتبادلة إلى الامتثال للاتفاق النووي ممكنة.
من جانبه، أصدر البيت الأبيض بيانًا قال فيه: “إذا فشلت الدبلوماسية لن يكون أمامنا سوى فرض قيود على القطاعات المدرة للدخل في إيران”، مضيفا أن بايدن طلب من فريقه أن يكون مستعدا في حال فشل الدبلوماسية مع إيران.
في الجانب الإسرائيلي
قال وزير الدفاع الإسرائيلي بيني غانتس أن إيران تشكل التهديد الأكبر للسلام والاستقرار العالميين وشعبها ليس عدوا لنا، مضيفاً أنه واثق جدا من التزام الإدارة الأمريكية بمنع إيران من امتلاك سلاح نووي.
وتابع غانتس أن طهران تستغل الوقت لتحقيق أهدافها النووية وعلى المجتمع الدولي إيقاف ذلك معتبراً مواصلة إيران أعمالها العدائية يتطلب تدخلا عاجلا فهي تكسب نفوذا يوما بعد يوم.
في حين قالت صحيفة تايمز أوف إسرائيل إن 51% من الإسرائيليين يؤيدون شن غارات على إيران حتى من دون موافقة أميركية.