الجادّة: طريقٌ في اتجاهين
قراءة طويلة14 يونيو 2021 12:51
للمشاركة:

صحيفة “جهان صنعت” الاقتصادية – الإصلاحيون وأزمة المشاركة في الانتخابات

كتبت صحيفة " جهان صنعت" مقالا تطرق إلى الموقف الصعب للإصلاحيين إزاء المشاركة في الانتخابات الرئاسة وما إذا كانوا قد حسموا أمرهم حول المشاركة من عدمها في ظل فقدان شخصية بارزة من التيار الإصلاحي.

خمسة أيام  متبقية على نهاية وقت الانتخابات  في حين أن مهمة  وتكليف الإصلاحيين ليست واضحة على الإطلاق حيث أن الوضع السياسي معقدٌ جداً وصعب فمن غير المعلوم متى سيتخذون قرارهم النهائي، ومن ناحية أخرى فإنّ جبهة الإصلاح هي التي وضعت قدمها في هذا الموضع وتعتقد أنه بسبب عدم تأهيل مرشحيها المفضلين  فلا يجب عليها المشاركة في هذه الانتخابات. و من ناحية أخرى فإن حزب  كوادر البناء  والذين ينصرون ويدعمون همتي يصرون على أنه على الرغم من  عدم تأهل القوى الإصلاحية  للانتخابات يجب أن يرضوا ويرضى همتي بهذين الخيارين أولا ً حتى لا يخرجوا عن السلطة  وحتى تبقى السلطة التنفيذية تحت سيطرتهم وثانيا حتى لا يتمكن التيار المنافس أن يُوصل مرشحه المنتخب ويجلس على الكرسي الرئاسي . في غضون ذلك يطالب البعض من داخل وخارج البلاد بمقاطعة الانتخابات.

وفي الوقت نفسه يتم استلام الرسائل والكتب المرسلة وتسليمها من يد إلى  أخرى الأمر الذي لم يساعد في توضيح الموقف فحسب بل زاد أيضًا من الغموض الموجود لديهم في الأيام تصل رسائل لا تحصى حتى الآن، والمقصد الحقيقي لتلك الرسائل له كفاية وتتمه وفي أيام تصل رسائل إلى  مقر حزب الإصلاحين لتخبرهم وتؤكد  لهم المهمة الحزبية.

تغيير المواقف

بالطبع إن هذه الشكوك لم تنشأ اليوم أو في الأيام الماضية حيث أن الإصلاحيين كانوا  في الواقع منذ شهور على مفترق طريق للمشاركة أو عدم المشاركة  ولكن في نهاية الأمر كان اختيارهم مشروطًا بالمشاركة وقدمو إلى ساحة الانتخاب ثم تم  تقديم قائمة بـ 14 شخص وتم تثبيت وتسجيل 9 اسماء من تلك اللائحة في حين أن هؤلاء الأشخاص لم يقبلوا ولم يتأهلوا في هذه الانتخابات  ليصبح الوضع معقد جدا وصعب حيث أن الآلية الانتخابية لهذه العملية تحدثت عن عدم تقديم مرشح وأن تبقيه غير معروف للعلن  ليقرر هو ما إذا أراد الحضور إلى  صناديق الاقتراع ملتبسًا قرع طبول المقاطعة الانتخابية. لكن هذا الجو شهد تغيرات خلال اليومين الماضيين ليواجه الرفض وعدم القبول من قبل الكثيرين.

كان حزب كوادر البناء وآخرون قد دعموا همتي بشكل كبير خلافا للبقية ولكن لم يكن من المتوقع أن يستطيعوا إرضاء الجبهة الإصلاحية. وخاصة عند وصول رسالة من مير حسين موسوي (زعيم الحركة الخضراء)، أوحت بضرورة عدم المشاركة في الانتخابات ومقاطعتها، ولكن العقلاء من الجبهة الإصلاحية اتخذوا بعض الإجراءات السريعة لمنع استمرار هذا الوضع. حتى أن تاج زاده الذي هو نفسه لم يكن قد تأهل للانتخابات والذي يعرف بالشخصية المتطرفة شمرعن سواعده لتجهيز منصة المشاركة الحقيقة حيث قال عبر برنامج كلاب هاوس أن حزب الإصلاحيين ليس أمامه سوى هذين الخيارين. فهم لم يقولوا لا لمرشحي الهندسة الانتخابية وصوتوا لأحد المرشحين الإصلاحيين وأيضا لم يقولوا بعدم التصويت للمشروع بأكمله. ويضيف: يجب على أولئك الذين يقولون إننا يجب أن نصوت وأولئك الذين يقولون إنه لا ينبغي لنا التصويت أن يتذكروا أننا نتشارك نفس الدوافع والأهداف والأمر سيستغرق أسبوعًا وعلينا العمل معًا مرة أخرى فيجب أن نتخذ قرارا سياسيا ويجب أن نتحمل نتائج هذا القرار.

رسالة خاتمي

مهدت خطابات خاتمي الطريق أمام الإصلاحيين للانتقال من موقفهم السابق والتحرك نحو دعم الخيار الموجود والذي من المرجح ان يكون همتي، و خاصة أن بعض الصحف الإصلاحية جاءت للمساعدة في هذه الأمر فعلى سبيل المثال في مقال بعنوان “الثقة ” الذي حذّر من عواقب عدم التصويت مذكراً الإصلاحيين الذين يقرعون طبول مقاطعة الانتخابات بأن النتيجة النهائية ستكون تشكيل حكومة تشبه حكومة أحمدي نجاد.

في وقت لاحق تم نشر رسالة من رئيس الحكومة الإصلاحية بشأن الانتخابات والتي حظيت بالاهتمام الكثير حيث كتب خاتمي في رسالة لشباب الحزب الإسلامي الإيراني: “في هذا الجو البارد والمحبط، بينما يحتاج مجتمعنا إلى الحيوية والأمل والحرص على المشاركة في ساحة تقرير المصير أتمنى من جميع المنظمات والأحزاب والتيارات السياسية والوطنية تحمل المسؤولية عن الوطن والشعب في هذا الوقت الحرج أن يوفقوا في النجاح في هذا الأمر”

إن إشارة خاتمي إلى المسؤولية في هذا المنعطف الحرج ليست رسالة واضحة وصريحة لكن إذا اعتبرنا أن المتطرفين مثل تاج زاده قد قال قبل قبول المسؤولية في الانتخابات يجب أن نصل في حينه إلى نتيجة مفادها أن هناك مجموعة من الإصلاحيين يستعدون للمشاركة الفعالة وحتى الترشح إلى الانتخابات. ومن الشواهد على هذا الأمر عبد الله رمضان زاده الذي لم يكن لديه أي أمل بان يكون لديه تأثير في هذه الانتخابات قام بالتغريد منذ يومين في تغريدة كان معناها بأن بعد الطريق محير وأن الهاتف قد رن وبصوت حزين ومهموم قال إنه يجب الرد على هذا الإذلال القومي والذهاب إلى صناديق الاقتراع وعليك أن تصوت لتمنع قيام حكومة تشبه حكومة حركة طالبان في البلاد. وفي هذا الجانب يشير ويقول: إن جيش المرتدين قادم وهو الذي سيقرر.

فقدان حلقة الربط

 يعني كل هذا أن هناك تحركًا كبيرًا وملفتاً من قبل جبهة الإصلاحيين وأن هناك مجموعة ما تبذل قصارى جهدها للمشاركة في الانتخابات بدلاً من فرض العقوبات والجو السلبي وحتى لو كانت الظروف غير متكافئة فهم يريدون هزيمة الخصم في هذه المعركة.  حيث أكد جلال ميرزايي الناشط السياسي الإصلاحي أيضا وجود هذه الحركة داخل سير عمل الجبهة الإصلاحية وفي مقابلة أجرتها الصحيفة معه قال: في الأيام  الاخيرة الماضية كان هناك اهتمام تدريجي بالمشاركة الفعالة في الانتخابات لنصل إلى  نتيجة مفادها أن الشكوك بين بعض النشطاء السياسيين قد تراجعت وهم  يستعدون للتدخل واتخاذ الإجراءات في هذا الأمر وكما أن قادة الإصلاح انتظروا معرفة ما إذا كان قد تم حل وإزاحة  الشكوك  لدي المجتمع و النشطاء السياسيين وفي في ظل ذلك  وصلت رسالة لم تسمح بإحراز تقدم و التي تركت الوضع في حالة من الغموض.

وعلى حد تعبير الناشط السياسي الإصلاحي إن المشكلة لم تكن عدم وجود حلقة وصل أو شخصًا يأخذ زمام المبادرة حيث يقول: لقد شهدنا وقوع الكثير من الأحداث في الأسابيع الماضية من قضية عدم الأهلية إلى الظروف الدولية والمحلية كل هذا تتطلب أن يجتمع أشخاص عظماء مثل السيد خاتمي وناطق نوري وسيد حسن الخميني أو السيد عبد الله نوري وبهزاد نبوي وعارف وحتى لاريجاني ليتحدثوا عن هذا الوضع وحساسيته ويتفقوا، ولكن للأسف نرى أن مثل هذه اللقاءات لا تجدي اي نفع ونتيجة. وقال النائب البرلماني السابق ردا على حقيقة أن سلبية السياسيين تتأثر بأجواء اليأس الحاصل في المجتمع: هذا الجو كان موجودا من قبل ولكن علينا توضيح المهمة ومعرفة ما إذا كنا نريد الوفاء بواجبنا التاريخي تجاه المجتمع والمستقبل أو أن نبقى تحت تأثير الانزعاج وخيبات الأمل؟ يجب علينا أن نقرر ونتوقع من بعض الشخصيات السياسية البارزة أن تلهم وتغير هذا الجو الذي يطفو في المجتمع لا أن تصاب بالإحباط والسلبية والتردد.

الإصرار على القرار

علي صوفي الأمين العام لحزب “رائد الإصلاح” يعتقد بأن هذه ليست أخبار واقعية على الإطلاق وأن الإصلاحيين قد تمسكوا بموقفهم بعدم دعم مرشح. حيث قال في مقابلة مع الصحيفة: المبدأ حتى الآن هو بيان صادر عن جبهة الإصلاح يفيد بعدم وجود مرشح من قبلها ولا يوجد تغيير في هذا الموقف حتى الآن. وفي إشارة منه حول رسالة خاتمي التي أرسلها إلى مقر حزب شباب إيران الإسلامية والتي اعتبرتها بعض وسائل الإعلام بمثابة رسالة دعوة للمشاركة يقول: لاحظوا أن السيد خاتمي في تلك الرسالة لم ينف أو يثبت مشاركة الأحزاب في الانتخابات واكتفى بالقول إن على الأحزاب القيام بعملها ويمكن أن تكون هذه المهمة أيضًا هي المشاركة أو عدم المشاركة. ويؤكد الناشط السياسي الإصلاحي أن قرار الأحزاب الإصلاحية حتى الآن بحسب بيان جبهة الإصلاح هو عدم تسمية مرشح. وردا على سؤال “ألا يعني عدم ترشيح مرشحين من قبل حزب الإصلاحيين مقاطعة الانتخابات أم أنهم بالفعل ليس لديهم مرشح ولكن يدعون إلى المشاركة؟  قال: في فترات سابقة مثل انتخابات 2020 قام حزب الإصلاحيين بالدعوة إلى المشاركة في الانتخاب حتى ولو لم يكن لديهم مرشح ولكن من الممكن أن لا يقوموا بهذا الأمر في هذه الدورة فليس من المنطقي بالنسبة لهم أن يفعلوا ذلك عندما لا يكون لديهم مرشح.

ويجيب صوفي ردا على السؤال القائل هل من الممكن أن يفهم من نظرة وأفكار بعض الإصلاحيين بأنهم يريدون أن يشاركوا في هذه الانتخابات بشكل فعال وأنهم مستعدون لتحرك في هذه الاتجاه؟، قال: نعم قد يحدث هذا ولكن المهم في الأمر هو ما تقرره جبهة الإصلاح وحتى الان قرار هذه الجبهة هو نفسه ولن يكون لدينا مرشح في هذه الانتخابات.

وفي النهاية، إن الأيام الخمسة المقبلة هي أيام حاسمة بالتأكيد أيام ستمضي بشكل سريع وتكون مليئة بالأخبار أكثر من أي وقت مضى. يجب علينا أن ننتظر ونرى ما هو القرار النهائي للإصلاحيين هل سيخضعون لقرار الشريحة المحبطة من المجتمع ويجلسون أو سيكون محفز لهم ويفتحون نافذة الأمل.

إن المعلومات والآراء المذكورة في هذه المقالة المترجمة لا تعبّر بالضرورة عن رأي جاده إيران وإنما تعبّر عن رأي كاتبها أو المؤسسة حيث جرى نشرها أولًا

المصدر/ صحيفة “جهان صنعت” الاقتصادية

لمتابعة ملف الانتخابات الرئاسية (إيران 21: حصاد المواجهات)، إضغط هنا

جاده ايران تلغرام
للمشاركة: