طهران تستقبل وزير الخارجية الياباني .. تحرير طوكيو لأموال إيران المجمدة يتصدر النقاشات
وصل وزير الخارجية الياباني "تشووميتسو موتيجي" مساء السبت 21 آب/ أغسطس العاصمة الإيرانية طهران في زيارة لمدة يومين بدعوة من نظيره الإيراني محمد جواد ظريف الذي عقد معه أول اجتماع صباح الأحد، حيث أعرب هذا الأخير عن سعادته بالزيارة، قائلاً، في تغريدة على "تويتر"، إن "هذا اللقاء قد يكون الأخير الذي أجريه كوزير خارجية إيران"، مشيرًا إلى أنه "ناقش مع موتيجي "تعزيز العلاقات الثنائية وطريقة إحياء الاتفاق النووي والظروف الكارثية التي صنعتها الولايات المتحدة في أفغانستان".
بدوره وصف الرئيس الإيراني “إبراهيم رئيسي” لدى استقباله موتيغي العلاقات الإيرانية اليابانية بالجيدة والودية، مشدداً على ضرورة تطوير وتعميق العلاقات بين البلدين في كافة المجالات، وخاصة العلاقات الاقتصادية والتجارية، كما أكد أن العلاقات الثنائية مع اليابان و تطويرها وتعميقها أمر مهم للغاية.
الرئيس الإيراني شكر اليابان على مساعدتها الإنسانية في مكافحة فيروس كورونا، وأعرب عن أمله في أن يثمر التعاون بين البلدين في هذا المجال في استئصال جذور هذه الجائحة العالمية في البلدين والعالم بأجمعه، منوهًا إلى ضرورة الإفراج عن الأرصدة الإيرانية المجمدة في البنوك اليابانية، واعتبر أن التأخير في الإفراج عنها ليس له أي مبرر.
وفي رده على تصريحات وزير خارجية اليابان حول ضرورة وأهمية تنفيذ الاتفاق النووي كاتفاق دولي قال رئيسي “إن إيران التزمت بجميع تعهداتها وأن الأميركيين لم يلتزموا بتعهداتهم وخرجوا من الاتفاق الدولي بصورة أحادية ووسعوا إجراءات الحظر”. لافتًا إلى أن الأوروبيين تخلوا أيضا عن العمل بالتزاماتهم في الاتفاق النووي، وأضاف أن بلاده ليس لديها مشكلة مع مبدأ التفاوض، متسائلا: “بأي مبرر يجب أن تستمر العقوبات الأميركية ضد الشعب الإيراني؟”.
و في إشارة إلى التطورات الأخيرة في أفغانستان، رحب رئيسي بالجهود التي تبذلها اليابان ودول أخرى للمساعدة في إرساء السلام والاستقرار في أفغانستان والمنطقة، مؤكدا أن الشعب الأفغاني هو من يجب أن يقرر مصيره. وأوضح رئيسي أن “وجود الأميركيين في المنطقة، بما في ذلك أفغانستان، لم يكن فقط مزعزعا للأمن، بل تهديدًا أيضًا، واليوم، بعد 20 عامًا، يعترف الأميركيون بأن وجودهم في أفغانستان كان خطا”. مضيفًا أننا “سوف نرى هذا الاعتراف بلا شك في المستقبل القريب في دول أخرى في المنطقة وكذلك الخليج الفارسي”.
من جهته هنأ وزير الخارجية الياباني توشيميتسو موتيجي رئيسي على تنصيبه رئيسا لإيران، مؤكدًا على ضرورة تطوير وتعميق العلاقات طويلة الأمد بين البلدين، وذكّر موتيجي أن “إيران واليابان تتمتعان بعلاقات طيبة وودية منذ فترة طويلة”، مطمئنًا أنه “ليس لديه شك في أن أنشطة الحكومة الجديدة في إيران ستستمر وأن هذه العلاقات ستتطور أكثر”.
وتابع موتيجي بالقول: “لطالما دعمت طوكيو الاتفاق النووي كاتفاقية دولية، ونعتقد أن إحياءها يصب في مصلحة الجميع ويمكن أن يحل المشاكل” ، مشددًا على أن “التفاوض هو السبيل الافضل لإحلال السلام والاستقرار في المنطقة”.
الأمن المشترك
خلال استقباله وزير الخارجية الياباني، أوضح أمين المجلس الاعلى للأمن القومي الإيراني علي شمخاني، أن حفظ الأمن في الممرات المائية الدولية من الاستراتيجيات الرئيسية لإيران، مؤكدا أن “تواجد القوات الأجنبية في الخليج الفارسي يزعزع الاستقرار والأمن المستديم في المنطقة”.
وقال شمخاني إن “إدخال الكيان الصهيوني المزيف تحت جناح القيادة المركزية الأميركية “سنتكوم” مثالا حقيقيا في استمرار سياسات أميركا المزعزعة للاستقرار”، معتبرًا أن استمرار هذه السياسة المثيرة للتوتر يعود بتداعيات خطيرة جدا على الأمن والاستقرار الاقليمي والعالمي”.
وأشار شمخاني إلى ما اسماه الماضي العريق للعلاقات بين البلدين (إيران واليابان)، داعيًا لضرورة التطوير النوعي للعلاقات الثنائية من دون تدخلات وتأثيرات أطراف ثالثة.
أهمية الزيارة
تكتسب زيارة موتيجي “أهمية كبيرة”، لكونها تأتي على أعتاب تشكيل الحكومة الإيرانية الجديدة، حسب المتحدث باسم الخارجية الإيرانية، سعيد خطيب زادة، الذي قال في وقت سابق إن الزيارة تأتي رداً على زيارة مماثلة قام بها ظريف إلى طوكيو عام 2019.
وأضاف خطيب زادة في تصريح له الاثنين16 آب/ أغسطس 2021، أن “العلاقات الإيرانية اليابانية كقوتين مهمتين في غرب آسيا وشرقها تحظى بأهمية، وأن علاقات الصداقة ربطت بين البلدين على مدى 90 عاماً من العلاقات الدبلوماسية”.
وفي مقال كتبه وزير الخارجية الياباني لوكالة أنباء إيران، كشف توشيميتسو موتيجي أن الغرض الرئيسي من رحلته إلى الشرق الأوسط هو مواصلة جهود الوساطة، معلنًا عن تبرع بلاده بـ2.9 مليون جرعة من لقاح فيروس كورونا (استرازنيكا) وهو ياباني الصنع، واعتبره خطوة لتعزيز التعاون بين البلدين.
وأشار وزير الخارجية الياباني في مقاله، بعد إبداء ملاحظات عامة حول تاريخ العلاقات الودية بين البلدين، إلى الموضوع الرئيسي للاجتماع “بالنسبة لليابان التي تستورد نحو 90 بالمئة من نفطها الخام من الشرق الأوسط، فإن السلام والاستقرار في الشرق الأوسط مهمان للغاية”.
واختتم توشيميتسو موتيجي حديثه بالقول إن “اليابان، بعلاقاتها الودية الطويلة الأمد مع إيران، ستواصل جهودها الدبلوماسية النشطة لتهدئة التوترات واستقرار الوضع في الشرق الأوسط”.
العلاقات البرلمانية
في سياق الزيارة التقى وزير الخارجية الياباني توشيميتسو موتيجي رئيس البرلمان الايراني محمد باقر قاليباف، حيث شكر هذا الأخير، وزير الخارجية الياباني وحكومة اليابان على التبرع باللقاح لإيران، وقال إن العلاقات بين البلدين منذ 90 عامًا تظهر عمق العلاقات التاريخية بين البلدين ، مضيفًا أن عمق العلاقات رمز للصداقة بين حكومتي وشعب إيران واليابان.
وتوقع قاليباف “أن تظهر الحكومة اليابانية تحركًا وعملاً جادًا لتحرير الأموال الإيرانية المجمدة، خاصة في ظروف مكافحة تفشي كورونا”.
قاليباف شدد أن العقوبات الأميركية جعلت من المستحيل حتى شراء الأدوية في مواجهة تفشي كورونا، داعياً اليابان، كدولة محبة للسلام ، أن تتفاعل بجدية مع هذه المسألة.
وقال وزير الخارجية الياباني توشيميتسو موتيجي في بداية الاجتماع إن “البرلمان الياباني مهتم بتطوير المحادثات والعلاقات مع البرلمان الإيراني”. مؤكدًا أن بلاده مستمرة في دعم إيران في مواجهة العقوبات، وتعمل على تعزيز الحوار الاقتصادي بين البلدين.
العلاقات التاريخية
وفي وقت سابق، بذلت اليابان خلال إدارة ترمب جهودا للحد من التوتر في العلاقات بين إيران والولايات المتحدة إلا أنها فشلت في ذلك.
وكانت اليابان ثالث أكبر مستهلك للنفط الخام الإيراني بعد الصين والهند قبل أن تفرض الولايات المتحدة الأميركية العقوبات على إيران بعد انسحابها من الاتفاق النووي في 2018، وخفضت العقوبات مستوى العلاقات الاقتصادية بين طهران وطوكيو إلى الحد الأدنى. حيث قال رئيس جمعية البترول الياباني مؤخرا إنه إذا تم رفع العقوبات الأميركية عن إيران، ستحتاج اليابان إلى ثلاثة أشهر على الأقل لإعادة استيراد النفط الإيراني.
يذكر أن الرئيس الإيراني السابق حسن روحاني كان قد سافر إلى اليابان في كانون الأول/ ديسمبر 2019 سبقها زيارة رئيس الوزراء الياباني شينزو آبي الى طهران في حزيران / يونيو 2019 بهدف الوساطة بين إيران والولايات المتحدة حيث حمل رسالة من الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب رفض القائد الأعلى في إيران خامنئي استلامها آنذاك.